بنفسج

في نهاية هذا العام: ستة أمور تعلمتها

الأحد 14 يونيو

كل عام وأنتن بألف خير يا بنفسجيات هذا الكوكب، يا صاحبات العطر الإنساني الفواح، يا صاحبات القلوب البيضاء التي تشع أملًا وعطاء لكل من حولهن، كل عام وأنتن مبدعات، منتجات، طالبات، أمهات مشرقات في ظلمة هذا الكون. عسى الله أن ينير بكن، وينير دروبكن بكل الخير والحب والطمأنينة.

العام المنصرم، كان بالنسبة لي على الأقل ثقيلًا، كثيرة الأشياء التي حدثت وأود لو أتشاركها وإياكن، ستة أشياء تعلمتها هذا العام من وحي تجاربي البحتة، وأحسست بكل نتيجة منها بعد مواقف أو أمور، إما سببت تعثرًا أو تقدمًا في مسيرة عامي الفائت:

أولًا: السعادة ثمينة جدًا، بالمعنى الحرفي. اقتناءها مكلف، والحفاظ عليها مكلف، وفقدانها بعد تضحية أكثر كلفة. فالذي يدفعنا عادة للتخلي عن مظاهر السعادة، كسر غائر في الروح يعيد تشكيل الإنسان بشخصه وكيانه، مما يستدعي التخلي عن أسباب السعادة بشكل مؤقت، إذ أن التشبث فيها قبل جبر الكسور عمل ينتج بنيانًا هشا يفتقد أسسًا قوية.

ثانيًا: حاجتي إلى أولادي أضعاف حاجتهم إلي! متصالحة مع نفسي جدًا بهذا الشأن، لن يضيرني أبدًا الإفصاح دومًا عن هذا، ما دام حاجتي إليهم تعطيني راحة الروح التي أحبها، لن أتوانى عن التمسك بها مع معرفتي قطعًا أنهم طيور حرة ستنطلق آجلًا أم عاجلًا من أعشاشها. لا أشعر بلذة التضحية من أجله إلا تلك التي لأولادي، اللحظة التي رزقت بهم، تحولوا إلى مشاريع حياتية لا شيء يأتي قبلها! ولا يعنيني النجاح إذا لم أنجح في هذه المشاريع. في أكثر أيام السنة الفائتة حلكة، لم يكن إلا وجوههم التي تدفعني إلى الاستيقاظ والنهوض من فراشي صباحًا. في كل مرة كنت أشعر أن هناك حبالًا تربطني في مكاني، كان يلزمني فقط أن أفتح عيناي لأرى وجه زينب النائمة بجانبي، لأقول لنفسي لا أريدها أن تراني إلا صخرتها الثابتة، فأستيقظ وأنهض.

ثالثًا: "الله" هو الثابت الوحيد في معادلة الكون. هو المسّلم به الوحيد وغيره متغيرات، كل شيء يتغير بتغير دوران عقارب الوقت، ومن الخطأ الفادح الذي كنت أقوم به هو مراهنتي على متغيرات! هذه الشيء ليس بجديد، بل كنت أسمعه كل يوم تقريبًا، ولكن معايشة في تجارب حياتية تضعك في منتصف الرهان على هذه المقولة هو الشيء الجديد_ بالنسبة لي على الأقل، التغيير سنة الكون الثابتة والتي لم أتدرب أو أتهيأ شخصيًا للتعامل معها، الكثير والكثير أمامي أسارع فيه الزمن، حتى أتعامل معه لأصبح أمًا أفضل لأولادي، وشخص أفضل لنفسي، وجدة أفضل لأحفادي مستقبلًا. على قدر الحقيقة الواضحة في التغيير الكوني، على قدر جهل معظم الأهل في تدريب أولادهم للتعامل مع التغييرات وتحصينهم تجاه أثارها مستقبلًا.

رابعًا: "الحب" أكثر الكلمات التي وجدت على سطح الأرض اتساعًا! يستخدمها الناس كيفما شاءوا وكيفما أرادوا وعلى هواهم، لتحقيق غايات معينة ومآرب منها ما هو الصالح ومنها ما هو الطالح. لذة الشعور بالحب تعادل ربما تناول علبة ترامادل كاملة، أنا لم أتناول الترامادول بحياتي، ولكنني كيميائية وأعرف الأعراض تمامًا، المؤلم في الموضوع هو آثار الانسحاب المرافقة لتغير شكل الحب مع الوقت. الحب في شكله المتداول في نفوسنا مذ كنا صغارًا ما هو إلا لعنة، لاحقتنا وستظل تلاحقنا طالما أننا لم نقف لها بالمرصاد. الحب يجب أن يزرع في النفوس على أنه احترام! مهما كان شكل العطاء سيكون صفرًا مكعبًا إذا غاب الاحترام. فكري في أي شكل للحب تختارينه: أعدك أنه لا يساوي شيئا إذا غاب الاحترام.

خامسًا: قد نبدأ في تحقيق بعض الأحلام التي كانت يومًا تحديًا عظيمًا لنا، فنراها كل الأماني وكل شيء نريد تحقيقه لزمن طويل (كالدكتوراه مثلًا)، ولكن سرعان ما تتغير الصورة، ويتغير الشعور في اللحظة التي تقترب من الحلم أكثر وترى تفاصيله أكثر. أصدقكم القول، "مع تمسكي بدراستي وإنهائها، فإنني لو عاد بي الزمن عامين إلى الوراء لاخترت طريقًا آخر في تحقيق حلمي الذي أريد. ولكن لا بأس، لعل حكمتي هذه تتغير في نهاية العام القادم، من يدري!

سادسًا: ليس متأخرًا أبدا التدرب على قول ما يجب قوله بناء على قناعاتي الشخصية، وليس ما يحب الناس سماعه. يحتاج ذلك إلى مجهود كبير وتحمل لعواقب كثيرة أثناء التدرب على هذا الشيء بسبب شيوع الشخصنة في حياتنا بشكل كبير جدًا.