بنفسج

ماذا قال الإسلام عن المرأة؟ [4] كتب مقترحة

الإثنين 15 اغسطس

هناك هوّة شديدة الاتساع تفصل بين حضور المرأة في الشرع ككائن مستقلِّ مكلّف، وبين واقعها المعاش على ضوء الأعراف الاجتماعية؛ الأمر الذي أدّى إلى الكثير من التجاوزات في حقوق المرأة ومكانتها الدينية والمجتمعية والثقافية باسم نصوص قرآنية وأحاديث نبوية، أخرجت عن سياقها، وأُريد بها عكس ما تُريده؛ فتسبّبت هذه التجاوزات في تضييق إطار المرأة الذي وسّعه الشرع، وكانت مدخلًا لاتهامات وشبهات مثارة، جعلت من الدين الإسلامي دين تحيّز إلى الرجل على حساب المرأة.

وقد عزّزت من امتداد هذا الشرخ طروحات غير متعمّقة في فهم المكانة الحقيقية التي أراد الشرع أن يؤصّل بها دور المرأة وحقوقها وواجباتها الفردية والمجتمعية، فجاءت إمّا حصارًا لها أو تبريرًا لمناهج الغرب في تحريرها، وحادت عن منهج وسطيّ معتدلِ لا إفراط فيه ولا تفريط. أدّت هذه الرّؤى السّطحية التي تُبنيت وفق معايير عرفية، لا أساس لها لسنوات طويلة في مجتمعاتنا العربية، إلى خلق حالاتِ من الاشتباه والتناقض، وعدم الثقة في نفس المرأة المعاصرة.

 إذ من الطبيعيّ أن تشعر الفتاة مثلًا بالخوف الدّائم وعدم الاطمئنان حينما تتمّ تتربى على أنّ لزوجها المستقبليّ حق مطلق في ضربها، يكفله الشرع، وتعاليم الدين، أو على أنّها تابعة للرّجل بصفة كاملة، ولا سيادة لها على نفسها، أو على أنّها معدمة الحقّ في تحصيل تعليمها، أو غير ذلك من أفكار. والحديث هنا عن جملة من الكتب التي تجلّت فيها عناية الشرع بقضية المرأة بصفتها كيانًا قائمًا بذاته، له الحرية في الاعتقاد، وحقّ الظهور في المجتمع والتعبير عن الرّأي والمشاركة في الحياة العامة، نستهلّها بالمرأة بين الأصول والتقاليد، ونختمها برؤية الإسلام للمرأة وعملها السياسيّ.

| المرأة بين الأصول والتقاليد

يسلّط، الدكتور حسن الترابي في كتابه "المرأة بين الأصول والتقاليد"، الضوء على دور المرأة في المجتمع تبعًا لمرجعية الكتاب والسّنة، متّخذًا من المجتمع الإسلامي الأول زمن الرسول - صلى الله عليه وسلم -والصحابة منطلقًا لإثبات طرحه، مشيرًا إلى الكثير من المواقف التي برزت عبرها شخصية المرأة المسلمة المستقلّة،  وتركت فيها بصمتها الخاصّة.

يصدّر الترابيّ كتابه بالحديث عن توجّه الشرع إلى تكليف المرأة، بصفتها كائنًا مستقلًّا بالطريقة ذاتها التي كلّف بها الرّجل، باعتبار أنّ النساء شقائق الرجال، وأنّ الخطاب الشرعي والتكليفيّ عامّ موجه إلى كليهما، مع فروقات خفيفة تتحكم فيها الطبيعة الفطرية لكلّ واحد منهما.

يسلّط، الدكتور حسن الترابي في كتابه "المرأة بين الأصول والتقاليد"، الضوء على دور المرأة في المجتمع تبعًا لمرجعية الكتاب والسّنة، متّخذًا من المجتمع الإسلامي الأول زمن الرسول - صلى الله عليه وسلم -والصحابة منطلقًا لإثبات طرحه، مشيرًا إلى الكثير من المواقف التي برزت عبرها شخصية المرأة المسلمة المستقلّة، وتركت فيها بصمتها الخاصّة. يصدّر الترابيّ كتابه بالحديث عن توجّه الشرع إلى تكليف المرأة، بصفتها كائنًا مستقلًّا بالطريقة ذاتها التي كلّف بها الرّجل، باعتبار أنّ النساء شقائق الرجال، وأنّ الخطاب الشرعي والتكليفيّ عامّ موجه إلى كليهما، مع فروقات خفيفة تتحكم فيها الطبيعة الفطرية لكلّ واحد منهما.

