بنفسج

الجروبات النسائية .... الطريق الأسهل لتعرية البيوت

الإثنين 08 يونيو

" لمن تطلعي مع زوجك مشوار، بينكد عليك ولا بخليك تطيري من الفرح"
" شو ردة فعلك لمن تيجي بنت حماتك وتفتح باب الثلاجة وتآكل اللي بدها إياه"
" شو ردة فعلك لمن تيجي أخت زوجك وتطلب من زوجك يقعدوا لحالهم مشان يحكوا بموضوع خاص".
" لو سلفتك جابتلك هدية أقل من الهدية اللي وديتيلها إياها، شو بتعملي"

" كيف علاقتك مع مرة أخوكِ"

هذه عيّنة بسيطة من نمط المُشَاركات التي تعج بها الجروبات النسائية على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي لا يُمكننا حصرها هنا، وترويها الكثيرات منا بشكل يومي، إما برغبتهن أو أن يُسقنَ إليها من خلال إضافات، أو استدعاءٍ بــــ "منشِن" من إحداهن لأخرى، من أجل عدم تفويت مشاهدتها للمعركة القائمة بين أعضاء المجموعة. 

الباعث للاستغراب هنا، أنّ تلك العينة من المشاركات، تعج بآلاف التعليقات من النساء، والتي ينقسمن فيها إلى فرق، منهن من يشتمن ويُحقرن، ويمارسن التنمر اللفظي على صاحبة السؤال، ومنهن من يقف في صف الدفاع، أو يبقين في نطاق المتفرجات، بينما أُخريات يُسارعن لتصوير التعليقات " screen shot"، لإرسالها لمن يخصه الحديث، أو لاستخدامها لاحقاً من أجل التشهير وغيره.

كثيراتٌ هُن اللواتي لا يدخرن جهداً في ترك مساحةٍ لعقولهن في التفكير ولو قليلاً قبل أن يضعن استفساراتهن في هذا العالم المفتوح، مختلفِ البيئات، فيه الغثُ والسمين، المعروف والمجهول، الصالح والطالح، الطيب والحاقد، فتُسارع في وضع مشكلتها، أو سؤالها، لربما تنفيساً أو طلباً لحل مشكلة ما، أو لأنها تُعاني من وجود وقتٍ للفراغ لديها.

 | غياب الوعي

في الجروبات النسائية، يغيب الوعي كثيراً، فلا يقتصر الأمر على عرض المشاكل الزوجية والعلاقات بين الحماة والكنة وغيرها، بل تصل الاستفسارات لكُل شيء، فلا تُقصّر إحداهن بعرض بعض المشكلات الصحية لها أو لطفلها، فيتسابق الأعضاء في وصف العلاج المناسب بناءً على تجاربهن.
هذه الجروبات ليست مكاناً للاستشارات الزوجية ولا الصحية ولا لحل المشاكل النفسية، هذه الجروبات تصلح لبعض الأمور البسيطة التي لا ضرر منها، والتي لا تمثل تهديداً لاستقرار حياتنا.

تنهال التعليقات من كلٍ حدبٍ وصوب، وتدلي كل واحدةٍ بدلوها، بناءً على تجربتها التي لا تتشابه مع صاحبة المشكلة؛ للاختلاف الحتمي لظروفٍ كل واحدةٍ منهما، وحينها ستقرأ نصائحاً مغلفة بحلولٍ انتقامية تفّرغ فيه الناصحة بعضاً مما عانته أو سمعته، حيث يغيب معها ميزان العقل والحكمة، وأخرى مهدئة إصلاحية، وتدور صاحبة المشكلة في دوامة الإجابات المشُتتة، ليزيدها تشتيتاً فوق حالها، وهذه نتيجة طبيعية لمن أرادت أن تسيّر حياتها وفقاً لآراء الناس، ووضعت مشكلتها في المكان الغير صحيح.

تعد هذه الجروبات كذلك، بيئة خصبة للكثيرات ممن يعشن حياة مستقرة، إلاّ أنها بعد رؤيتها لمشكلة فلانة، تبدأ بإعادة التفكير في حياتها من منظور الشك والريبة، فتقحم زوجها وحياتها في دوامة المقارنات مع غيرها من النساء، أو تُغيّر من أسلوبها في علاقاتها بحماتها وعائلة زوجها وغيرهم، وتبدأ بخلخلة أركان بيتها رويداً رويداً دون أن تدرك ذلك، وهناك الكثير من البيوت التي اشتعلت فيها الخلافات بسبب هذه الجروبات، التي لا تتوانى فيها النساء بتعرية بيوتهن دون أن يشعرن ببشاعة هذا الأمر، متناسين " أنّ لكلٍ بيتٍ أسراره التي يجب صونها جيداً وبعيداً عن هذه الأماكن المفتوحة للجميع".

أيضاً، في هذه الجروبات، يغيب الوعي كثيراً، فلا يقتصر الأمر على عرض المشاكل الزوجية والعلاقات بين الحماة والكنة وغيرها، بل تصل الاستفسارات لكُل شيء، فلا تُقصّر إحداهن بعرض بعض المشكلات الصحية لها أو لطفلها، فيتسابق الأعضاء في وصف العلاج المناسب بناءً على تجاربهن، وتُسارع السائلة لتطبيق التجارب، بعدها تأتي لتُلقي بدعائها على من دلّها إلى تلك الوصفة التي زادت من حال طفلها سوءاً.

ونصيحتي، أن حاولن قدر المُستطاع جعل وقتكن ملكاً لأنفسكن، تنشغلن فيه بما يعود عليكن بالنفع وتطوير الذات، بتعلمُ شيء جديد، اكتساب مهارة ما، بدلاً من حصر ذاتكن في هذه الجروبات النسائية فقط، في انتظار إبداء رأي هذه أو انتقاد تلك، وتذكّرن أن كُل إنسانٍ سيُسأل عن عمره فيما أفناه.

هذه الجروبات ليست مكاناً للاستشارات الزوجية ولا الصحية ولا لحل المشاكل النفسية، هذه الجروبات تصلح لبعض الأمور البسيطة التي لا ضرر منها، والتي لا تمثل تهديداً لاستقرار حياتنا، كتبادل تجارب الطعام، وأمور الموضة والزينة والعناية بالبشرة وغيرها، وهناك الكثير من الجروبات النسائية المُفيدة والملهمة، فيها من النصائح الثرية المبنية على فهمٍ وعلم واتزان، وكذلك مليئة بالتجارب الممتعة.

كُل ما تحتاجه الأمهات والفتيات، أن يقررن بذل جهدٍ بسيط من أجل استقاء المعلومة الصحيحة من مصدرها الصحيح، وأن يُحكّمن عقلهن قليلاً في كل ما يُنشر هنا وهناك، فإن كنتِ تعانين من مشكلة صحية أو أسرية أو نفسية، فمكانك عند من يحفظ لك سرّك ويحل مشكلتك بطريقة صحيحة، وبذلك تصونين نفسك من أن تكوني حقلاً لتجارب الأخرين.

ونصيحتي، أن حاولن قدر المُستطاع جعل وقتكن ملكاً لأنفسكن، تنشغلن فيه بما يعود عليكن بالنفع وتطوير الذات، بتعلمُ شيء جديد، اكتساب مهارة ما، بدلاً من حصر ذاتكن في هذه الجروبات النسائية فقط، في انتظار إبداء رأي هذه أو انتقاد تلك، وتذكّرن أن كُل إنسانٍ سيُسأل عن عمره فيما أفناه، وما الذي كتبته يداه، فإما أن تصنعي نفسك أو يصنعك الآخرين.