بنفسج

أحلام مؤجلة وأمراض مبكرة... صرخة نساء غزة تحت الحصار

الثلاثاء 09 سبتمبر

الأمراض المنتشرة في غزة
الأمراض المنتشرة في غزة

بعيون غائرة ويدين صغيرتين، تمسك مشطها، محتارة كيف تصنع ضفيرة كالسابق بعد أن تساقط شعرها، فهي معتادة على التمايل بين فتيات العائلة بشعرها الخروبي الكثيف الناعم، إلى أن أصابته الثعلبة، وأفقدتها شعرها الجميلة وأبقتها حزينة. "قبل الحرب كنت ألبس الفستان، وألولح بشعري من حلاوته"... هذا ما تقوله علياء زيد "١٣" عامًا، الفتاة الجميلة ذات العيون الواسعة. تروي قصتها تارة، وتبكي تارة أخرى، بعد إصابتها بمرض في الرأس وتفقد جزءًا من فروة الشعر. 

أمراض منتشرة تصيب النساء في غزة

السرطان في غزة.jpg

تقول أمل الحصري أم علياء لبنفسج: "إن علياء أصيبت قبل شهرين بالثعلبة، ولم تترك نقطة طبية لعلاجها، والطبيب قال إن ما حصل مع ابنتي بسبب سوء التغذية، ونقص فيتامينات، والتوتر والخوف من القصف المستمر". تكمل: "وصف لي الطبيب العلاج، إضافة إلى قرص فيتامين لتتحسن حالتها. بحثنا كثيرًا عن المراهم حتى نجدها، فهي شحيحة في القطاع، ولكن كيف ستتحسن ولا يتوفر الطعام المفيد لأطفالنا، ما يحتاجه أطفالنا لاستعادة صحتهم، والخيمة تعني أنك في النار من شدة حرارتها، وكل ذلك يؤثر سلبًا على الشعر والجلد".

الشابة نور دغمش لم تكن معاناتها أقل من سابقتها ولكن بلون آخر، فكل مواطن في القطاع يتجرع العذاب بألوانه في الإبادة التي فرضها الاحتلال، إذ انقطع عنها الطمث في عمر الثامنة عشرة، ودعتها بسن مبكرة، من شدة خوفها من أصوات الصواريخ". تتحدث دغمش ويداها ترتجفان بشكل غير إرادي، وصوت مهتز كأن ما حدث معها منذ عام وعشرة أشهر يحدث الآن "في بداية الإبادة قصفوا منزل جيرانا الحيط بالحيط، ونجوت من الموت بإعجوبة، كل الردم علينا، استشهدوا جميعهم، ومنذ لحظتها أصرخ بشكل هستيري عندما أسمع صوت الانفجار قريب منا، فالجميع يعلم أن أصوات الصواريخ لا تهدأ في القطاع".

"تزوجت قبل الإبادة بشهرين وكانت أموري طبيعية، وعندما بدأت الإبادة، قصف منزل بجوارنا، تأخرت الدورة الشهرية من شهرين لثلاثة أشهر، قال لي الأطباء في البداية تغيير هرمونات، ولكن زاد الأمر سوءًا، انقطعت الدورة بشكل كامل منذ خمسة أشهر، لم أترك طبيبة نساء وولادة إلا وتوجهت لها، ولكن الإجابة كانت نتيجة ارتفاع الهرمونات بشكل كبير، بسبب الخوف الشديد، مع وصف بعض الأدوية، والصبر عله ينجينا".

منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، دمرت إسرائيل 34 مستشفى من أصل 38، منها حكومية وأهلية، تاركة 4 مستشفيات فقط تعمل بقدرة محدودة رغم تضررها، وسط نقص حاد بالأدوية والمعدات الطبية، وأخرجت الغارات الإسرائيلية 80 مركزًا صحيًا عن الخدمة بشكل كامل، إلى جانب تدمير 162 مؤسسة طبية أخرى، حسب آخر إحصائية للمكتب الإعلامي الحكومي بغزة.

