بنفسج

ساجدة أبو الهيجا: سفيرة العائلة وأم أبيها وأمها

الأحد 26 يونيو

هي تلك الصغيرة التي تخطت مراحل الزمن، وتجاوز شبابها طفولتها، في وقت يحمل أصغر الأبناء في العائلات لقب آخر العنقود، يتربع على سدة الدلال ويحظى بخدمة أفراد عائلته واهتمامهم. قلبت ساجدة، آخر عنقود عائلة الأسير جمال أبو الهيجا، من مخيم جنين، هذه المعادلة، وكانت لعائلتها حضنًا كبيرًا، وتربعت على عرش قلوبهم سندًا وأختًا وصديقة ومرسى للعائلة من وإلى سجون الاحتلال.

| طفولة

مشاعر مختلطة طغت على حديث ساجدة ابنة أبو الهيجا التي حملت لقب ابنة الأسير وهي بعمر الـ 6 سنوات، وبعد أشهر من اعتقال والدها كان الحدث المفصلي في طفولتها، كما تقول، اعتقال والدتها من قبل الاحتلال في ليلة عيد الأضحى من عام 2003.

تذكر ساجدة كيف بكت طويلًا، وكيف نامت طيلة يوم العيد تأبى الاستيقاظ ومواجهة الحقيقة المرة أنها باتت بلا أم وأب. تقول أتذكر كيف بكيت بحرقة ذهبت لحضن شقيقي عماد واستمريت بالبكاء حتى نمت. وكنت كلما رأيت أطفال العائلة مع أمهاتكم أبكي كثيرًا أيضًا". 9 أشهر من الغياب القصري لوالدة ساجدة، في سجون الاحتلال، كانت الأصعب في طفولتها، وقد كانت ترى في أمها ذلك الظل الوارف الذي يقيها حرارة فقد الأب.

تكشف لنا حكايا كثيرة أن مفهوم الفقد حاضر تمامًا، بل بمشاعر أكبر مما تصورنا في عقل الطفل وإدراكه، يحفظها وتكبر معه، وتتضاعف بمرور الزمن، وتتسع معها رقعة الألم، وكذا هي طفولة ساجدة جمال أبو الهيجا التي بدأت حكايتها منذ ولادتها في عام 1996، وحالت حينها سجون السلطة من دون حضور والدها لميلادها، وليكون أول عهدها به في الحرية بعد عام.

جمال أبو الهيجا من الرموز الفلسطينية والقيادات البارزة في الحركة الإسلامية في مدينة جنين، وأحد قادة معركة الدفاع عن مخيم جنين في عام 2002، طارده الاحتلال لأكثر من 3 أعوام، كان فيها على لائحة المطلوبين للاغتيال والتصفية،وفي إحدى محاولات اغتياله على يد قوات الاحتلال، أصيب برصاصة في الصدر، وأخرى - دمدم متفجر- في يده مما أدى إلى قطعها. اعتقله الاحتلال في  2002/8/26، في عملية خاصة، وحُكم عليه بالسجن المؤبد 9 مرات، إضافة إلى عشرين سنة بتهمة قيادة كتائب القس ام الجناح العسكري لحركة حم اس.


اقرأ أيضًا: أبناء الأسرى: ما بين الانكسار والأمل


مشاعر مختلطة طغت على حديث ساجدة ابنة أبو الهيجا التي حملت لقب ابنة الأسير وهي بعمر الـ 6 سنوات، وبعد أشهر من اعتقال والدها كان الحدث المفصلي في طفولتها، كما تقول، اعتقال والدتها من قبل الاحتلال في ليلة عيد الأضحى من عام 2003.

تذكر ساجدة كيف بكت طويلًا، وكيف نامت طيلة يوم العيد تأبى الاستيقاظ ومواجهة الحقيقة المرة أنها باتت بلا أم وأب، تقول: "أتذكر  كيف بكيت بحرقة ذهبت لحضن شقيقي عماد واستمريت بالبكاء حتى نمت. وكنت كلما رأيت أطفال العائلة مع أمهاتهم أبكي كثيرًا أيضًا". 9 أشهر من الغياب القصري لوالدة ساجدة، في سجون الاحتلال، كانت الأصعب في طفولتها، وقد كانت ترى في أمها ذلك الظل الوارف الذي يقيها حرارة فقد الأب!

| مرض الوالدة

inbound4546368192343511879.jpg
والدة ساجدة أبو الهيجا وأشقاؤها

رفيقة أمها، بهذا تعرف ساجدة، أمها الصابرة "أسماء أبو الهيجا" المصابة بورم في الرأس منذ سنوات طويلة، نال من جسدها المرض، وازداد انتشاره مع مرور الزمن، وتوالي المصاعب التي مرت بها هذه العائلة.

