بنفسج

الأسيرة براءة جمال كرامة: "مش عيوطة وما ببرد يا أمي"

الأربعاء 03 يناير

الأسيرة براءة جمال كرامة
الأسيرة براءة جمال كرامة

تجدد عهد الحرية بالأسيرات منذ بدء حرب طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023، فخرجت أسيرات ذوات أحكام عالية خلال صفقات تبادل الأسرى، بينما استمر الاحتلال بعمليات الاعتقال في صفوف النساء، إذ لم يهنأ الفلسطينيون بقولهم "إن الدامون خالً" أو أن "السجون بُيضت"، فهبات الاعتقال لا زالت مستمرة، وبعض الأسيرات القديمات لم تشملهن الصفقات، أي أن الدامون فيه حاليا حوالي 80 أسيرة فلسطينية- 40 منهن من قطاع غزة، بين محكومات وموقوفات أو معتقلات بحكم إداري. منهن الأسيرة التي لم تبلغ العشرين بعد، الفتاة المتوهجة، التي تنفق يومها بين جامعتها، وإخوتها وأخواتها: براءة جمال كرامة، ابنة الخليل التي اعتقلها الاحتلال في الثالث من نوفمبر 2023، أي خلال حرب الطوفان التي نشبت في السابع من أكتوبر عقب عملية العبور الكبرى.

 "ما بسقع يمة ومش عيوطة" 

"براءة طالبة تمريض في سنتها الأولى في جامعة بوليتكنك فلسطين، متفوقة في دراستها، وهي، ذات معدلات عالية في جميع مساقاتها الدراسية، عمرها ١٩ عاما، لديها خمسة إخوة، من مدينة الخليل".
 
اعتقل الاحتلال الإسرائيلي براءة من منزلها، بعد اقتاح منزلها ليلًا، فرقة مدججة بالسلاح تزيد عن 30 جنديًا لاعتقال فتاة، دخلوا المنزل، سألوا عنها، فتشوها، سمحوا لأمي فقط بتوديعها".

قابلت بنفسج شقيقة براءة كرامة، وهي جنة كرامة، وسألتها عن براءة وتفاصيل اعتقالها والتهمة التي وُجهت إليها، فقالت معرّفة عن أختها: "براءة طالبة تمريض في سنتها الأولى في جامعة بوليتكنك فلسطين، متفوقة في دراستها، وهي، ذات معدلات عالية في جميع مساقاتها الدراسية، عمرها ١٩ عاما، لديها خمسة إخوة، من مدينة الخليل".

وقد علمت بنفسج عن اعتقال والد الفتاتين خلال حرب الطوفان، وقبل اعتقال ابنته بيوم واحد فقط، فقالت جنة: "يعمل الوالد كهربائيًا، وقد اعتقل قبل يوم واحد من اعتقالها أثناء عودته من عمله من رام الله من حاجز الكونتينر".

وبعد زيارته لها، يقول المحامي حسن عبادي: "زرت صباح يوم الأربعاء 6 كانون الأول 2023 سجن الدامون في أعالي الكرمل السليب لألتقي بالأسيرة براءة جمال عثمان كرامة، مواليد 08.01.2005، طالبة تمريض في جامعة البوليتكنك/ الخليل، وبعد التحيّة أخذت تصوّر لي وضع أسيرات الدامون؛ 31 أسيرة وينتظرن اليوم وصول 3 أسيرات جدد وكذلك 5 أسيرات غزيّات (زيادة على العشر أسيرات الغزيّات “القدامى” اللواتي قلقات على الأهل، ويتساءلن: في حدا عارف إنّا هون؟، وحدّثتني عن زميلات الزنزانة والدور الذي تقوم به الأسيرة آية خطيب، بعد تحرّر نورهان.

يتعرض الفلسطينيون كافة دون استثناء أحد إلى عمليات اعتقال واسعة منذ بدء الاحتلال خلال القرن الماضي، وتزيد موجات الاعتقال خلال الهبات والأحداث الكبرى، وكذلك خلال حرب الطوفان؛ إذ لا يوجد بيت فلسطيني إلا وقد اقتحم بوحشية، وهو أمر يضغط عليهم خصوصًا إذ صوحب الاعتقال بالضرب والشتم أمام الأبناء، وهو ما يحصل في كل اعتقال.

