بنفسج

الوطن في المخيال الهندسي : مشروع يحاكي العودة للفتا المهجرة

الأربعاء 10 يونيو

جمعتهن كلية الهندسة المعمارية في جامعة بيرزيت، فحملن هم قضيتهن خلال دراستهن، واتفقن على أن يكون مشروع تخرجهن عن القرى الفلسطينية المهجرة التي تتعرض لمحاولات طمس من قبل الاحتلال "الإسرائيلي". وقع الاختيار على قرية لفتا قضاء القدس؛ فكان عنوان مشروعهن "إعادة إحياء لفتا المهجرة كنموذج للعودة"، مهندسات العودة ناقشن ودرسن وبحثن عدة جوانب سنتعرف عليها في هذا التقرير.

الصديقات الثلاث جميلة عابد، وكفاح أبو شرار، وأريج خلف، لم تكن قرية لفتا بالنسبة إليهن مجرد مشروع تخرج فقط بل حياة كاملة؛ عاشوا كل تفاصيلها لمدة عام كامل، وأضافت لهن على الصعيد الشخصي أكثر من العلمي.

| تصور شامل

لفتا.jpg
المهندسات الثلاث برفقة أساتذة قسم الهندسة وأعضاء جمعية لفتا الخيرية في يوم مناقشة المشروع

تقول جميلة إحدى مهندسات المشروع: "قبل البدء بالمشروع درسنا أهم البنود التي يمكن اختيارها للعمل عليها فوقع اختيارنا على القرى المهجرة حتى نؤكد على وجودها وأهميتها".وتضيف لـ "بنفسج"، "وضعنا تصورًا شاملًا فيما لو عاد أهالي قرية لفتا إليها، فكم سيكون عددهم، وأماكن وجودهم، ودرسنا مستقبل اللاجئين، ومن خلال دراستنا وجدنا أن حق العودة يمكن تطبيقه على أرض الواقع".

كفاح أبو شرار تؤكد على أن الهدف الأساسي للمشروع هو إيجاد نموذج للقرية الفلسطينية القادرة على المحافظة على هويتها، وجعله وثيقة تحفظ حق اللاجئ الفلسطيني في ملكيته لأرضه.أما عن آلية التنفيذ، تشرح المهندسة كفاح لـ "بنفسج": "شرعنا في وضع خطة أولية للمتطلبات  بدءًا من مرحلة جمع المعلومات، وتحليل عدد من الحالات الدراسية المشابهة والمعاكسة للمشروع، وتدقيق الكتب والمقالات المتوفرة، والتواصل مع أهالي لفتا في مختلف أماكن تواجدهم".

وبعد ذلك انتقل فريق المهندسات إلى برنامج إحياء القرية الذي شمل جوانب الحياة المختلفة من الناحية الاقتصادية والسياحية والتجارية والخدماتية".لماذا اتفقتم على قرية لفتا كنموذج للدراسة؟ تجيب أريج: "موقعها الجغرافي الاستراتيجي فهي البوابة الغربية لمدينة القدس المحتلة، وتتوسط عدة قرى مهجرة مثل: عين كارم والشيخ بدر".

مقاومة هندسية

جمعتهن كلية الهندسة المعمارية في جامعة بيرزيت، فحملن هم قضيتهن خلال دراستهن، واتفقن على أن يكون مشروع تخرجهن عن القرى الفلسطينية المهجرة التي تتعرض لمحاولات طمس من قبل الاحتلال "الإسرائيلي".
 
وقع الاختيار على قرية لفتا قضاء القدس؛ فكان عنوان مشروعهن "إعادة إحياء لفتا المهجرة كنموذج للعودة"، مهندسات العودة ناقشن ودرسن وبحثن، ليحصل مشروعهن "إعادة إحياء قرية لفتا المهجرة" على المركز الأولى في مسابقة القدس عاصمة فلسطين التي أقيمت في بيروت.

ما زالت لفتا محافظة على مبانيها بأقواسها وشوارعها، وكل حجر فيها شاهدُ على المجزرة التي ارتكبت تحت الأقواس، والتي استشهد فيها أول شبان القرية. تقول أريج: "مشروعنا نوع من المقاومة، ومخطط مضاد للاحتلال الذي يحاول تهويد لفتا وطمس هويتها؛ فحق العودة يمكن تطبيقه، ولن يمنعه أحد".

