بنفسج

قصتي.. أمل عطا

الخميس 09 مارس

"أصوات وهجوم مباغت علينا وكلاب في كل مكان" والمطلوب والدي بمجرد اقتحام الجيش لمنزلنا كبل والدي بالأصفاد، ووضع جميع أهل البيت في زواية، وشرعوا في التفتيش وتخريق محتويات المنزل". كان عمري ١١ عامًا وقتها ولكني أذكر وقت المداهمة ليس بكل تفصيلة ولكن أذكره.  أنا أمل عطا ابنة الأسير صالح عطا البالغ من العمر خمسين عامًا، قضى من عمره ١٥ سنة داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، حين أذكر الرقم في كل مرة أحاول استيعاب العدد الذي أقوله، يا للسنوات الطويلة من الغياب.

"أصوات وهجوم مباغت علينا وكلاب في كل مكان" والمطلوب والدي بمجرد اقتحام الجيش لمنزلنا كبل والدي بالأصفاد، ووضع جميع أهل البيت في زواية، وشرعوا في التفتيش وتخريق محتويات المنزل". كان عمري ١١ عامًا وقتها ولكني أذكر وقت المداهمة ليس بكل تفصيلة ولكن أذكره. 

أنا أمل عطا ابنة الأسير صالح عطا البالغ من العمر خمسين عامًا، قضى من عمره ١٥ سنة داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، حين أذكر الرقم في كل مرة أحاول استيعاب العدد الذي أقوله، يا للسنوات الطويلة من الغياب، غصة فقدانه تضرب بالقلب، افتقده في كل شيء، ونقول جميعنا "بس يرجع أبوي رح نسوي كزا". 

افتقدت والدي حين نجحت بالثانوية العامة، والثانية حين كرمت ضمن حفظة القرآن الكريم، والثالثة يوم حفل زفافي. كنت أود أن يكون حاضرًا بيننا في كل المناسبات والمواقف.  أتستوعبون ١٥ عامًا لم نعانقه بحرية، لم نجلس في أرضنا الصغيرة التي زرعها والدي بيديه، فالعلاقة بينه وبين الأرض وطيدة يحبها وتحبه،كان يقضي ساعات ليزرع فيها ويهتم بنباتاته. أجزم أنها تشتاق له حتما. 

ما زلت أذكر حين كان يعود أبي من عمله ويبدأ باللعب معنا، ويشاكسنا على "ريموت" التلفاز" هو يريد أن يتابع الأخبار ونحن نود أن نشاهد "سبيستون". يغادرنا المرء نحو البعيد وتظل ذكرياته تحاوطنا من كل جانب، أنتظر بكل صبر أن يعود لنا لأحضاننا لنفعل كل ما حرمنا منه خلال الخمسة عشر عامًا الماضية.

نزوره بالأسر نعم ولكن لا شيء يضاهي أن نراه حرًا، نحتضنه ونحدثه بعيدًا عن هاتف السجن، نروي له الحكايات والأحلام والآمال، حفيداته ينتظرنه بشوق كنحن تمامًا،  ننتظر أن نصنع له المائدة التي حرم منها ونضع عليها الأطباق المحببة له كالملوخية والكبدة، أن نسهر سهرة ليلية هادئة تحت ضوء القمر. ويرافقنا نحو جمع الزيتون كما كنا في طفولتنا. 

وأخيرًا، أود القول أن أمي كانت السند لنا في غياب والدي لم أرها تبكي إلا حين الحكم على والدي بالسجن ل ٢١ عامًا، كان الرقم صادمًا لها ولنا. ولكنها صبرت وصبرنا، وننتظر لقاءنا قريبًا.