أمراض خبيثة 

اللقاحات في غزة.jpg

المواطنة أريج التتري أصيبت في الحرب بمرض الضغط المزمن الصامت "الخبيث"، لا يوجد له أعراض؛ فجأة تعاني من ارتفاع بالضغط دون أن تشعر، وذلك بعد حملها في الحرب. التتري تبلغ من العمر "٣٧" عامًا، تقول: "الضغط الصامت صعب، يجب أن أتناول الدواء بشكل مستمر دون انقطاع كي لا أعاني من مضاعفات أخرى، ولكن في الحرب لا يتوافر الدواء في مراكز الرعاية الصحية، بسبب الحصار الشديد المفروض على القطاع، في إبادة مستمر، منذ أكتوبر ٢٠٢٣".

"تزوجت قبل الإبادة بشهرين وكانت أموري طبيعية، وعندما بدأت الإبادة، قصف منزل بجوارنا، تأخرت الدورة الشهرية من شهرين لثلاثة أشهر، قال لي الأطباء في البداية تغيير هرمونات، ولكن زاد الأمر سوءًا، انقطعت الدورة بشكل كامل منذ خمسة أشهر، لم أترك طبيبة نساء وولادة إلا وتوجهت لها، ولكن الإجابة كانت نتيجة ارتفاع الهرمونات بشكل كبير، بسبب الخوف الشديد..."

الدكتور محمد أبو عفش مدير الإغاثة الطبية في غزة يؤكد أن حالات الخوف الشديد التي تتعرض لها النساء في الحرب من القصف المستمر، وقلة النوم وقلة الطعام، تأثر بشكل سلبي على الهرمونات، ما يؤدي إلى العديد من الأمراض عند النساء، مثل عدم انتظام الدورة الشهرية وانقطاعها في بعض الحالات.

نداء الأطباء

مستشفيات غزة.jpg

وقال أبو عفش: "انتشرت الأمراض الجلدية بين المواطنين، خاصة النساء والأطفال، لعدم وجود مياه نظيفة، وعدم توفر مقومات النظافة، وتكدسهم في مراكز الإيواء، والاحتكاك المباشر بينهم، وتكدس النفايات في الطرقات، وارتفاع درجات الحرارة، مضيفًا أن المراكز الصحية تعاني من نقص حاد في توفير المراهم الجلدية، والمضادات الحيوية، التي أدت إلى زيادة انتشار الأمراض، رغم أن الأمراض الجلدية تحتاج إلى فترة من العلاج.

وأشار إلى أن مدة الإبادة طويلة انقطعت فيها العديد من الأدوية، وخاصة علاجات الأمراض المزمنة كالضغط والسكري، وهناك ٣٥٠ ألف حالة تعاني في القطاع من الأمراض المزمنة، منهم من توفي ومنهم من تفاقم حالته وتضررت شبكية العين بسبب السكري. كما أن الوضع الصحي يزداد تدهورًا يومًا بعد يوم، وتزداد أعداد المرضى المتكدسين في المستشفيات وداخل المراكز الصحية، وهناك نقص كبير في الأدوية

والمستلزمات الصحية، وهناك حالات تحتاج عمليات جراحية وتؤجل لعدم إمكانية إجرائها. ويعاني السكان، سواء الحوامل أو الاطفال أو كبار السن، من سوء التغذية ما أدى نقص المناعة الذي يمنع الجسم من مقاومة الأمراض الكثيرة في فصل الصيف، ولا تستطيع المنظومة الصحية أن تتحمل الأعداد المتكدسة في المستشفيات، إذ أن طاقة عمل المستشفيات الآن تفوق ٣٠٠ بالمئة نتيجة الاستهدافات الدائمة والمستمرة، ولا تستطيع المنظومة الصحية المنهكة أن تخفف من تقديم الخدمات للاحتياج الكبير لها في قطاع غزة.