بنفسج

عائلة بركات الخواجا: دفء العائلة تبدده جرافات الاحتلال

الأربعاء 07 سبتمبر

بعض الجراح يشفيها الزمن وبعضها يزيد الزمن من وجعها، وهذا جرح السيدة هنادي نافع زوجة الأسير بركات الخواجا من بلدة نعلين غرب محافظة رام الله وسط الضفة الغربية. تُحدثها فتسمع لقلبها زفرات ولروحها غصة، وكأن شيئًا ما هدم في داخلها كما منزلها الذي حلمت به وهدمته جرافات الاحتلال بحجة البناء دون ترخيص، في الثاني والعشرين من حزيران الماضي.
تغفو فتوقظها أصوات جرافات الاحتلال، وتصحو على مشهد ظنته كابوسًا سيمر باستفاقة، وهكذا تدور بها عجلة الحياة، التي وضعتها في وجه تجربة مركبة من ظلم الاحتلال، الذي انتزع منها منزل العمر، بعد أن زج بزوجها أسيرًا في سجونه.

| كابوس لا ينتهي

 
"لازلت لا أصدق ما حل بمنزلنا وأعتقد للحظات أنني في حلم، حتى أولادي كذلك غير مصدقين أنّ حلمنا ببيت خاص انتهى". تقول السيدة هنادي، وتستذكر: "عندما وصلني الخبر الساعة 5 صباحًا أنّ الاحتلال يهدم منزلنا قيد الإنشاء، خرجت من منزلنا الذي نسكنه بالإيجار نحو المنزل الجديد لا أرى أمامي، أحمل أوراق منزلي، والجيش يحيط به من كل مكان، أخبرتهم أنها أرضي ومنزلي وتعبي وحصاد سنوات من الشقاء وطبعا لم يستمعوا لأي شيء من ذلك".


"لازلت لا أصدق ما حل بمنزلنا وأعتقد للحظات أنني في حلم، حتى أولادي كذلك غير مصدقين أنّ حلمنا ببيت خاص انتهى". تقول نافع، وتستذكر: "عندما وصلني الخبر الساعة 5 صباحًا أنّ الاحتلال يهدم منزلنا قيد الإنشاء، خرجت من منزلنا الذي نسكنه بالإيجار نحو المنزل الجديد لا أرى أمامي، أحمل أوراق منزلي، والجيش يحيط به من كل مكان، أخبرتهم أنها أرضي ومنزلي وتعبي وحصاد سنوات من الشقاء وطبعا لم يستمعوا لأي شيء من ذلك".

اعتقالات متتالية من قبل الاحتلال مجموعها تسعة سنوات طالت بركات الخواجا زوج السيدة هنادي نافع، الذي مازال قيد الاعتقال الإداري، بعد إفراج دام عامًا ونصف العام، بدأ خلاله تفاصيل حلم هذه العائلة ببناء منزلهم يرى النور.
توضح نافع:"أنا ربة منزل ولا أعمل، وزوجي يعمل في البناء في البلدة، وخلال اعتقاله قبل الأخير الذي دام خمس سنوات كنت أعيش معظم الوقت في منزل أهلي، ونصحتني أمي أن أفكر في مستقبلنا، فبدأت أقتطع من الراتب 300 شيكل حتى أجمع ثمن الأرض والبناء، وكان ذلك على حساب احتياجاتي وأولادي اليومية، وأذهب بالمبلغ البسيط لبائع الذهب وعندما يصل المبلغ [1250] شيقل يعطيني الصائغ "ليرة ذهبية"، وعندما أفرج عن زوجي من السجن قمنا ببيع الذهب وساندتني عائلتي حتى تمكنت من شراء الأرض وبدأنا في في البناء".

ورغم اعتقال الاحتلال لزوج السيدة نافع إلا أنها أبت إلا أن تستمر في العمل على حلم عمرها، وتضع في منزلها لبنات متقطعة وفق ما يتوفر لديها من امكانيات، جعلتها تقترب من الوصول لمبتغاها وعائلتها قبل أن يقطع طريقها جرافات الاحتلال".

| تفاصيل خانقة


يوميًا كانت نافع تنتهي سريعًا من أعمال منزلها الذي تسكنه بالإيجار وتخرج وأبناؤها إلى الأرض، حيث منزلهم المنتظر وتشرب معهم الشاي وتتبادل معهم أحلام المستقبل في بيت العمر وتراقب حجارة المنزل وعماله وهم يشيدون منزلهم الدافئ على فترات متقطعة حسب امكانياتهم.