يقول: "المرأة في أصول الدين كائن إنسانيّ قائم بذاته، فهي موضع للتكليف موجه إليها الخطاب بالدين مباشرة، لا يتوسّط إليها بوليّ من الرجال، وتحقّ عليها المسؤولية متى استوت عندها أهلية الرشد، وبلغتها كلمة التذكير". فالدخول في الإسلام أمر عينيّ يتطلب امرأة عاقلة أصيلة مستقلّة، لا يمكن أن ينوب عليها فيه أب أو أخ أو زوج، شأنها بذلك شأن الرجل، وقد جاءت أم سليمة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: "يا رسول الله، يذكر الرجال ولا نذكر". فنزلت الآية الكريمة موضحّة: "إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ وَٱلْمُسْلِمَٰتِ وَٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَٰتِ وَٱلْقَٰنِتِينَ وَٱلْقَٰنِتَٰتِ وَٱلصَّٰدِقِينَ وَٱلصَّٰدِقَٰتِ وَٱلصَّٰبِرِينَ وَٱلصَّٰبِرَٰتِ وَٱلْخَٰشِعِينَ وَٱلْخَٰشِعَٰتِ وَٱلْمُتَصَدِّقِينَ وَٱلْمُتَصَدِّقَٰتِ وَٱلصَّٰٓئِمِينَ وَٱلصَّٰٓئِمَٰتِ وَٱلْحَٰفِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَٱلْحَٰفِظَٰتِ وَٱلذَّٰكِرِينَ ٱللَّهَ كَثِيرًا وَٱلذَّٰكِرَٰتِ أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا" الأحزاب: 35.

الترابي اقتباس.jpg
وقد أدرج المؤلف في كتابه أمثلة كثيرة لصحابيات أسلمن من دون أهلهن،ّ كزينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفاطمة بنت الخطاب، وأم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، لم يخشين من آبائهنّ ولا إخوتهنّ، وكنّ على استعداد للتضحية بأنفسهنّ من أجل نصرة الدّين. المرأة، كما يقول الترابيّ، كانت حاضرة في كلّ شؤون المسلمين العامة والخاصّة: قطعت الأميال لتهاجر إلى المدينة، وبايعت النبيّ على السمع والطاعة، وجادلت في حضور كبار الصحابة، وروت الحديث، وحفظت المصحف الشريف، ومُنحت أهلية الامتلاك والتصرّف، وشاركت في المعارك، وأدّت دورها في الدعوة، وصلّت في المسجد مع الجماعة، عُذّبت، واستُشيرت، ورَفضت، وأدلت برأيها، ودافعت عن حقوقها، كلّ هذا في حضرة النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - وصحابته، فمن ذا الذي أقرّ قيودًا مجتمعية لا أساس لها في الدين؟

مثال على ذلك بريرة التي أرادت الانفصال عن زوجها مغيثًا، فلم يأمرها رسول الله بالعودة، ولم يرفض تطليقها، قالت: "يا رسول الله أتأمرني؟". قال: "إنّما أنا شفيع" فأجابت: "لا حاجة لي به". بكلّ هذا الإصرار، بكلّ هذه الاستقلالية، لم ينكر عليها النبيّ الحبيب، ولم ينهها.

"قررت الشريعة بأصولها السوية للمرأة أهلية وحرية مثل ما للرجل، فلها أن تخطب في الرجال مشافهة، وكتابة، وأن تختار الزوج، وأن ترفض من تكره عليه، وأن تفارق الزوج وهو راغم، ولكن يباشر العقد ولي، ويباشر تطليقها القاضي". ولعلّ أفضل مثال على ذلك بريرة التي أرادت الانفصال عن زوجها مغيثًا، فلم يأمرها رسول الله بالعودة، ولم يرفض تطليقها، قالت: "يا رسول الله أتأمرني؟". قال: "إنّما أنا شفيع" فأجابت: "لا حاجة لي به". بكلّ هذا الإصرار، بكلّ هذه الاستقلالية، لم ينكر عليها النبيّ الحبيب، ولم ينهها.