تقول بنان شقيقة ساجدة، والابنة الأكبر للأسير أبو الهيجا: "مرض أمي كان تحديًا كبيرًا، وكانت ساجدة رفيقة مراحل علاجها جميعًا آخرها في مستشفى المقاصد وبيت جالا والتي طالت مدة عام، شهدت فيها أمي مضاعفات كثيرة، وفقدت خلالها بصرها فجأة، وعاشت ساجدة هذه التفاصيل إلى جانب أمي، وحيدة وبعيدة".

وتصف ساجدة تلك اللحظات بالصعبة للغاية، وأصعبها لحظة ظنت فيها أن والدتها فارقت الحياة بين يديها، وحملتها تطلب النجدة لأمها، التي كتبت لها الحياة بعد انتكاسة شديدة".

| سفيرة العائلة

inbound2127957856956331964.jpg
صورة تجمع ساجدة أبو الهيجا مع المرابطة هنادي حلواني وخديجة خويص وصديقات لهن

في خضم هذه التفاصيل والآلام، كانت السجون والاعتقالات العنوان والتحدي الأكبر لهذه العائلة، التي اعتقل أبناؤها جميعًا في سجون الاحتلال لفترات مختلفة، وحرموا داخل السجون الاجتماع بوالدهم الذي عاش 8 سنوات من سجنه في العزل الانفرادي، وهو ما جعل المعضلات تتشابك وتصبح زيارة المعتقلين من العائلة، مهمة ساجدة صغيرة العائلة وشقيقها الذي يكبرها بأربعة أعوام حمزة الذين سمح لهم فقط بالزيارة، ووقف المنع الأمني عقبة في طريق مرافقة أحد أفراد العائلة لهم.

مهمة زيارات السجون بدأتها ساجدة منذ الصف الأول، وتربطها بتلك الأيام التي امتدت لسنوات طويلة، مشاعر كثيرة، صوت السلاسل التي كبلت أقدام والدها، وخوفها وحمزة من تلك اللحظات والزيارات الأمنية المشددة في منطقة محددة بعيده عن زيارات الأسرى الآخرين خلال عزل والدها، نظرات والدها لها بعد انقطاع الزيارات وعودتها بعد سنوات، وتفاصيل كثيرة. تقول ساجدة: "أذكر مرة حين حرمت الزيارة لمدة 4 سنوات، وذهبت لزيارة والدي بالحجاب، استشعرت في عينيه مدى دهشته من مرور الزمن، وكيف كبرت في هذه الأعوام".

وتضيف: "كنت أزور أشقائي المعتقلين رفقة حمزة، حتى كبر ولم يعد يستطيع مرافقتي للزيارة، واستمريت بهذه المهمة". تستذكر بنان شقيقتها: "كانت ساجدة تخرج للزيارات فجرًا وتتكبد عناء حمل مستلزمات الأسرى، وتعود الساعة 12 منتصف الليل".

| استشهاد رفيق الدرب

inbound4408951572304534488.jpg
الشهيد حمزة أبو الهيجا شقيق ساجدة الذي اغتاله الاحتلال في اشتباك مسلح في مخيم جنين

عام 2014 ودعت ساجدة رفيقها وشقيق روحها حمزة شهيدًا، باغتيال الاحتلال له باشتباك مسلح خلال محاصرته في أحد المنازل في مخيم جنين، ليشكل ذلك العام مرحلة تحد جديدة ومركبة لها، حيث كانت طالبة في الثانوية العامة حينها. سبق استشهاد حمزة، اعتقال الاحتلال لعماد شقيق ساجدة، وخلال الشهر التحضيري لتقديم الامتحان اعتقل الاحتلال شقيقها عاصم وما بين الحدثين كان فراق حمزة. تقول ساجدة: "حمزة كان قريبًا مني جدًا، أبثه مشاكلي ويفهمني، افتقدته كثيرًا. صحيح أن الصبر يرافق المصاب، لكن الشعور الحقيقي بالفقد يبدأ بعد وقت من الحدث، وتبدأ الأيام بكشف مدى الألم وحرقة القلب كبيرة في غيابه".

