بنفسج

الأعراض والمسببات وبرتوكول العلاج

الإثنين 05 يوليو

في البداية، سأخبركم إنني لمَ أكتب هذا المقال، في هذا التوقيت الحرج عبثًا، بل عن تعمد وإصرار، أردت أن أساعد أطفال العرب عامة الذين يعانون في بلادهم من الحروب والأزمات، وأطفال فلسطين الحبيبة خاصة، لما عانوه بالأحداث الأخيرة من تهجير وقصف بعض المناطق، لماذا الحديث عن هذا الاضطراب تحديدًا؟! لأن هذا الاضطراب يصيب أي فرد بعد تعرضه لصدمة، ولكن سنخصص هذا المقال عن الحديث عن الأطفال، خاصة المعرضين له، وأنوّه قبل البدء، أن الصدمة شيء، وهذا الاضطراب شيء آخر، فالأولى يتعرض لها أي طفل طبيعي مرّ بموقف صعب وصادم، أما الثانية فتختلف لها أعراض أساسية تبني عليها التشخيص بالاضطراب.

تنظرون إليّ الآن نظرة استهزاء، وتسألون: وهل يحتاج الفلسطيني مقالك أيتها الأخصائية النفسية العظيمة؟! حتى أطفالها شجعان أقوياء، قد رضعوا القوة والبسالة منذ نعومة أظفارهم، ولا يعاني أطفالهم من أي اضطراب. أُجيبكم بمحبة، أجل، صدقتم، ولكن.. أنا لم آتِ إليكم أقول بمرض نفسي، بل اضطراب قد يعانيه أي طفل مر بأزمة صعبة، وقد كتبت كل كلمة في هذا المقال، هدية منيّ في مساعدة ولو بسيطة، للأهالي هناك في فلسطين، وسورية، واليمن، وأي بلد ترزح تحت الحروب والأزمات.

وقبل أن نبدأ، أوصيكم أن تنتبهوا لأطفالكم وسط ما تعيشون، فهم يتألمون أكثر منكم أو مثلكم، في النهاية هم أطفال صغار بحاجة لعناية ورعاية، خاصة بعد مرورهم بأزمة حتى لا تنتكس حالتهم. هنا سنتعرف على الأعراض والمسببات وجزء من الخطة العلاجية وفي الجزء الثاني سنتحدث عن الخطة العلاجية كاملة لاضطراب ما بعد الصدمة. والآن، هيا معي، لنتعرف أكثر عن هذا الاضطراب.

ما هو هذا الاضطراب؟

اضطراب مع بعد الصدمة هو تجربة مخيفة، تجربة قريبة من الموت، تُشكل تهديدًا لحياته، أو كيانه الجسدي، أو لشخص آخر قريب منه. وذلك الإيذاء نتيجة لكوارث طبيعية، أو كوارث من صنع الإنسان، كالحروب أو الاغتصاب، أو فقدان أهله جميعًا أمام عينيه، ولتصنف من المصابين به يجب أن تستمر الأعراض لفترة شهر على الأقل بعد وقوع الحدث الصادم. وللبعض الآخر بعد سنة كاملة ما يُسمى البداية المتأخرة، أو متأخر الظهور.

هو تجربة مخيفة، تجربة قريبة من الموت، تُشكل تهديدًا لحياته، أو كيانه الجسدي، أو لشخص آخر قريب منه. وذلك الإيذاء نتيجة لكوارث طبيعية، أو كوارث من صنع الإنسان، كالحروب أو الاغتصاب، أو فقدان أهله جميعًا أمام عينيه، هذه الأحداث الشديدة تؤدي إلى ما يُعرف بـ "اضطراب ما بعد الصدمة".

