بنفسج

نصائح تربوية لقضاء إجازة صيفية ممتعة ومفيدة

الأربعاء 27 يوليو

مرحى! انتهت الامتحانات والاستيقاظ المبكر وإعداد الفطور للأولاد، وسباق الزمن في كل حركة وسكنة، وبدأت الإجازة الصيفية معلنة معها قدوم أيام المرح واللعب والنوم والاستيقاظ متأخرًا، لكن غالبًا ما تنقضي الإجازة دون فائدة تذكر أو محصلة تربوية مفيدة اكتسبها الأطفال خلال شهور الصيف، سوى مفهوم واحد للإجازة الصيفية هو "اللعب" فقط! وقد يشتكي الطفل الملل من اللعب ومشاهدة التلفاز، ومن عدم شعوره بالمتعة أثناء القيام بذلك ويريد القيام بشيء جديد.  فهل الصيف يعني الفراغ واللعب فقط، أم هناك ما هو أفضل وأكثر متعة وفائدة من ذلك؟ وكيف يتصرف الأبوان مع الطفل ويقومان بحل تلك المشكلة بشكل تربوي وممتع أيضًا؟ وما هي النصائح التربوية التي تمكننا من قضاء إجازة صيفية ممتعة ومفيدة مع الأبناء؟

يعتقد الكثيرون أن الإجازة الصيفية هي مجرد لعب ولهو فقط، وهكذا تمضي دون إفادة ومتعة حقيقية، لكن الحكيم هو من يستغل تلك الإجازة قبل ابتدائها بالتخطيط، لما يود اكسابه لطفله ومساعدته على تحقيقه فيها، فيقسم وقت طفله بين التعلّم والمرح، وهكذا يتعلّم الطفل أن كل أوقاتنا قيمة ثمينة لا تهدر هباء، ولا نعرف للملل طريقًا، وأنه حتى في أوقات إجازتنا نتعلم، ننتج ونستمتع، ولكن بطريقة مختلفة ومفيدة.

| كيف تجعل صيف طفلك مختلفًا؟

inbound3172886541005146052.jpg
خطط مع طفلك لكيفية قضاء الإجازة الصيفية فالإجازة فرصة لاكتساب المهارات وتقويتها

| التخطيط سيد الموقف: عندما تترك لطفلك الحرية المطلقة للاختيار والتحكم في وقته، وكيفية تقضيته فراغه ولعبه، فـإنه ولا بد لن يحسن التصرف، ولن يستغله الاستغلال الأمثل إلا بتوجيهك ورعايتك التربوية له، وتجنبًا لشعور طفلك بالملل من الإجازة الصيفية، فأنصحك بعمل اجتماع عائلي وتخططا معًا لكيفية قضاء الإجازة الصيفية بشكل مختلف ومتعة واستفادة، فالصيف لا يعني اللهو واللعب فقط، بل فرصة عظيمة لإنجاز العديد من الأهداف واكتساب المهارات أو تقويتها

وفرصة أيضًا لتعلّم حرفة جديدة أو ممارسة رياضة يفضلها، أو لغة يود تعلمها وغيرها العديد من الأهداف والأفكار التي لم يكن هناك متسع من الوقت لتنفيذها أثناء فترة الدراسة، فلا تترك صيف طفلك يمضي دون تخطيط محكم مسبقًا، مع مراعاة الشمول والتوازن في الأهداف المراد إنجازها، إضافة للواقعية وقابليتها للتحقيق بمتعة وإفادة.


اقرأ أيضًا: قصص وأهازيج: كيف نحدث أطفالنا عن فلسطين؟


| ساعد طفلك على تنظيم وقته: تهتم الأسر بتنظيم وقت أطفالهم أثناء الدراسة كي يستطيعوا الوصول لتحقيق أهدافهم  على جميع المستويات، لكنهم لا يبدون نفس الاهتمام والتنظيم للوقت أثناء الإجازة الصيفية للطفل، مما يجعلها عبء ثقيل على الطفل، وكذلك الأسرة، ويتمنون العودة للدراسة، لأنها تجبرهم على تنظيم الوقت بشكل تلقائي، لكن لماذا لا نقوم بذلك أثناء الإجازة الصيفية؟

