بنفسج

"العيال لم تكبر بعد": عبق العيد في مسرح أبيض وأسود

السبت 30 ابريل

في ليلة العيد وضوضائها، وطبق الكعك المصري المرشوش بالسكر أمامهم، والضحكات تتعالي حتى تدمع العينين، ولا صوت يعلو سوى صوت أبطال المسرحيات الذين لطالما أحبهم الجمهور، وأحب "إفياتهم" التي تجعل الإنسان يغرق في نوبة ضحك، وهو يردد "قفشاتهم" التي باتت تستخدم في الحياة اليومية حتى يومنا هذا. ومع أن لا متسع في الوقت، في العيد، لأجوائه الدافئة والكثيرة، ويومه الطويل المليء بالمغامرات واللمات العائلية، إلا أن العائلة العربية تصر على اقتطاع جزء في نهاية يومها للثابت السنوي في أعيادهم، لتجلس بصمت وسط ضحكاتهم.

"من فات قديمه تاه"، بهذا المثل المصري الشهير تبدأ الجدة حديثها لأحفادها حين تذكر كوميديا النصف قرن، وبالرغم من مرور أعوام عديدة على مسرحيات العيد إلا أنه في كل عيد يتجدد اللقاء برمضان السكري وعاطف وسلطان وكمال وسحر، إن كنتم مدمني المسرحيات القديمة، ستعلمون بأني أتحدث عن "العيال كبرت"، هم كبروا والعائلة العربية لم تكبر أبدًا، ظل شغف الحنين للماضي ولذكريات كل قديم عُرض على الشاشة آنذاك مسيطرًا عليهم، خلال أيام العيد تتصدر كل مسرحية يوم خاص بها من الواد سيد الهارب، حتى مرسي وعفت في مدرسة المشاغبين، وصولًا إلى ريا وسكينة، فكل مسرحية تعد من الثوابت الأسرية، كل عيد في غالبية البيوت المصرية والعربية، وصحن المعمول والكعك ثابت يزيد الجلسة بهاء، ورغم حفظنا لكل مشهد وهمسة في كل تلك المسرحيات إلا أننا نشاهدها من جديد ونضحك كأننا لم نرها من قبل. بنفسج يقدم لكم أربع مسرحيات من الزمن الجميل.

| العيال كبرت

من منا لم يردد "إفيه" سلطان "إنت جيت يا رمضان"، و"أنا عندي استعداد للانحراف بس مش لاقي اللي يوجهني"، و"كنت معدي قلت أعدي أخد الجمعية"، وأصبح يستخدم هذا الإفيه حين الوقوع في موقف محرج. جسّد الشخصية سعيد صالح بشخصيته الكوميدية، حيث برع في كل "إفيه" قاله، ولم يفشل في إضحاك الجمهور في كل مرة، تدور حكاية المسرحية عن عائلة مصرية لكل فرد منها آماله، ولكن تنقلب المعادلات والخطط لكل من سحر وكمال وسلطان وعاطف حين يعلمون أن والدهم سيتزوج على والدتهم، فتبدأ حبكة المسرحية بالظهور في قالب كوميدي.

 فالرسالة الغرامية التي اكتشفها الابن الأكبر كمال في حقيبة والده رمضان السكري، دفعته لعقد اجتماع عاجل مع أشقائه للبحث في حلول للأزمة التي سقطوا بها، وتبدأ محاولتهم القوية لإقناع والدهم بالتراجع عن الزواج، وخلال تلك المحاولات يُصلح كل منهم عيوبه، فسحر الابنة الوحيدة للعائلة التي كانت تفكر بامتهان الرقص الشرقي عدلت عن فكرتها، وتقربت من والدها، وكمال الذي كان يحب امرأة تكبره في السن ولديها أطفال، تراجع وتزوج بالفتاة التي جلبها له والده، أما سلطان المشاكس الذي كان رأس الحربة طوال المسرحية قرر ترك حياة اللهو، وأصغرهم عاطف المغرم بالفنانة سعاد حسني، تراجع عن حبه الوهمي وركز على دراسته. المسرحية التي عرضت عام 1979، وبالرغم من مرور كل تلك السنوات إلا أن الصدارة ظلت لها، بالرغم من كل ما عُرض بعدها.