وعادة تلك الأعراض التي تنتج من فعل للإنسان تكون أكثر تأثيرًا من الصدمة التي تأتي نتيجة كوارث طبيعية، لأن الكل مشمول بها، ولكن الأخرى فيكون الإنسان مستهدفًا فيها، إيذاء جسدي، جنسي. وهنا يبدأ السؤال المعتاد بالظهور، لماذا أنا؟!  ولا توجد أجوبة علمية مثبتة ودقيقة حول سبب ظهوره لدى البعض وعدم ظهوره لدى البعض الآخر، حوالي 5 ٪ من الأطفال الذين تعرضوا للصدمة، يبدون أعراضًا خفيفة أو شديدة، لها علاقة مباشرة بهذه الصدمة.

لكي يتم تصنيف هذا الاضطراب، "باضطراب ما بعد الصدمة"، يجب أن تستمر الأعراض لفترة شهر على الأقل بعد وقوع الحدث الصادم. وللبعض الآخر بعد سنة كاملة ما يُسمى البداية المتأخرة، أو متأخر الظهور. لذا نحن بحاجة إلى متابعة جادة لأي طفل يتعرض إلى صدمة، فحتى ولو ظهر أمامنا سليمًا، لا نهمله، بل نراقب ونتابع بشكل دوري لربما ظهرت الأعراض متأخرة فيما بعد، كما نبهنا سابقًا.

| أعراض الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة 

أعراض اكتئابية.  

أعراض قلق.

اندفاعية، يكون فيها قابل للاستثارة بسهولة، ويميل للمواجهة، والتحدي بسلوكه والتعبير عنه بنوبات غضب.

شعور شديد بالخوف والرعب.

اضطراب في السلوك.

تكرار أفكار، أو صور، أو أحاسيس مرتبطة بالحادث الصادم، وأحيانًا إعادة تمثيل الحدث، أو ما يُسمى بالاجترار أو الفلاش باك.

كوابيس متكررة لها علاقة بالحدث، أو ليس لها علاقة بالحدث.

▶ الابتعاد عن موضع الحادثة: يتجنب المذكرات، أي كل ما يذكره بالصدمة. مثال على ذلك: إن كان قد تعرض لفقدان والده في مكان ما، يمتنع عن المرور بالقرب من هذا المكان الذي يذكره بفقدانه ولا يقترب منه أبدًا.

 صعوبة استرجاع أحداث الحادثة: جهد فعال لتجنب المشاعر والأحاديث التي لها علاقة بالحدث، عدم القدرة على استعادة الأحداث المتعلقة بالصدمة. 

▶ تراجع المشاركة في الأنشطة: تناقص الاهتمام أو المشاركة بنشاطات متعددة كان يهتم فيها الطفل قبل الحدث الصادم.

▶ عدم التطلع إلى المستقبل: "لا يهتم الطفل بما سيدرس بعد المدرسة، أو أنه لا يتحدث عن المهنة التي كانت تستهويه وتهمه".

 اضطراب في التركيز:  وتأثر الحياة اليومية على المستوى الاجتماعي والدراسي.

▶ التهرب من كل شيء له علاقة بالحادثة: يجنب هذا الطفل كل مكان أو إنسان يذكره بتلك الحادثة.

الظهور بمشاعر جامدة: وهي ليست كذلك في الحقيقة، فهو يعاني من قلق شديد داخله، فكأنه يحاول أن يوازن بين مشاعره الداخلية والخارجية، فيظهر بتلك الحالة من الجمود.

 خلل في النوم والثقة بالنفس: يعاني الطفل من اضطرابات في النوم، أو صعوبات في النوم، إضافة إلى ضعف الثقة في النفس بشكل ملحوظ، وضعف التواصل الأسري أو الاجتماعي.

▶ اضطراب بعض المعاني الوجودية: مثل الإيمان والحياة والموت والتفكير بالانتحار، وغيرها من العوامل التي تختلف من شخص لآخر ومن عمرٍ لآخر. 

 أود التنويه أن أمد هذه الانتكاسات قد تطول أو قد تقصر للأطفال كما الكبار.

مراحل الصدمة النفسية، وهي خمس مراحل أساسية

 

▶ المرحلة الأولى: مرحلة تبلّد المشاعر، يتبلّد الإنسان ثوانٍ، دقائق، وقد تحصل ساعات لا يتفاعل مطلقًا بعد إعطائه الخبر، أو مروره بتلك المصيبة الشديدة، إذ يكون بحالة الاستغراب.

