بنفسج

في التاريخ والهوية والقضية... 5 روايات تحكي فلسطين

الثلاثاء 04 يوليو

لم تكن فلسطين يومًا للفلسطينيين مجرد مساحة على الخريطة يقطنون بها بل هي تعيش بهم، يحبون البلاد كما لم يحب البلاد أحد، علاقة الفلسطيني بأرضه مختلفة، فريدة من نوعها، على الرغم من ما عانوه من ويلات وقتل إلا إنهم صامدون على هذه الأرض المباركة، ومن هاجر منهم مرغمًا ورث لأولاده حب الوطن، جعلهم يهتفون بحب فلسطين في كل محفل والحديث عن القضية الفلسطينية في كل مكان. الكتب التي تحدثت عن قضيتنا كثيرة، هنا بنفسج يقدم لكم 5 روايات جسدت الألم الفلسطيني والنكبة والتهجير بين دفاتها.

رأيت رام الله

يقول: "أخذوا ذلك الدكان الذي كنت أسافر إليه خصيصًا من رام الله لشراء حذاء من الجلد الممتاز، وأعود للعائلة بفطائر من "زلاطيمو" وكنافة من حلويات "جعفر"، وبعد ستة عشر كيلومترًا في باص بامية وبأجرة خمسة قروش أعود إلى بيتنا في رام الله مزهوًا متباهيًا، فأنا عائد منها من القدس الآن، لن أرى قدس السماء، ولن أرى قدس حبال الغسيل؛ لأن إسرائيل متذرعة بالسماء احتلت الأرض".

تميزت رأيت رام الله بسهولة الألفاظ واستخدام اللهجة الفلسطينية، ونالت إعجاب العديد حيث شهدت رواجًا واسعًا آنذاك، وما زالت مصنفة على رأس الروايات التي تروي القضية الفلسطينية. 

"لم أكن ذات يوم مغرمًا بالجدال النظري حول من له الحق في فلسطين. فنحن لم نخسر فلسطين في مباراة للمنطق! لقد خسرناها بالإكراه وبالقوة". قالها مريد البرغوثي في كتابه رأيت رام الله الذي بث عواطف ثلاثين عامًا من الاغتراب القسري عن البلاد، يخبرنا هنا عن رحلته في العودة إلى بلدته الأصلية "دير غسانة"، كانت سيرة ذاتية معبقة بالمعلومات التاريخية التي بينها مريد بأسلوب سهل وبسيط.

تحدث في رأيت رام الله عن مرارة الغربة، وذكريات الطفل مريد، روى فيها عن ثلاثين عامًا من الفراق والاشتياق لرائحة الوطن، وعن الأماكن قديمًا وكيف تغيرت بعد سنوات طوال. يقول: "أخذوا ذلك الدكان الذي كنت أسافر إليه خصيصًا من رام الله لشراء حذاء من الجلد الممتاز، وأعود للعائلة بفطائر من "زلاطيمو" وكنافة من حلويات "جعفر"، وبعد ستة عشر كيلومترًا في باص بامية وبأجرة خمسة قروش أعود إلى بيتنا في رام الله مزهوًا متباهيًا، فأنا عائد منها من القدس الآن، لن أرى قدس السماء، ولن أرى قدس حبال الغسيل؛ لأن إسرائيل متذرعة بالسماء احتلت الأرض".

تميزت رأيت رام الله بسهولة الألفاظ واستخدام اللهجة الفلسطينية، ونالت إعجاب العديد حيث شهدت رواجًا واسعًا آنذاك، وما زالت مصنفة على رأس الروايات التي تروي القضية الفلسطينية. كما حازت على جائزة نجيب محفوظ للإبداع الأدبي عام 1997. يقول مريد البرغوثي في رأيت رام الله: "زيت الزيتون بالنسبة للفلسطيني هو هدية المسافر، اطمئنان العروس، مكافأة الخريف، ثروة العائلة عبر القرون، زهو الفلاحات في مساء السنة".


