بنفسج

شغف البدايات.. لماذا تغدو النهايات ثقيلة وصعبة؟

الإثنين 02 نوفمبر

اسأل نفسك السؤال الآتي؛ هل التحقت يومًا ما بكورس معيّن وكنت في قمّة حماسك في بداية الأمر، وفجأة، بدأت تنسحب منه شيئًا فشيئًا وكأنّك لم تسع للحصول عليه يومًا؟! هل بدأت في تنفيذ خطّة أو مشروع، وفجأة، شعرت بالملل بعد أن قطعت به خطواتك الأولى، وبدأت بتركه، وكأنّه لا يعنيك، وكأنّه لم يكن حلم حياتك يومًا؟!

إذا كانت الإجابة نعم، فاعلم أنّه من إحدى العوائق التي تواجه الإنسان في الوصول إلى أهدافه، هو فقدان الشغف بالأمر الذي بدأ به. لذلك، اليوم سنتعرّف معًا على أسباب هذه المشكلة والحلول المناسبة لها.

| اختيار مجال أو هدف لا يناسبك: وهذا قد يحدث لسببين؛ إما لعدم معرفة مميزاتك ومهاراتك، وبالتالي، تختار مجالًا لا يتناسب مع ما لديك من مهارات. أو بسبب التقليد الأعمى لأهداف الآخرين، لمجرد أنّك وجدت أحدهم قد نجح في هذا المجال، يأخذك الحماس للدخول في المجال نفسه آملًا بالنجاح مثله، ومن ثم تتفاجأ بأنه غير صالح لك، وتبدأ بالشعور بالملل والضيق ومن ثم الفشل والانسحاب.

 وهنا أقول لك أن نجاح شخص ما في مجال معين لا يعني بالضرورة نجاحك فيه؛ النجاح الحقيقي يكون حين تكتشف نفسك وتسخّر ما وهبك الله من مواهب ومميزات ومهارات في المجال الذي يتناسب معها، وتعمل بشكل دائم على تطوير هذه المهارات لتصل ليس للنجاح وحسب! بل والتميّز أيضًا بين أصحاب المجال الواحد وبين منافسيك.

شغف صورة 1.jpeg

 | عدم الصبر والسرعة في مطالبة الحصول على النتائج: لنفترض أنّك التحقت في كورس للغة الإنجليزيّة، من غير المنطقي أن تتوقع من نفسك إتقان اللغة بشكل كامل بعد شهر أو شهرين! أو لنفترض أنّك بدأت مشروعك الخاص؛ من غير المعقول أن تتوقع أنك ستصبح مليونيرًا بعد عدّة أشهر، أنت بهذا التفكير تحبط نفسك. يقول الله سبحانه وتعالى في سورة الإسراء ((وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولًا))١١- الإسراء. من أحد تفاسير العلماء لهذه الآية الكريمة بأنّ الإنسان كثير الضجر، لا صبر له على سرّاء ولا ضراء، فالإنسان مجبول على استعجال حدوث ما يراه خيرًا له، ومجبول على استعجال زوال ما يراه شرًّا أو مفسدة له. من المؤكد أنه لا ضير في أن يكون الإنسان متلهّفًا للوصول ولكن؟! 

اعلم أن النتائج الجيدة تحتاج وقتًا طويلًا من الجدّ والعمل المستمر والمثابرة والصبر والصبر والكثير من الصبر. هناك حكمة جميلة تقول إن قطرات المطر الرقيقة قادرة على إحداث ثقب في الصخر الصلب بواسطة السقوط المتواصل، لذا، استمر بالعمل بصبر وجدّ وإتقان ومثابرة، وكن واقعيًّا في آمالك، ومنطقيًّا في تفكيرك وتخطيطك.

| الافتقار للمعلومات الكافية حول الهدف الذي تختاره: أي عدم الإحاطة بجميع جوانبه بعد اختيارك لهدف يتناسب مع مهاراتك ومع الذي تحب. الآن! مهم جدًا قبل البدء في تنفيذه أن تدرسه جيدًا من جميع النواحي وتعرف سلبياته وإيجابياته، وتقرأ وتبحث في تجارب أشخاص آخرين كان هدفهم ومجالهم مماثلًا لهدفك ومجالك لتستفيد من تجربتهم.