وتضيف: "كنت رفقة أمي في المستشفى عندما استشهد حمزة، وكنت أتحضر لتقديم امتحانات الثانوية العامة حينها، في ظروف غاية في الصعوبة تخللها مطاردة حمزة، كما أجبرنا قبل استشهاده بأشهر على مغادرة منزلنا لفترة من الوقت، بعد تدمير الاحتلال له نهاية عام 2013، في أعقاب استشهاد الشاب نافع السعدي في منزلنا بعد اقتحام قوة خاصة له".

رغم الألم، تخطت ساجدة امتحان الثانوية العامة في الفرع العلمي، والتحقت بالجامعة الأمريكية وحصلت منها على شهادة في تخصص التحاليل الطبية، ما أهلها للعمل في مستشفى ابن سينا، فيما لا تزال طالبة ماجستير في تخصص الأمراض المعدية بجامعة النجاح، والذي التحقت به وهي برفقة والدتها خلال آخر رحلات علاجها في بيت جالا، منتزعة من الظروف الصعبة الفرصة للاستمرار والتقدم.

| عروس العائلة
أما ساجدة، فقد حملت في صدرها تنهيدة عميقة، بثت ما حمله قلبها من مشاعر، وهي تتذكر كيف سألت أشقاءها قبل اعتقالهم عن أي نشيد يفضلون لفقرتهم في عرسها، والتي ستخرج عليها رفقتهم من القاعة نحو منزل زوجها، هل تفضلون نشيد سيوف العز أم أي نشيد حمزة، أم أي شهيد آخر؟ وإجاباتهم أن تختار ما تراه مناسبًا ويسعدها، كلها تفاصيل تقف اليوم غصة في حلقها، وتقول: "صدقًا لا أعرف كيف سأخرج من القاعة؟".
 
غاب والد ساجدة الأسير أبو الهيجا لكن بصمته لم تغب، وكان له السبق بإرسال رسالة لابنته الصغيرة حملت الكثير، وحركت دواخل العائلة وكل من قرأها، أفصح فيها لأول مره عن ما يشعر به، وما تعنيه صغيرته ساجدة له.

ساجدة ابنة العائلة البارة ورفيقه مصاعبها، باتت اليوم عروسًا، حدث لم يكن ليمر بسهولة على هذه العائلة التي فرقتها السجون ووحدها الوجع والصبر. ستزف في التاسع عشر من حزيران/يونيو الجاري لعريسها بدر مازن نواهضة من بلدة اليامون في جنين، وحيدة إلا من أكبر أشقائها "عبد السلام" الذي أُفرج عنه مؤخرًا من سجون الاحتلال، فيما سيغيب والدها من جديد، وأشقاؤها عماد وعاصم في سجون الاحتلال، وإلى جانب الغياب المركب لشقيقها المقرب الشهيد حمزة.

تقول بنان شقيقة ساجدة: "بقدر فرحتنا بقدر الغصة في قلوبنا، هذا الزفاف سيكون منقوصًا، وقد غيب الموت خالي وعمي وعمتي في هذا العام، وسيخلو فرحنا من والدي وعماد وعاصم وحمزة".

أما ساجدة فقد حملت في صدرها تنهيدة عميقة، بثت ما حمله قلبها من مشاعر، وهي تتذكر كيف سألت أشقاءها قبل اعتقالهم عن أي نشيد يفضلون لفقرتهم في عرسها، والتي ستخرج عليها برفقتهم من القاعة نحو منزل زوجها، هل تفضلون نشيد سيوف العز أم  نشيد حمزة، أم أي شهيد آخر؟ وإجاباتهم أن تختار ما تراه مناسبًا ويسعدها، كلها تفاصيل تقف اليوم غصة في حلقها، وتقول: "صدقًا لا أعرف كيف سأخرج من القاعة؟".

