بنفسج

إلى صديقتي الجامعية... أحدثك من المستقبل

السبت 13 مايو

مرحبًا؛ نحدثكم من المستقبل، ذاك المكان الذي كنا نتحدث عنه ونحن في عمركم "بس أخلص إلا أعمل كذا وكذا" .. "والله بس أخلص جامعة إلا أرتاح"، والكثير من العبارات، كنا نرددها مثلكم وربما أكثر، نرددها في "الكردورات" وفي الكافتيريا وفي "شات جروب" الدفعة، وصباحًا ونحن نركض في ساحة الجامعة محاولين دخول محاضرة الساعة الثامنة، تلك المحاضرة التي غالبًا ما يكون أستاذها صعب المزاج، وإن تأخرت لدقيقتين تسجل غائبًا.

أقول لكم يا أصحابنا في الجامعات: تمهلوا، نحن نكلمكم من المستقبل الذي تسعون إليه، ونقول لكم: الأمر مختلف تمامًا. مرحبًا بكم في عالم الكبار، ولا أقول بأنكم صغار، بل هي الحياة وتجاربها من تعطينا العمر، لا مرور السنوات. ماذا لو عاد الزمان للوراء بضع سنوات فقط؟ كنت سأخفف من قلقي وأرقي في الليل، وخوفي من عدم النجاح، والتخرج دون الدفعة؟

في الجامعة: صحتك النفسية أولًا

 
هذا مقال صغير، أتمنى أن يقرأه كل طالب جامعي ويعتبرني صديقة له، ودار بيننا حوارٌ صغير وسألني: " لو رجعتي للجامعة، شو حابة تغيري في تجربتك؟ شو ممكن تنصحيني؟".
 
في البداية، أهم شيء يجب أن تعرفينه، أن أي شيء ستربحه دون صحتك النفسية والجسمانية سيكون خسارة بحتة، لذلك احرصي على نفسك وروحك قدر الممكن، ولا تجعل الخوف والتوتر يلعب بها ككرة القدم. وبعد صحتك يا صديقتي، يجب أن تفهمي قرارك في اختيار تخصصك.

هذا مقال صغير، أتمنى أن تقرأه كل طالبة جامعية وتعتبرني صديقة لها، ودار بيننا حوارٌ صغير وسألتني: " لو رجعتي للجامعة، شو حابة تغيري في تجربتك؟ شو ممكن تنصحيني؟". في البداية، أهم شيء يجب أن تعرفينه، أن أي شيء ستربحينه دون صحتك النفسية والجسمانية سيكون خسارة بحتة، لذلك احرصي على نفسك وروحك قدر الممكن، ولا تجعلي الخوف والتوتر يلعب بها ككرة القدم. وبعد صحتك يا صديقتي، يجب أن تفهمي قرارك في اختيار تخصصك.

 وأنا هنا أقول لك رأيًا ربما لا يوافقني الكثير عليه، حاولي أن تجدي تخصصًا يجمع بين شغفك وبين فرصة جيدة في سوق العمل، فإن لم تجد، اختاري ما يوفر لك فرصة للعمل، وأنا لست ضد الشغف، لكن صدقيني؛ الحياة في بلادنا مليئة بالبطالة، وأن تظلين دون عمل أمر سيجعل منك إنسانة حزينة - خاصة إذا كنت تحبين العمل وتحبين أن تكوني منتجة وتفضلي الاستقلال المادي - لذلك ابحثي عن تخصص يتيح لك العمل، ثم فكري بعدها بشغفك، أو اجعليه في قائمة الأهداف والطموح المؤجلة، بعد أن تعملي وتجني المال ستفكرين به وتشبعيه بدوارت جانبية أو تخصص دراسي في وقت فراغك، أما إذا كنت تريدين الدارسة وفقط دون العمل، ادرسي ما تحبين.

الكثير من الطلاب أوقفوا طموحهم لعدم إمكانية السفر، خاصة الفتيات، لذلك عليك وضع خطة، ومعرفة خياراتك المتاحة وأيها الأفضل والأسهل والممكنة لك، والتخصصات في الدول المجاورة وسنوات الدراسة، أريد أن أقول لك ببساطة لا تكوني عشوائية. واجعلي خطواتك مدروسة.

أيضًا، أسالي أهل السوق، واذهبي إلى جامعتك تحديدًا قسم الخريجين، واسمعي وخذي معلومات وأرقام عن حاجة السوق، واسألي عن الذين توظفوا وعن الذين أكلتهم البطالة. هذا رأي لن يحبه الذين يدعمون الشغف؛ صدقيني أنا أيضًا لم أحبه، لكن واقعنا يحتم علينا أن نكون عمليين جدًا.

