بنفسج

في رمضان: الأمومة عبادة

الثلاثاء 29 مارس

مع حلول شهر رمضان المبارك، تتذمر الأمهات لعدم قدرتهن على ممارسة طقوسهن الرمضانية كالآخرين؛ من أداء صلاة التراويح وقراءة القرآن لقيام الليل؛ ليحبسهن العذر عن تذوق فضل هذا الشهر، والاستمتاع بأيّامه ولياليه. فيحمل بعضهنّ على الاستياء لانشغالهن بأطفالهن بالرعاية والاهتمام، عدا عن قضاء معظم النساء أوقاتهن بطهي الطعام وإدارة أمور المنزل، فتغدو أيام رمضان عبئًا ثقيلًا، وهاجسًا يقلق الأمهات اللواتي ينتظرنه بشغف بحثًا عن فرصة التجديد الروحي، واغتنام الأجر والثواب الذي يأتي به رمضان لمن دخله صادقاً وراغباً.

لا ندري لِمَ تُصّر الأمهات على حصر العبادة في رمضان بأداء الشعائر الدينية فحسب، في الوقت الذي قدّم فيه الإسلام صوراً واسعة وجميلة لمفهوم العبادة من خلال القرآن والسنّة؛ فالعبادة في الإسلام تأخذ منحنيات عدة منها علاقة الإنسان مع خالقه، علاقة الفرد بالفرد، علاقة الفرد مع بيئته؛ لتغدو العبادة هي منهاج حياة، ألم يقل الله عز وجل في كتابه الكريم "قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين" وبهذا يندرج في نطاق العبادة رعاية الأم أبناءها، والحفاظ على الود في علاقتها بهم، وطهو الطعام الجيد. وغيرها.

يعدّ رمضان فرصة ذهبية لتعزيز علاقة الأم بأطفالها من خلال التشارك بأداء العبادات وتعريف الأطفال بالقيمة الدينية لهذا الشهر، ليصبح للعبادة معنى مختلفاً وليست مجرد طقوس بل معنى تربوي ترسخه الأم في نفوس أطفالها.

من الضروري أن تبدأ الأم بتهيئة بيتها وأطفالها لأجواء رمضان، كأن تنهي واجباتها الاجتماعية، والتزاماتها المتعلقة بالأمومة قبل دخول الشهر، فتخطط باستغلال وقتها قدر المستطاع لاغتنام الأجر والثواب. فتهيئة المنزل يبعث السكينة في نفوس أفراده ويشحنهم بالهمة والعزم لاغتنام الشهر قدر المستطاع، كما أن الاستعداد يدفع بأفراد الأسرة لإعانة الأم في التزاماتها بما يسمح لها مشاركتهم أداء الشعائر.

مهما ادّعت الأمهات بعدم مقدرتهن على امتلاك الوقت الكافي في شهر رمضان، إلا أنه مع التنظيم الجيد ستحظى الأم بأوقات جميلة تمارس فيها العبادة التي ترغب بها، وهنا أود الإشارة إلى فكرة "الأوقات الميتة" التي تمر على الأمهات دون استغلالها على الوجه الصحيح، كأن تذكر الله بالتسبيح والتحميد وهي تنظف المنزل، أو تستمع لتفسير آيات من القرآن وهي تطهو أو تكوي الملابس تفسير آية أو موعظة ما، في محاولة للاستفادة من الوقت في رمضان بأقصى درجة ممكنة، وفي سعي دؤوب للأخذ بكافة الأسباب.

كما يعدّ رمضان فرصة ذهبية لتعزيز علاقة الأم بأطفالها من خلال التشارك بأداء العبادات وتعريف الأطفال بالقيمة الدينية لهذا الشهر، ليصبح للعبادة معنى مختلفاً وليست مجرد طقوس بل معنى تربوي ترسخه الأم في نفوس أطفالها، وهنا يمكن للأم دعوة أبنائها للصلاة الجماعية أو قراءة القرآن أو إفطار أحد الصائمين أو صدقة، فيخفف هذا السلوك الجماعي عبء العبادة بشكلها "الفردي" وتصبح ذات محمول قيمي يبعث الود والسكينة في علاقة الأم بأطفالها.