اقرأ أيضًا: إجابات متعددة لسؤال: لماذا نقرأ الروايات؟


وعقب الكاتب إدوار سعيد على رواية رأيت رام الله: "إن عظمة وقوة كتاب البرغوثي تكمن في أنه يسجل بشكل دقيق موجع هذا المزيج من مشاعر السعادة، والأسف، والحزن، والدهشة، والسخط، والأحاسيس الأخرى التي تصاحب هذه العودة، وفي قدرته على أن يمنح وضوحًا وصفاء لدوامة من الأحاسيس والأفكار التي تسيطر على المرء في مثل تلك الحالات.. إن التميز الأساسي لكتاب "رأيت رام الله" هو في كونه سجلًا للخسارة في ذروة العودة ولم الشمل".

الطنطورية

تحكي الكاتبة رضوى عاشور عن قرية الطنطورة التي تقع على ساحل فلسطين جنوب مدينة حيفا، وعن المجزرة التي تعرضت لها عام 1948، وتجسد حياة عائلة عانت الويلات أثناء المجزرة وما بعدها. هنا بطلة الطنطورية هي السيدة رقية التي واكبنا حياتها من الطفولة وحتى الشيخوخة.

صدرت الرواية عام 2010، وبقيت حتى الآن مرجعًا تاريخيًا لما حدث من مجازر في عام النكبة 1948. جسدت الكاتبة رضوى عاشور حياة النكبة كما روتها رقية؛ فكان الكتاب مرجع توثيقي للمجازر التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في القرية، وأحداث الرواية تدور ما بين العام 1948 وحتى عام 2000.

تحكي الكاتبة رضوى عاشور عن قرية الطنطورة التي تقع على ساحل فلسطين جنوب مدينة حيفا، وعن المجزرة التي تعرضت لها عام 1948، وتجسد حياة عائلة عانت الويلات أثناء المجزرة وما بعدها. هنا بطلة الطنطورية هي السيدة رقية التي واكبنا حياتها من الطفولة وحتى الشيخوخة. صدرت الرواية عام 2010، وبقيت حتى الآن مرجعًا تاريخيًا لما حدث من مجازر في عام النكبة 1948.

كان عمر البطلة ثلاثة عشر عامًا، حين عايشت المذبحة التي قضت على القرية ومن فيها، واستُشهد فيها والدها وشقيقها، والكثير من رجال الطنطورة، ثم رَحّل جنود الاحتلال نساء القرية وشيوخها وأطفالها إلى قرية قريبة منهم ثم توزعوا في الشتات، وظلت الطنطورة عبارة عن ذكريات في عقل الطفلة رقية ومن نجى معها.

جسدت الكاتبة رضوى عاشور حياة النكبة كما روتها رقية؛ فكان الكتاب مرجع توثيقي للمجازر التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في القرية، وأحداث الرواية تدور ما بين العام 1948 وحتى عام 2000، حيث البداية كانت مجزرة قرية رقية، ثم النكسة، وما تلاها من مجازر كصبرا وشاتيلا واجتياح لبنان ثم تحريرها.


اقرأ أيضًا: نردين أبو نبعة تعزف من المنفى: "رواياتي الوطن بأكمله"


إن بداية رحلة الشتات لرقية كانت في الخليل ثم عمّان، صيدا، بيروت، أبو ظبي، والإسكندرية، وفي النهاية كان اللقاء على البوابة الفاصلة في الجنوب اللبناني المحرر. بعد مرور سنوات من الاغتراب عادت رقية للبنان ووقتها عرفت أن اللاجئين سيتوجهون نحو الجنوب ليلتقون بالأحبة من فلسطين على الخط الحدودي وهناك وجدت رقية ابنها حسن العائد للوطن في زيارة بجواز سفره الكندي، ذهبت نحوه رقية لتحضنه وطفلته، ثم نزعت مفتاح دارها في الطنطورية لتهديه لحفيدتها وهي تردد: "مفتاح دارنا يا حسن. هديّتي إلى رقيّة الصغيرة".

اعتمدت رضوى عاشور على أسلوب السرد القصصي في كتابها الطنطورية، إضافة لاستخدام اللهجة الفلسطينية في الحوارات بين رقية وباقي شخصيات الرواية، كما استخدمت الأمثال الشعبية الفلسطينية.