أما إذا كانت طموحك أكاديمية وأنت تحبين التعليم والتعلم وتريدين أن تكوني أستاذة جامعية، أقول لك اركضي بملئ طاقتك، وحاولي أن تبحثي عن خياراتك، وتعرفي هل الماجستير والدكتوراه متاحان هنا؟ أم يتطلب الأمر السفر؟


اقرأ أيضًا: دفء النعم: ماذا يعني أن تكون ممتنًا؟


الكثير من الطلاب أوقفوا طموحاتهم لعدم إمكانية السفر، خاصة الفتيات، لذلك عليك وضع خطة، ومعرفة خياراتك المتاحة وأيها الأفضل والأسهل والممكنة لك، والتخصصات في الدول المجاورة وسنوات الدراسة، أريد أن أقول لك ببساطة لا تكوني عشوائية. واجعلي خطواتك مدروسة، واستعيني بــ أساتذة قسمك، فهم يعرفون برامج المنح، والجامعات القريبة، والتخصصات المطلوبة والخ.

نصائح طبقها أثناء دراستك الجامعية

image-57.png
عند اختيارك لتخصصك ابحثي عن تخصص يتيح لك العمل ثم فكري بعدها بشغفك

| الدراسة أولًا بأول: لو عدت للوراء قليلًا، لحرصت على إغلاق أذنيّ عن الذين يقولون "أنت مش بمدرسة لتدرس دراسة يومية"، كنت حقًا سأود أن أدرس بشكل يومي، أو يومًا بعد يوم، دون مراكمة المواد ليلة الامتحان، فهذه مأساة معظم الطلاب في الجامعة، لأننا انتهينا من الضغط الدراسي والتلقين في المدارس إلى أوقات وساحات دراسية مفتوحة، تهيأ لنا أنفسنا اللهو والإهمال والجنون؛ لذلك كنت أتمنى أن أدرس بوقت أكثر وتنظيم أكثر، لكي يتسنى لي المطالعة أكثر.

| احرصي على المطالعة: المطالعة في تخصصك شيء مطلوب وجميل، ويفتح الآفاق لك، لكن المطالعة تحتاج أن تكون قد أنهيت ما عليك من دروس مفروضة في المادة الإلزامية؛ فالمطالعة رفاهية ومتعة، ونتائجها عظيمة، فالمعرفة تخفف الجهل، والإنسان الذي يعرف مخاوفه تقل، وقلقه يتقلص ببساطة!  لأنه زاد ثقة بنفسه من خلال زيادة علمه.


اقرأ أيضًا: كبسولات لتقدير الذات


| تابعي النشاطات اللامنهجية: ومن الأشياء التي حرصت عليها أيضًا هي النشاطات اللامنهجية، البعيدة عن المحاضرة، هذه التي تحدث في الساحات وفي المدرجات ففيها آفاق خفية، منها يمكنك التعرف على أشخاص جيدين، والأشخاص الجيدون سيدلونكم على فرص جيدة، نشاطات لامنهجية أخرى، فرص عمل، منح، أصدقاء آخرين، بالمختصر سيكون درجة في سلمك، فالأماكن هذه تفتح للأشخاص أن يخرجوا عن العادة والتعريف التي تعطيه إياهم المحاضرات والمواد الجامدة، سيكون أكثر تفاعلاً واحتكاكًا مع الآخرين، خاصة الأنشطة التي تجمع الطلاب والأساتذة من القسم، أو الشركات التي تقدم فرص تدريب.

لا تظني يا صديقتي أني أقول لك اخنقي نفسك في الدراسة بل بالعكس تمامًا، سجلي في المسابقات المطروحة، ولا تفوّتي رحلة سواء تعليمية أو ترفيهية، واجعلي في كل كلية لك معارف، وابني شبكة من العلاقات، كلما زادت علاقاتك زادت فرصك في كل شيء (من عمل وعلم)، فالناس تحفظ وتذكر وتؤشر على الذي تعرفه؛ فلو طُلب يومًا أمامهم شخص بمهارة أنت تمتلكينها؛ سيدلون عليك؛ وهكذا.

| ابني علاقات جديدة:  احرصي جيدًا على حضور الأنشطة، ودائمًا استغلي كل فرصة لتظهر نفسك، وعرّفي عن نفسك، وابني علاقات جيدة، لا يوجد مانع من بناء الخبرات أثناء فترة التعلم، بدلاً أن تنهي 4 سنوات فقط علمًا وتحتاجي بعدها إلى 4 أخرى من أجل الخبرة لل cv .. فاستغلي وجودك وخروجك من البيت لأكثر من هدف. أيضًا؛ حاولي أن تجدي أستاذًا من قسمك يكون لك "كأب روحي في العلم"، ويكون من سمات شخصيته التواضع والعطاء واللطف، فهذا سيكون لك مزارًا بعد التخرج إن احتجت نصيحة أو توصية أو حتى رأيًا في مجال العمل.