 بداية، يجب على الوالدين تنظيم وقتهم والمهام الذي يجب أن ينفذوها خلال الأسبوع، كي لا يشعروا بالإرهاق من كثافة الأعمال المتراكمة عليهم ومنها متابعة الأطفال، ثم عليهم مشاركة الطفل بتنظيم وقته وتوزيعه حسب المهمات المراد إنجازها أسبوعيًا بتحديد الساعات لتنظيم واسع المدى، وذلك بالاتفاق سويًا على المواعيد والأعمال ومن المهم أن لا يُجبر الطفل على التنظيم، يُفضل التفاهم معه بهدوء وتقنعه بأهمية التنظيم بالجدول، وبعد انتهاء الأسبوع يمكنكم الجلوس في اجتماع العائلة وتقييم الجدول، وتغيير ما يشعر أنه غير مناسب له وتجديده في الأسبوع التالي.

 
| كن قدوة لطفلك: فقبل أن تطلب من طفلك القيام بأمر ما يجب أن يرى فيك قدوته الحسنة، فالطفل يتعلم بالتقليد والمحاكاة بنسبة تعادل ٧٠٪ أكثر من التلقين وتنفيذ الأوامر، فمثلًا، قبل أن تطلب من طفلك الانتظام في الصلاة يجب أن يراك تصلي، ولا تقضي وقتك أمام التلفاز والتسلي بسير الناس، وتطلب منه قراءة كتاب والامتناع عن الغيبة.

| احمِ عقل طفلك من الانهيار: أوضحت الأبحاث التربوية أنه في حال أخفقت في حماية عقل طفلك خلال وقت الإجازة الصيفية، فإنه ربما يفقد في المتوسط ما يعادل 2.6 شهر من تحصيله على مستوى الصف في مهارات علم الحساب، وكذلك ما يعادل عامًا كاملاً على مستوى القراءة، وهذا فعلاً ما يتجلى بوضوح في معاناة الأهل في بداية كل عام دراسي لعودة مستويات أطفالهم من جديد لما كانت عليه قبل الدراسة، لذلك لا بد من حماية عقل طفلك من الانهيار، وذلك بوضع خطة صيفية مثمرة متنوعة، مستفيدًا من تلك الأفكار التي طرحناها، ومضيفًا عليها من عندك أو من مصادر أخرى.

| كن قدوة لطفلك: فقبل أن تطلب من طفلك القيام بأمر ما يجب أن يرى فيك قدوته الحسنة، فالطفل يتعلم بالتقليد والمحاكاة بنسبة تعادل ٧٠٪ أكثر من التلقين وتنفيذ الأوامر، فمثلًا، قبل أن تطلب من طفلك الانتظام في الصلاة يجب أن يراك تصلي، ولا تقضي وقتك أمام التلفاز والتسلي بسير الناس، وتطلب منه قراءة كتاب والامتناع عن الغيبة.

لذا لو أردت أن يواظب طفلك على القراءة يجب عليك أن تقرأ أولاً، سواء أن تقرأ لهم إن كانت أعمارهم ليست في السن المسموح للقراءة بمفردهم، أو أن تساعدهم في اختيار كتب وقصص مفيدة لهم، وأن تشاركهم الحديث حول ما يقرؤون، وتسرد عليهم القليل مما تقرأ، حيث أثبتت الدراسات أن الأطفال الذين تقرأ لهم أمهاتهم بانتظام يتعلمون القراءة بسهولة كبيرة وبسرعة، وبذلك فالقراءة لأطفالك مهمة جدًا منذ الولادة.

اجازة1.jpg
دعوا الطفل يرافقكم في أنشطة جديدة مثلا في تقليم أشجار الحديقة 

| مدرستي الأولى "بيتي": هناك العديد من الأسر الواعية التي تستغل فترة الإجازة الصيفية في تعليم الطفل مهارة، أو حرفة، أو شيئًا جديد حتى لو كان بسيطًا، مثل المساعدة في الأعمال المنزلية، وفي الحقيقة فإن المساعدة في أعمال المنزل هي مفتاح البداية لنمو مهارات الطفل في كل جوانب شخصيته وحياته، فمعايشة البنت لوالدتها ومحاكاتها في كل أعمالها، وكيف ندبر أمور المنزل يكسب الفتاة الكثير من المهارات المهمة التي تحتاج اليها في الحياة.