 سألت جنة عن تفاصيل اعتقال براءة، وطلبت منها أن تقص الحادثة بكل تفاصيلها، فأجابت: "عند الساعة الثانية قبيل الفجر، اقتحمت منزلنا قوات مدججة بالسلاح والعتاد، إذ فتحوا الأبواب وأحدثوا ضجيجًا عاليًا دون الطرق عليها، عاثوا خرابًا في المنزل، قاموا بالتكسير والتفتيش لكامل المنزل، ثم سألوا عن اسمها الرباعي، وعندما أجابتهم سحبوها إلى غرفة أخرى من المنزل، ووضعوا إخواني الشبان خارج المنزل، فتشتها مجندة بطريقة مؤذية ووحشية، حيث كانت تضغط عليها أثناء التفتيش حتى أنها صرخت براءة بأنها تؤلمها. سمحوا لها بارتداء الملابس، ولم تكن وحدها، إذ رفضت المجندة الخروج أثناء ذلك، كما الجنود الخروج من غرفتها، فلبست الملابس فوق ملابس الصلاة".

 في الاعتقال والتحقيق والتعذيب 

كان لقاؤها الأول مع محامي منذ اعتقالها، على حدّ قولها، حدّثته عن التعذيب في مرحلة التحقيق والتنقّل من حي أبو كتيلة الخليليّ إلى عتصيون وعوفر وهشارون والدامون، وخاصّة مجنّدة الشارون اللئيمة (ينادونها ياسمين) التي استعملت الضرب وشدّ الشعر والمسبّات والشتائم، وحرمانها من الشرب، وتهديدها باعتقال إخوتها ووالدتها، وجولتها في أرجاء الوطن السليب، للمرّة الأولى، عبر البوسطة اللعينة.
 
حدّثته عن طقوس الفورة؛ ساعة واحدة لكل غرفتين معاً ويسمح لهن خلالها بالاستحمام، "بنمرق ع الغرف وبنتعرّف وبنمَرحِبْ"، وأعادوا الغسّالة والنشّافة، وحدثته أيضًا عن المعتقلة المقدسيّة القاصر هديل، والمعتقلة المريضة سندس.
 

ماذا كانت ردت فعل والدك، وماذا فعلتم وقتذاك؟ سألنا جنة فقالت: "سألتهم والدتي "شو عملت بنتي بدكم تعتقلوها"، فأجابها الكابتن: "لما تصير صفقة وينزلوا إلي بغزة بنزلك إياها"، ثم قبل الانسحاب سمحوا لوالدتي بتوديعها؛ لكن لم يسمحوا لنا بذلك. سحبوها خارج المنزل وأمي تبكي، وكان الجميع في حالة ذهول وصراخ. استودعناها الله، العائلة والجيران كان الجميع يراقبون. عصبوا عينيها وكبلوا يديها، وأطلقوا الرصاص الحي أثناء انسحابهم على أبناء عمومتنا؛ لكن بحمد الله لم يصيبوا أحدًا".

ماذا عن أحوالها في السجن، خصوصًا أن التعذيب والتكيل لم يستثنى منه أحد خلال فترة الحرب، هل لديكم اخبار عن ذلك؟ تجيب جنة: " كان لقاؤها الأول مع محامي منذ اعتقالها، على حدّ قولها، حدّثته عن التعذيب في مرحلة التحقيق والتنقّل من حي أبو كتيلة الخليليّ إلى عتصيون وعوفر وهشارون والدامون، وخاصّة مجنّدة الشارون اللئيمة (ينادونها ياسمين) التي استعملت الضرب وشدّ الشعر والمسبّات والشتائم، وحرمانها من الشرب، وتهديدها باعتقال إخوتها ووالدتها، وجولتها في أرجاء الوطن السليب، للمرّة الأولى، عبر البوسطة اللعينة.

طلبت إيصال قبلاتها لأخيها عُدي (عمره عام) وعبّود (ابن أختها) وسلامات لأختها تسنيم، لبشرى وشمس وللجميع. تطمئنهم بأنّ دعاواتهم تصلها أوّل بأوّل.لازمتها ابتسامة وضحكات، ومعنويّاتها عالية جداً، طلبت أن أخبر والدتها أنّها “بتِسقعِش”، وحين افترقنا طلبت منّي أن أوصل والدتها بأنّها “مِشْ عيّوطة”!

