بنفسج

بيوت آمنة: فوائد ممتدة لقضاء الوقت مع الأبناء

الأربعاء 24 اغسطس

فوائد قضاء الوقت مع العائلة
فوائد قضاء الوقت مع العائلة

هل سألت نفسك يومًا، أمًا أو أبًا: لماذا لا ينصت إليّ أبنائي؟ لماذا هم شديدو التمرد؟ هل بالفعل نرتب أولويات علاقتنا بأبنائنا ترتيبًا صحيحًا؟ ما هي فوائد قضاء الوقت مع العائلة؟

بينما كنت أشاهد بعض الفيديوهات في مواقع التواصل الاجتماعي، توقفت عند فيديو يقوم فيه المذيع بسؤال كبار السن الذين تتراوح أعمارهم بين السبعين والثمانين، سؤالًا أظنه عبقريًا، لو عاد بك الزمن من جديد ما هي تلك الأشياء التي ستوليها أكثر اهتمامك؟ فكانت الإجابات تتراوح بين "سأصبح أكثر اهتمامًا بتلك الأوقات التي كنت أقضيها مع أبنائي، نضحك ونلعب ونتبادل أطراف الحديث"، أو" سأزيد من تلك الأوقات التي أقضيها مع عائلتي".

إنه الوقت، بل دعونا نقول إنها جودة الوقت التي نقضيها مع من نهتم لشأنهم، فهل حقًا نحن نوليها اهتمامًا يتناسب وأهميتها؟ ورغم أن الأسر، سابقًا، لم تكن بحاجة إلى من يذكّرهم بأهمية هذا الوقت عادةً، لأنه باختصار كانت هذه هي السمة العامة في البيوت، وكان هو المناخ حينها، حين يلتف كل أفراد الأسرة حول الطعام سويًا، أو يجتمعون على كوب من الشاي، أو فنجان من القهوة، وقطعة الكيك، ويتبادلون خبراتهم، ويسردون أحداث اليوم ويستمع كل منهم للآخر.

 فوائد قضاء الوقت مع العائلة

فوائد قضاء الوقت مع العائلة
لماذا  الوقت الخاص الذي نقضيه مع أبنائنا مهم إلى هذا الحد؟ لأنه باختصار المدخل لعلاقة سوية وقوية مع الأبناء،  وهو الطريقة التي تشعر الأبناء بالانتماء للأسرة ولجميع أفرادها، الوصول للإشباع العاطفي، وبناء طفل سويّ يشعر بالأمان والحب، ويشعر بأنه مرغوب به، وبالتالي بناء الثقة لديه.
 
ومن هنا تتولد لديهم الرغبة في إرضاء الأهل طوعًا وحبًا وانتماءً لهذا الكيان الدافىء. بل وحين يكبر كل منهم ويبدأ في مواجهة معترك الحياة بمفرده سيختار دائمًا العودة مفعمًا بالحنين لهذا المكان الذي شعر فيه بالسكينة والطمأنينة والألفة والتقدير.

ومع ذلك يدرك هؤلاء المسنين أهمية هذا الوقت أكثر مما كان علية الوضع سابقًا بعد انقضاء سنين العمر حقًا؟ إذا كيف بنا نحن؟ ونحن حتى لا نملك رفاهية هذا الوقت؟ تتساءلون لماذا كان الأبناء قديمًا أكثر طاعة واحترامًا لأبائهم؟ لا أدعي أن هذا السبب هو كل الأسباب، ولكنه من وجهة نظري واحد من أهمها على الأقل.

جودة الوقت الذي نقضيه مع أبنائنا هي حل من الحلول المفقودة لذلك اللغز، مع دوامة عصرنا الحديث، وانشغالاتنا المستمرة ببناء المستقبل، وتحقيق الرفاهية المادية لأبنائنا، فتحققت الرفاهية وتمرد الأبناء حين قادنا العقل الجمعي للمجتمع من حولنا أن نهتم بالتعليم ولعب الرياضة على حساب تلك الأوقات الدافئة.