اقرأ أيضًا: تحرير المرأة في عصر الرّسالة: السيّاق والجدل


ينتقل الترابيّ بعد ذلك من زمن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وصحابته، إلى العصر الحديث، منتقدًا ما آل إليه أمر المرأة، مؤكّدًا على دورها الكبير في المجتمع، بما يوافق حدود الشرع، ولا يمنح للثورات الداعية إلى التحرير فرصًا للمزاودة على الإسلام، مدرجًا وفق تسلسل بنّاء دور المرأة وحقوقها على ضوء الشرع في جميع المجالات: في التعليم، والاقتصاد، والتربية، والميراث، والحياة العائلية، والحياة السياسية، ونهضة المجتمع. ويقول: "والأنثى والذكر سواء في كسب العلم تعلّما وتفقها، واجتهادا وتشاورا. والمرأة هي الأولى لتعليم الأطفال ولعلوم الرحمة كالطب، لا سيما رعاية المريض، وكذلك هنّ أحذق للعلوم والفنون، التي تستدعي دقة النظر والكتابة، كالتقنية والفنيات والبحوث الدقيقة".

| قضايا المرأة بين التقاليد الراكدة والوافدة

الكتاب جملة من مقالات الشيخ محمد الغزالي، جمعت في كتاب من 200 صفحة، تبحث معظمها في المرأة وقضاياها، وتدعو إلى النهضة بحالها، وتردّ على الافتراءات التي جعلت من الإسلام دينًا يظلم المرأة ولا يوفيها حقّها. 
 
وقد استهلّ الشيخ الغزالي ذلك من خلال أول مقال له بعنوان "حسّنوا صورة المرأة المسلمة" أين دعا إلى ضرورة تصحيح وضع المرأة كما جاء في الشرع، لأنّ الصورة الشائعة عنها تنفّر غير المسلمين من الإسلام وتجعلهم يرفضون الدخول فيه. 

هي جملة من مقالات الشيخ محمد الغزالي، جمعت في كتاب من 200 صفحة، تبحث معظمها في المرأة وقضاياها، وتدعو إلى النهضة بحالها، وتردّ على الافتراءات التي جعلت من الإسلام دينًا يظلم المرأة ولا يوفيها حقّها. الشيخ كعادته شديد اللهجة ضدّ من يشوّه الصورة السّمحة للإسلام، شديد الانفعال اتّجاه من يضيّق ما وسعته رحمة الله. وعلى الرغم من بعض المآخذ التي جاءت في الكتاب، كانتقاد المؤلف للنقاب بشكل صريح، إلا أنّه يعطي تصورًّا عامًّا حول المشاكل التي تعاني منها المرأة المسلمة، ويحاول إيجاد حلول لها بما يضمنه الشرع.

وقد استهلّ الشيخ الغزالي ذلك من خلال أول مقال له بعنوان "حسّنوا صورة المرأة المسلمة" أين دعا إلى ضرورة تصحيح وضع المرأة كما جاء في الشرع، لأنّ الصورة الشائعة عنها تنفّر غير المسلمين من الإسلام وتجعلهم يرفضون الدخول فيه.  وأشار إلى أنّ ذلك طبيعيّ مع شخص يُعرّف الإسلام بحديث موضوع أو ضعيف عن المرأة ثم ينتظر أن يدخل مخاطبه فيه: "أحسنوا عرض دينكم، ولا تصدّوا الآخرين عنه بسوء الفهم، أو سوء العمل" مؤكّدا على مسألة مساواة الإسلام بين المرأة والرجل في جملة الحقوق والواجبات: "وإذا كانت هناك فروق معدودة فاحتراما لأصل الفطرة الإنسانية وما ينبني عليها من تفاوت الوظائف، وإلا فالأساس قوله تعالى: "فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى". وقوله: "من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزيهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون".