غاب والد ساجدة الأسير أبو الهيجا لكن بصمته لم تغب، وكان له السبق بإرسال رسالة لابنته الصغيرة حملت الكثير، وحركت دواخل العائلة وكل من قرأها، أفصح فيها لأول مرة عن ما يشعر به، وما تعنيه صغيرته ساجدة له. رسالة لم تستطع إكمال قراءتها، فقد خنقتها العبرات، وأكملت كلماتها على مسامعها زوجة أخيها، كلمات يتردد صدها في نفسها كل لحظة.

| رسائل من الأسر
inbound6522041723495318159.jpg
صورة تجمع الأسير جمال أبو الهيجا بأطفاله قبل أعوام عديدة

 إلى ساجدة في ربع قرن.. الحمد لله الذي قبل منا أعمارنا نقدمها وراء القضبان، ليحيا شعبنا حرًا عزيزًا في وطن لا سجن فيه ولا سجان. والصلاة والسلام على المصطفى العدنان وبعد،

إيه يا ساجدة!! إيه يا بنت أبيك، إيه يا أخت الرجال. ها قد كبرت وصرت عروسًا، وقدر الله أن أخاطبك في هذا اليوم عبر الأثير، حيث تحرمين ضمة أبيك وأنت تودعين داره، داره التي لم يحتضنك فيها إلا بضع سنين. ترى هل كنت أحسب أني سأخاطبك في هذا اليوم المنتظر من وراء القضبان؟ بل كيف لا أحسب ذلك، وأنت التي ولدت عام ستة وتسعين وأنا خلف قضبان الجار والقريب الذي منّوه يومها بالدولة والاستقلال، مقابل أن يكون جرح جاره وأخيه هو الثمن، فلم يأت الوطن الموعود وبقي الجرح الغائر، وما زال.

كيف لا أتوقع هذا المشهد وقد أتت عليك فترة من الزمن لم يكن فيه في بيتنا إلاك، وأنت الأصغر، فكنت الأب والأم والأسرة في لحظة واحدة، وما زلت أذكر تلك الزيارة التي زرتنيها وأنا في العزل، وقد زرتِ قبلها بيوم سجن ريمون، وقبله بيوم كنت تزورين في مجدو، في ثلاثة أيام متواصلة قضيتيها في باصات الزيارة، تنتقلين من سجن إلى سجن تزورين الأسرة السجينة، فكيف لا يكون لمثلك هذا العرس المغمس بعبق القيد والأغلال، وأنت التي تعرف جيدًا معنى الأغلال.

كبرت يا ساجدة، كبرت يا ابنتي بأسرع مما أظن.. قالوا لي أنهت الثانوية العامة بتفوق، فقلت أدركها في تخرج الجامعة، ومرت السنوات، وكان التخرج، ثم كان الماجستير بعدها، ولا لقاء، والحمد لله أولًا وآخرًا، لكن اليوم مختلف. اليوم يا ساجدة له طعم آخر. ومع ذلك فما زال الأمل مزروعًا في قلوبنا وحسن الظن بالله لم يغادرها أبدًا. وقد حان الآن يا ساجدة أن أجيبك على سؤال عينيك الحائرتين، وأنت تزورينني صغيرة وراء القضبان، فكانت تسألني عيناك: لم يا أبي كل هذا الفراق، وكل هذا الغياب؟

الآن أقول لك: هذا من أجلك يا ابنتي، ومن أجل كل الصبايا والشباب.. نرضى الأسر اليوم، كي نورثكم غدًا وطنًا حرًا بلا أسر ولا قيود. ونرتضي الخوف والحرمان اليوم، كي تعيشوا غدًا بأمان، حيث لا احتلال ولا عدوان، هذا من أجلك يا ابنتي.

فعندما ستحكين لأطفالك غدا قبل النوم حكاية التحرير ستقولين لهم: ارفعوا رؤوسكم في السحاب، فإن الوطن الحر العزيز الذي تنعمون بظلاله، دفع أجدادكم وأخوالكم أعمارهم في سبيل الله ليطردوا المحتل عن ثراه. وغدًا عندما تذهبين بهم إلى المسجد الأقصى ستقولين لهم تحت قبة صخرته: بالأمس كان المحتلون يهاجمون المصلين العزل هنا، فثار عليهم أجدادكم وأخوالكم وأعمامكم حتى طردوهم منه، وخلصوه من رجسهم، فهو اليوم حر عزيز طاهر، فصلّوا الآن فيه بأمان.

