بنفسج

ترانيم دافئة.. عن الحب نتحدث

الخميس 17 فبراير

هل الحب فن يقتضي جهدًا وتدريبًا؟ أم أنه إحساس باعث على اللذة؟ وممارسة هذا الإحساس راجع للصدفة؟ أو أنه شيء يقع فيه الإنسان إذا كان محظوظًا؟ هذا ما بدأ به عالم علم النفس التحليلي "إيريك فروم" كتابه "فن الحب" الذي يُعد واحدًا من أهم مراجع التحليل النفسي في موضوع الحب. من منّا لم يسمع أو لم يشهد في حياته قصص حب وغرام، انقلبت بعد فترة من الزمان إلى صراع ونزاع، فهجر وانفصال، وكأنه لم يكن هناك يوم حب في يوم من الأيام.

من منّا لا يلاحظ التناقض العجيب بين ما يسوق لنا عن الحب على القنوات التلفزيونية وروايات الحب الغرامية، وبين الممارسات الفعّالة للحب الصادق الحقيقي بين أفراد المجتمعات الإنسانية؟ وربما من بين الاعتقادات الخاطئة عن الحب هو أن هذا الأخير متعلق بالشخص الذي نحب، والصعوبة تكمن في وجود الشخص المناسب لتبادل الحب، لكن الحب ليس مقترنًا بوجود الشخص المناسب أو اختيار الزمن الأنسب كما يعتقد، إنما هو ملكة وإرادة وقدرة.

يقولون وقع في الحب! وهل الحب حفرة أم فخ ليقع فيه الإنسان؟ من هذا الوصف تيقنت أن الحب الذي يمثلونه بالوقوع ربما ليس حبًا حقيقيًا، بل الحب الحقيقي هو الذي يقف عنده المحب، به وفيه، الحب هو ما يعيش به الإنسان كنمط حياة. طريقة حياة، أسلوب حياة. الحب الحقيقي هو العطاء من دون انتظار أخذ، عكس العطاء الذي أصبح يفهم أنه تضحية من خلال العقلية المادية التي تعتبر العطاء، من دون مقابل، هو ظلم وخداع. لكن العطاء بالنسبة للشخص المحب، المتحرر من دوافع الأنا التي فيه هو أعمق صور التعبير عن القوة الداخلية. وأعظم أنواع العطاء هو أن يعطي الشخص أثمن ما لديه بل أغنى ما يملك، أن يعطي من نفسه، من فرحه وشغفه، من علمه ووقته.


اقرأ أيضًا: مودة ورحمة: ارتوِ بالحب في بيت النبوة


أن يعطي من ذلك الشيء الحي الذي فيه، وبذلك يحيي الآخر وينيره بالعطاء، بالحب. إن الحب بقيمته ركيزة تجمع بين الرعاية والمسؤولية والاحترام؛ هو رعاية لتجليه في اهتمام المحب بحياة من يحب، مسؤولية ليس كواجب خارجي وإنما فعل إرادي نابع من داخل الروح المحبة واستعدادها لتلبية حاجيات الطرف الآخر سواء عبر عنها أو لم يعبر. أما الاحترام فهو أن ترى الشخص الآخر كما هو من دون شرط أو مقابل، وبذلك تستطيع رؤية الآخر في إطاره الواقعي.

الحب بقيمته هو الحب الذي يتخلى فيه المحب عن الأنانية؛ فالشخص الأناني لا يحب ذاته في الأصل فكيف يحب غيره. أما من يحب ذاته حبًا حقيقيًا نابعًا من روحه، فهو يحب لكل شخص آخر ما يحب لذاته. هذا ما نسميه الحب كقيمة إذ به يحب الإنسان ذاته وأخاه وما حوله. إنه الحب، أقيم ما في الأرض، منه أتينا وبه نؤمن ونحيا.

لا ننكر أننا بطبيعتنا البشرية حاجتنا لحب الناس هي بدافع الخروج من سجن الانفصال عن العالم، ولا حل للخروج من هذه الوحدة القاتلة سوى طريقة الحب الصحيحة. نعم، نحن بحاجة الحب الذي أساسه حب الإنسانية، حب المساكين والفقراء والضعفاء والغرباء وإحساسنا بالمسؤولية اتجاههم. حب أولئك الذين لا يضيفون شيئًا ماديًا لنا. هنا يكون الحب الحقيقي قد بدأ. نحن بحاجة الحب الذي ربطه الحبيب -صلى الله عليه والسلام- بالإيمان في قوله الشريف: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه". نحن بحاجة الحب الذي أدخل به، عز وجل، رجلًا، الجنة في كلب سقاه، فما بالك بحب الإنسان للإنسان.

الحب بقيمته هو الحب الذي يتخلى فيه المحب عن الأنانية، فالشخص الأناني لا يحب ذاته في الأصل فكيف يحب غيره. أما من يحب ذاته حبًا حقيقيًا نابعًا من روحه، فهو يحب لكل شخص آخر ما يحب لذاته. هذا ما نسميه الحب كقيمة إذ به يحب الإنسان ذاته وأخاه وما حوله. إنه الحب، أقيم ما في الأرض، منه أتينا وبه نؤمن ونحيا. الحب هو أهم طاقة يمتلكها الإنسان، وبها يمكنه أن يعالج نفسه ويشفيها، كما أثبتت الدراسات، فإن كنت حقًا تحب نفسك وتسعى لإصلاحها وتهذيبها ونفعها جسدًا وعقلًا وروحًا، فعلم نفسك أن تحب كل من حولك وكل ما حولك حبا لله وفي الله.