بنفسج

في المغرب والجزائر: هنا قداسة وفلسطين

الإثنين 02 أكتوبر

"أعراس النصر نغنيها عزك راجع يا فلسطين.. يا محلا القدس وأراضيها لما يزولوا المحتلين.. والأقصى يكون محليها عودة كل اللاجئين". لم يكن الفلسطينيون فقط من يتغنون بتلك الأناشيد الوطنية، بل لطالما تغنى بها الأشقاء العرب معنا ممن حملوا هم القضية الفلسطينية، عاشوا معنا كل محطاتنا التاريخية التي قرأنا عنها في الكتب، وشاهدوا معنا التغريبة الفلسطينية التي أثرت بهم؛ فبكوا معنا بكاء سنين التهجير واللجوء، نصرونا بطرقهم الخاصة، ولم يتركوا مناسباتهم دون أن يذكروا فلسطين التي ترعرعوا على حبها منذ الطفولة. هنا نحكي مع أصدقاء عربًا كانوا في صدارة من نصر فلسطين، وعرف عليها، وما زالوا يحملون همها وكل أملهم أن يأتي يوم النصر.

التغريبة الفلسطينية "الشرارة الأولى"

ريحان مرغم فيزيائية ومدونة من الجزائر مهتمة بالكتابة في القضايا الفكرية والمجتمعية، وبتأثير العالم الحديث على نمط حياة الإنسان. كانت فلسطين، منذ نعومة أظفارها، المتصدر الأول في فكرها، تتعرف عليها عبر الكتب، تسافر نحو كل شبر في فلسطين بمخيلتها. 

تقول لبنفسج: "أؤمن منذ صغري بالقضية الفلسطينية كقضية عادلة وجب الكفاح من أجلها بكل الوسائل والطرق، ومن لم تكن فلسطين قضيته فلا قضية له. هكذا كانت نشأتنا منذ الصغر، على أنّ القضية تخص الأمة الإسلامية جمعاء من مشارق الأرض إلى مغاربها، وأن سياط الظلم الذي يمس أخاك في أي مكان، يمسك أنت بالضرورة".

ريحان مرغم فيزيائية ومدونة من الجزائر مهتمة بالكتابة في القضايا الفكرية والمجتمعية، وبتأثير العالم الحديث على نمط حياة الإنسان. كانت فلسطين، منذ نعومة أظفارها، المتصدر الأول في فكرها، تتعرف عليها عبر الكتب، تسافر نحو كل شبر في فلسطين بمخيلتها. كان العم صالح في التغريبة الفلسطينية نموذجًا فريدًا بالنسبة لها، والمسلسل كله كان بمثابة البوصلة التي وجهتها نحو الانتماء أكثر للقضية الفلسطينية.

تقول لبنفسج: "أؤمن منذ صغري بالقضية الفلسطينية كقضية عادلة وجب الكفاح من أجلها بكل الوسائل والطرق، ومن لم تكن فلسطين قضيته فلا قضية له. هكذا كانت نشأتنا منذ الصغر، على أنّ القضية تخص الأمة الإسلامية جمعاء من مشارق الأرض إلى مغاربها، وأن سياط الظلم الذي يمس أخاك في أي مكان، يمسك أنت بالضرورة".

كجزائرية كيف كانت تعرفك عائلتك على القضية الفلسطينية؟ تجيب: "لم أكن في حاجة إلى أن تعرفني عائلتي بشكل مباشر على القضية الفلسطينية، لأن الحديث عن فلسطين كان دارجًا منذ نعومة أظافري في كل مكان: في الحضانة والمدرسة والشارع والمنزل. أنشأنا والدي على أشعار سميح القاسم، ودرويش، وأناشيد أبي دجانة، وقصص الأطفال التي كانت تندد بالعدوان وتحتفي بالحرية. كان يحدثنا باستمرار عن عمر وحطين. شاهدنا كعائلة مسلسل صلاح الدين كاملًا، ولمسلسل التغريبة الفلسطينية فضل كبير في أن تنفتح عيناي على معرفة خبايا القضية الفلسطينية أكثر".


اقرأ أيضًا: سرقة المطبخ الفلسطيني... عندما تحتفي "إسرائيل" بأطباقٍ تكبُرها بقرون


في العام 2008 كانت ريحان ما زالت طفلة، لكنها كانت تتابع عن كثب العدوان الإسرائيلي على غزة آنذاك، لم تترك قناة الجزيرة طوال الوقت تتابع الأحداث وتحللها مع المحللين، وذلك العدوان قد شكل فرقًا كبيرًا في وعيها اتجاه القضية الفلسطينية.