يقول الشاعر والإعلامي الفلسطيني أحمد الزكارنة "إن رضوى عاشور استطاعت في روايتها الانتصار للذاكرة الفلسطينيّة، بوصفها ذاكرة قضيّة إنسانيّة أخلاقيّة، كما أنها حققت انتصارًا موازيًا للمرأة الفلسطينيّة، الّتي شكّلت ولا تزال في عديد من المراحل التاريخيّة، شريكًا أصيلًا في النضال الوطنيّ، بداية من مساندة الرجل مرورًا بما قدّمته على الصعيدين الفكريّ والاجتماعيّ داخل البلاد وخارجها".

رجال في الشمس

رجال في الشمس.jpg
رواية رجال في الشمس للكاتب غسان كنفاني

رواية رجال في الشمس للكاتب غسان كنفاني وقد تحدث فيها عن الألم الفلسطيني الممتد، الذي طال الفلسطينيون حتى في لحظات هروبهم للبحث عن حياة أفضل في دول الخليج.

أبطال الرواية كانوا ثلاث أشخاص، أعمارهم مختلفة، لكنهم اتفقوا على اللجوء للكويت للعمل هناك للحصول على أموال تساعدهم على إكمال الحياة، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن.

"أبو قيس" و"مروان"، و"أسعد" كان طريقتهم للهروب خطرة، اختاروا شاحنة المياه لتقلهم نحو مرادهم، وليعبروا الحدود اختبأ الثلاث رفاق في خزان الماء الملتهب بالحرارة عند نقطة التفتيش، وأثناء التفتيش وقف السائق لفترة طويلة مع الجنود، والحرارة تدب في أنفاس الثلاث رجال في صهريج الماء، حتى مات ثلاثتهم بالاختناق، وجدهم السائق جثث فظل يسأل نفسه: "لماذا لم تدقوا جدران الخزان؟ لماذا لم تقولوا".

زمن الخيول البيضاء

يحتوي كتاب زمن الخيول البيضاء للكاتب إبراهيم نصرالله على511 صفحة. وهي واحدة من روايات سلسلة الملهاة الفلسطينية. يسلط الضوء في روايته على قرية "الهادية"، حيث يصف لنا عادات أهلها وتقاليدهم وتمسكهم بها وحبهم للخيول، والتهجير الذي تعرض له أهالي القرية.

تبدأ الرواية بالحديث عن نهاية الحكم العثماني ثم الانتداب البريطاني، والنكبة الفلسطينية، أي يضم الكتاب بين دفاته أحداث تاريخية كثيرة. يبين نصرالله الألم الذي عاناه الفلسطيني بسبب حكم الأتراك، وجشع البريطانيين، ثم إجرام اليهود.

"لستُ خائفًا من أن ينتصروا مرة وننهزم مرة أو ننتصر مرة وينهزموا مرة، أنا أخاف شيئًا واحدًا أن ننكسر إلى الأبد، لأن الذي ينكسر للأبد لا يُمكن أن ينهض ثانية، قل لهم احرصوا على ألا تُهزموا للأبد".

يحتوي كتاب زمن الخيول البيضاء للكاتب إبراهيم نصرالله على511 صفحة. وهي واحدة من روايات سلسلة الملهاة الفلسطينية. يسلط الضوء في روايته على قرية "الهادية"، حيث يصف لنا عادات أهلها وتقاليدهم وتمسكهم بها وحبهم للخيول، والتهجير الذي تعرض له أهالي القرية.

تبدأ الرواية بالحديث عن نهاية الحكم العثماني ثم الانتداب البريطاني، والنكبة الفلسطينية، أي يضم الكتاب بين دفاته أحداث تاريخية كثيرة. يبين نصرالله الألم الذي عاناه الفلسطيني بسبب حكم الأتراك، وجشع البريطانيين، ثم إجرام اليهود.

إن بطليّ الرواية الحاج محمود والحاج خالد، هما من الشخصيات التي تمنحك شعورًا بالقوة والأصالة. تعرف هنا شهامة العرب وحبهم للخيل. كما عرج الكاتب على العادات الفلسطينية في الأفراح ومراسيم الزواج الشائعة في القرية، فأكثر بين السطور من الأغاني الشعبية التي كان يتغنى بها الرجال والنساء آنذاك.