أما عن العقبات التي وقفت أمام مهندسات العودة، تشير كفاح إلى أن شح المعلومات عن قرية لفتا كان عقبة أساسية، إضافة لمضايقات المستوطنين أثناء الزيارة الميدانية، وصعوبة الوصول إلى أهالي لفتا المنتشرين في أماكن مختلفة. جميلة من الخليل وكفاح من رام الله وأريج من جنين، لذلك كان هناك صعوبة في الوصول لقرية لفتا وزيارتها، ولكن بعد محاولات عدة حصلن على تصريح لدخول القدس، ومعاينة لفتا على أرض الواقع.

| زيارة القدس

زيارة القدس المحتلة بالنسبة للمهندسات الثلاث أجمل مراحل المشروع، تقول كفاح: "زيارة لفتا كانت رحلة تاريخية تعليمية أثرية ودينية، وسعدنا بمساعدة أهل المقدس لنا وبمشاركتنا الرحلة". تكمل الحديث جميلة: "رافقنا في زيارتنا لقرية لفتا زياد أبو ليل، لاجئ يزيد عمره على 90 عامًا، وقفنا على مرتفعات القرية، وعدنا معه بالذاكرة لـ70 عامًا، حيث شرح لنا عن التهجير والدمار الذي خلفه الاحتلال".

y2.png
تفاصيل مشروع التخرج الخاص بثلاثي مهندسات العودة كما يطلق عليهن الدكتور المشرف 

مهندسات العودة درسن تاريخ المنطقة جيدًا لوضع تصور فعلي على الورق لقرية لفتا. أريج روت لنا حكاية منزل أبو بدر الذي هدمه الاحتلال فوق رؤوس ساكنيه، وما زال سقف البيت المهدوم موجوداً حتى هذه اللحظة. وجميلة عرّفها المشروع على أساليب بحث جديدة، وتوسعت في مفاهيم إعادة الإحياء والتخطيط العمراني على مستوى إقليمي واسع. وخلصت كفاح إلى أهمية وجود مشاريع مشابهة تؤكد حق الفلسطينيين في العودة مهما طال الزمن.

عايشن قصص التهجير مع "حجات" القرية، ومن ضمنهم الحاجة فاطمة التي توفت ابنتها خلال تهجيرها من لفتا، وتعرفن على قصتها قبل وفاتها. المهندسات حاولن أن يسابقن الزمن للحصول على أكبر قدر من المعلومات من كبار القرية قبل أن يتوفاهنّ الله.

قرية لفتا المهجرة كان يقطنها قبل التهجير حوالي ثلاثة آلاف نسمة، وفيها 55 منزلًا بعضها ما زال قائمًا حتى يومنا هذا. وبنيت معظم بيوت القرية من الحجر، واتخذ مخططها شكلًا قوميًا أو دائريًا فأقيمت المباني متماشية مع منحنيات التسوية.

وأكدت أريج أنه لو لم تحتل قرية لفتا لأصبحت ضاحية من ضواحي القدس، إضافة إلى أن المشروع لم ينتهِ بعد، وسيتم إيصاله لأكبر قدر ممكن. وذلك باستمرار الدعم الذي أولاه ذوو العلاقة بالمشروع، وعلى رأسهم مشرفه في جامعة بيرزيت، وجمعية لفتا الخيرية. وبذات الدعم ترشّح للمشاركة في مسابقة المؤتمر الدولي المعماري في لبنان.

قرية لفتا المهجرة كان يقطنها قبل التهجير حوالي ثلاثة آلاف نسمة، وفيها 55 منزلًا بعضها ما زال قائمًا حتى يومنا هذا. وبنيت معظم بيوت القرية من الحجر، واتخذ مخططها شكلًا قوميًا أو دائريًا فأقيمت المباني متماشية مع منحنيات التسوية.

ويذكر أن قرية لفتا تحتوي على العديد من المعالم أبرزها جناين لفتا، وعين لفتا، ومقام الأمير سيف الدين، وخان الظاهر بيبرس، والمدرسة الأميرية، ومقبرة القرية، ومعصرة الزيتون، ومسجد لفتا الذي كان يسمى بمسجد سيف الدين نسبة للمقام القريب منه.