إذا دعونا نرتب أولوياتنا من جديد، الآن أصبح تسليط الضوء على فوائد قضاء الوقت مع العائلة شيء مهم باعتباره أداة تربوية ضرورة ملحّة، لنستعيد أبناءنا في هذا الزمن المثقل بالتحديات.


اقرأ أيضًا: كيف تربي طفلك على حب القراءة؟


ويبقي السؤال، ما هي فوائد قضاء الوقت مع العائلة؟ ولماذا جودة الوقت أو الوقت الخاص الذي نقضيه مع أبنائنا مهم إلى هذا الحد؟ لأنه باختصار المدخل لعلاقة سوية وقوية مع الأبناء، وهو الطريقة التي تشعر الأبناء بالانتماء للأسرة ولجميع أفرادها الوصول للإشباع العاطفي، وبناء طفل سويّ يشعر بالأمان والحب من كل من حوله، ويشعر بأنه مرغوب به، وبالتالي بناء الثقة لديه.

ومن هنا تتولد لديهم الرغبة في إرضاء الأهل طوعًا وحبًا وانتماءً لهذا الكيان الدافىء. بل وحين يكبر كل منهم ويبدأ في مواجهة معترك الحياة بمفرده سيختار دائمًا العودة مفعمًا بالحنين لهذا المكان الذي شعر فيه بالسكينة والطمأنينة والألفة والتقدير.

 لتعزيز علاقتك مع الأبناء

فوائد قضاء الوقت مع العائلة
قضاء وقت مميز مع الأبناء مفيد للغاية لصحتهم النفسية

وكما عودتنا الدنيا فإنها لا تقدم لنا شيئًا إلا وكان في مقابله شيء يُدفع، وهي سنة الحياة. فهل أنت على استعداد بالتضحية ببعض الوقت الخاص بعملك أو الجلوس على موبايلك الخاص لتمنحه لهؤلاء الصغار؟  إن كان لديك الاستعداد فتعالي نفكر سويًا، كيف يمكن أن نقضي هذا الوقت ليكون وقتا فعالًا، بناءً يرسخ لعلاقة قوية؟

| الإنصات لهم: خلال هذا الوقت الخاص تذكّر أنه لا للنقد، لا للتوبيخ، لا للوم، لا وقت لـ (كفاية رغي)، لا وقت لـ (بطل زن)، الإنصات هو المسيطر هنا، ذكاؤك يكمن في إدارة حوار يبعد كل البعد عن نقاط الخلاف، أو الموضوعات الحساسة، لا وقت لدينا للمقارنة بين الأبناء، لا وقت للموبايل لأي منّا (كبارًا وصغارًا).

| ضبط النفس: أنت بحاجة خلال هذا الوقت أيضًا للتحلي بالكثير من ضبط النفس والصبر، خاصةً إن كان أبناؤك في سن المراهقة.

| قضاء وقت ممتع: إنه وقت المتعة والتشجيع وإظهار الحب والشكر لكل أفراد الأسرة، وقت اللعب والهوايات، وقت الفضفضة والثرثرة، وقت الخروج إلى المتنزهات.

| طلب المشورة: اطلبي منهم المشورة في مشكلة تخصك، واستمعي إلى آرائهم بمنتهى الجدية وعدم التسفيه أو الاستهزاء.


اقرأ أيضًا: أكثر من مجرد حكاية ما قبل النوم


| الشكر والثناء: اختاري أي صفة أو فعل قام/ت به لتشكريه/ا، وتظهري إعجابك بذلك الشاب القوي، وهذه الفتاة الحكيمة، من دون مبالغات حتى لا يشعر بالاستهزاء.

| المشاركة في أمور المنزل: اختاري أن تذهبي مع أحدهم كل أسبوع لشراء مستلزمات المنزل على أن يكون الأسبوع القادم للأخ أو الأخت الأخرى.

| ممارسة الأنشطة المنوعة: حان وقت الطبخ سويًا، حان وقت الرياضة سويًا، حان وقت النكات والحركات المضحكة. كثيرة هي الأفكار فقط ابدئي.