▶ المرحلة الثانية: وهي مرحلة الصدمة، وكل طفل يتفاعل معها بطريقة مختلفة أحيانًا غضب، أو صراخ، أو بكاء.

▶ المرحلة الثالثة: وهي مرحلة الإنكار، ينكر ما سمع أو ما أصابه.

▶ المرحلة الرابعة: وهي مرحلة الاحتجاج، وفيها تكثر الأسئلة من قبيل: لماذا حدث لي هذا يا رب؟ لماذا أمتّه؟ لماذا أتعرض لكل تلك الأمور؟

 المرحلة الخامسة: وهي مرحلة الكآبة، والتي فيها يكتئب وينكفئ على نفسه، يبغي الوحده. ثم بعد ذلك تأتي المرحلة الأخيرة وهي القبول بما تعرض له.

| الخطة العلاجية

 

قد يأخذ العلاج شهرًا أو سنة، ويختلف ذلك من طفل لآخر، وأيضًا حسب شدة الصدمة.

 استخدام العلاج المعرفي السلوكي: (Cognitive behavioral therapy)‏، وهو تدخل نفسي اجتماعي؛ يركز على تغيير التشوهات المعرفية غير المفيدة (مثل الأفكار والمعتقدات والمواقف) والسلوكيات، وتحسين التنظيم العاطفي، وتطوير استراتيجيات المواجهة الشخصية التي تستهدف حل المشكلات الحالية.

يتمثل دور المعالج في مساعدة الطفل في ممارسة استراتيجيات فعالة لمعالجة وتقليل أعراض الاضطراب، ويوصى باستخدامه كخط علاج أول لغالبية الاضطرابات النفسية لدى الأطفال والمراهقين.

العلاج لاضطراب ما بعد الصدمة يتبع لعدة مراحل ويعتمد على عدة أركان تكمل بعضها البعض، تبدأ بالعلاج المعرفي السلوكي والعلاج التحليلي وأيضًا الدوائي، هنا سنتناول العلاج المعرفي السلوكي تعريفه وأهميته، والدوائي، أما في الجزء الثاني سنتحدث عن العلاج النفسي بشكل كامل نظرًا لأهميته. قد يأخذ العلاج شهرًا أو سنة، ويختلف ذلك من طفل لآخر، وأيضًا حسب شدة الصدمة.

 استخدام العلاج المعرفي السلوكي: (Cognitive behavioral therapy)‏، وهو تدخل نفسي اجتماعي؛ يركز على تغيير التشوهات المعرفية غير المفيدة (مثل الأفكار والمعتقدات والمواقف) والسلوكيات، وتحسين التنظيم العاطفي، وتطوير استراتيجيات المواجهة الشخصية التي تستهدف حل المشكلات الحالية. يتمثل دور المعالج في مساعدة الطفل في ممارسة استراتيجيات فعالة لمعالجة وتقليل أعراض الاضطراب، ويوصى باستخدامه كخط علاج أول لغالبية الاضطرابات النفسية لدى الأطفال والمراهقين.

المعالجة التحليلية: المعالجة ذات الاتجاه التحليلي مفيدة أيضًا، وخاصة في الحالات المزمنة.

المعالجة الدوائية: يمكن اللجوء إليها، مع العلم أن المعالجة النفسية هي الأساس والمعالجة الدوائية مكملة لها. ولا تقل إن استخدام الأدوية مضرّ، فالضرر النفسي من هذا المرض أكبر بكثير عند هذا الطفل، ولذلك احرص على المبادرة في العلاج، واحرص على استكشاف تلك الأعراض مبكرًا، فكلما بادرنا في علاج ذلك الاضطراب كلما كنّا أكثر تمكنًا قبل أن يتصالح هذا الطفل بشكل غير سوي، فيزداد أثر ذلك الاضطراب ويتحول لاضطراب مُزمن.