بنفسج

الوطن للوطن.. نابلس عزها بأهلها

الإثنين 07 اغسطس

ليلة الخامس عشر من شهر حزيران/يونيو للعام الجاري، طُوِقت مدينة نابلس من جميع الجهات، ودخلت عشرات المدرعات والمجنزرات المدينة من جميع المداخل، وأصبحت تعجّ بقوات الاحتلال خلال دقائق من كل حدب وصوب، وتوجهت قوة كبيرة بعد إغلاق المدينة صوب منطقة رفيديا، أحد الأحياء المركزية في مدينة نابلس وسط ذهول وخوف من أهل المدينة، وما هي إلا دقائق حتى عرف مبتغى هذا الاقتحام الأسود.

أهالي جبل النار

IMG-20230807-WA0007.jpg
من حملة نابلس عزها بناسها

كان الهدف هو تنفيذ قرار أصدرته محاكم الاحتلال الباطلة بحق منازل أهل أحد أسرى عرين الأسود، وهو أسامة الطويل، واحد من الأبطال الذين يزعم الاحتلال تدخله في عملية شافي شامرون البطولية التي أدت إلى وقوع قتيل من جنود الاحتلال الاسرائيلي.

لا أنسى تلك الليلة، وكيف أنساها ولم تغمض عين لأي من سكان مدينة نابلس؛ فصوت القنابل والرصاص لم يهدأ طوال الليل، وإن عمّ الهدوء؛ فقلوب أهالي مدينة نابلس أجمع كانت متيقظة حزينة عاجزة عن دحض ما يقع على بيت الطويل من ظلم، ومع شقشقة الصباح سمع صوت تفجير هز أرجاء المدينة بالكامل وكان ذلك صوت هدم البيت.

بعد عدة أيام تكرر الأمر مع عائلة أسد أخر من أسود العرين الأسير كمال جوري الذي هدم بيته لذات التهمة التي وقعت على شريكه الطويل. هذا أمر ليس بالجديد على حكومة الاحتلال ومحاكمه المتجردة من العدالة، حيث يُصدر حكم بهدم بيت أهالي الشهداء والأسرى المتهمين بقتل جنود صهاينة.


اقرأ أيضًا: تحت ثراها كما فوقه: نابلس عرين أسودها


ولكن ما هو ليس جديد أيضًا أن هذا الشعب قادر دومًا على التغلب على ما يظن الاحتلال أنه قهر وهزيمة وعقاب لا مفر منه، وأن الشعب سيخنع لظلمه ولن يقاوم أذاه مجددًا، وأن من يهدم بيته سيكون بدون مأوى أو ملجأ. وما بعد الظن في الحال بهتانًا وخسرانًا، فكل البيوت الفلسطينية أصبحت بيت لذلك المجاهد وأهله، بل وأن الشعب كل الشعب سيعمل على أن يوفر لهم بيت أفضل مما خسروا.

وهذا ما حصل مرارًا وتكرارًا ففي عام 2015 و2016 عاشت مدينة نابلس وضع مشابه لهذه الأيام، فهُدمت بيوت أربعة من منفذي عملية بطولية سُميت بعملية إيتمار؛ ليهب أهلي نابلس بعدها بوضع صندوق في منتصف مدينة نابلس بالقرب من دوار الشهداء، ليجمعوا فيه أموالًا لتعويض الأسر التي فقدت بيوتها ببيوت أخرى، لأن قرار الهدم يرافقه قرار بمنع إعادة الإعمار.

"نابلس عزها بناسها"

حمل الحملة اسم "نابلس عزها بناسها"، وهو ما يليق بأهل نابلس الذين كانوا دومًا سباقين للخير والعزة والشهامة، وفي ذلك أيضًا شحذ لهمم الناس وتحفيزهم على تقديم كل ما يستطيعوا لدعم أسر الشهداء والأسرى، داعيةً أصحاب رؤوس الأموال والتجار للمساعدة لإنجاح هذه الحملة.

وقامت الحملة يوميًا ولمدة أسبوع كامل من الساعة العاشرة صباحًا حتى الساعة الثامنة مساءً على دوار الشهداء، وشهد اليوم الأول إقبال كبير من سكان المدينة للمشاركة فيها، وتقديم ما يستطيعون لمساعدة أهالي الشهداء والأسرى.

وما أشبه اليوم بالأمس، فاليوم، وفي ذات المكان، ومن دوار الشهداء بدأت حملة مشابهة في 29 حزيران/يونيو على مدار أسبوع، تحوقل الناس نساء ورجال، صغار وكبار حول صندوق كبير متكاتفين مع أهالي مدينتهم وشعبهم. تلك تخلع أساورها من يديها، وذاك يتقاسم معاشه مع الحملة، وطفل يحمل حصالته التي وضع فيها الشيكل فوق الشيكل ليمنحها اليوم متخليًا عن حلمة باقتناء دراجة أحلامه في سبيل شيء أعز وأشرف.

