بنفسج

لماذا علينا أن نرسل أطفالنا لمدارسهم في الأيام الممطرة؟

الثلاثاء 16 مايو

إن ذهابنا نحن البالغون للعمل وذهاب الأطفال للتعلم سيؤسس لقيمة الالتزام لديهم، فبالرغم من الظروف الصعبة سنظل ملتزمين بواجباتنا، إن صغر حجم الاطفال مقارنة بالبالغين ليس عذرًا يسمح لهم التغيب عن المدرسة، ما لم يكن هناك وضع صحي خاص يستوجب ذلك. إن الجلوس في البيت في اليوم الماطر سيعلم الطفل تجنب التحديات لا العمل على تجاوزها، سيعلمه الميوعة وبطر العيش، وفي ظل عيشنا تحت احتلال ظالم، يلزمنا تربية أبنائنا على الجد والتحمل. وكما ورد في الأثر: اخشوشنوا فإن النعم لا تدوم.

كثر الحديث والجدال في هذه الأيام الممطرة حول إرسال الأبناء إلى المدارس. ومع كل خبر من الراصد الجوي تنقسم التعليقات بين مؤيد لذهابهم ومعارض. يقول المعارضون أن في ذلك خطرًا على صحتهم، وأن المدارس غير مهيأة لاستقبال الطلبة، وأنه لا فائدة عظمى من ذهابهم فهم لن يصبحوا "موظفين في ناسا أو علماء فضاء" كما استهزأ البعض.

لكني هنا سأسرد لكم لماذا عليكم أن ترسلوا أبناءكم للمدارس بالرغم من المطر والبرد: يمكن للأطفال تطوير المهارات الجسدية بشكل أفضل، إذ يحتاج الأطفال إلى الحركة بجدية أكبر للحفاظ على توازن جيد، كصعود الدرج المبلل ونزوله، فيعمل ذلك على زيادة تحسين التنسيق والمهارات الحركية الإجمالية لديهم. كما أنهم سيحتاجون إلى استخدام مهارات التفكير النقدي أثناء إدارة مخاطر الحركة وتقييم أداء الأنشطة المختلفة. على سبيل المثال: أيهما أصعب، المشي على الطين أم العشب؟

تتيح تلك التجربة للأطفال فرصة الاطلاع على استكشاف منظور جديد للمياه، ولا تنحصر رؤيتهم له آتيًا من الصنابير والنوافير. إذ يمكن للأطفال التعرف على الطبيعة بطريقة أكثر تعمقًا أثناء طرحهم الأسئلة واستكشاف المفاهيم العلمية، مثل دورة المياه والغيوم والطقس، والتعلم من أين تأتي المياه ولماذا تمطر، وكيف يتشكل الصقيع، ولماذا لا تثلج إن كانت درجة الحرارة منخفضة لهذه الدرجة.

إن التعرض للمطر يوفر تجربة حسية رائعة للأطفال، من خلال الأصوات والمشاهد والروائح واللمسات المختلفة. يحدث ذلك حين يستمعون إلى طقطقة المطر على الأرض، ويشاهدون الأسطح تتحول إلى لون أغمق عندما تبتل، ويشعرون بالأسطح الرطبة والزلقة التي يسببها هطول الأمطار ويشتمون الرائحة الترابية الناتجة عن تساقط المطر على التربة الجافة.

لا تقلق على صحة طفلك من ماء المطر، فهو ماء نقي لم يتعرض لأي ملوثات من الأتربة أو الأسطح الأخرى. كما أن التعرض للمطر ليس كفيلًا بإصابة الطفل بالمرض ما دام يرتدي ملابس تدفئه، بل إن التنقل بين درجات الحرارة المختلفة بشكل مفاجئ هو ما يسبب الأمراض. تثبت بعض الدراسات فوائد ماء المطر النقي للجلد والشعر والجسد، وأضيف أن لماء المطر أثره على الروح أيضًا، إذ قال عنه رسولنا الكريم: إنه حديث عهد بربه.

إن التعرض للمطر والبرد والتحديات المتعلقة بهما، يمد الطفل بشعور التعاطف مع غيره من الأطفال ذوي الظروف الصعبة كأطفال المخيمات الذين يزداد عددهم يوما بعد يوم. فيجعله ذلك يدرك النعم التي تغمره، والصعوبات التي يواجهها غيره، فيصبح شاكرًا، مستخدمًا تلك النعم لمساعدة أولئك الأقل حظًا.

إن تغييب الأطفال عن مدارسهم بسبب تحدي الطقس، والاسترسال بالحديث عن الطقس بأنه سيء، سيشكّل فهم الأطفال على أن المطر والرياح والبرودة شر، مع أن فيهم الخير ودورة حياة واختلاف طقوس مفيد للأرض من وعليها. إن إرسال الأطفال إلى المدارس في هذه الظروف يعلمهم درسًا عظيمًا عن قيمة العلم والعمل، في ظل زمن يكسب فيه مشاهير اليوتيوب الأموال بسبب ممارستهم اللعب، وعدم بذلهم الجهد في التعلم أو العمل، نحتاج إلى ترسيخ قيمة العلم في نفوس أطفالنا.

إن ذهابنا نحن البالغون للعمل وذهاب الأطفال للتعلم سيؤسس لقيمة الالتزام لديهم، فبالرغم من الظروف الصعبة سنظل ملتزمين بواجباتنا، إن صغر حجم الاطفال مقارنة بالبالغين ليس عذرًا يسمح لهم التغيب عن المدرسة، ما لم يكن هناك وضع صحي خاص يستوجب ذلك. إن الجلوس في البيت في اليوم الماطر سيعلم الطفل تجنب التحديات لا العمل على تجاوزها، سيعلمه الميوعة وبطر العيش، وفي ظل عيشنا تحت احتلال ظالم، يلزمنا تربية أبنائنا على الجد والتحمل. وكما ورد في الأثر: اخشوشنوا فإن النعم لا تدوم.