اقتباس العزالي1.jpg
ينتقل الشيخ في مقال آخر له بعنوان "الإسلام يحمي الأسرة" إلى الحديث عن تبعات الحضارة الغربية التي أفسدت الأخلاق والأسر، وهو يعزّي ذلك إلى التخلف الذي وصلت إليه البلدان الإسلامية، برفض تعليمها للمرأة مثلًا باسم الإسلام، وفرض الأمية والجهل عليها، مستنكرًا تقاتل البعض في البلدان العربية حول مسألة صلاة المرأة في المسجد، في حين تمكّنت المرأة في الغرب من الوصول إلى الفضاء بسبب تعليمها.

كما ينتقل في مقالات أخرى بين مشروعية اختيار المرأة لزوجها، وضرورة تعزيز دورها في المجتمع "المرأة عندنا ليس لها دور ثقافي ولا سياسيّ، لا دخل لها في برامج التربية ولا نظم المجتمع، ولا مكان لها في صحون المساجد ولا ميادين الجهاد"، والحدّ من جميع الأوهام التي تحاصرها، وهو في كلّ خطاباته شديد الاستنكار لما يفعله بعض الجاهلون كما سماهم، شديد اللهجة في الردّ عليهم، واصفًا إياهم بأنّهم عون الاستعمار على الإسلام.

| المرأة بين القرءان الكريم وواقع المسلمين

في هذا الكتاب قراءة متأنية لحضور المرأة في القرءان الكريم، وواقعها بين المسلمين، مع كلّ ما يرافق ذلك من عدم تطابق، وعدم انسجام؛ فالغنوشيّ يبحث في كتابه عن أسباب اختلاف تعامل المسلمين مع المرأة عن التوجيهات الربانية. مثيرًا الكثير من الأسئلة في هذا الصدد: أليس الأصل في الخطاب القرآني عموم الرجال والنساء؟ ألم يخلقنا الله من نفس واحدة؟ ألم يؤكد في مرات كثيرة أن الرجال شقائق النساء؟
 
المثير للانتباه في الكتاب أنّ الغنوشي يذكر جميع النصوص التي كانت تُؤخذ على أساس أنّها انتقاص من قيمة المرأة وقدرها، ككيد النساء، والقوامة، وغيرها، ويردّ على هذه السياقات الخاطئة تبعًا لما تورده التفاسير، وتقصده الآيات، مزيحًا بذلك الغبار عن الكثير من الأفكار الخاطئة الموروثة التي يستدلّ بها المغرضون لسبب أو لآخر من أجل الحطّ من مكانة المرأة.

في هذا الكتاب قراءة متأنية لحضور المرأة في القرءان الكريم، وواقعها بين المسلمين، مع كلّ ما يرافق ذلك من عدم تطابق، وعدم انسجام؛ راشد الغنوشيّ يبحث في كتابه عن أسباب اختلاف تعامل المسلمين مع المرأة عن التوجيهات الربانية، مثيرًا الكثير من الأسئلة في هذا الصدد: أليس الأصل في الخطاب القرآني عموم الرجال والنساء؟ ألم يخلقنا الله من نفس واحدة؟ ألم يؤكد في مرات كثيرة أن الرجال شقائق النساء؟

يستهل الكتاب فصله الأول عن المرأة في القرءان، مقارنًا بين طريقة تناول زوج آدم في العهد القديم والجديد، باعتبارها مصدرًا للغواية وسببًا في إخراج آدم من الجنة، وتحميلها المسؤولية وحدها ممّا يثير احتقارها، وطريقة ذكرها في القرءان الكريم باعتبار أنّها كائن مكلّف متحمّل لمسؤوليته، مع انتقاد لمن يصرّون على إلحاقها الدائم بالرّجل، ووصفها بأنّها تابع من توابعه على عكس ما ورد في القرءان.

