بنفسج

أساطير سنوات الزواج الأولى: عن السعادة الأبدية!

الخميس 11 يونيو

أسس اختيار شريك الحياة
أسس اختيار شريك الحياة

شهدت مؤخرًا تعدد حالات الانفصال لشريكين لم يمرّ على زواجهما عام واحد بسبب عدم الالتزام بـ أسس اختيار شريك الحياة: أساطير سنة أولى زواج التي ملأت عقول المرتبطين وعدم فهم الواقع. علامات الريبة والتعجب تحيط بقرار الذكر والأنثى حين يقرران إنهاء كل شيء، الحب والود والعشرة، الأمر لا يتعلق بانفصال شريكين فقط، بل أسرتين بشكل كامل.

في هذا المقال، سأتناول بعض أساطير سنة أولى زواج التي وقعت فيها شخصيًا، ولا زلت أقع فيها حتى بعد 7 سنوات من الارتباط.

| أولًا: الفهم ليس كل شيء القدرة هي الأهم: أدرك تمامًا أنه من الضروري أن يحيط الشريكان بحقوق وواجبات الآخر، لكن في كثير من المواقف ننسى فيها ما قرأناه، وما كرره أهلنا على مسامعنا كي نحافظ على الزواج. أو بالأحرى لا نريد أن "نفهم" لأسباب كثيرة، الفهم والمعرفة بالطرف الآخر وحدها لا تكفي، لا بد أن تكون لدينا قناعات داخلية أنه علينا أن نغض الطرف عن رغباتنا، وحاجاتنا، أن نتنازل عن شيء من الحرية والقوة والسلطة التي نبحث عنها لأجل المحافظة على شريك الحياة أو على الأسرة كاملة.

كم من امرأة منعها زوجها من الخروج للعمل، رغم أنها عُرفت بسعيها الدؤوب وتفوقها وتميزها، فاختارت ورضيت لأجل أن تكون أسرتها سعيدة. كم من رجل روّض نفسه على كظم غيظه أمام حالات الغضب والصوت العالي الصادرة عن زوجته في مواقف متعددة، ومحاولاته الدائمة لتكون أمّا أفضل لذاتها ولأطفالها. كم من أنثى رضيت بأن تحيا في بيت أهل زوجها، وتتحمل ما لا تطيقه لأجل أن يكون زواجها سعيدا مستقراً.

الفهم ليس كل شيء في هذه الحياة، الكثير من الذكور والإناث على وعي تام بقدسية الزواج والارتباط، لكن لا يرغبون بتاتاً الانصياع لما يفرضه الواقع "هم يريدون شريكا رائعاً ورومانسياً لكن بدون دفع أي ثمن"، وهل هذا فيه شيء من المنطق؟

أسس اختيار شريك الحياة: أساطير سنة أولى زواج
كم من امرأة منعها زوجها من الخروج للعمل، رغم أنها عُرفت بسعيها الدؤوب وتفوقها وتميزها، فاختارت ورضيت لأجل أن تكون أسرتها سعيدة. كم من رجل روّض نفسه على كظم غيظه أمام حالات الغضب والصوت العالي الصادرة عن زوجته في مواقف متعددة، ومحاولاته الدائمة لتكون أمّا أفضل لذاتها ولأطفالها. كم من أنثى رضيت بأن تحيا في بيت أهل زوجها، وتتحمل ما لا تطيقه لأجل أن يكون زواجها سعيدا مستقرًا.

| ثانيًا: المرأة من الزهرة والرجل من المريخ: في سنوات الزواج الأولى يأتي الشريكان محملين بأفكار وثقافة وعادات مختلفة، وكما يقول جون غراي: "المرأة تريد من الرجل أن يفهمها بنظرة "عين"، والرجل يريد من المرأة أن تفهمه "بالإشارة" وهذا ضرب من الخيال والمستحيل.

في أسس اختيار شريك الحياة: أساطير سنة أولى زواج يحتاج الشريكان وقتًا كبيرًا للتناغم والتفاهم ووضع الخطوط العريضة، وفي هذه النقطة دائما أتذكر جدي وجدتي فهو لم يزل حتى اللحظة ينهرها، لأنها لا تتقن طهي "الملوخية" التي يشتهيها؛ رغم مرور 60 عامًا على ارتباطهما، ويكره فيها خلق التسويف، فكيف بشريكين مرت 3 أشهر على حفل زفافهما!


اقرأ أيضًا: مصريّ وفلسطينية ... ماذا عن الزواج العابر للقطرية؟


العلاقة الزوجية تحتاج إلى وقت كي تنضج، وتشتد، ويقوى عودها، وهذا لن يكون إلا بجمر المواقف والأفعال والأحداث اليومية؛ التي تجعل الإنسان أكثر التصاقا وحبا لشريكه، فلا ينظر لكل ما يلمّ بزواجه أنه عثرة ودعوى للانفصال والتخلي

أسس اختيار شريك الحياة: أساطير سنة أولى زواج
في سنوات الزواج الأولى يأتي الشريكان محملين بأفكار وثقافة وعادات مختلفة، وكما يقول جون غراي: "المرأة تريد من الرجل أن يفهمها بنظرة "عين"، والرجل يريد من المرأة أن تفهمه "بالإشارة" وهذا ضرب من الخيال والمستحيل.
العلاقة الزوجية تحتاج إلى وقت كي تنضج، وتشتد، ويقوى عودها، وهذا لن يكون إلا بجمر المواقف والأفعال والأحداث اليومية.
 

| ثالثًا: الزواج ليس مليئًا بالأحلام الوردية: ومن يقول ذلك، فهو لم يحيا أعمق معاني الزواج ويتجلاها واقعًا. الزواج تعب، وإرهاق، ونكد، وعصبية، وتسويف، ومشاكل، وجدال، وقلق، وتوتر، وضغط نفسي وجسدي؛ لكنه في ذات الوقت سكينة، وراحة، ونقاء، وود، واستقرار، وتوازن، وعفة، وزهد؛ هذه هي الرؤية المتوازنة للزواج.