تقول الأديبة الفلسطينية سلمى الخضراء الجيوسي عن زمن الخيول البيضاء: "إنها بحق الرواية التي كانت النكبة الفلسطينية تنتظرها ولم تحظ بها من قبل، تأريخ دقيق غاية في الحساسية والتصوير المبدع للوضع الفلسطيني منذ زمن العثمانيين إلى سنة 1948م، كبيرة الأهمية لأنها تكشف بوضوح أسباب النكبة وملابساتها وظروفها الطاغية التي قادت شعبنا إلى عذاب مقيم، كما أنها تصل غاية التشويق الروائي المثير".

أرض البرتقال الحزين

"أرض البرتقال الحزين" للروائي غسان كنفاني، يعرض فيها مجموعة قصص بلغة مؤثرة بسيطة، توضح المأساة التي تعرض لها الفلسطينيون من الاحتلال، يصف في بضع قصص الألم الإنساني المتجسد في الفلسطيني بدءًا من التهجير ورائحة البرتقال العالقة فينا إلى حكايات اللجوء والتهجير والتنكيل.

أرض البرتقال الحزين هي مجموعة قصصية تشمل ثمانية فصول، كل فصل يتحدث عن قصة مختلفة، بداية بقصة أبعد من الحدود، قصة الأفق وراء البوابة، قصة السلاح المحرم، قصص ثلاث أوراق من فلسطين.

"أرض البرتقال الحزين" للروائي غسان كنفاني، يعرض فيها مجموعة قصص بلغة مؤثرة بسيطة، توضح المأساة التي تعرض لها الفلسطينيون من الاحتلال، يصف في بضع قصص الألم الإنساني المتجسد في الفلسطيني بدءًا من التهجير ورائحة البرتقال العالقة فينا إلى حكايات اللجوء والتهجير والتنكيل من قبل العصابات الصهيونية.

وصف كنفاني التهجير وقال: "كان الجو غائمًا بعض الشيء، وإحساس بارد يفرض نفسه على جسدي، كان رياض جالسًا بهدوء شديد، رافعاً ساقيّه إلى ما فوق حافة القفص، ومتكئاً بظهره على الأمتعة ومُحدقًا في السماء.. وكنت أنا جالسًا بصمت، واضعًا ذقني بين ركبتيّ وطاوياً فوقهما ذراعيّ.. وحقول البرتقال تتوالى على الطريق.. وشعور بالخوف يتآكلنا جميعًا.. والسيارة تصعد لاهثة فوق التراب الندي.. وطلقات بعيدة كأنها تحية الوداع".

أرض البرتقال الحزين هي مجموعة قصصية تشمل ثمانية فصول، كل فصل يتحدث عن قصة مختلفة، بداية بقصة أبعد من الحدود، قصة الأفق وراء البوابة، قصة السلاح المحرم، قصص ثلاث أوراق من فلسطين (ورقة من الرملة، ورقة من طيرة، ورقة من غزة)، قصة الأخضر والأحمر، قصة أرض البرتقال الحزين، قصة قتيل الموصل، قصة لا شيء.


اقرأ أيضًا: قراءة في كتاب: مئة من عظماء الإسلام غيّروا مجرى التاريخ


تناول كنفاني القصص بطريقة معبرة واصفًا لكل حكايات العذاب الفلسطيني والاحتلال والتهجير في المخيمات، روى لنا حكاية أبو علي والضباع والبندقية، وكيف أراد أن يحتفظ ببندقيته حتى لو كلفه الأمر حياته، وكان يقول لأهله وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة "سوف نموت جميعًا، اتركاني".

سلط الضوء في قصة "أبعد من الحدود" على اللاجئين في المخيمات، يقول: "إنهم أولًا قيمة سياحية، فكل زائر يجب أن يذهب إلى المخيمات، وعلى اللاجئين أن يقفوا بالصف وأن يطلقوا وجوههم بكل الأسى الممكن، فيمر عليهم السائح ويلتقط الصور، يحزن قليلًا، ثم يذهب إلى بلده، ويقول (زوروا مخيمات الفلسطينيين قبل أن ينقرضوا)."