الغنوشي اقتباس.jpg
كما يستطرد الغنوشيّ طرحه بالحديث عن إعادة اعتبار القرءان للمرأة من خلال تنويه القرءان والحديث في العديد من النماذج النسائية في مختلف المجالات الاجتماعية والتعبدية مثل مريم عليها السلام، وبلقيس ملكة سبأ، وأم موسى، وزوج فرعون. "من مظاهر تكريم الإسلام للنساء إعادة الاعتبار لهنّ بوصفهنّ كائنات إنسانية حرة ومسؤولة، ورفع أثار وأغلال قرون الظلم الطويلة التي رزحن تحتها"، ويفسّر وفق طرح تسلسليّ آية "وليس الذكر كالأنثى"، مؤكدًا إلى عدم وجود علاقة لها بالمعنى الذي حملت عليه تعسّفًا من تفضيل الذكر على الأنثى.


اقرأ أيضًاالخطابان الديني والنسوي: حين يلتقي الفرقاء على " أشكلة" المرأة


المثير للانتباه في الكتاب أنّ الغنوشي يذكر جميع النصوص التي كانت تُؤخذ على أساس أنّها انتقاص من قيمة المرأة وقدرها، ككيد النساء، والقوامة، وغيرها، ويردّ على هذه السياقات الخاطئة تبعًا لما تورده التفاسير، وتقصده الآيات، مزيحًا بذلك الغبار عن الكثير من الأفكار الخاطئة الموروثة التي يستدلّ بها المغرضون لسبب أو لآخر من أجل الحطّ من مكانة المرأة.

| المرأة والعمل السياسيّ: رؤية إسلامية

كتاب "المرأة والعمل السياسي: رؤية إسلامية"، ليس مجرّد إبانة لواقع المرأة في العمل السياسيّ بقدر كونه تأصيلًا فكريًّا مُمنهجًا يبحث مكان المرأة على خريطة العمل السياسيّ، والشورى، وقضايا البيعة تبعًا للصلاحيات الشرعية، والوظائف الاجتماعيّة. وهو لا يدرس دور المرأة من خلال الحقوق الفردية، وإنما يتجاوز ذلك إلى الحقوق المجتمعية، فالدكتورة هبة ترسم عبر كتابها خارطة الحضور النسويّ (نسبة للمرأة، لا النسوية) في المجتمع بأسره، وما لها عليه، في إطار الجماعة.
 
اعتمدت في أساسها علی منهج القراءة المعرفية الذي تنتهجه اسلامية المعرفة بالنظرة الكلية الشاملة للكون والحياة والقرآن، واستنباط الأحكام وفق هذه النظرة الشمولية وهذا هو جوهر تميز هذه الدراسة. يمكن إدراج هذه الدراسة ضمن اطار المعرفة المقارنة حيث ميزت الباحثة بين المشاركة السياسية للمرأة في المنظورين الاسلامي والغربي والذي أسسته علی مفهوم العمل _الواجب العيني والكفائي_ في النظرة اﻹسلامية.

ولأنّ الختام مسك، كما يُقال، فهذا الكتاب للدكتورة هبة رؤوف عزّت تحت عنوان "المرأة والعمل السياسي: رؤية إسلامية"، ليس مجرّد إبانة لواقع المرأة في العمل السياسيّ بقدر كونه تأصيلًا فكريًّا مُمنهجًا يبحث مكان المرأة على خريطة العمل السياسيّ، والشورى، وقضايا البيعة تبعًا للصلاحيات الشرعية، والوظائف الاجتماعيّة.

وهو لا يدرس دور المرأة من خلال الحقوق الفردية، وإنما يتجاوز ذلك إلى الحقوق المجتمعية، فالدكتورة هبة ترسم عبر كتابها خارطة الحضور النسويّ (نسبة للمرأة، لا النسوية) في المجتمع بأسره، وما لها عليه، في إطار الجماعة، وتقسّم وجود المرأة إلى دائرتين: دائرة الأمّة التي تعدّ المرأة جزءًا لا يتجزّأ منها، وبالتالي عنصرًا فعّالا يشارك في أمورها، ودائرة الأسرة التي تتحمل المرأة بدورها فيها مسؤوليات عدّة.

