بنفسج

حصار نابلس: هل عدنا للانتفاضة الثانية؟

الأربعاء 19 أكتوبر

أسبوع كامل على الحصار الذي يفرضه الاحتلال على مدينة نابلس، هل عدنا للانتفاضة الثانية؟ وللطوق الأمني؟ أغلق الاحتلال خلال الأيام الماضية جميع الطرق والحواجز التي تربط محافظة نابلس بالمحافظات الأخرى، وفرض تفتيشًا عاليًا، وتدقيقًا شديدًا على الداخلين والخارجين من المدينة، وإفلات قطعان المستوطنين على سكان القرى المحيطة للإيذاء والتخريب، كل هذا بعد مقتل الجندي قرب مستوطنة شافي شمرون.

بعد أن كانت جنين ومخيمها دبابيرَ ترهق نوم المحتل في كل فجر، انضمت نابلس لعش الدبابير، - نابلس التي لم تغب يومًا عن الميدان - لكنها اليوم ترجع بصورة منظمة تحت راية واحدة لترعب المحتل وتفرح الشعب، وتشدّ يدها فوق يد جنين. متى خرجت هذه الأسود؟ وأين هذا العرين؟ في شهر شباط/ فبراير من هذا العام، استيقظنا جميعًا على زئير مدينة نابلس المبحوح، نفذّ الاحتلال في 8/2/2022 اغتيالًا في ضوء النهار بحق ثلاث شبان من المدينة (أدهم مبروكة، محمد الدخيل، أشرف مبسلط) عن طريق القوات الخاصة في منطقة المخفية، ليبقى أسدًا رابعًا "إبراهيم نابلسي" حرًا وطليقًا يجوب أركان البلدة القديمة في نابلس.

| نابلس "جبل النار"

عرين2.jpg

 وفي حارة الياسمين يلحق بأصحابه الثلاث بعد ستة شهور بعد ان اغتاله الاحتلال مقاومًا ومقبلاً غير مدبر، ليفتح جرح المدينة مرة أخرى، ويبكي الياسمين في حارة الياسمين، وتشيّعه كل الأمهات وكل البلاد. عرف الاحتلال حينها أن المدينة تمر بمرحلة جديدة، هناك خلايا شابة نشطة، أشبالٌ جديدة لم يمتلك صورة كامله عنهم، هل جماعات وتنظيمات وأحزابًا؟ أم هي حالات فردية؟ تستيقظ وتموت؟ فرفع التأهب الأمني على المدينة منتظرًا الحقيقة.

يستشهد محمد العزيزي وعبد الرحمن صبح في تاريخ 24/7/2022، وبعد 40 يوم من الاستشهاد تضج شوارع البلدة القديمة في نابلس على بيان محتدم، بيان قوي لم يسمع الشعب مثله منذ زمن، يشبه بيانات الثوار في الانتفاضة الثانية وقبلها حين كانوا يتلحفون بكوفياتهم وبنادقهم في وسط القرى والمدن، ويقولون أن هذا شعبًا ثائرًا ومستمرًا، وأيها الناس نحن منكم، فلا تكشفوا ظهورنا وأعموا العيون عنا، بيان كشف عن الآتي، وأن المدينة لها حراسها، شبابٌ جمعهم حب الوطن، وبنادقهم شريفة لا تطلق رصاصًا في عرسٍ أو عزاء، وليست لسطو والتصوير، بنادق مربوطة بشبرٍ أحمرَ معناه أنه هذه موجهة لدم العدو وفقط.


اقرأ أيضًا: عرين الأسود: نابلس تستعيد مجدها


من هنا خرج الأسود من عرينهم، معلنين عن أن العزيزي وصبح والكوني كانوا مؤسسي العرين، وأنهم على نهج كتيبة نابلس خلف النابلسي ومبروكة والمبسلط والدخيل الذين كانوا على نهج كتيبة جنين؛ فالشهداء كلهم نهجٌ واحد، يعرفون بعضهم ويتبعون بعضهم. بعد الأيام الماضية وفرض التضييق والحصار على محافظة نابلس، لمحاولة جزّ العشب، وقتل روح الشعب التي دّبت من جديد، وتفريق الحاضنة الشعبية التي التفت حول العرين من خلال ضرب أرزاق الناس وإغلاق المحلات التجارية وتحويل تعليم الجامعات إلكترونيًا في محاولة ميتة لدفع الناس من الشارع لكره العمل المقاوم وشيطنة المنفذين.

 ظن الاحتلال أن حصاره قد نجح، لتأتي ليلة أمس وتبصق على وجه، وتفهمه أن هذا الشعب حمّال ومشتاق للثوار، فقد بثّ عرين الأسود يوم أمس بيان مفاده: "من يستطع منكم على الساعة الثانية عشر والنصف الخروج بالسيارات والتكبير في الشوارع ومن البنايات، وبكل أرجاء المدينة فلا يبخل، واحملوا السلاح لعل الساعة قريبة".


اقرأ أيضًا: الطبيب نهارًا.. والمشتبك ليلًا


وبعد البيان وبعد الساعة ١٢ ونصف بدقيقة واحدة لبى أهل المدينة النداء، وخرجوا لتصبح نابلس ساحة من الزوامير والأضواء والتكبيرات، ليأتي الخير الأخير أن هناك عملية إطلاق نار من العرين على نقطة للجيش في جبل جرزيم، أراد العرين تشتيت العدو واستخدام الناس وزواميرهم وتكبيراتهم درعًا سمعيًا وتغطية للعملية. وكما قيل العرين في اللغة هو بيت الأسد، ومن حارة الياسمين في مدينة نابلس خرج علينا أسود لا تخاف في الله لومة لائم، تحمل روحها على كفها، وتخرج ليلاً تصطاد وتقتل باسم الله وباسم فلسطين، لأن المقاومة جدوى مستمرة.