 للأمهات "كوني يقظة"

فوائد قضاء الوقت مع العائلة
 
كوني يقظة للهدف، الهدف هو قضاء وقت ممتع يوطد العلاقة فيما بينكم ويجعل الرحلة أكثر متعة. أنت الآن تشكلين ذكرياتهم وترسمين ما سوف يبقي محفورًا فيها، وبالتالي تعمدي أن تكون البدايات براقة ملفتة قدر الإمكان، وأن تتدرجي معهم في الوقت فنبدأ بوقت قليل، ثم يزداد مع الأيام.
 
 ولا تظهري التذمر إن تعللوا بأسباب واهية، وإنما فكروا سويًا كيف نذلل ونتخلص من هذه الأسباب. تقبّلي فكرة أن أي جديد يحتاج وقت للاعتياد عليه، نعم الأمر يستحق.

نعم، أسمعك بوضوح، قد يحدث في البداية بعض المقاومة خاصة مع المراهقين من أبنائنا، يرفض الوجود أو يرفض ترك الموبايل، بل قد يتعمد المراهق أحيانًا طرح كل المسائل الخلافية. تعمد اختبارك، أو ربما التحايل لإيجاد سبب للتخلص من هذا الوقت بأي شكل خاصةً إذا لم يعتد عليه من قبل، لذلك عليك إخباره عن فوائد قضاء الوقت مع العائلة وعن هذه الأيام ستفتقد لها في المستقبل.

كوني يقظة للهدف؛ الهدف هو قضاء وقت ممتع يوطد العلاقة فيما بينكم ويجعل الرحلة أكثر متعة. أنت الآن تشكلين ذكرياتهم وترسمين ما سوف يبقي محفورًا فيها، وبالتالي تعمّدي أن تكون البدايات برّاقة ملفتة قدر الإمكان، وأن تتدرجي معهم في الوقت فنبدأ بوقت قليل، ثم يزداد مع الأيام، ولا تظهري التذمر إن تعللوا بأسباب واهية، وإنما فكروا سويًا كيف نذلل ونتخلص من هذه الأسباب. تقبّلي فكرة أن أي جديد يحتاج وقت للاعتياد عليه، نعم، الأمر يستحق.

فوائد قضاء الوقت مع العائلة
هناك فوائد جمة لقضاء الوقت مع أطفالك، لذلك حاولي أن تقضي وقت أكبر معهم 

ومن المهم أن تضعي خطة مسبقة لليوم، لا وقت للارتجال، خاصة مع البدايات، ومع ضيق وقتك. اهتمي بالتفاصيل من دون أن يشعر الأبناء بأنه وقت منظم تنظيمًا مدرسيًا، وإنما ذلك التنظيم في باطنه، العشوائي في ظاهره، ربما تكون عطلة نهاية الأسبوع اختيار جيد كبداية للكثير منّا. وحتى لا ينتهي الوقت من دون إنجاز وجداني حقيقي يمكنك إعطاؤهم بعض الاختيارات المتاحة قبل هذا اليوم على أن تتسق هذه الاختيارات واهتماماتهم.


اقرأ أيضًا: ثلاثية التنشئة: طفل واثق.. قادر .. مسؤول


وفي النهاية،عليكم إدراك فوائد قضاء الوقت مع العائلة قبل فوات الأوان، فأنا لا أجد وقتًا أكثر دفئًا، وأكثر تواصلًا، من وقت قضاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم- مع طفل صغير يواسيه في موت عصفوره (الصغير) اهتمامًا بمشاعره واحترامًا لدموعه، من دون تسفيه أو تجاوز للموقف بحجة أنه أمر تافه. جودة الوقت الخاص سنّة وأداة عظيمة لبداية جديدة وحقيقية. دمتم متواصلين مع فلذات أكبادكم، متذوقين دفء علاقتكم بنكهة مختلفة.