بنفسج

مرابطات عن بعد: هنا القدس بتوقيت النساء

الإثنين 24 أكتوبر

بشكل وحشي، سحبت  مجموعة من جنود الاحتلال الإسرائيلي المرابطة المقدسية هنادي الحلواني أثناء اعتقالها، ويداها مكبلتان بالأصفاد الحديدية، وفي الطريق، كانوا يركلون جسدها بأقدامهم وأيديهم، وينعتونها بألفاظ نابية بذيئة، وبصوتها الشجي تصرخ في وجوههم بعزتها وثباتها الذي يعرفه القاصي والداني "الله أكبر.. الله أكبر"، حتى اقتادوها إلى أحد مراكز التحقيق الإسرائيلية والمعروف "بالمسكوبية"، لكن الذي حدث أثار ضجة وتفاعلًا كبيرًا على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي مناطق متعددة في الضفة الغربية وغزة، فقد نزع الاحتلال حجابها وهي في زنازين العزل، وبسرعة البرق وضعت على رأسها منشفة حتى غالبها البكاء.

كان وقع الاعتداء صعبًا جدًا على مجموعة من الفتيات الفلسطينيات المقيمات في الخارج، فقادتهن الحماسة إلى تصوير فيديو بعنوان رجعولي حجابي؛ يتحدثن فيه عن كل ما حدث مع الحلواني، وتُرجم الفيديو لعدة لغات ونشره على أوسع نطاق، في محاولة لنشر حقيقة ما يجري في القدس والأقصى، وإيصاله لكل مكان يمكن أن يصلن إليه.من هنا، بدأ فريق "مرابطات عن بُعد"؛ فلم يكن هناك أي تخطيط أو ترتيبات لإنشائه، لكن الاعتداء على المرابطة الحلواني بعد اعتقالها كان مختلفًا نوعه، كونها تربطها علاقةٌ مع مؤسسات الفريق.

| الرباط والدفاع عن القدس عن بعد

 
تقول إدارية الفريق الخنساء إسليم، وهي فلسطينية مقيمة في الأردن: "أُسس الفريق بعد حدث الاعتداء على المرابطة الحلواني وقد ضم 8 إداريات، و80 مشرفة، وما يقارب 5000 مرابطة، من مختلف أنحاء العالم". 
 
ويقوم فريق مرابطات عن بُعد بعمل العديد من الأنشطة والفعاليات، تتابع حديثها بحب: "نعمل يوميًا العديد من الفقرات الخاصة، كفقرة عدسة مرابطة، حيث تُنشر صورة من رحاب الأقصى أو البلدة القديمة بعدستنا، وفقرة يوم أن نراه وهي تعريف بمعالم الأقصى".
 

تقول إدارية الفريق الخنساء إسليم، وهي فلسطينية مقيمة بالأردن: "أُسس الفريق بعد حدث الاعتداء على المرابطة الحلواني بتاريخ 13/7/2020، وقد ضم 8 إداريات، و80 مشرفة وما يقارب 5000 مرابطة، من مختلف أنحاء العالم". إن غرس القضية الفلسطينية والمقدسية بشكل خاص من الأولويات الرئيسية في نفوس الأعضاء المرابطات بالفريق معرفيًا وعاطفيًا، وذلك ليكون لكل واحدة منهن رباطٌ على أرضها أينما كانت توصل رسالة القدس، وتحمل هم القضية على عاتقها وتعمل لأجلها، فهل هناك قيود للانضمام للفريق؟

تجيب الإدارية إسليم: "لا يوجد  قيود للانضمام لفريقنا، فكل فتاة لديها حب وشغف لنصرة الأقصى والقضية الفلسطينية، يمكنها الانضمام معنا، فعلى صعيدي الشخصي انضممتُ إلى الفريق لحبي القدس والأقصى، ولهفتي للسعي في نصرته منذ طفولتي، ووما أوقد حماسي للمشاركة، وشجعني أن أساهم في هذا الفريق، كوني على اطلاع واسع ومعرفة جيدة بالأقصى وتاريخيه وحاضره، وما يحدث فيه، فالعلم والمعرفة هما الخطوة الأولى لطريق التحرير".

