بنفسج

"ديتوكس سوشال ميديا": لأحدثكم عن تجربتي

الأحد 14 اغسطس

موجودٌ فيزيائيًا، غائبٌ بعقله وانتباهه، شاردٌ في عالم آخر، تحدّثه فلا يجيب، تسأله فلا يسمع، هو حال معظم من نجالسهم في جلساتنا العائلية وجلسات الأصدقاء، بسبب بحلقتهم الدائمة في هواتفهم الذكية. اقتحم العالم الافتراضي حياتنا، وأصبح يغيّبنا عن واقعنا الحقيقي لفترات طويلة، فأغنانا عن العيش مع الناس، عن مقابلتهم، عن الخروج معهم، ووضعنا في فقاعة من العزلة الحقيقية، وملأ أوقاتنا بطريقة غنية ومشبعة، جعلت معظم الناس يتنازلون عن كثير من الجلسات والخروجات والزيارات، وحتى مواعيدهم المهمة وواجباتهم المستعجلة في أحيان كثيرة.

أصنّف نفسي على أنني ربما من أواخر من اقتحم وسائل التواصل الاجتماعي والعالم الافتراضي، رغم امتلاكي لهاتف ذكي منذ أعوامٍ طويلة، فلم يمر عامان على إنشاء حسابي على المنصة الزرقاء (الفيس بوك)، ولم يكن لدي إلا تطبيق الوتساب المقتصر على محادثات العائلة والأصدقاء، ولم يكن يأخذ الكثير من وقتي.

أنا أخصص وقتًا اسمه وقت العائلة، فيه يتخلى الجميع عن كل الشاشات، ونجلس سويًا نأكل ونتكلم ونلعب لعبة مشتركة، وأن يوم العطلة تمنع فيه الشاشات في البيت كليًا فهو يوم التنزه والخروج، إلا أنني كنت بحاجة لاستراحة تامة ومتواصلة، وابتعاد طويل وكامل، فقرأت عن السوشل ميديا ديتوكس وطبقته.

اقتحمت العالم الأزرق رغم معارضتي التامة لأن أصبح كمعظم من أقابل في الحافلة، في الطريق، أو عند الطبيب، أو حتى في جلساتنا العائلية. فأنا أرى بأن هذا الانفصال عن الواقع رغم بعض إيجابياته مليء بالسلبية والسموم. وما كان دخولي إلا لأنشر كتاباتي التي كنت أحتفظ بها لنفسي، ونصحني مجموعة كبيرة من الأصدقاء بضرورة نشرها عبر الوسيلة الأكثر انتشارًا والأكثر حداثة ومليئة بالناس، أي عبر الفيسبوك والانستغرام؛ لتعم الفائدة للجميع.

فوجدت نفسي أقتحم هذا العالم، أنشر المقالات وأتفاعل، وأزحف شيئًا فشيئًا إلى هذا المستنقع حتى غرقت تمامًا كالجميع، شعرت بضرورة التخلي قليلًا والابتعاد كل فترة عن هذا العالم كليًا لأتخلص من السموم، وأنجز المهمات، رغم أني أضع أولويات في بداية يومي ولا أمسك بهاتفي حتى أنهي مهامي المختلفة، ورغم أن القوانين التي أضعها في البيت صارمة بالنسبة للشاشات، فأنا أخصص وقتًا اسمه وقت العائلة، فيه يتخلى الجميع عن كل الشاشات، ونجلس سويًا نأكل ونتكلم ونلعب لعبة مشتركة، وأن يوم العطلة تمنع فيه الشاشات في البيت كليًا فهو يوم التنزه والخروج، إلا أنني كنت بحاجة لاستراحة تامة ومتواصلة، وابتعاد طويل وكامل، فقرأت عن السوشل ميديا ديتوكس وطبقته.

| ما هو السوشال ميديا ديتوكس؟

هو مصطلح يطلق على الابتعاد بشكل كامل عن وسائل التواصل الاجتماعي، حذف الحسابات وحذف التطبيقات بشكل كامل من الهاتف واللاب توب، وعدم الدخول إليها مطلقًا لفترة محددة من الوقت، قد تكون أسبوعًا أو اثنين، أو شهرًا أو أكثر أو أقل. الديتوكس يعني التخلص من السموم، وبهذا الابتعاد يتخلص المرء من سموم هذه المنصات، ويسترجع صحته النفسية ويتمتع بواقعه الحقيقي أكثر.

| فوائد السوشال ميديا ديتوكس

|  تقليل مشاعر القلق: فأصوات التنبيهات والإشعارات المتكررة، تصيب الانسان بالقلق وتجعله دائم البحث عن هاتفه ليطلع على كل جديد وتسبب الإدمان.

| الاستمتاع: بالواقع الحقيقي أكثر وتقدير اللحظات الحقيقية.

| انخفاض المشاعر السلبية: التي يصدرها الناس عبر تلك الوسائل والمقارنات التي تقارن بها حياتك بحياة المشاهير فتقدر واقعك أكثر.

| التركيز على الجانب الروحاني: كالصلاة وقراءة القران وأدائها بشكل أفضل.

| النوم بشكل أفضل: فالإشعارات قد تجعل الشخص يتأخر عن موعد نومه، ويدخل في نوبات من الأرق وصعوبات النوم. ذكرت مجلة SELF، أن الضوء الاصطناعي (من هاتفك أو تلفزيونك أو شاشة الحاسوب) يتداخل مع إنتاج جسمك للميلاتونين، وهو الهرمون المسؤول عن مساعدتك على النوم؛ لذا فإن النظر إلى الشاشات المضاءة بشكل ساطع قبل النوم يمكن أن يسبب الأرق وصعوبات في النوم.


اقرأ أيضًا: أمهات عصر "السوشال ميديا": وهم النجاحات العابرة للسياق


| زيادة الإنتاجية: فنحن نضيع أوقات ثمينة للغاية أحيانًا بلا فائدة عبر متابعة بعض الحسابات، ومشاهدة بعض الإعلانات. عدم دخول هذه المواقع يسمح لك باستغلال وقتك بشكل أفضل وزيادة إنجازك للمهمات.

|  التأمل والاسترخاء:  فالابتعاد عن هذه الوسائل يتيح امامك الوقت للتمدد والراحة والاسترخاء من دون ضغط وإشعارات، وكتابة ما يساعدك على الاسترخاء والتفكير بشكل أفضل وأعمق.

| وقت بجودة أفضل: إعطاء وقت ذي جودة أفضل للأولاد والعائلة فالبقاء على الهاتف يعد إحدى معيقات الاتصال الحقيقي في العصر الحديث. والابتعاد عنه يساعد على التركيز مع الناس الذين حولك، وإعطائهم وقت أكثر.

أدعوكم لتجربة السوشال ميديا ديتوكس لتحظوا بكل إيجابيات الابتعاد عن هذه الوسائل، والتخلص من الضغوط النفسية، ومشاعر القلق وقلة النوم المرافقة لها، لتنعموا بوقت حقيقي فاعل وأكثر إنتاجية.