لا تصدقوا أن كل شريكين على هذه الأرض سعداء سعادة تامة. كل إنسان له حكايته، قصته، سرديته الخاصة به، لكل منهم محنته وشقاؤه. ولكن كل "ثنائيّ" جمع زواج ناجح بينهما؛ قررا أن يتخطا معاً كل تعاسة الكون لينعم أحدهما بدفئ يد الآخر، وبضمة فيها كل سعة الدنيا، وبنظرة حانية تحيي معاني الحب؛ لأجل هذه اللحظة يصارعان، يواجهان، يتجاوزان الكثير لأجل أن يكونا "معًا".


اقرأ أيضًا: قبل أن يبدأ: أفكار متوارثة تجعل من " الزواج" مشروعًا فاشلًا


| رابعا: الزواج هو فعليًا دورة تدريبية: يروض فيها الإنسان ذاته بناء على رغبات الطرف الآخر. وبنظري، هذه أصدق "علامات" الحب وأسماها، أن يغير الإنسان ما فيه من طباع وسجايا لأجل أن ينعم شريكه بالسعادة. وهذه ليست خطوة سهلة، إنما تحتاج الكثير من الصبر والحكمة والذكاء والدعم والتشجيع؛ والتي عادة ما يتم التعبير عنها بالقول: أشكرك يا زوجي لأنك تمالكت أعصابك في الموقف الفلاني، أنا أشعر بأنك تعبت اليوم، أنا أقدر محاولاتك الدائمة يا زوجتي لتجنب الصراخ، وغيرها. فبعض الشركاء يعتبر أنه من مهماته إصلاح الآخر ويعامله كما لو أنه قاضٍ والآخر مجرم، لا كأنه إنسان يأخذ بيده ليكون الأفضل لذاته ولأسرته.

| خامسا: قل.. تحدث.. عبّر: أنا انزعجت عندما لم تساعدني في عمل البيت، أنا استأت منكِ لأنك لم تحترمي أمي. على الشريكين أن يعبر كل منهما عما يريده من الآخر. ليس هناك توقع ولا تخمين في حياة الأزواج، خاصة في الأشهر أو السنوات الأولى، قل عبارات واضحة مربوطة بــ"الأنا والمشاعر" ستختصر الكثير من المشكلات.

أسس اختيار شريك الحياة: أساطير سنة أولى زواج
| سادسًا: هناك دائما في الحياة الزوجية شخص يعطي أكثر من الآخر: ويقبل أكثر على الآخر. ليس هناك شريكان يتطابقان في الاندفاع بنفس القدر، أي بصورة تامة ومطابقة. هناك دوما من هو متدفق بالمشاعر، وآخر متجنب لها يعبر بطريقة أخرى، هناك من هو كريم وآخر حريص أو بخيل. لا تظني أو تظنّ أن الاندفاع السلوكي والوجداني لا بد أن يتطابق، فإذا أردت أن يتطابق ما تحلم به من الشريك لا يكون ذلك سوى بالوضوح والتدريب.

| سابعًا: قل أو قولي "لا": في أسس اختيار شريك الحياة: أساطير سنة أولى زواج على الشريكين أن يقولا كلمة "لا" ويغلقا الأبواب لكل ما يمكنه أن يعكر ويشتت صفو الحياة الزوجية. فمثلا: بعض الأزواج لا يقبل أن يكون لزوجته علاقات اجتماعية واسعة، بعض الزوجات كذلك ترفض سهر زوجها المتكرر خارج المنزل، أو يرفض أحد الشريكين الخروج للسوق بصورة متكررة، ولو كان لهدف واضح. كلما تم إغلاق النوافذ التي من شأنها أن تحدث القلاقل في الأسرة، كلما ساعد ذلك على استقرار الشريكين واستمرار العلاقة، وهذا بالطبع يحتاج إلى جهد واجتهاد الطرفين.


اقرأ أيضًا: ميثاقًا غليظًا: كيف يكون الزواج مودة ورحمة؟


| ثامناتعلّما معًا: لا تفترض أن زوجتك تفهم كل شيء، ولا تفترضي أن زوجك يفهم كذلك. علّما بعضكما الثقافة والإتيكيت والأفكار والعادات التي تربيتما عليها سويا. يعني مثلاً؛ أنا أحب عندما يأتي أهلي ملبين دعوة الغداء أن تستقبلهم عند باب المنزل، أنا أحبّ كل فترة زمنية أن تتصل بوالدي لتطمئن عليه، وهكذا

إن القاعدة في أسس اختيار شريك الحياة: أساطير سنة أولى زواج هي أن الحب ليس اشتدادًا بل امتدادًا. الحب موقف وسلوك، الحب صبر وذكاء وحكمة، الحب سرّ الزواج والحياة. ولنتذكر دائما قول الحبيب "صلى الله عليه وسلم" ( لا يَفْرَكْ مؤمن مؤمنة، إِن كَرِه منها خُلُقاً، رضي منها آخَرَ).