بنفسج

انظروا: لقد وجدت قطعة معدنية إنها "شيكل"!

الخميس 11 يونيو

انظروا: لقد وجدت قطعة معدنية إنها "شيكل"!! بينما ينشغل الأسرى في تفريغ الخضار التي تدخل لهم إلى السجن، وجدوا بين حبات الخضار شيكلًا، يبدو أنه سقط سهوا!

مسكين هذا الشيكل، لقد سجن مؤبدًا كباقي أولئك الأسرى، أي رحلة قاسية قد بدأها للتو، والأهم من هذا كله أنه أصبح بلا قيمة نقدية أصلًا، فلن يجد من يستعمله أو يدخره أو يستثمر فيه، لن يتصارع عليه أحد، أي حظ عاثرٍ قاده إلى هنا، أم أنه كالفلسطينيين رفض أن يُهَوَد، فقاوم، فحكم علية بالسجن.

لقد أمسكوه بفرحة المشتاق الحنون، تحسسه الأسرى واحدًا واحدًا، تأملوه وتأملوا معه حياتهم في الخارج كيف كانت، لم يدر أحدهم أن العملة كلها قد تغير شكلها، والكثير الكثير في الخارج قد تجدد كما لم يخطر لهم على بال. إنه أشبه بعالم الغيب الذي مهما حاولنا تخيله، فلن نستطيع!

يحنّون للكثير من الأطعمة التي لا يملكون أيًا من مكوناتها، فيبدأ الاختراع العبقري الذي لا يملك أمهر طباخي العالم مجاراته.

وهم كأصحاب الكهف، لو بُعثوا من جديد لأرسلوا أحدهم بورِقهم إلى المدينة، ليكتشفوا أنهم قد لبثوا هناك كثيرًا! قال أحد الأسرى مازحًا: سآتي بحصالة مال وأدخر هذا الشيكل، علت ضحكاتهم وتناسوا همهم، ضحكوا على الأسى، حوَّروه وحولوه إلى نكات، كما يفعلون دائمًا.

ربما يسمح الاحتلال بدخول صنف هو بالنسبة لنا من الأمور التي مللناها، ولكن الأسرى قد يقيمون عليه حفلًا لم يحلم به ملوك هذا الكوكب، سيُقدَسُ أبسط أنواع الطعام لديهم. إنهم بشر عاديون، يحنّون للكثير من الأطعمة التي لا يملكون أيًا من مكوناتها، فيبدأ الاختراع العبقري الذي لا يملك أمهر طباخي العالم مجاراته.

الكنافة تستبدل عجينتها بالخبز الجاف الذي يوضع في مصفاة،ٍ ويطحن ليصبح بديلًا لعجينة الكنافة، وتستبدل الجبنة البيضاء بالصفراء، أما في قالب الحلوى، يستبدل الطحين بالسميد، وقطعتين من اللحم تكفي ثمانية شباب تقطع صغيرة جدًا فيتشاركونها، لبن الجميد يستبدل بألبان أخرى متوفرة، وكثيرًا ما تستبدل اللحوم في معظم الأكلات بالتونا.

ومهما تخيلت لن تتخيل فرحتهم عندما يسمح الاحتلال، بدخول صنف جديد من الطعام، لن تتخيل كم التغيير الذي يشعرون به، إنهم يلتمسون ويتلمسون طعم الحرية في كل شيء!

في الأسر، يخيط الأسرى أسرتهم أحذيتهم وملابسهم، ويخترعون لساعاتهم رباطًا جديدًا من أحزمتهم، والذي يريد أن يحافظ على رشاقته من خلال ممارسة الرياضة يصنع معدات لتقوية عضلاته من صناديق الزيت، يملؤها ليجعلها ثقيلة، ويبدأ رفع الأثقال، ستجدهم يضحكون على أبسط التفاصيل، ويفرحون لأقلها، وكأنهم من عالم بريء جميل كل تفصيل بسيطٍ يعني لهم الكثير.

لو طلبوا منك أن تصور لهم العالم في الخارج، ستدهش من التفاصيل التي يسألون: الشارع، الإشارات الضوئية، بعض الأراضي القريبة من منطقة سكنهم، الشمس والغيوم والقمر، تراب الأرض وشجرة الزيتون، بدلاتهم الرسمية التي تركوها خلفهم، أثاث منازلهم التي بناها أهلهم بعد أسرهم، سريرهم الذي طالما كان لهم سكنًا، ربما رغبوا في رؤية سيارة أو قطة!

ومهما تخيلت لن تتخيل فرحتهم عندما يسمح الاحتلال، بدخول صنف جديد من الطعام، لن تتخيل كم التغيير الذي يشعرون به، إنهم يلتمسون ويتلمسون طعم الحرية في كل شيء!