ولا تظني أني أقول لك اخنقي نفسك في الدراسة بل بالعكس تمامًا، سجلي في المسابقات المطروحة، ولا تفوّتي رحلة سواء تعليمية أو ترفيهية، واجعلي في كل كلية لك معارف، وابني شبكة مع العلاقات، كلما زادت علاقاتك زادت فرصك في كل شيء (من عمل وعلم)، فالناس تحفظ وتذكر وتؤشر على الذي تعرفه؛ فلو طُلب يومًا أمامهم شخص بمهارة أنت تمتلكها؛ سيدلون عليك؛ وهكذا.

احرصي جيدًا على حضور الأنشطة، ودائمًا استغلي كل فرصة لتظهر نفسك، وعرّفي عن نفسك، وابني علاقات جيدة، لا يوجد مانع من بناء الخبرات أثناء فترة التعلم، بدلاً أن تنهي 4 سنوات فقط علمًا وتحتاجي بعدها إلى 4 أخرى من أجل الخبرة لل cv.
 
 فاستغلي وجودك وخروجك من البيت لأكثر من هدف. أيضًا؛ حاولي أن تجدي أستاذًا من قسمك يكون لك "كأب روحي في العلم"، ويكون من سمات شخصيته التواضع والعطاء واللطف، فهذا سيكون لك مزارًا بعد التخرج إن احتجت نصيحة أو توصية أو حتى رأيًا في مجال العمل.

| اعملي وأنت في الجامعة: وهناك نصيحة في "الجيبة"، من أجل الجيبة يا صاحبي؛ إذا استطعت العمل في بعض الفصول التي لا يكون فيها ضغط دراسي، فهذا أمر جيد - شرط ألا يؤثر العمل على دراستك؛ أو نومك وطاقتك من أجل الدراسة.  فبعض الشركات والمطاعم توفر فرص عمل بنظام ساعات، تتناسب مع الطالب.

جربي أن تلمسي "الراتب" وأنت لم تتخرجي بعد، سيكون شعورًا عظيمًا وتجربة رائعة، ستعكس على ثقتك بنفسك، وستخفف عبئًا عن أهلك، وكم سيكون الأمر أفضل لو كان هذا العمل في مجال دراستك، ستبني شهادة مع خبرة في نفس الوقت، وهذا أمر مفيد.  وسأقول لك شيئًا، هنا في البلاد يستغلون حاجتك للخبرة، فيعطون رواتبَ لا تكفي لشراء أقل الحاجات، لذلك أن كنت تعملين وأنت ما زلت طالبة براتب زهيد يختلف تمامًا عن عملك بعد التخرج براتب زهيد، حينها لن تعجبك الفرصة ولن تنظري إليها كفرصة؛ بل ستتأففين وترفضين.


اقرأ أيضًا: الخروج من منطقة الراحة: عالم جديد في انتظارك!


| اجعلي في عقلك خطة "ب": اعرف الكثير من الطلاب أخذوا دورات فرعية وعملوا بها بعد أن بحثوا عن فرص في شهاداتهم ولم يجدوا، أحدهم أخذ دورة شيف، دورة حلاقة، دورة ليزر وبشرة، دورة تصنيع منتجات تجميلية طبيعية، وكانت لهم مجال ورزق جديد، لذلك استغلي أي شيء تتقنيه أو يمكنك تعلمه والاستفادة منه.

وقبل أن ننهي جلستنا هذه، سأقول لك نصيحة من أجل هذا النابض في يسارك، معظم الذين يدخلون، يخرجون بقلوب مكسورة للأسف، الجامعات أماكن سريعة وسهلة للحب.  أقول لك أن هذا غالبًا لا يكون حبًا، كيف تعرف الحب؟ وأنت لم تصل إلى زوايا شخصيتك الكاملة؟ لتعرف ما يلائمها وما يناسبها؟

فالشخص الذي أعجبك اليوم حين تتغير أفكارك وتؤدبك التجربة والحياة لن يكون على مقاس فكرك غدًا، وعلى افتراض أنه حب، حين تتخرجين ستبدأ رحلة أصعب وأكبر، رحلة البحث عن الوظيفة، والرواتب المحدودة، وستدخلين في دائرة بناء الذات وتكوين النفس، وكل هذا يحتاج عمرًا؟ فهلا سينتظرك الشخص الآخر؟ أقول لك: تمهلي، وافهمي ما تريدين.