ولا أقول هنا أن تبحث في سير وقصص الناجحين وحسب، بل أيضًا ادرس وابحث في تجارب من فشلوا في نفس مجالك؛ فتجاربهم الفاشلة بمثابة مرجع عظيم يتيح لك التعلم من أخطائهم لتتجنبها في مسيرتك ولا تكرّرها.

الشغف.jpg

| إجهاد النفس في العمل المستمر وتحميلها ما لا تطيق: لا تجعل حماسك وتطلّعك لبلوغ هدفك يحولك إلى روبوت! أنت لست آلة تعمل ليلًا نهارًا دون كلل ولا ملل، لأنك إذا أجهدت نفسك وعاملتها بهذا الشكل، سيأتي يوم وتقع في منتصف الطريق نحو تحقيق هدفك، ولن تقوى على المسير بعدها أو ربما سيقعدك ذلك عن العمل لأيام.

لذلك من المهم جدًا موازنة الأمور بحكمة، ولا بد أن تخصّص وقتًا للراحة تستعيد به طاقتك وتجدّد نشاطك، وتروّح به عن نفسك. من المهم جدًا كذلك، أن تكافئ نفسك بين الحين والآخر، انظر إلى ما حققته من إنجازات، وما قطعته من خطوات جعلتك تتقدّم وتقترب من تحقيق هدفك، ومن ثم كافئ نفسك على هذا الإنجاز بشيء تحبه، كزيارة مطعمك المفضل أو قضاء يومين في إجازة تامة وانقطاع عن العمل.

| الرسائل العقليّة السلبيّة وعدم الثقة بالنفس أو بالهدف: عقلك يصدّق ما تقوله له ويحوّله إلى واقع، لذلك كن حذرًا فيما تقوله لنفسك. لا تدع خوفك من الفشل منعك عن المضي قُدمًا في طريق تحقيق أهدافك. ولا تشكك في أهميّة الهدف وفاعليته طالما أنك اخترت الهدف الذي تحب والذي يتناسب مع مهاراتك.

ولا تقل لنفسك لن أستطيع أن أفعل ذلك، لأن قولك هذا هو قمّة العجز، وأكبر عائق في طريق الوصول لهدفك، وأول خطواتك نحو الفشل. حسّن من نظرتك الذاتيّة لنفسك، وانظر إليها بعين الحب والفخر والتشجيع، ثق بنفسك، وثق بحلمك واحتضنه بالدعاء والتوكل على الله، مقرونًا بالعمل الجاد والمثابرة والصبر إلى أن تراه واقعًا وتصل إلى هدفك.

| أحط نفسك ببيئة عمل إيجابية: وابحث عن صديق تشاركه طموحك ويشاركك أفكاره، ويكن لك خير معين؛ إن مما يساعدك على عدم فقدان شغفك وحماسك أن تجد من يشاركك هذا الشغف ويؤمن بحلمك ومشروعك. يقول إيرل نايتنجيل: "نحن نكون في أفضل حالاتنا، ونكون أسعد عندما نتشارك بشكل كامل في العمل الذي نستمتع به في الرحلة نحو الهدف الذي وضعناه لأنفسنا، إن المشاركة تُعطي معنى لوقتنا، وتجعل كل شيء آخر في الحياة رائع، لذلك مشاركة الآخرين هي شيء جدير بالاهتمام". أختم مقالي بنصيحة مهمّة للغاية:  سُدّ آذنك عن أصوات المحبطين المشكّكين، وما أكثرهم من حولنا اليوم.