وهي بدراستها هذه تؤسس لمنهج جديد إسلاميّ يبحث في العمل السياسيّ للمرأة بطريقة تختلف عن الدراسات الإسلامية السّابقة، والدراسات الغربية على حدّ سواء، وتجمع بين السياسة ودراسات المرأة، والدراسات الإسلامية، بطريقة تعزّز من قوة الطرح وعمق. كتاب فكريّ، ثريّ ينصح بقراءته، كما أنّ مطالعة هذه الكتب، بشكل عام، واجب على كلّ امرأة يشغلها أمر أمتها، وأمر حضورها في هذه الأمة.

د.هبة عزت
في نظري هو من الكتب التي تؤكل ولا يكتفی بقرائتها، اعتمدت في أساسها علی منهج القراءة المعرفية الذي تنتهجه اسلامية المعرفة بالنظرة الكلية الشاملة للكون والحياة والقرآن، واستنباط الأحكام وفق هذه النظرة الشمولية وهذا هو جوهر تميز هذه الدراسة. يمكن إدراج هذه الدراسة ضمن اطار المعرفة المقارنة حيث ميزت الباحثة بين المشاركة السياسية للمرأة في المنظورين الاسلامي والغربي والذي أسسته علی مفهوم العمل _الواجب العيني والكفائي_ في النظرة اﻹسلامية وربطته بمفاهيم كلية اسلامية كالتوحيد والاستخلاف والسنن، علی عكس النظرة الغريبة التي تری أن مشاركتها السياسية حق تطالب به أو تتنازل عنه ودور تقوم فيه بوفق رغبتها وهواها.

فالمشاركة السياسية للمرأة هي واجب عيني كالبيعة أو الجهاد في حالات خاصة أو واجب كفائي يخضع لشروط الأهلية والوعي وينميه القدرة والكسب ويحدده السياق الاجتماعي الذي قد يدفعه للأمام أو للخلف كما هو الحال في الولايات العامة بما فيها الولاية الكبری والشوری بمجالاتها المختلفة والتي تشارك فيها المرأة وفق أهليتها أيضًا.

بهذا تحاول الباحثة تصديق فرضيتاها في بداية الدراسة بأن الرؤية اﻹسلامية لا تعرف مبدأ التقسيم اﻹجتماعي للعمل وتقسيم الخاص والعام ،كما أنها لاتعرف التقسيم الوظائفي للمؤسسات المجتمعية بل أن الأصل هو تحقيق المقصد والغاية من المؤسسة فإن لم تتحقق انتقلت المسؤولية لمؤسسات المجتمع الأخر.

هذا هو المجال التطبيقي الأول لعمل المرأة السياسي وهو علی مستوی الأمة التي تشارك فيه المرأة الرجل بحكم مفهوم الاستخلاف الذي لم يفرق بينهما والذي تربطهما فيه العلاقة الايمانية العقدية _الأخوة في الله_ أما المجال التطبيقي الثاني فهو مجال الأسرة التي تربط الرجل بالمرأة بعلاقة الزوجية أو القرابة فتحدثت عن فلسفة الأسرة في الاسلام ودورها في حفظ مقصد الدين وذلك بالقيام بالتكاليف الكفائية التي لا تؤديها السياسات القطرية العلمانية الحديثة والتي فرض الاستبداد قيوده علی مؤسسات المجتمع المختلفة للقيام بها فكانت الأسرة هي حجر الزواية الأخير الذي يحفظ مقصد الدين ويحافظ علی العقيدة.

وتحدثت أيضا عن دور الأسرة في التنشئة السياسية وأزمة هذه التنشئة في ظل الدولة المستبدة التي تفرض انفصاما بين ما يتلقاه الطفل في الأسرة من تنشئة سليمة وما تغرسه مؤسساته التعليمية من تشويه للفطرة. بهذا تحاول الباحثة تصديق فرضيتاها في بداية الدراسة بأن الرؤية اﻹسلامية لا تعرف مبدأ التقسيم اﻹجتماعي للعمل وتقسيم الخاص والعام ،كما أنها لاتعرف التقسيم الوظائفي للمؤسسات المجتمعية بل أن الأصل هو تحقيق المقصد والغاية من المؤسسة فإن لم تتحقق انتقلت المسؤولية لمؤسسات المجتمع الأخر.