بنفسج

مونديال قطر: صوت ثقافتنا "المفترى عليها"

الإثنين 12 ديسمبر

مونديال قطر
مونديال قطر

منذ أول صفارة، كان الوضع استثنائيًا، أو أن الاستثناء بدأ قبل الصفارات. فلم يكن مونديال قطر لهذا العام جريًا خلف الكرة، ولا انتصار فريق على آخر، بل جري لإثبات الحق، وانتصارًا للمبادئ، هو إبراز للثقافة الإسلامية التي شوهت بنيران الإعلام، وأصيبت في مقتل من شبهات الحاقدين.

صوت الأذان يصدح، والقرآن يعلو على كل صوت، وإذا قُرأ القرآن فاستعموا، وإذا تلى الرجال كلام الله على الكل أن يصمت. ليس إجبارًا للناس على ما يكرهون، بل حبًا لهم وطمعًا بحمايتهم من النار، دعاة عظماء ساروا بين الناس يحدثونهم عن الثقافة المظلومة، الثقافة التي أشبعت كذبًا، تلك الثقافة المفترى عليها ظهرت على حقيقتها في كأس العالم.

طرد لعدو الأمة وقاتل المسلمين؛ فالقاتلون لا يستحقون الحياة ولا الوجود بين الناس، أليسوا من سلبوا الناس الحياة؟ أليسوا من قتلوا أطفالًا أبرياء في فلسطين، إننا أمة واحدة، بينما هم يتيهون في الشتات ويغرقون بالفرقة؛ فالمسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضًا، فكيف له أن يقبل لأخيه القتل؟

الثقافة الإسلامية ترفض كل ما يخالف فطرة الأنسان، لأن الدين الإسلامي دين الإنسانية، ليس للشواذ مكان بيننا فاعذروا لنا عدم استقبالهم. لسنا من قتلة الحرية، ولكننا أيضًا لسنا من أهل الازدواجية في تفسير الحرية، فحريتك تنتهي مع صفارة بدء الضرر للآخرين، فكما أنك حر نحن أيضًا أحرار.  عقلك يا حبيبنا مصان، فنحن نحترمه ونقدره.

هكذا علمنا الإسلام، لذلك لا مكان لتغييب العقول هنا. اترك الخمر في بلدك واحضر إلينا لنكرم عقلك ونحترمه ونرفع شأنه ونعظمه؛ فهذا واجب علينا وفرض وليس مكرمة وفضلًا.

أصحاب الهمم، أو كما يسميهم البعض ذوي الاحتياجات الخاصة، لهم احترامهم هنا، فهم أهل التحدي والإصرار. تجاوزوا كل الآلام وأثبتوا أنهم قادرون، لقد علمنا رسولنا -صلى الله عليه وسلم- أن نكرمهم، وأن نكون عونًا لهم على صعاب الحياة، وعلمنا أيضًا أن نتواضع لهم، وهكذا كان يفعل دائمًا عليه السلام.


اقرأ أيضًا: مونديال قطر: شعوب تتلف حول الكرة وفلسطين


أيها الغربيون لقد خلقنا لنعمر الأرض بالخير، لا لنجمع الأموال ونكدسها وعمارة الملاعب جزء من العمارة العامة؛ فهل رأيتم ملاعبنا الضخمة؟ هل دهشتم من جمالها وتنظيمها، أم أن أعينكم لا ترى إلا ما تريد؟! سيخلد مونديال قطر في التاريخ الحديث، لقد حققنا الفوز وكسرنا كبرياء أساطير الكرة؛ لأن إسلامنا علمنا إتقان العمل،  فبدأناه بالدعاء وأنهيناه بسجدة الشكر لله العظيم الله المعطي، الذي يعز عباده المؤمنين إن هم أعدوا عدتهم وتوكلوا عليه.

في الملعب وعلى "إنجيله" الأخضر قبلنا رؤوس أمهاتنا؛ الأم التي أعطت كل ما تملك من المال والحب والسعادة، لا بد أن تكرم في ديننا، الأم المحجبة التي منعتموها من الحجاب في بلادكم بلاد الحرية! والمرأة المكافحة التي رفع الإسلام من شأنها، تدثر ابنها بالدعاء وتبني فيه روح التحدي تعلمه أن المستحيل ليس إسلاميًا؛ فالله مع من يجتهد ولكل مجتهد نصيب.

الفرح عندنا جماعي؛ لأن القلوب مجتمعة لا تفرق بيننا المسافات ولا تبعدنا القارات، لا تهمنا حدود الدويلات ولا خطوط رسمها مستعمر ليفرق الجماعات، هكذا علمنا القرآن، فقال اعتصموا ولا تفرقوا. لقد حرم علينا الفرقة والشتات، لذلك رفرفت الأعلام مجتمعة على أرض قطر؛ المغرب الجزائر قطر وفلسطين.

فلسطين هل تعرفون فلسطين؟ إنها أرض استفحل فيها الظلم واستبيحت فيها المقدسات قتل فيها الأبرياء، ثم لم يجدوا منكم إلا شجبًا واستنكارًا في أفضل الحالات. حان الوقت لتعرفوا أن كل المسلمين فلسطينيون، وأن فلسطين جزء من عقيدة المسلمين، إنها آية من القرآن، ومسرى الرسول العدنان.

حان الوقت لتعرفوا أن الإسلام في صف كل مستضعف حتى يستوفي حقه، وأن حقنا في فلسطين سيعود، ولو بعد حين فإن حقًا وراءه مطالب لا يضيع. أيها الغرب الغريب، نحن نختلف عنك، فإننا معمرو الأرض وسر عمارها، أما أنتم فالأهم عندكم عمار جيوبكم وسيادة مصالحكم، لكنكم بكل الأحوال ضيوفنا ولكم علينا حق الضيافة، وقد جرت العادة أن الضيف يحترم مبادئ المضيف فكونوا ضيوفًا أخفاء.

ولتعلم أيها الغرب الغريب أن الصفارة التي انطلقت من الحكم مع بداية مونديال قطر هي صفارة العز للإسلام والرفعة للمبادئ، فليس الأمر مقصورًا على اللاعبين ولا على الجري خلف الكرة.