بنفسج

الأقصى في خطر: اقتحامات متزايدة واعتداءات متواصلة

الأحد 06 اغسطس

عشرات المستوطنين يصولون ويجولون في الأقصى، وينظمون الجولات الاستفزازية بباحاته، والطقوس التلمودية في أغلب مناطقه، فقد اقتحم 6558 مستوطنًا باحات المسجد الأقصى، خلال شهر تموز/يوليو 2023، وهو الرقم الأعلى منذ بداية العام الحالي مقارنة بالشهور الأخرى.

وكان من أبرز عمليات الاقتحام خلال شهر تموز/يوليو، هو اقتحامه في ما يسمى بذكرى "خراب الهيكل" المزعوم، بقيادة وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، الذي اقتحم المسجد ثلاث مرات منذ توليه منصبه في حكومة بنيامين نتنياهو بداية العام 2023. ووصل عدد المقتحمين حينها إلى ما يقارب من 2100 مقتحم، أدوا طقوسهم التلمودية، وما يُسمى بـ"السجود الملحمي" في المنطقة الشرقية للمسجد.

احصاءات: اقتحامات المستوطنين للأقصى

اقتحامات.jpg
اقتحامات المستوطنين تصاعدت في عام 2023 وساندتها شرطة الاحتلال دائمًا واستخدمت القوة مع المصلين بالأقصى

اقتحامات المستوطنين للأقصى مستمرة بشكل شبه يومي، حيث يتعرض يوميًا عدا الجمعة والسبت، إلى سلسلة انتهاكات واقتحامات في محاولة لفرض السيطرة الكاملة على المسجد، وتقسيمه زمانيًا ومكانيًا.

وخلال العام الجاري 2023، تصاعدت اقتحامات المستوطنين وفق إحصاءات نشرتها جهات فلسطينية، فقد اقتحمه 26 ألفًا و276 مستوطنًا و482 ألفًا و392 تحت مسمى "سياحة"، خلال الفترتين الصباحية والمسائية، أدّوا خلالها طقوسًا تلمودية من بينها السجود الملحمي، وحاولوا إدخال القرابين عدة مرات خلال أيام ما يُسمى بعيد الفصح اليهودي، كان أعلاها في شهر أيار/مايو.

كما اقتحمت شرطة الاحتلال في النصف الأول من العام الجاري مصليات قبة الصخرة والقبلي والمرواني عدة مرات، بينما شهد الأقصى مع بداية شهر رمضان الفضيل، تشديدًا تامًا في الإجراءات وكثافة انتشار لجنود الاحتلال على أبوابه.


اقرأ أيضًا: مساقات بيت المقدس: شغف المعرفة بالقدس


واستخدمت قوات الاحتلال القوة لتفريغ المصليات من المعتكفين، حيث تعرض عشرات المواطنين للاعتقال خلال تصديهم لهم، في ما أصدرت سلطات الاحتلال قرارات إبعاد ظالمة عن المسجد الأقصى والبلدة القديمة، بحق عشرات المقدسيين. وتفاوتت أعدد المقتحمين بين ارتفاع وانخفاض، خلال النصف الأول من العام الجاري مع العامين الماضيين، حيث سجل النصف الأول من العام 2021، (14000) مستوطن اقتحموا المسجد، في حين سجل (33,351) مستوطنًا اقتحموه خلال النصف الأول 2022.

تخريب في المسجد الأقصى

لم تقتصر اعتداءات الاحتلال بحق الأقصى على اقتحامات المستوطنين فحسب، بل جددت قوات الاحتلال استهدافها لمصلى باب الرحمة خلال شهر نيسان/أبريل، فتعددت اقتحاماته وشددت إجراءاتها في محيطه، وقطعت أسلاك الكهرباء عنه، وخربت التمديدات الكهربائية والإضاءة التي بداخله. وفي نهاية شهر حزيران/يونيو طلبت شرطة الاحتلال من المحكمة تمديد إغلاق مصلى "باب الرحمة"؛ بزعم تشكيله نقطة استراتيجية للمرابطين.

ولم تقتصر اعتداءات الاحتلال بحق الأقصى على اقتحامات المستوطنين فحسب، بل جددت قوات الاحتلال استهدافها لمصلى باب الرحمة خلال شهر نيسان/أبريل، فتعددت اقتحاماته وشددت إجراءاتها في محيطه، وقطعت أسلاك الكهرباء عنه، وخربت التمديدات الكهربائية والإضاءة التي بداخله. وفي نهاية شهر حزيران/يونيو طلبت شرطة الاحتلال من المحكمة تمديد إغلاق مصلى "باب الرحمة"؛ بزعم تشكيله نقطة استراتيجية للمرابطين.

وفي سابقة خطيرة، عقدت حكومة الاحتلال في 21 أيار/مايو الماضي، اجتماعها الأسبوعي في الأنفاق التي تقع تحت المسجد الأقصى وحائط البراق، إذ جاء الاجتماع للمصادقة على مشاريع تهويدية في القدس المحتلة، حيث صادقت الحكومة على إضافة نحو 17 مليون دولار لميزانية حفر الأنفاق تحت حائط البراق والبلدة القديمة من القدس المحتلة، وخصصت أربعة ملايين شيقل لتشجيع ذلك، ودعم إحياء "القدس عاصمة دولة الاحتلال" على حد تعبيرهم.