هنا غرفة الأطفال وهنا مطبخ وهنا صالة ستجمع الأسرة، وهنا وهنا، أحلام وآمال، كانت تخطوها خطوة بخطوة كما حجارة المنزل، وما لبث أن اقترب حلم عمرها الذي بدأ منذ زواجها قبل سبعة عشر عامًا، حتى تبدد كل شيء، وأصبحت تخنقها التفاصيل البسيطة، التي كانت قبل هدم منزلها مدعاة لبهجتها وفرحتها، وفرحة عائلتها المكونة من ثلاثة أبناء.

تتنهد نافع وهي تتحسر على فنجان قهوة حلمت أن تحتسيه على شرفة منزلها، وعلى غرفة أرادها أطفالها بشدة، الذين أدخلهم هدم المنزل في حالة نفسية صعبة أيضًا، أوصلت طفلها البالغ من العمر عشرة أعوام إ، إلى الامتناع عن الطعام حزنًا على ما حل بمنزلهم. فيما تضيف نافع:"زوجي وصله خبر هدم المنزل داخل السجن، واحتسب ما أصبنا به عند رب العالمين، سائلاً الله العوض". 

| مبادرة مجتمعية للإعمار

______-______-____________-15.jpg
عائلة بركات الخواجا على ركام منزلهم بعدما هدمه الاحتلال

حركت نافع مشاعر كل من شاهدها وعائلتها على ركام منزلهم الذي كانت ترقب حجارته وعماله بأمل، فأطلق نشطاء وشخصيات مجتمعية في بلدة نعلين، حملة شعبية لإعادة بناء منزل الأسير بركات الخواجا الذي هدمته جرافات الاحتلال. وهو الأمر الذي أعاد لقلب نافع وأولادها الأمل من جديد. وبدأت الحملة فعليًا بجمع التبرعات للعائلة سعيًا لشراء أرض وبناء منزل جديد لها، حتى لا يتكرر هدم الاحتلال للمنزل إذا ما أعيد بناؤه في ذات المنطقة.

بدورها أكدت نافع شكرها لكل من يسعى لتعويض عائلتها والوقوف إلى جانبها، متأملة أن تحظى بمنزل يضمها وعائلتها ويعوضها ما حرموا منه. وتقول:"عندما هدموا المنزل، أحسست أنهم هدموني، لكن الأمل برب العالمين كبير(سيعوضني الله) أقول دائما لأبنائي ذلك، وادعوا الله أن يعوضنا."

الاحتلال يقوم بانتظام بهدم أو الاستيلاء أو إجبار الفلسطينيين على هدم منازلهم وغيرها من المباني بسبب عدم وجود تصاريح بناء، والتي غالبا ما يكون من المستحيل الحصول عليها. وتابعت المنظمة الأممية أن الأرقام تعكس ارتفاعًا في هدم المباني المملوكة للفلسطينيين وما نتج عن ذلك من تهجير للسكان من منازلهم في جميع أنحاء الضفة الغربية منذ عام 2009.

وفق إحصاءات وثقتها منظمة الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة (أوتشا) فقد هدم الاحتلال 300 مبنى في الضفة الغربية والقدس المحتلتين منذ مطلع العام الجاري 2022. ولفت تقرير "أوتشا" إلى قاعدة بيانات موسعة تدلل على ارتفاع وتيرة هدم المنازل، والأرقام التي تبين عمليات الهدم على مدى السنوات متاحة ويمكن عقد مقارنه مقلقة".

ووفقا للتقرير، فإن الاحتلال يقوم بانتظام بهدم أو الاستيلاء أو إجبار الفلسطينيين على هدم منازلهم وغيرها من المباني بسبب عدم وجود تصاريح بناء، والتي غالبا ما يكون من المستحيل الحصول عليها. وتابعت المنظمة الأممية أن الأرقام تعكس ارتفاعًا في هدم المباني المملوكة للفلسطينيين وما نتج عن ذلك من تهجير للسكان من منازلهم في جميع أنحاء الضفة الغربية منذ عام 2009، إلى جانب السياسات والممارسات الأخرى، يساهم هدم المنازل في خلق بيئة قسرية تضغط على الفلسطينيين لمغادرة مناطق إقامتهم.