بنفسج

يا ليلة الحنا: الفرحة المغموسة بالعسل

الخميس 01 يونيو

عروس تقيم ليلة حنّاء لا بد وأن تُغمّس فرحتها بالعسل؛ ولِمثل هذا خُلقت "الليالي المِلاح". أن تفتحي يدكِ لــ "ست الحبايب" فيعانق باطن كفكِ نقش الحنة المَجبولة، فيما أمكِ تزخرف حُمرتها بأناة. الأخوات والصديقات والخالات والعمات والجارات في حلقةٍ واحدة يصفقّن و يدندن: "حِنّاكِ ذهب وشعرِك قصب... يا عروس وما خذك إلا أبو الأدب".

 طلة ساحرة 

1 (1).jpg
حفل حناء من تصوير المصورة الفلسطينية أسماء نصار

(نجية أبو يوسف) أم مختلفة في عذوبة روحها؛ فقد أضفت لليلة الحناء بهاءً لا يُقاوم؛ عبر إحيائها التراث وألق الزينة الشعبية من أول الأمسية الساحرة وحتى آخرها. إنها فلسطينية ذات تقاليد بدوية تعود أصولها إلى المدينة المحتلة "بئر السبع"، واستقر بها المقام في قطاع غزة. لقد فعلتها وبكل فخر مع بناتها الست؛ من الكبرى وحتى الصغرى؛ وفي كل مرةٍ  تطرز بأناملها الثوب العريق لها ولــ جميلاتها وكذلك لحماة ابنتها "العروس"؛ فيدخلن القاعة عصبة، في طلةٍ مُوحدة تدهش الحاضرات حدّ التغني بهذه الليلة لوقتٍ يطول.  

وكأن شجرة الحناء الشامخة في تلك الأثناء ترقبهن؛ يكاد جذعها يتراقص ومن فوقه الأغصان؛ لأن أم يوسف أحيت أحد أهم رموز الأعراس الفلسطينية. والحناء تشبه شجرة الزيتون لكن أوراقها أعرض؛ وكان الأولون يجففون ورقها ثم يدقونها، وبعدها تُنقع بماء الشاي أو ماء الرمان.

 أصالة تخلب الألباب

 
 
أما "آية" العروس المحظوظة تحني يدها باستسلام أمام أمها المشغولة بتناول الحنّاء من الصواني المُزينة بالورد والريحان لتنقش على أصابع "البُنية" صادحةً بالزغاريد: "إيــــه يـــاريــتــها مبروكة إيـــه يا سبع بركات.. إيــه يا ما بارك محمد إيــــه على جبل عرفات".

أفكار الحاجة نجية لا تُصدق فيما تبتكره من طقوس لأجل "ليلة حنة" خلاقة، والغائبات مسكينات يفوّتن الكثير؛ فهي تجلب "بيت الشَعر" إلى القاعة التي يتم استئجارها عادةً لمثل هذه الحفلات. حقاً هذا ما يحدث؛ خيمةٌ أنيقة بداخلها مفارش من صوف الخراف؛ ومساند؛ وكانون تلتهب فيه جمرات الفحم و"بكرج قهوة" مع الفناجين والمَبخرة وأغانٍ تراثية أصيلة. 

‫عروس - نسخة.jpeg
عروس فلسطينية

أما "آية" العروس المحظوظة تحني يدها باستسلام أمام أمها المشغولة بتناول الحنّاء من الصواني المُزينة بالورد والريحان لتنقش على أصابع "البُنية" صادحةً بالزغاريد: "إيــــه يـــاريــتــها مبروكة إيـــه يا سبع بركات.. إيــه يا ما بارك محمد إيــــه على جبل عرفات". أم يوسف التي تبذل جهداً جباراً وشهوراً طويلة قبل موعد العرس المنتظر؛ استعداداً لتنفيذ أفكار غير مألوفة، ودون أن تتجاوز أدق التفاصيل التي تشارك فيها الفتيات والنسوة كبيرات السن؛ تخصص طقوساً بعينها لكل قسم.

عروس1.jpg
تصوير أسماء نصار

وإذا ما حان وقت الدبكة تزاحم المسرح، وترتفع الأيادي مُلّوحةً بمناديل مربعة زاهية، فتكون يداها التي خاطت هذه المناديل مرتفعة مع أياديهنّ. وقد جرت العادة أن تخيط الجدّات في فلسطين بأنفسهنّ هذه المناديل الملوحة بالفرح. باختصار على المرء أن يظفر بدعوة من أم يوسف كي يعرِف ماذا يُقصد بــ "الليالي المِلاح".