وكذلك عندما يرافق الفتى والده ويصحبه معه في كل مكان يذهب إليه، ويتعلم من مجالسة الرجال وطريقة التحدث بلباقة وأدب، أو معاونة والده في عمله، كتقليم أشجار الحديقة أو شراء متطلبات المنزل، وغيرها من الأمور التي تعلم الفتى المعنى الصحيح لمفهوم "قوامة الرجل" بشكل عملي، ففضلًا لا تحرموا أطفالكم صحبتكم والتعلم منكم بحجة أنهم لازالوا صغارًا، وأن مدرسة الحياة ستعلمهم ولا بد، لأنكم أنتم المدرسة الأولى والآمنة التي يتعلم منها الطفل، وإن لم تقوموا بهذا الدور، فقد سمحتم لمصادر خارجية أخرى "دخيلة"، وقد تكون غير آمنة ليتلقى منها طفلكم، فاحذروا!


اقرأ أيضًا: بيوت آمنة: فوائد ممتدة لقضاء الوقت مع الأبناء


| جدد طاقة طفلك: اللعب في الهواء الطلق يساعد الأطفال على تجديد طاقتهم العقلية والجسدية، كما يمكنك الاشتراك لطفلك في بعض الأنشطة الخارجية في الأماكن المخصصة لهم، حيث يتعلمون فيها بعض العلوم، كالدوائر الكهربائية وتصميم الروبوتات أو الاشتراك في كورسات تعلم اللغات وما إلى ذلك، ومن الضروري الاشتراك في نادٍ كي يلعب طفلك لعبة رياضية تساعده على تنشيط جسده، والحفاظ على صحته، وتنظيم وقته تلقائيًا وتهيئته للنوم المنتظم.

| شارك طفلك المرح: يمكنك اصطحاب طفلك لزيارة المناطق الأثرية والتنزه في الحدائق والتنقل بين السهول والهضاب، واسمح له بالتقاط الصور والتركيز على مناطق معينة، فهذا يجعل طفلك يحتفظ بالمكان والمعلومات المتعلقة بها في عقله حين يوثقها بنفسه، كما يمكنكم إقامة حفلة شواء وغناء ومسابقات وألعاب بين الأطفال، إضافة إلى الاتفاق مع الأقارب والجيران، وتكوين فرصة للتجمع، وتعزيز العلاقات الأسرية، والصداقة بين طفلك وأطفالهم، كما يمكنك تحديد موعد شهري لزيارة خيرية، مثل زيارة الأطفال في دور رعاية أو مستشفيات وتقديم الهدايا لهم.

| أفكار وأنشطة تربوية لقضاء إجازة صيفية ممتعة ومفيدة

اجازة.webp
ضع مخطط يومي ماذا ستفعلون في إجازتكم وخصصوا أنشطة معينة لتنفيذها

هناك العديد من الأفكار الرائعة التي يمكنكم تنفيذها مع أطفالكم لقضاء صيف ممتع ومفيد، وبالطبع لا يتسع المقال لذكرها جميعًا، لذا سنذكر لكم بعضًا منها.

| قرآني نبض حياتي: لابد أن يكون الهدف الأول في برنامج طفلك اليومي هو ورد ثابت يومي من القرآن يتعهده فيه تدبرًا، وقراءة، وحفظًا، ومراجعة، وتعلم طفلك أداب القرآن قبل وأثناء القراءة وتذكر له فوائدها العلمية من حفظ خلايا المخ وقوة الذاكرة، كذلك الدينية من كون مجلس العلم روضة من رياض الجنة، ومنزلة حافظ القرآن في الدنيا والآخرة وتوفيق الله له، والثواب الذي يناله على كل حرف، وهكذا ترغبه في القرآن، وتغرس حبه في قلبه من الصغر، وليكن الصيف بداية عهده به ويستمر معه بعد ذلك في الدراسة وطوال العمر، كما يمكنك تشجيعه كلما التزم بورده اليومي، وإقامة المسابقات له وتجعله إمامك في الصلاة بما حفظ، فذلك يجعل الطفل سعيدًا جدًا.