أما عن آليات تقسيم الأدوار والمهمات داخل الفريق، بين الإداريات والمشرفات والمرابطات، تقول إسليم: "نتواصل في ما بيننا من خلال جروب للعمل عبر تطبيق الواتساب، نتشاور بكافة المواضيع ونطرح العديد من الأفكار ونرى المناسب ونتفق عليه؛ إذ نتهم بإنتاج مواد إعلامية متنوعة تركز على الأحداث  التي جرت وتجري على أرض فلسطين، وخاصةً القدس، من انتهاكات واقتحامات يومية وتهويد واستيطان بشكل دائم".


اقرأ أيضًا: أٌمُّنا عايدة الصِّيداوي: جارة الأقصى حين أُبعدت عنه


يهدف الفريق لنصرة القدس وإحياء النضال من أجل المسجد الأقصى في النفوس من خلال العديد من الفعاليات والأنشطة، تتابع حديثها بحب: "يوميًا لدينا العديد من الفقرات والأنشطة لنصرة القدس، كفقرة "عدسة مرابطة"؛ إذ تُنشر صورة من رحاب الأقصى أو البلدة القديمة بعدسة إحدى المرابطات الأعضاء في الفريق، وفقرة "يوم أن نراه"؛ وهي تعريف بمعالم الأقصى، كذلك فقرة نساء مرابطات منذ القدم للتعريف بقدوات في درب الرباط.

 ولا ننسى غزة الحبيبة؛ إذ ننشر يوميًا صورة من جمالها بعين المرابطات، أما فقرة "معركة صمود"؛ فهي تتحدث بشكل خاص عن الأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال الإسرائيلي، إلى جانب فقرة أقمار فلسطين، وهي خاصة بالشهداء والشهيدات". كما وهناك فقرات خاصة بشهر رمضان المبارك، ومنها فقرة رسائل تحفيزية من داخل المسجد الأقصى، وفقرة "وصايا عمرية"، وهي عبارة عن وصايا سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، أما عن الفقرة الأهم فهي ماذا قدمت للإسلام؟ والعديد من الفقرات المتنوعة.

| ماذا يقدم فريق مرابطات عن بعد؟

3-11.jpg
فعاليات فريق مرابطات عن بعد

تركز جُل منشورات فريق مرابطات عن بُعد حول أحداث تعرضت لها فلسطين من حين احتلالها حتى الآن، فأي معلومات يحتجن إليها يتم التواصل مع المرابطات في المسجد الأقصى، فلهن الدور الكبير في دعم وتطوير الفريق. فماذا عن عروج اسم الفريق إليكن؟ تُجيب الإدارية إسليم: "بعد قيامنا بالتواصل مع عدد من الفتيات حول نشر فيديو "رجعولي حجابي"، بعد الاعتداء على المرابطة الحلواني، قررن ألا نتوقف، ونكمل طريقنا بالرباط عن بُعد عن طريق الثغر الإلكتروني، إلى جانب المرابطات اللواتي يرابطن بالميدان عن قُرب، ومن هنا جاء اسم مرابطات عن بُعد".