الصغيرة ريحان كانت شعلة مضيئة تحاول نصر فلسطين بكل طريقة، التحقت بجمعية العلماء المسلمين التي تعد جمعية إصلاحية تحاول محو الجهل وتعريف الشعب بقضايا الأمة، شاركت في التجمعات السنوية التي يعقدها ولم تكن تتغيب عن الصفوف الأولى.

ريحان مرغم: سأعرف عن فلسطين بكل مكان

الجزائر.webp
وقفة تضامنية مع فلسطين بالجزائر

تعتقد ريحان أن عملية التعريف بقضية ما لن تكون فعالة إذا كانت تلقينية فحسب، تضيف: "إن التعريف بأي شيء هو عملية تراكمية، يتعرض لها الإنسان في مختلف مراحل حياته، في كل الزوايا والأركان، بشكل مباشر أو غير مباشر، وكل تعرّض بأثر إيجابي، وكل أثر يفتح في العقل نافذة أوسع، ويترك في القلب إيمانًا أكثر إحكامًا. فكيف إذا صح الأمر في الأسرة والمجتمع والمدرسة واللهجة، والأغاني الشعبية، وبين الكبير والصغير؟ هذا ما حدث معي".

لا شك أن أي قضية تحتاج إلى مرشد في الطريق ليعرفك على تاريخها بشكل جيد، ريحان كان كتاب التطهير العرقي في فلسطين لجون بلغر كتاب جوهري ساعدها على فهم القضية بشكل جيد، إضافة إلى تاريخ فلسطين المصور لطارق سويدان.

تجتهد ريحان كثيرًا لتعريف الجميع وخصوصًا من الجيل الجديد على قضية فلسطين، وتستغل قلمها المميز للكتابة عن فلسطين ولأجلها، وعلى الرغم من ذلك ترى أنها لا تنصر فلسطين بشكل كامل، تقول: "أنا أحاول جهدي لأعرف أشقائي الأصغر على القضية، لكن الدرب في سبيل قضية عظيمة طويل وشاق، أعتقد بأن أعظم ما يمكن أن تفعله قليلة الحيلة مثلي هو أن تنشئ أبناءها والأطفال الأقرباء على القضية العادلة في زمن انتشر فيه التطبيع وانقلبت الموازين، ولأن كل المنافذ الإعلامية التي يتعرض لها الطفل الآن تشجع بطريقة أو بأخرى على التخلي عن القضية".

تكمل: "أخذت عهدًا على نفسي أن أنشئ أطفالي على نبذ الظلم ومناصرة القضايا العادلة في كل مكان، أولها القضية الفلسطينية، وأعتقد بأن هذا هو أعظم ما يمكن أن أفعله لنصرة فلسطين".


اقرأ أيضًا: المرأة الفلسطينية: حكاية ترويها الصورة


كان الشوق ظاهرًا في حديث ريحان للبلاد التي عرفتها عبر الصور، أحبت القدس حبًا كحب الجزائر، تمنت أن لو يأتي اليوم الذي تزور فيه باب المغاربة الذي يأخذها حنينها لفلسطين نحوه هو تحديدًا، تود أن تصلي في المسجد الأقصى وتنسى الدنيا كلها هناك، وأن تمشي في حارات القدس القديمة، وتشتم روائح التوابل الفلسطينية عن قرب، ونهاية تأمل أن تقف على بحر يافا وعكا ويصفعها هواء فلسطين الندي.

تختم حديثها لبنفسج بأبيات الشاعر تميم البرغوثي: وَتَلَفَّتَ التاريخُ لي مُتَبَسِّماً.. أَظَنَنْتَ حقاً أنَّ عينَك سوفَ تخطئهم.. وتبصرُ غيرَهم.. ها هُم أمامَكَ، مَتْنُ نصٍّ أنتَ حاشيةٌ عليهِ وَهَامشٌ.. يا كاتب التاريخ ماذا جد فاستثنيتنا.. أتراها قد ضاقت علينا وحدنا

شيماء جرندي: فلسطينية الهوى منذ الطفولة

 
 تقول شيماء: "نشأت في أسرة مهتمة بقضايا الأمة لا تفوت فرصة الحضور في أي تظاهرة أو نشاط داعم للقضية الفلسطينية، فكنا نحضر مع الوالدين في كل مناسبة ونحن بعد لم نتجاوز الثالثة من العمر. كبرت وكبر معي الهم وترعرعت بداخلي القضية، وكان الشيخ أحمد ياسين والدكتور الرنتيسي - رحمهما الله - من الأيقونات التي رسخت في بالي، تعلقت بحلم العودة منذ الصبى حين أدمنت شريط عودة ليلى الذي كان يرافقني حيثما حللت، وبحب الشهادة على يد أناشيد فرقة الوعد وغيرها".

