بنفسج

الدفء الأبوي: كيف يصنع حب الأبوين مستقبل أطفالهم؟

السبت 12 يونيو

مقال مترجم لموقع بنفسج
مقال مترجم لموقع بنفسج

تؤثر ممارسات الوالدين وسلوكاتهم والسُبل التي يتبعونها في تربيتهم، على مستقبل الأطفال وحياتهم الخاصة بشكل كبير. وفي هذا السياق واصل مركز أبحاث "دراسة النجاح" في جامعة هارفارد إجراء البحوث حول ممارسات الأبوين على مدار السنوات القليلة الماضية، وكيف تؤثر هذه الممارسات على تطور نجاح الأطفال أثناء نموهم وصولًا لمرحلة البلوغ.

وفي هذا السياق أيضاً، نشير إلى أن هنالك تقسيمٌ شائعٌ يصنف أنماط التربية التي يتبعها الأبوان بحسب معايير دفء الأبوين من ناحية، والانضباط من ناحية أخرى. وتم تقسيم  أنماط التربية لدى الأبوين وفقا لهذين المعيارين إلى أربعة أنواع؛ بناءعلى قوة وضعف هذين المعيارين؛ وبمعنى أوضح وفقاً لمقدار الحب والعاطفية التي يشبع بها الأبوين أطفالهما في مرحلة الطفولة، وهو ما يعنيه معيار الدفء الأبوي، ووفقا لدرجة الانضباط والدقة والصرامة في اتباع القوانين المتفق عليها في الأسرة، وهو المقصود من معيار" الانضباط". 

في بعض الأحيان تسمى طريقة الأبوين ذات الدفء العالي والضبط العالي [ الأسلوب المتسلط ]، في المقابل، يشار إلى النهج القائم على انخفاض الدفء والانضباط العالي باسم  [ الأسلوب الاستبدادي ] ويشار إلى الأسلوب ذي الدفء العالي والضبط المنخفض على أنه [ الأسلوب المتساهل ]، وأخيرًا، يشار إلى الأسلوب الذي يتميز بالدفء المنخفض والضبط المنخفض على أنه [ أسلوب الإهمال ].

ح1.png
تصنيف أساليب التربية وفقا لمعيارين الدفء والانضباط عند الأبوين   

لقد أظهرت الأبحاث نتائج متشابهة إلى حد ما حول أسلوب التربية المتسلط، والذي ينتهج فيه الأبوان درجة عالية من الانضباط ويغدقان الكثير من الحب على أولادهما، إذ حقق هذا الأسلوب أفضل النتائج على الأطفال في مراحلهم المبكرة. ومع ذلك، فلا يمكن الحسم بدقة النتائج التي يتوصل إليها وتعميمها، وذلك لأن كثير من الأبحاث كانت تقتصر على دراسة بعض الجوانب فقط. وقد يكون من الصعب الحصول على تصوّر دقيق بشأن نقاط القوة والضعف المتعلقة بالأنماط المختلفة عندما يُطبق ذلك على عينات مختلفة في بيئات مختلفة.

تصنف أنماط التربية التي يتبعها الأبوان بحسب معايير دفء الأبوين من ناحية، والانضباط من ناحية أخرى. وتم تقسيم  أنماط التربية لدى الأبوين وفقا لهذين المعيارين إلى أربعة أنواع؛ بناء على قوة وضعف هذين المعيارين؛ وبمعنى أوضح وفقاً لمقدار الحب والعاطفية التي يشبع بها الأبوين أطفالهما في مرحلة الطفولة، وهو ما يعنيه معيار الدفء الأبوي، ووفقا لدرجة الانضباط والدقة والصرامة في اتباع القوانين المتفق عليها في الأسرة، وهو المقصود من معيار" الانضباط". 

