بنفسج

قصتي.. مرام محمد

الأربعاء 02 ابريل

لم أكن أعلم أن أكتوبر من العام 2023 سيكون قاسيًا عليَّ، ارتجف قلبي مئات المرات منذ أول يوم للحرب، حتى جاءني الخبر الذي قلت بعده أهلًا بالموت، كان الخبر قصيرًا مفاده "زوجك يوسف استشهد"، صرخت وبكيت فالتقفتني أمي بين يديها تهدهد على قلبي المقهور، لكن النار المشتعلة فيه كانت أكبر بكثير من أن تهدهده أيادي الأمهات. أنا مرام محمد زوجة الشهيد البطل يوسف خالد الرنتيسي، فقدت زوجي في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أم لطفلين: مالك وجوان، كانت الحياة تسير بشكل يسير ما قبل الحرب، لدي رجل من أعظم الرجال، يصب على قلبي الحب صبًا، حنون، لا يفرط بدمعة تسقط من عيني حتى ولو كانت دمعة فرح، رزقنا الله بمولودنا البكر في العام 2022 لتكتمل لوحة العائلة السعيدة الهانئة في رضا الله.
قصتي مرام محمد

لم أكن أعلم أن أكتوبر من العام 2023 سيكون قاسيًا عليَّ، ارتجف قلبي مئات المرات منذ أول يوم للحرب، حتى جاءني الخبر الذي قلت بعده أهلًا بالموت، كان الخبر قصيرًا مفاده "زوجك يوسف استشهد"، صرخت وبكيت فالتقفتني أمي بين يديها تهدهد على قلبي المقهور، لكن النار المشتعلة فيه كانت أكبر بكثير من أن تهدهده أيادي الأمهات.

أنا مرام محمد زوجة الشهيد البطل يوسف خالد الرنتيسي، فقدت زوجي في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أم لطفلين: مالك وجوان، كانت الحياة تسير بشكل يسير ما قبل الحرب، لدي رجل من أعظم الرجال، يصب على قلبي الحب صبًا، حنون، لا يفرط بدمعة تسقط من عيني حتى ولو كانت دمعة فرح، رزقنا الله بمولودنا البكر في العام 2022 لتكتمل لوحة العائلة السعيدة الهانئة في رضا الله.

عاش يوسف معنا عامًا كان من أجمل الأعوام، ثم جاءني خلال العام خبر حملي بطفل ثاني، ليسعد يوسف، ويا لفرحته عندما عرف أن المولود بنتًا، شقت وجهه ابتسامة لم أشهدها في حياتي، كان ينتظر بفارغ الصبر أن يحملها بين يديه، اتفقنا على اسم جوان، وكنا نعد الليالي حتى نرى وجهها بخير وسلامة، لكن قضاء الله قد أزف باستشهاده قبل مجيئها.

يوم الرحيل والزرق بـ "جوان"

مرام.jpg

يوم استشهاده عشت يومًا صعبًا لم أعش مثله من قبل، فقدت ظهري، أوتعرفون كيف للمرء أن يكون بلا ظهر، هائمًا على وجهه في الدنيا، أنا كنت كذلك، لم تمنحني الدنيا فرصة الحزن على رفيق الروح، فما بين قصف عنيف إلى أوامر إخلاء، نزحت عائلتي إلى جنوب غزة قسرًا، وفضلت أنا البقاء مع عائلة زوجي، عشنا في شمال غزة أيامًا مريرة، نشرب المياه الملوثة، ولا نأكل سوى فتات، وكثيرًا لم نجد ما نأكله، كنت حاملًا، وحالتي الصحية تسوء، خفت على جنيني كثيرًا لكني استودعته الله.

مرت الليالي القاسية وافترقت عن أهل زوجي، الذين حوصروا في اجتياح مشفى الشفاء، وأجبرهم الجيش على النزوح إلى الجنوب، وبقيت وحدي مع أختي وأخي ممن بقوا في الشمال، فأزف موعد الولادة لأعيش ولادة صعبة للغاية، لا أعرف كيف نجوت من الموت آنذاك، كل ما فيّ منهك، كنت على الحافة ما بين الموت والحياة، وددت لو تكون أمي معي وأم زوجي، لكن لم يكن معي سوى شقيقتي وأخت زوجي.

وبمجرد أن لمحت وجه جوان تحت ضرب الأحزمة النارية، وأزيز الطائرات المرعب، بكيت اشتياقًا ليوسف، عز علي أن لا يؤذن لها بأذنها صوته الفريد، لكني رضيت في وقت لم يكن الرضا سهلًا، سارت الأيام وكبرت جوان لتصبح عامًا، ومالك 3 سنوات ونصف.

ولمالك حكاية أخرى تؤلم قلبي كلما نظرت إلى وجهه، ولا أعرف ماذا أقول، يبحث عن يوسف كثيرًا ويسألني "وين بابا" فأقول: "بالجنة يا ملوك". لكنهيستيقظ في ليالي كثيرة يبكي ويقول: "بدي بابا". ويطلب العودة إلى البيت الذي دُمر. وأخيرًا، أود القول إنني على وصية أبو مالك، سأربي طفلنا على حب الجهاد، سيكون رجلًا يشبهك تمامًا حنونًا مجاهدًا.