أما المغربية شيماء جرندي، وهي أستاذة أحياء حائزة على ماجستير في العلوم العصبية، مهتمة بالقضية الفلسطينية التي تعتبرها همّ حياتها. تكون محظوظًا أن وُلدت في أسرة مهتمة بفلسطين، تجد نفسك غارقًا في كل واردة تأتي من الوطن المحتل، تحمل هم أهل فلسطين وكأنك عشت معهم سنوات وسنوات، وأنت الذي لم تراهم إلا عبر الشاشات، وقرأت تاريخهم من الكتب.

 تقول شيماء: "نشأت في أسرة مهتمة بقضايا الأمة لا تفوت فرصة الحضور في أي تظاهرة أو نشاط داعم للقضية الفلسطينية، فكنا نحضر مع الوالدين في كل مناسبة ونحن بعد لم نتجاوز الثالثة من العمر. كبرت وكبر معي الهم وترعرعت بداخلي القضية، وكان الشيخ أحمد ياسين والدكتور الرنتيسي - رحمهما الله - من الأيقونات التي رسخت في بالي، تعلقت بحلم العودة منذ الصبى حين أدمنت شريط عودة ليلى الذي كان يرافقني حيثما حللت، وبحب الشهادة على يد أناشيد فرقة الوعد وغيرها".

كانت توجه شيماء وترعى اهتمامها بالقضية الفلسطينية جمعية الرسالة للتربية والتخييم، التي تفرد جزء من أعمالها لصالح التعريف بفلسطين ونصرتها بكل الوسائل المتاحة، والآن شيماء عضو في فريق "القدس أمانتي" التي تنظم المبادرات والأنشطة التي تنشر الوعي بالقضية.

لم يكن حب فلسطين بالنسبة لأهل المغرب حبًا عاديًا، أحبوها ونصروها بكل ما أوتوا من وسائل لنصرتها، بالكلمة والفعل، فها هي شيماء تطلق على ابنتها اسم "قدس" لتجعل القدس خالدة في قلوب من حولها بمجرد مناداة طفلتها، وتأمل أن تكون ابنتها من أنصار فلسطين على الدوام، وترى شيماء أنه يجب على كل فرد أن يكون مناصرًا لفلسطين بطريقة أو بأخرى، بالاستحضار في الحياة اليومية، بزرع حبها في قلوب الصغار، بالدعاء لها بالتحرير.

إن شيماء قارئة نهمة في ما يخص فلسطين، قرأت الكثير من المقالات البسيطة ثم توسعت أكثر لتقرأ عنها، فمثلًا قرأت كتاب "القدس قضية كل مسلم" للدكتور القرضاوي رحمه الله. وبعض كتابات المقرئ الإدريسي أبو زيد وآخرها عن القضية كتابه الشامل المختصر "أفهم القضية الفلسطينية ليكون لي موقف". إضافة لكتب الدكتور راغب السرجاني، وكتاب "أبجديات في الطريق إلى الأقصى" للشيخ رائد صلاح.


اقرأ أيضًا: المرابطات في المسجد الأقصى: هكذا تقاوم المرأة المقدسية الاحتلال


ومن الاقتباسات التي أثرت بها عن القضية الفلسطينية من قاموس كتبها وصف المقرئ الادريسي أبو زيد للقضية بقوله: "ستبقى قضية فلسطين المنارة والجرح والأمل والألم التحدي والاستجابة. وستستمر المواقف تجاهها فيصلا بين فريقين: النصرة والخذلان، والمقاومة والاستسلام، المقاطعة والتطبيع، الحق والباطل. فلا تذبذب ولا تردد في تمايز الفريقين، في معركة تمتحن المؤمنين وتدين المعتدين وتفضح المنافقين".