| لغتي الفصحى ما أحلاها: في عصر ينبري فيه الجميع الآن من هويته ولغته، صار واجبًا علينا غرس حب اللغة العربية وفضلها وعظمها في نفوس أطفالنا، وذلك بأنشطة تثقيفية معرفيه من خلال قصص تحكيها لهم عن أهميتها وتاريخها ومكانتها بين الأمم، ويمكنك الاستعانة ببرامج العروض المرئية أو اليوتيوب، وغيرها من مواد مرئية مسموعة، وأقم لطفلك المسابقات واشترك له فيها وكذلك نادي القراءة والمكتبات، وخصص له وقتًا ثابتًا يوميًا للقراءة، واغرس في نفسه حب الشعر وإلقائه، واثن على صنيعه ومكافأته.

inbound7144524671766862025.jpg
يمكنك تنفيذ خرائط للعقل لحفظ القرآن الكريم لطفلك بهذه الطريقة لجذب انتباهه

|  لغة العصر: في عصر صارت لغته الحواسيب والهواتف الذكية، صار لزامًا علينا مواكبته وتعليم أطفالنا كيفية الاكتفاء الذاتي منه، لذا يمكنك تعليم طفلك برامج الحاسب الآلي المفيدة بما يتناسب مع عمره، مثل: برنامج الرسام والكتابة والبوربوينت، إضافة للتصميم والجرافيك.

| لقاء الأسرة: ليكن لكم لقاء أسري أسبوعي تتشاركون فيه فقرات متنوعة، من قرآن وحديث شريف، ثم قصة من حياة النبي والصحابة، ثم اللعب والمرح الممتع على أن تكون المهمات مقسمة بينكم، وتختارون اللعبة بالدور بين أفراد العائلة، كما يمكنكم مناقشة بعض سلوكيات أو المشكلات والنقاش في كيفية حلها معًا بأدب ولباقة في الحوار والطرح، مما يعزز أواصر الأسرة، ويزيد الألفة بينكم، وتقضون فيه وقتًا جميلًا ومختلفًا معًا.

inbound6869999780878346293.jpg
اعمل على تنمية الحس الفني والإبداعي لطفلك فمثلًا علمه الرسم والتلوين 

| تنمية الحس الفني للطفل: فيمكن تعلم الرسم والتلوين والالتحاق بمراكز تعليمية والمشاركة بمسابقات تحفيزية للطفل، كما يمكنك مشاركة طفلك في صنع الأشغال اليدوية والورقية وتشكيل الصلصال لتنمية مهارات الطفل، كذلك الإنشاد، حيث يساعد على تنمية الحس الفني والإبداعي للطفل، تقوية ذاكرته وتحسين مخارج حروفه ولغته الفصحى، والتخلص من الخجل، وتعلم القيم التي تظل راسخة بطريقة ممتعة لا تنسى.

| التجارب العلمية: يمكنك عمل بعض الأنشطة لتعريف طفلك بالتفاعلات الكيمائية في المنزل، مثل مزج الألوان والتعرف على اللون الناتج، أو صنع البراكين المكونة من اختلاط الصودا والخل والماء والصابون وصبغة الطعام، وهي تجربة شهيرة يمكنكم البحث عنها وتطبيقها، وغيرها الكثير من التجارب العلمية الآمنة والممتعة للطفل.

| السينما المنزلية: اختر فيلمًا مفيدًا ومناسبًا لعمر طفلك، اصنعا معًا الفوشار، وهيئا البيت كاملًا لإقامة حفل سينمائي منزلي، ومن ثم ناقش طفلك في الدروس المستفادة من الفيلم كي تقيس مدى انتباهه واستفادته من الفيلم، وتجعله يحرص بعد ذلك على انتقاء ما يشاهده وأن يكون ذو هدفًا والبعد عن التفاهة.

إضافة لذلك، يمكنك المشاركة لهم بالمعسكرات الصيفية ومسابقات الجري والبطولات المختلفة، ولا تنسى تعويدهم على الصلاة في المساجد والتبكير إليها والحرص على نظافتها، وهكذا فالمجال لا يتسع لذكر كل الأنشطة والمقترحات، ولكن يمكنكم الاستفادة مما عرضناه لكم والاستزادة من الكتب والإنترنت بالبحث، ويمكنكم مشاركتنا بتجاربكم وآرائكم، ونتمنى لكم إجازة صيفية يملؤها الحب والمتعة والفائدة.