نظم فريق مرابطات عن بُعد العديد من الدورات والمحاضرات الخاصة بأساسيات علوم بيت المقدس للمرابطات عبر برنامج زووم الإلكتروني، وتشجيعهن من خلال عمل مسابقات خاصة بحفظ سور من القرآن الكريم والأحاديث المقدسية. أما عن الأنشطة الميدانية تقول الإدارية إسليم: "قمنا بالعديد من الفعاليات في مختلف الدول العربية؛ ففي الكويت قمنا بلقاء توعوي مقدسي في "نادي مسك" للفتيات لتعريف الطالبات عن المسجد الأقصى حدوده وفضله وأهم معالمه، وللتعريف بقضية أسرانا الأبطال المضربين عن الطعام، كما وقدم الفريق دورة مقدسية لفتيات مدرسة الحصاد في الأردن على مدار 5 أسابيع، أما في عمّان؛ فقام الفريق بإعطاء دورة مقدسية لمختلف الأعمار في مركز خليل الرحمن القرآني".

كما وشارك الفريق في نشاط أقامته جمعية صيدا القيم بلبنان، وأضافوا إليه جناحًا مقدسيًّا تضمّن التعريف بالمسجد الأقصى مع ألعاب مقدسية وتوزيعات وضيافة أقصاوية، وقُدمت مقلوبة المُبعدين عن المسجد الأقصى أسوة بالمرابطات على أبوابه. ومن أكبر التحديات التي واجهت الفريق هو أن وقت العمل الميداني قليل جدًا بالنسبة للعمل الإلكتروني، فلا زِلن يسعين للتطوير وترك بصمة لهن في الميدان، حيث أن وجودهن في عدة أماكن متفرقة يصعب عليهن العمل ميدانيًا، ناهيك وأن الفضاء الإلكتروني واسع ومترامي الأطراف، قد يحتوي بعض المخاطر، كدخول بعض الشخصيات بأسماء مستعارة، مما يتطلب الكثير من الدقة والحذر.  

| في حب فلسطين والانضمام للفريق

انضمت المرابطة السورية أسماء إلى الفريق من خلال رؤيتها بمحض الصدفة إحدى منشوراته عن المرابطة هنادي الحلواني عبر الفيس بوك، جذبها هشتاق باللون الأزرق مكتوبٌ فيه (فريق مرابطات عن بُعد)، فتساءلت عما إذا كان بإمكانها أن تكون من ضمنهم؟ فبحثت عنه وتواصلت مع الإدارة وقبلت. 

أما عن شعورها لحظة انضمامها للفريق، فتقول أسماء وصوتها يتراقص فرحًا: "لم تسعني الدنيا حين انضممت للفريق، كنت في ذروة السعادة أنني وأخيرًا، سأقدم شيئًا ملموسًا لفلسطين، وإن أعظم ما نقدم للأقصى هو الدعاء الدائم، فكما أرابط اليوم عبر الثغر الإلكتروني، أتمنى أن أكون مرابطة على أرض القدس، لكن سحقًا للاحتلال والحدود الجغرافية".

لطالما أبدع الكُتاب في سطورهم عن جمال فلسطين والأقصى، وبكى الشعراء في قصائدهم شوقًا لزيارتها، وتغنى العاشقون في ألحانهم فخرًا بها "إنتو يا نشامى منين.. هي هي يا فلسطين". فكيف يا تُرى عشق المحب البعيد أرضًا طاهرة مقدسة دون بلاده؟ تُجيب المرابطة السورية أسماء: "وأنا في المدرسة كان لديّ أصدقاء فلسطينيين، عشقت ترابها من خلالهم وحملت هم قضيتهم مثلما أحمل هم الحرب ببلادي وأكثر. أيقنت أن القضية الفلسطينية ليست قضية قومية وطنية، فحسب بل إنها قضية عقيدة ودين؛ فالدفاع عنها واجب على كل مسلم حر شريف، لأننا ورثة هذه الأرض والمسجد الأقصى هو حق للمسلمين".