حدّثته عن طقوس الفورة؛ ساعة واحدة لكل غرفتين معاً ويسمح لهن خلالها بالاستحمام، "بنمرق ع الغرف وبنتعرّف وبنمَرحِبْ"، وأعادوا الغسّالة والنشّافة، وحدثته أيضًا عن المعتقلة المقدسيّة القاصر هديل، والمعتقلة المريضة سندس.

وقد سمحت سلطة السجون بإدخال مُصحف وكتاب لكلّ زنزانة، وبدأت تدرس التجويد. وهي قلقة على العائلة، فتسأل: هل داهموا البيت واقتحموه من جديد؟ وطلبت إيصال قبلاتها لأخيها عُدي (عمره عام) وعبّود (ابن أختها) وسلامات لأختها تسنيم، لبشرى وشمس وللجميع. تطمئنهم بأنّ دعاواتهم تصلها أوّل بأوّل.لازمتها ابتسامة وضحكات، ومعنويّاتها عالية جداً، طلبت أن أخبر والدتها أنّها “بتِسقعِش”، وحين افترقنا طلبت منّي أن أوصل والدتها بأنّها “مِشْ عيّوطة”!

وعن فترة التحقيق والتهمة وسبب الاعتقال ومن ثم الحكم، سألنا جنة فأعلمتنا أنها مرت بفترة تحقيق عصيبة، ولم تكن التهمة واضحة، أي ليس هناك ما يدعيه الاحتلال بشأنها. وبعد انتهائها من التحقيق طلبوا منها التوقيع على إفادة، تضمن كلامًا لم تتفوه به براءة، فرفضت التوقيع عليه، فلم يكن بيد الاحتلال إلا أن حكم، في ملف سريّ، أربع شهور إداري، بتهمة تعريض أمن المنطقة للخطر حسب ما يدعون.

الأسيرات الفلسطينيات جرح ينكأ بعضه

الأسيرة الفلسطينية براءة كرامة.jpg
الأسيرة براءة جمال كرامة مع والدها الأسير جمال كرامة 

من الدامون وإليه، شهدت هذه الطريق المنهِكة وقع أقدام أسيرات فلسطينيات، يُرصد عددهن بما يزيد عن 16 ألف أسيرة منذ عهد الاحتلال بفلسطين، في ما شهدت الانتفاضة الأولى اعتقال 3000 أسيرة من قاصرات وشابات ومسنات، وفي الانتفاضة الثانية إلى حوالي 900 أسيرة، وفي الألفينيات وأثناء الهبات الشعبية وصولًا إلى عام 2017 إلى 370 أسيرة، واستمرت خلال عام 2018 الذي شهد ارتفاعًا في وتيرة اعتقال الفلسطينيات، وخاصة المرابطات في المسجد الأقصى، لتتواصل خلال العام 2019.

 حيث اعتقلت سلطات الاحتلال خلال ذلك العام نحو 110 فلسطينيات، وفي العام 2020 ارتفعت وتيرة الاعتقالات والعقوبات بحق الأسيرات الفلسطينيات، إذ اعتقلت سلطات الاحتلال خلاله نحو 128 من النساء، أما العام 2021 فقد شهد تصاعد في حدة الاعتقالات إذ اعتقلت سلطات الاحتلال خلاله نحو 184 من النساء. وفي العام 2022 كانت الحصيلة 172 حالة اعتقال للنساء.

تحتجز سلطات الاحتلال الإسرائيلي نحو 142 معتقلة من النساء والفتيات من قطاع غزة في سجونها، بينهن طفلات رضيعات، ونساء مسنّات، جرى اعتقالهنّ خلال العدوان البري على القطاع. ووفقا للمعطيات المتوفرة، حسب بيان مشترك للهيئة ونادي الأسير في 10 كانون الأول 2023، فإن المعتقلات محتجزات في عدة سجون، منها سجني "الدامون" و"هشارون".

وتتعرض الأسيرات الفلسطينيات، منذ لحظة اعتقالهن على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي للضرب والإهانة والسب والشتم؛ وتتصاعد عمليات التضييق عليهن حال وصولهن مراكز التحقيق؛ حيث تمارس بحقهن كافة أساليب الضغط، سواء النفسية منها أو الجسدية، كالضرب والحرمان من النوم والشبح لساعات طويلة، والترهيب والترويع، دون مراعاة لأنوثتهن واحتياجاتهن الخاصة.