| الواد سيد الشغال

"يا شماتة أبلة ظاظا فيا"، جملة قالها الفنان الكوميدي الشهير عادل الإمام في الواد سيد الشغال، فأصبحت تردد منذ عرض المسرحية حتى الآن كلما تستدعي الحاجة لها، هذه أطول مسرحية عرضت حيث يبلغ عدد ساعاتها ساعتين وخمسون دقيقة، ومع ذلك تُكرر في كل عيد في غالبية البيوت العربية. تدور المسرحية حول سيد الهارب من تنفيذ عقوبة السجن لمدة عام بتهمة الضرب، حيث يفر هاربًا للاختباء في منزل خاله الطباخ الذي يعمل لدى عائلة غنية، تتوالى الأحداث وتنفصل ابنة صاحب العمل عن زوجها للمرة الثالثة، فيقع الاختيار على الواد سيد للقيام بدور المحلل، وتبدأ وصلة كوميدية لا تنتهي من إبداع الزعيم، يشترط الواد سيد ليتزوج بالابنة هدى أن تعيش مع والدته في البدروم، وعندما حانت عودتها للقصر، تنقلب المعادلة وترفض هدى الانتقال معلنة وقوعها في حب الواد سيد الشغال. بمجرد أن نسمع اسم هدى يتوارد إلى ذهننا "الإفيه" الشهير "بتحبيني يا هدى" الذي بات يستخدم كثيرًا في الأوساط العربية.

| المتزوجون

حين يذكر اسم مسرحية المتزوجون يتبادر للذهن فورًا مشهد الملوخية حين يربط مسعود رأسه بقطعة قماش قائلًا "عشان دماغي متضربش"، بعدما رأى طبق الملوخية بالدجاج الذي طبخته زوجته لينا بالإسمنت، ويقول لها في حوار مضحك: "إنتِ عملتيها إزاي"، فترد زي كتاب أبلة نظيرة بالزبط في صفحة الملوخية"، فيجيبها "يعني مش صفحة الوفيات". والمشهد الآخر العالق في الأذهان مشهد الصرصار وطريقة نطق لينا لكلمة "الصرصار"، تدور حبكة المسرحية حول قضية الزواج والانقسام الطبقي في مصر، والتفاوت في المستوى الاقتصادي بين الأزواج المختلفين في الطبقة الاجتماعية، حيث جسد الحكاية الشاب مسعود الذي وقع في حب الفتاة الغنية لينا التي تنتقل للعيش في منزله المتواضع بالرغم من رفض والدها، رغبة منها في تجربة حياة الفقراء. وحين سألته لينا: "إحنا فقرا يا مسعود"، فرد عليها: "فشر يا روحي إحنا غلابة". عرضت القصة بقالب كوميدي بحت تزعم بطولتها الزعيم عادل الإمام.

| مدرسة المشاغبين

في هذه المسرحية التي عُرضت عام 1973 خمسة طلاب مشاغبين أخذونا معهم في جولة كوميدية، حيث تدور القصة حول طلبة لا يستطيع مدير مدرستهم السيطرة عليهم، فيأتي لهم بمعلمة تُدعى عفت لتبدأ رحلة تهذيب سلوك الطلاب، وتظل مصرة على موقفها برغم كل من واجهها من مشاكسات طلابها، ومن أبرز "قفشات" الفيلم "فين السؤال.. أنا أحط إيدي على السؤال تلاقيني فوريرة"، وفي مشهد شهير تسأل المعلمة عفت الطالب مرسي الزناتي والذي يقوم بدوره الفنان سعيد صالح وتقول له: "تعرف إيه عن المنطق" فيجيبها ببلاهة "أعرف أنه كويس". وتتوالى المشاهد الكوميدية سواء مع بهجت الأباصيري الذي يجسد دوره الزعيم عادل الإمام أو مع باقي الكادر الفني الذي برع في تجسيد المشاهد الكوميدية.