انضمت المرابطة السورية أسماء إلى الفريق من خلال رؤيتها بمحض الصدفة إحدى منشوراته عن المرابطة هنادي الحلواني عبر الفيس بوك، جذبها هشتاق باللون الأزرق مكتوبٌ فيه (فريق مرابطات عن بُعد)، فتساءلت عما إذا كان بإمكانها أن تكون من ضمنهم؟ فبحثت عنه وتواصلت مع الإدارة وقُبلت. 
أما عن شعورها لحظة انضمامها للفريق، فتقول أسماء وصوتها يتراقص فرحًا: "لم تسعني الدنيا حين انضممت للفريق، كنت في ذروة السعادة أنني وأخيرًا سأقدم شيئًا ملموسًا لفلسطين، وإن أعظم ما نقدم للأقصى هو الدعاء الدائم، فكما أرابط اليوم عبر الثغر الإلكتروني، أتمنى أن أكون مرابطة على أرض القدس، لكن سحقًا للاحتلال والحدود الجغرافية".

2-15.jpg
أنشطة للأطفال يقوم بها فريق مرابطات عن بعد

وعن أثر تجربتها في الفريق، تصف ذلك: "إنها من أروع التجارب في حياتي، فهناك الكثير من الفتيات السوريات لم يعلمن عن القضية الفلسطينية، أصبحن الآن يلمسن الكثير منها ويطلبن مني أن أواظب على البث المباشر عبر الفيس بوك، وأزودهن بمعلومات الاعتداءات والاقتحامات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين".

سعى فريق مرابطات عن بُعد إلى تطوير عملهم ليكون ميدانيًا في كل البلدان العربية والدول الأوروبية وليس فقط عن طريق الثغر الإلكتروني، وذلك لتنشغل عيون العالم نحو القضية الفلسطينية، وغرس حب القدس والأقصى في كل مكان وزمان.

أما عن مشرفة الفريق سارة زيتاوي، وهي فلسطينية مقيمة في الأردن، فتروي لبنفسج تجربتها: "بدأت بالعمل مع الفريق كعضو؛ فكان للمهمات المقدسية التي كلفتنا بها القائمات على الفريق واللقاءات التي حضرتها الأثر الكبير في تطوير محصولي المعرفي حول فلسطين والقدس، لأصبح فيما بعد مشرفة على عدة جروبات من دول عربية مختلفة، أشجع من خلالهم المرابطات على نصرة الأقصى وأنشر المهمات لهن، فحبي للقدس وحلمي لزيارة الأقصى دفعاني لأواصل الطريق، ولعلني أكون سببًا لنصرة فلسطين وندخلها فاتحين مستبشرين".

1-25.jpg
رسومات رسمها الأطفال في فعالية لتعريفهم بالقدس

كان لفريق مرابطات عن بُعد التأثير الإيجابي الكبير على صقل شخصية المشرفة سارة، تقول: "بركة الأقصى حلت في حياتي، فعملي هو أكبر نعمة لي، وأجمل ما أشعر به حين يرى شخص ما شيئًا يخص الأقصى أو القضية ويتذكرني سواء بالأخبار أو بهدية بسيطة، أزداد يقينًا أن العلم هو سلاحنا الوحيد للنصر". يسعى فريق "مرابطات عن بُعد" إلى تطوير عملهم ليكون ميدانيًا في كل البلدان العربية والدول الأوروبية وليس فقط عن طريق الثغر الإلكتروني، وذلك لتنشغل عيون العالم نحو القضية الفلسطينية، وغرس حب القدس والأقصى في كل مكان وزمان.

وعن إنجازات الفريق، فقد أسست عضواته فرق انبثقت من فكرة "مرابطات عن بُعد"، ومنها: فريق "مترجمون لأجل القدس"، وفريق "أمانتي العراق"، كذلك فريق "أمانتي لبنان"، شملت الفرق مواضيع متنوعة حول نصرة الأسرى وخاصةً المضربين عن الطعام، وعمل لقاءات وحملات عالمية تخص التصدي للاقتحامات الإسرائيلية، كما وطبع الفريق مصحفَ "مرابطات عن بُعد"، ووضع نسخ منه في مصلى باب الرحمة ومقام النبي موسى.