بنفسج

العبور المقّدس: حين انتهت الحرب قبل أن تبدأ

الجمعة 10 نوفمبر

هذه الحرب -إن صح أن نُسميها حربًا- محسومة منذ السابع من أكتوبر! لازلت لا أفهم سبب إصرار الصهاينة على  استكمالها،
هُزموا في السابع من أكتوبر هزيمة عسكرية فادحة وانتهى الأمر، وهذه هي الحياة، تنتصر مرة وتنهزم أُخَر، لا يوجد شعب مختار، ولا وجود لكيان لا يُقهر؛ وتصديقهم لمثل هذه الأكاذيب وعيشهم هذه الأوهام لفترة طويلة هو ربما أكبر أسباب هزيمتهم!

قلت بادئ الأمر أن الأصح ألا يُسمى ما يحدث في غزة من إجرام حربًا، وإنما إبادة عرقية وانتقامًا، لأن الصهاينة مصرّون على قتل عدد لا نهائي من المدنيين بوحشية مرعبة.. وفي النهاية لا يلقون سوى مزيد من التشبث من المدنيين بأرضهم، تسيل الدماء تحت أقدامهم فيثبتون على الأرض أكثر وأكثر، يحمل الواحد منهم طفله شهيدًا ويصرخ بكل قلبه "أرضيت يارب؟!"، هذه مشاهد لا يفهمها الصهاينة لأن المؤمنون بالصهاينة لا يؤمنون بالله، ورغم ذلك يقولون أن الله قد وعدهم بأرض فلسطين.. وهذا بالمناسبة ليس حديثي وإنما اقتبسته من أبحاث المؤرخ اليهودي الإسرائيلي إيلان بابه

تسمية الحرب تطلق على ما يدور بين طرفين مسلحين وإن كانا غير متكافئين في العِتاد أو العدد، وللحرب ضوابط ومبادئ.. وكل هذا لا ينطبق على ما يجري في غزة! حتى وإن قال زعيمهم مبررًا خيبته أن الجميع في غزة متورطين، فهل يعقل أن يكون ما يقرب من نصف المتورطين أطفالًا؟! إلا إن كان يعلم أنه قد فعل بحق هؤلاء الأطفال ما يكفي ليحيلهم في نظره إلى أسلحة متحركة مصوبة باتجاه رأسه.

يرسلون ما يسميهم رئيس الأركان نخبة جنود إسرائيل؛ فيقولون له نحن نحارب أشباحًا!هم يقاتلون جمعًا لا يرونه، ولا يعرفون أسماء أعضائه، لا يعرفون أشكال وجوههم، يحاربون الهواء، أو قُل إن هواء فلسطين يحاربهم. يعجزون بأحدث أجهزة التتبع الحراري التي زودهم بها العالم أن يقتفوا أثر عدوهم فينهالون على الأبرياء بالقذائف عشوائيًا.. وهذا أمر مثير للسخرية، يضحك العالم منهم!

تأجيل الإقرار بالفشل -ولو بينك وبين نفسك- يحول الفشل العارض إلى متلازمة مزمنة، ويؤدي إلى سلسلة من الفشل لا تنتهي، وهذا ما يحدث الآن جليًا مما نسميه نحن المصريون "تلويش"..لا تلقِ المزيد من الوعود الخرقاء التي تحفز شعبك ضدك قبل أعدائك، ضع حدًا لهذه المهزلة واعترف بفشلك، كُن واضحًا!

قل أمام المرآة أولًا : "انتهت خرافة الكيبوتز الآمنة التي تفتح ذراعيها لاحتضان مطاريد الأرض والجاهزة دائمًا لاستقبال كل لقطاء التاريخ ويحميها نخبة جنود جيش إسرائيل"، الكيبوتز التي تقوم عليها بالأساس دولتك الوهمية..انتهت! لا سياح بعد السابع من أكتوبر في تل أبيب، ولا مزيد من المهاجرين لإسرائيل برمتها.. المهاجرون الذين تردم بتدفقهم إليك على الكذبة، ويشعرك وجودهم بالحياة والدفء، رغم كل هذه الجهود انكشفت الكذبة، وعليك أن تتقبل فكرة أنك ستموت بردًا!