فضلا عن ذلك، فإن الكثير من البحوث القائمة تعتبر دراسات شاملة، أي  أن جميع البيانات تُجمع دفعةً واحدة، بدلًا من جمعها مرارًا وتكرارًا مع مرور الوقت. وهذا ما يجعل  من الصعب استنتاج الأسباب الكامنة والحقيقية لهذه النتائج. فعلى سبيل المثال، إذا كان نهج الدفء العالي لدى الأبوين يرتبط بنتائج أفضل في مرحلة الطفولة، فمن الصعب معرفة ما إذا كان هو السبب الحقيقي لتلك النتائج، أمّ أن هؤلاء الأطفال الذين حصلوا على نتائج جيدة لديهم عدد من الأسباب الأخرى التي أدت إلى تلك النتائج.

| التجارب : الدفء الأبوي السبب الأهم لمستقبل أفضل للأطفال

واحدة من النتائج المثيرة للاهتمام في دراستنا، أن دفء الأبوان أو حبهما، كان العنصر السائد والأكثر أهمية، بل أنه سبب كاف ولوحده لضمان مستقبل أفضل للأطفال. غير أنه يعطي نتائج أفضل عندما يضاف إليه عناصر أخرى كمعيار الانضباط.
 
فقد أثبتت التجارب أن النتائج الأفضل كانت لنمط التربية القائم على إغداق الحب والدقة في الانضباط، يليه النمط المتساهل الذي يقوم على إغداق الحب أيضاً ولكنه لا يعطي أهمية للانضباط. أما أسوأ النتائج فكانت للنمط القائم على إهمال هذين العنصرين- النمط المهمل-.

هذا العام نشرنا دراستين تجريبيتين، واحدة في يناير كانون الثاني عام 2019 في العلوم الاجتماعية والطب، وواحدة الشهر الماضي حول طبيعة السلوك البشري. واستخدمت كلتا الدراستين البيانات التي جُمعت على مدى سنوات عديدة. نظرنا في آثار أساليب الوالدين المختلفة على العديد من النتائج المتعلقة بالصحة والرفاهية الذاتية، وكانت النتائج متسقة إلى حد كبير مع النتائج السابقة. فالأطفال الذين لديهم آباء وأمهات يستخدمون النمط المتسلط (الدفء الشديد والضبط العالي) حققوا نجاحًا في مرحلة لاحقة في الحياة.

واحدة من النتائج المثيرة للاهتمام في دراستنا، أن دفء الأبوان أو حبهما، كان العنصر السائد. فأولئك الذين لديهم الدفء العالي والانضباط العالي حققوا في تربيتهم لأبنائهم نتائج أفضل. والفئة التالية، كانت لصالح نمط الأبوة والأمومة المستخدم لنمط الدفء العالي والضبط المنخفض (نمط متساهل) فقد كان أداؤهم أفضل بكثير من المجموعة ذات الدفء المنخفض والانضباط العالي (أسلوب استبدادي). وليس من المستغرب أن المجموعة التي كانت ذات دفء منخفض وانضباط منخفض (أسلوب مهمل) كانت الأضعف أداءً. ومع ذلك، عمومًا، بدا دفء الأبوين أو الحب هو الأكثر أهمية. وعندما كان دفء الأبوين عامًلا قائمًا بذاته دون الحاجة لعوامل أُخرى؛ كان من الجوانب الأكثر أهمية عند الأبوين التي كنا قادرين على تحديدها.

وقد تجلى هذا الاستنتاج بشكل خاص في دراستنا المتعلقة بالسلوك البشري الطبيعي، التي درسنا فيها جوانب متعددة من ممارسات الوالدين الإيجابية. في تلك الدراسة، ارتبط دفء الوالدين في مرحلة الطفولة بعد عدة سنوات (والذي يقاس بالرضى عن العلاقة بين الوالدين والطفل، ونحن نتحدث هنا عن الحب والتعلق بوجه العموم) بانخفاض بنسبة 46% من الاكتئاب، وانخفاض بنسبة 39% من القلق، وانخفاض بنسبة 68 % من اضطرابات الأكل، فضلًا عن مستويات أعلى من المعالجة العاطفية والتعبير، وانخفاض مستويات تدخين السجائر والماريجوانا.

وهناك بعض ممارسات الآباء الأخرى المهمة أيضًا مثل العشاء العائلي، ولكن ببساطة، ليست بنفس أهمية الحب والمودة الأبوية. إضافة لذلك، في دراستنا للعلوم الاجتماعية والطب، ارتبط دفء الوالدين بمجموعة واسعة من النتائج الإيجابية المزدهرة في وقت لاحق من الحياة. كـــ(السعادة/الرفاه العاطفي، والعلاقات الإيجابية، وقبول الذات).