بنفسج

"انفلونسرز": كيف أصبحت حياتنا بعد دخول مشهورات "السوشال ميديا"؟

الجمعة 19 يونيو

كانت تتنقّل من حساب إلى آخر، تحرّك أصبعها صعودا ونزولا لتظهر أمامها المزيد من الصّور، عشرات الحسابات، كلّ واحد منها يحتوي عشرات القصص والحكايات، هذه تسافر إلى تركيا، وتلك تنتقي ملابس من المحل الفلاني، دروس مجانية لوضع مساحيق التجميل على الوجه، وأخرى تعرض تفاصيل حياتها دون ملل. كانت تمرّ على كلّ هذا وهي جالسة على سريرها، في غرفتها، على يمينها نافذة يتيمة تطلّ على نفس الأشخاص منذ عشرة سنوات، وفي دولاب ملابسها قطع معدودة من الملابس تضيف عليها اكسسواراتها من حين لآخر لتقنع نفسها بالتغيير، يقابلها مرآة طويلة ضمّت تأملاتها لجسدها الممتلئ، ووجها الممتلئ أيضا بالحبوب طوال الفترة الماضية.

هذه الفتاة، واحدة من آلاف فتيات الوطن العربي والعالم اللواتي فتحت لهن قنوات "السوشال ميديا" العالم على مصراعيه بطريقة مخيفة ومؤذية أحيانًاأن تظلّ الواحدة منّا تتعرض لمدخلات من حياة اللواتي لا يشعرن بالملل من عرض حياتهن على الملأ وتصويرها بطريقة وردية جميلة سهلة ولينة، وهي في الحقيقة قد تكون بعيدة جدًّا وكثير عن الواقع.

 | زمن "الفاشينيستات"

 على الرغم من انبهارنا في معظم الأوقات بكمية الجمال التي نراها في حساباتهن. فالمصيبة هُنا أنّنا نتابع بعاطفية شديدة،نرفع سقف توقعاتنا  لدرجة عالية، قد يكون السقوط بعد ذلك مدويًّا وكارثيا!
 
يجب  أن نذكّر أنفسنا بين الفينة والأخرى بضرورة القناعة، كلّ واحدة منا لها نظام مميز لحياتها وإن كان روتينيًّا، لها إنجازاتها ونجاحاتها، وهي غير مضطرة لإظهار سعاداتها وفرحها على الملأ.
 

من خلال معاصرتي لزمن "الفاشينيستات" وغيرهن، ممنّ اتخذن حياتهن محتوى ليعرض ويبث من خلال الشبكة للعالم، أستطيع أن أجزم أنّهن سبب مشاكل كبيرة لنا نحن الفتيات، على الرغم من انبهارنا في معظم الأوقات بكمية الجمال التي نراها في حساباتهن. من الطبيعي جدًّا، أن تبدئي بمقارنة حياتك مع هؤلاء، ومن المتوقع أن يصيبك القليل من الحزن إن لم أجحف في الوصف، وأنت تنظرين إلى قوامها الممشوق، وشعرها الغزير، ووجها النقي، وملابسها التي لا تنتهي، وسفراتها وأموالها، هذا عدا عن علاقاتها التي تصورها وكأنها تعيشها بسلاسة كبيرة مليئة بالحب دون مشاكل تذكر.

مصيبة هذه المواقع أنّها تتابع بعاطفية شديدة، ترفع سقف توقعاتنا بالحياة لدرجة عالية، قد يكون السقوط منها مدويًّا وعظيمًا، هذا عدا عن انعدام الرضا والسخط الدائم والاعتقاد أننا نعيش بظلم مقارنة بكلّ ذلك الترف.  يجب أن نذكّر أنفسنا بين الفينة والأخرى بضرورة القناعة، كلّ واحدة منا لها نظام مميز لحياتها وإن كان روتينيًّا، لها إنجازاتها ونجاحاتها، لها علاقاتها وصداقاتها وهي غير مضطرة لإظهار سعاداتها وفرحها على الملأ.

من الطبيعي جدًّا أن يكون في وجهك بعض الحبوب من الفترة للأخرى، ومن الطبيعي أيضًا أن لا تكون أسنانكِ مصطفّة بانتظام دقيق،  ومن الطبيعي ألا يكون جسمك منحوتًا كدميةوليس مطلوبا أن تمتلكي مئات القطع من الملابس كي تكوني جميلة. ومن العفوي والساحر جدًّا أن لا تضعي مساحيق تجميل على وجهك البريء، فأنت دونها جميلة أيضًا. كلّ واحدة منا حلوة بطريقتها، كلّ واحدة منا لها جمالها الخاص، ورونقها الخاص وروحها الخاصة. كلّ أنثى جميلة بطبيعتها دون الجري وراء المثاليات والتزييف.

لا تدعن مشهورات السوشال ميديا يضعن صورة نمطية للجمال، فالجمال لا يقتصر على ما نراه منهن..جمالك بأنوثتك وطبيعتك قبل كلّ شيء، وبطبيعة الحال، المال قادر على صنع أي شيء خارجي، وقادر على تحويلك لما تريدين لكن محال أن يكسبك ثقة في نفسك إن أعدمتيها بسبب إعجابك المفرط بالمشاهير.