اقرأ أيضًا: معالم المسجد الأقصى: عيوننا إليه ترحل كل يوم


وتمنع سلطات الاحتلال كذلك الفلسطينيين من الشروع بعمليات الترميم في المسجد الأقصى، في الوقت الذي تستمر بحفرياتها أسفل المسجد، فقد شهد المسجد خلال الشهور الماضية سقوط حجر من السطح الخارجي لمصلى قبة الصخرة المشرفة.

ومع هطول الأمطار في فصل الشتاء تشهد مصليات الأقصى تسربًا لمياه الأمطار، ففي الـ8 من شباط/فبراير تسربت مياه الأمطار إلى داخل المصلى المرواني عبر ثقوب في سقفه، وذلك بسبب منع الاحتلال دائرة الأوقاف الإسلامية من ترميم مصليات الأقصى. ويُذكر أن الاحتلال على مدار السنوات يمنع عمليات الترميم في المسجد الأقصى، بالمقابل يواصل أعمال الحفر في ساحة البراق، وإقامة الأنفاق التهويدية أسفل المسجد.

جمال عمرو: يجب تفعيل الدور الإعلامي

 

قال الباحث في شؤون القدس، جمال عمرو، "إن الاحتلال يصنع المناسبات والاحتفالات لاقتحام الأقصى وإثبات أحقيته في المسجد، ويشكل هالة أسطورية، ويوفر قوة دبلوماسية وعسكرية وسياسية وأمنية وحاخامات وشرطة وأمن؛ لخدمة المستوطنين في اقتحام الأقصى".

 

بدوره قال الباحث في شؤون القدس، جمال عمرو، "إن الاحتلال يصنع المناسبات والاحتفالات لاقتحام الأقصى وإثبات أحقيته في المسجد، ويشكل هالة أسطورية، ويوفر قوة دبلوماسية وعسكرية وسياسية وأمنية وحاخامات وشرطة وأمن؛ لخدمة المستوطنين في اقتحام الأقصى".

وأضاف: "بعض الحاخامات قالوا إن الذي يدفعنا دفعًا لإحياء مناسبات مصطنعة من هذا النوع، هي المخابرات الإسرائيلية حتى نظهر أمام العالم أن لنا كيان وقضية مركزية ورئيسة، وهي الهيكل وهناك دولة قائمة في المنطقة ومتجذرة تاريخيًا منذ ألف عام قبل الميلاد".

وأكد أن المستوطنين أحيوا خلال شهر تموز/يوليو ما يسمى بذكرى "خراب الهيكل"، حيث أدى ذلك إلى تطور استراتيجي ودراماتيكي خطير، على صعيد اقتحام المسجد الأقصى، فقد جمعوا أعدادًا غفيرة من المستوطنين ووزراء ومسؤولين لاقتحام الأقصى.

وأشار إلى أن شهر تموز/يوليو كان مليء بالتحديات والأعمال غير المسبوقة للاحتلال في باحات الأقصى، أبرزها الدخول من باب الأسباط، إذا كان المستوطنون يقتصرون على الدخول خلال اقتحاماتهم من باب المغاربة والسلسلة، وأصبحوا الآن يدخلون من الأبواب الأخرى خاصة باب الأسباط.

وبين أن المسجد الأقصى المبارك قضية مصيرية تمس أقدس مقدسات المسلمين، والذي يتحداه هو الاحتلال أشد الأعداء للإسلام؛ فانتهاك المستوطنين له لم يعد يقتصر، فقد على الأعياد اليهودية، ولم يعد مجرد حدث بسيط أو عابر.

وحذر عمرو من محاولات الاحتلال لترسيخ مفهوم خطير جدًا داخل المسجد الأقصى، مثل الرقص، والنفح بالبوق، ومشاركة شخصيات رسمية إسرائيلية فيها. وشدد على أن الاقتحام للأقصى وبقاء الاحتلال في مدينة القدس هو مأساة وجريمة، لا بد لها أن تنتهي، مؤكدًا أن الاحتلال لن يبقى له وجود على أرضنا ومقدساتنا.


اقرأ أيضًا: المرابطات في المسجد الأقصى: هكذا تقاوم المرأة المقدسية الاحتلال


ونوّه إلى ضرورة تفعيل الدور الإعلامي للتوعية بقضية الأقصى والتحذير من خطورة تكرار اقتحاماته، وخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي. وتابع عمرو: "يجب أن يتصدى الجميع لكل هذه الاعتداءات على المسجد الأقصى، وألا نقبل قطيعًا بها فاقتحام الأقصى بهذا الشكل يعد إجرامًا بكل المقاييس ومحاولات إسرائيلية لترسيخ واقع جديد فيه".

وطالب كل من يستطيع الوصول للأقصى، من الفلسطينيين في الداخل المحتل ومدينة القدس والضفة الغربية، للتوجه لباحاته والرباط فيها، لتعزيز الوجود الفلسطيني فيه، ومنع أي محاولات أخرى لاقتحامه وتهويده وفرض معادلات جديدة، ترسخ الوجود اليهودي فيه.