بنفسج

لست أنانية... اخترت أن أكون أمًا لطفل واحد

الخميس 09 مارس

أنجبت صديقتي طفلة مريضة، تعاني من مضاعفات صحية عديدة بعد رحلة حمل شاقة، عاشت معها أيامًا وليالي لا تستطيع الجبال تحملها. مضت سنوات وكبرت الصغيرة بعدما أخذت من صحة صديقتي النفسية والجسدية ما أخذت وما زالت، حتى قررت أن تكتفي بها، وبمجرد أن أعلنت ذلك للمحيطين بدؤوا بتوبيخها ووصمها بالأنانية، لأنها ستترك طفلتها وحيدة في هذا العالم!

أنجبت صديقتي طفلة مريضة، تعاني من مضاعفات صحية عديدة بعد رحلة حمل شاقة، عاشت معها أيامًا وليالي لا تستطيع الجبال تحملها. مضت سنوات وكبرت الصغيرة بعدما أخذت من صحة صديقتي النفسية والجسدية ما أخذت وما زالت، حتى قررت أن تكتفي بها، وبمجرد أن أعلنت ذلك للمحيطين بدؤوا بتوبيخها ووصمها بالأنانية، لأنها ستترك طفلتها وحيدة في هذا العالم!

 أي أنانية تلك، لم تخضع صديقتي لإلحاح الأهل والمجتمع والأصدقاء، كانت تدرك في أعماقها أنها عاشت في أمومتها مع طفلة واحدة ما يمكن أن تعيشه مع 10 أطفال، وليس لديها ما تعطيه أكثر مما تفعل الآن مع صغيرتها.

أما صديقتي الأخرى، فكانت تجربتها مختلفة، كانت هي نفسها طفلة وحيدة، وكانت ترغب في أن تُنجب أكثر من طفل، ولكن كما أخبرتني مرّة "إللى ع البر عوام". أي طالما نحن خارج تجربة الأمومة، فإن جميع الأمنيات وردية وحالمة وقابلة للتحقق، الواقع مختلف والزمن صعب.

أنجبت صديقتي صبيًا جميلًا وقررت بعدها أن تكتفي به لتستطيع توفير حياة آدمية صحيًا وماديًا له. همست لي ذات مرة في تجمع لنا وقالت "التربية المحترمة ليها تمن". وعندما سألتها ألا تخشى أن يكبر طفلها وحيدًا، كانت إجاباتها أن الأنانية فعلاً هي أن تُنجب طفلًا أخر فقط ليُسلي، أو يؤنس وحدة طفلها الكبير، إذا لم ترغب في الإنجاب مرة ثانية بنفس قدر رغبتها في الإنجاب للمرة الأولى، فهي هنا تصبح أنانية فعلاً، بل وظالمة للطفل الثاني.

الأمومة تجربة لا تعود الحياة بعدها كما كانت قبلها أبدًا، وهذا ما أكدت عليه صديقة أخرى، ليس لديها موانع صحية أو مالية أو جسدية تدفعها الاكتفاء بطفل واحد، ولكن هكذا كان قرارها وهذا يكفي، قالت لنا أنها صحيح تحب الأطفال، ولكنها بعد التجربة لا تستطيع، نفسيًا، سوى تربية طفل واحد فقط، في هذه اللحظة والآن هذا هو قرارها بكامل قواها العقلية، والذي ربما لن تندم عليه لاحقًا، ولكنها حتمًا إذا أنجبت المزيد ستندم، لأن الإنجاب قرار لا يحتمل التعديل -هكذا قالت- بمجرد إنجاب طفل لا حول له ولا قوة في هذه الدنيا، فهو ملزم منك صحيًا ونفسيًا وماديًا، لا يمكن أن تنفصل عنه أو ينفصل عنك!

صديقة لي أخبرتني بصدق عن سبب رغبتها بالاكتفاء بإنجاب طفل واحد فقط، قالت "عايزة استمتع بحياتي وأمومتي من غير ما أحس إني بجري طول الوقت". كانت صادقة جدًا في مشاعرها، مشاعر مشروعة حتى ولو أنكرها المجتمع الذي يحمل صورة الأم القديسة التي لا ينبغي أن تفكر بنفسها ورغباتها متى صارت أمًا. 

تريد صديقتي أن تربي طفلتها تربية جيدة وسوية جانبًا إلى جنب مع استمتاعها بحياتها وعملها وزواجها من دون أن يصبح عليها عبء الركض وراء توفير الحد الأدنى من الحياة الكريمة لأكثر من طفل، لا ينقص ذلك من أمومتها شيئًا.

صديقة أخرى مرت بتجربة حمل سبب لها تروما -كرب ما بعد الصدمة-، جعلتها ترفض تمامًا تكرار التجربة، تخبرنا بصدق أنه لا أحد عايش ما عاشته، حرفيًا لا أحد يسير في حذائك غيرك، ولا ينبغي أن توصم بالأنانية لمخاوفها هذه، أليس كذلك؟

لقراءة المقال كاملًا، من هنا.