ولم تكن الحملة وليدة اللحظة، فمنذ صدور القرار بالهدم، وقبل وقوعه، يستعد المنظمون للبدء بهذه الحملة لضمان نجاحها وتحقيق أهدافها، والتي تُعد وفاء ورد جزء من الجميل للعائلات التي قدمت بيوتها وأبناءها من أجل الوطن.


اقرأ أيضًا: عرين الأسود: نابلس تستعيد مجدها


تحمل الحملة اسم "نابلس عزها بناسها"، وهو ما يليق بأهل نابلس الذين كانوا دومًا سباقين للخير والعزة والشهامة، وفي ذلك أيضًا شحذ لهمم الناس وتحفيزهم على تقديم كل ما يستطيعوا لدعم أسر الشهداء والأسرى، داعيةً أصحاب رؤوس الأموال والتجار للمساعدة لإنجاح هذه الحملة.

وقامت الحملة يوميًا ولمدة أسبوع كامل من الساعة العاشرة صباحًا حتى الساعة الثامنة مساءً على دوار الشهداء، وشهد اليوم الأول إقبال كبير من سكان المدينة للمشاركة فيها، وتقديم ما يستطيعون لمساعدة أهالي الشهداء والأسرى. "أهالي نابلس يوصلون رسالة واحدة مفادها أنهم الأوفياء والجنود المدافعين عن كرامة أسر وعائلات الشهداء والأسرى"، هذا ما قاله السيد مازن الدنبك، أحد منظمي الحملة.

جبل النار: "الأم الحنون للبلاد

عبّر والد الأسير كمال جوري الذين هدم الاحتلال نزلهم عن امتنانه وفخره بهذه المدينة وأهلها وقال: "كبرنا في هذه المدينة ولم نعرف عن أهلها إلا الكرم والجود وحب الوطن وتقديم التضحيات بالنفس والولد والمال، فلم يكن هذا الأمر غريبًا عن أهلها؛ فلطالما كانوا الأوفياء والجنود المجهولين لدعم المقاومين، وذويهم، فجبل النار مثل الأم الحنون السباقة دائمًا لخدمة أبنائها وإيوائهم".
 
وأضاف: "أنه مهما قام الاحتلال من ظلم وقتل وهدم لن يستطيع قهر عزيمتنا، بل على العكس من ذلك زادنا إصرارًا بالدفاع عن أرضنا وفخرًا كبيرًا بأبنائنا، فلم يهدموا إلا أحجارًا يُعاد بناؤها بكل مرة ألف مرة".

في حين عبّر والد الأسير كمال جوري الذين هدم الاحتلال نزلهم عن امتنانه وفخره بهذه المدينة وأهلها وقال: "كبرنا في هذه المدينة ولم نعرف عن أهلها إلا الكرم والجود وحب الوطن وتقديم التضحيات بالنفس والولد والمال، فلم يكن هذا الأمر غريبًا عن أهلها؛ فلطالما كانوا الأوفياء والجنود المجهولين لدعم المقاومين، وذويهم، فجبل النار مثل الأم الحنون السباقة دائمًا لخدمة أبنائها وإيوائهم". وأضاف: "أنه مهما قام الاحتلال من ظلم وقتل وهدم لن يستطيع قهر عزيمتنا، بل على العكس من ذلك زادنا إصرارًا بالدفاع عن أرضنا وفخرًا كبيرًا بأبنائنا، فلم يهدموا إلا أحجارًا يُعاد بناؤها بكل مرة ألف مرة".

من جانب أخر شكر والد الأسير أسامة الطويل الذي ذكرناه في البداية أهالي المدينة، وأردف في نهاية شكره، قائلًا: "إن ما نقدمه من أنفس وأموال ومنازل ما هو إلا فداء لفلسطين ولهذه الأرض المباركة التي تجود دومًا بالخير".

في ختام الحملة أعلن الناطق الإعلامي باسم مؤسسات وفعاليات نابلس، غسان حمدان في مؤتمر صحفي عن نتائج الحملة، أن الحملة تمكنت من جمع 370 ألف و652 شيكلاً، ما يكفي لشراء شقة واحدة، وأنه سيستمر في جمع التبرعات حتى يجمع ثمن الشقة الثانية.

احتوت نابلس عرين للأسود، وضحّت بكثير من أبنائها في وجه المحتل الذي ظن أن بعض هدم بعض الحجارة سيكسرها، ولكن هيهات أن يقتل ارادة شعب يفدي الوطن بما هو أغلى من المال والحجارة، ودومًا ستظل ولادة بمن يقف له بالمرصاد.