وأخيرًا فيا بنت الأسرى، ويا أخت الشهيد، بارك الله لك وعليك وجمع بينك وزوجك في خير، وإلى اللقاء القريب بإذن الله أحرارًا أعزاء في وطننا الحر العزيز.

| رسالة الأشقاء
نودّعُك اليوم وأنت تمسكين بيدِ زوجك وحبيبك، وتبدأين معه بعون الله مسيرةَ حبّ أجمل، وسعادةٍ أطول، فيها الحبّ في الله ولله وفي درب الله. لا نقولُ لكِ اليوم، فمقامك في قلوبنا معروف، ومكانُك في أرواحنا ثابت، بل نقول لزوجك الحبيب، ونوصيهِ بك وصية رسول الله محمد - صلّى الله عليه وسلّم - حينما قال مودّعًا: استوصوا بالنساء خيرًا.

فيما كانت رسالة عماد وعاصم أشقاء ساجدة الأسرى مفاجأة جديدة لها، هدية لطيفة من أحباب، غابوا جسدًا، وأصروا على الوجود روحًا معها في زفافها.  إلى التي لم ولن يُنسى فضلُها، إلى التي سهِرت لننام نحن، وتعبت لنرتاح نحن، وعانت لنسعد نحن، فكانت الحضن الدافي، والقلب الحاني، والنفس الطيّبة، بذلت من وقتها لننعُم بأوقاتنا، ومن راحتِها لنحتفي براحتنا، ومن سهرِها لننام نحن.

 وما أغلى الروح الّتي تُضحّي وتبذلُ وتجود، فكانت امتدادًا لفكرة العطاء في منزلنا، وميراثَ التضحية في دمنا، وكانت صورة البنت المؤمنة المُقاتِلة، في كلّ الميادين، يا يدَ الأمّ الحنون تحنو على رأس أمي وأوجاعها، يا بسمةً على وجه والدي ينتظرها كلّ زيارة، يا نورًا يُستضاء به في منزلنا الذي أشرقت فيه التضحيات، فصار قبلةً للأحرار ووجهةً للشرفاء، يا بَرد البُعد عنّا بعد اليوم، ودفئه مع شريك العمر والحياة، يا نورًا تخطفهُ منّا بالحبّ؛ أزمنة الحبّ وأحاسيسها المرهفة.

نودّعُك اليوم وأنت تمسكين بيدِ زوجك وحبيبك، وتبدأين معه بعون الله مسيرةَ حبّ أجمل، وسعادةٍ أطول، فيها الحبّ في الله ولله وفي درب الله. لا نقولُ لكِ اليوم، فمقامك في قلوبنا معروف، ومكانُك في أرواحنا ثابت، بل نقول لزوجك الحبيب، ونوصيهِ بك وصية رسول الله محمد - صلّى الله عليه وسلّم - حينما قال مودّعًا: استوصوا بالنساء خيرًا.

فكن لها كما تريدُ أن تكون لك، اصبرا معًا، وابذلا معًا، واسعدا معًا .. واجعلا لله من كلّ مشاعركما نصيب، وفي كلّ أعمالكما قُربى .. واحفظها فهي الأمانةُ فلا تضيّعها .. فهي اليوم تسمو بك .. وتحيا بك .. وتبدأ بك .. وتنتهي بك .. إليك أختُنا .. كلّ الأماني بالسعادة والسرور.. بارك الله بكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير.. إخوانك المحبين الأسيرين عاصم وعماد أبو الهيجا.. سجن مجدو

مزدحمة بالأحداث، مليئة بالتفاصيل والمواقف، التي تخيل لسامعها أن صاحبها تجاوز عمر الستين أو يزيد، لكنها حكاية فتاة فلسطينية في العشرينيات من عمرها، تحلم بمستقبل أفضل وتضع لذلك المخططات، أريد إنهاء دراسة الماجستير، وأتوقع أن تفتح لي الشهاد أفقًا أوسع، وفرصة للتطور في وظيفتي، وأحلم أن أكمل دراستي وأحصل على شهادة الدكتوراه، تقول ساجدة، وتؤكد: رغم الظروف على الإنسان السعي لتطوير نفسه، وإرضاء ربه، والسعي لإدخال والده ووالدته الجنة بعمله الصالح.