بنفسج

الأسيرة شهد حسن: ريحانة الدار اُعتقلت صائمة

الخميس 20 مارس

الأسيررة شهد حسن
الأسيررة شهد حسن

عاشت في بيت بنسجه الواحد؛ حبًا وعطاءً ومقاومة، الام والأب قياديان سابقان في الحركة الطلابية، وناشطان اجتماعيان وداعيان وأسيران سابقان، يشهد لهما بالصلاح وحسن السيرة، ويشهد عنهما كذلك حسن تربيتهما لأولادهم. سار الجميع على النهج، فمعظم الأبناء جزء من الحركة الطلابية، وكذلك الحركة الأسيرة، وآخرهم الابنة الصغرى التي اعتقلت مؤخرًا، شهد ماجد حسن.

وهذا حوار مع شقيقتها شذى حسن شقيقة الأسيرة شهد ماجد حسن، الناشطة السابقة في الحركة الطلابية، والأسيرة المحررة، الحاصلة على بكالوريوس اللغة العربية وآدابها من جامعة بيرزيت، وتعمل معلمة، لتخبرنا عنها، ولحظة اعتقالها، عن شهد الطفلة، والشقيقة، عن "روح الدار".

فجر الاعتقال

اعتقال شهد حسن.jpg

اعتُقلت شهد ماجد حسن بعد فجر 5 مارس/آذار 2025، بينما كانت نائمة، فاستيقظت على أصوات اقتحام الجيش الإسرائيلي للبيت، تقول شقيقتها شهد: "لم يُسمح لمن بالبيت بالتحرك ولا الحديث، ومُنعت شهد من ارتداء ملابسها، ولكنها ارتدت زي الصلاة بالقوة، عز عليها فراق العائلة في ليالي رمضان لكنها قالت لوالدتي وهي تخرج من باب البيت: "ماما.. ما تقلقوا علي.. أنا منيحة".

كان هذا رمضان الأول لشهد الذي ستقضيه وحدها بعد تزوج كل شقيقاتها، فكانت خائفة أن تقصر في العبادات كونها لوحدها، نظمت جدولها الديني لتنفذه، تضيف شقيقتها: "سبحان الله يمكن ربنا اختارها برمضان ليضاعف أجرها وتقدر تنجز شو كانت مخططة من حفظ وعبادات".


اقرأ أيضًا: نائل البرغوثي: محطات في حياة أقدم أسير في العالم


قبل يوم الاعتقال رُزقت عائلة ماجد حسن بحفيدهم الرابع يوسف من الابنة الكبرى شيماء، فعكفت شهد على أداء دور "خالتو" تسهر مع المولود الجديد وتساعد شقيقتها بحب، يومين قضتهما دون نوم، وفي اليوم الثالث عندما خلدت لسرقة ساعات من الراحة اُعتقلت من صدر البيت.

أما شقيقها صالح فاختطفته قوات إسرائيلية خاصة في 22 شباط/ فبراير 2024، من أمام جامعة بيرزيت، تضيف شذى: "لا نعلم أي شيء عن صالح هل يعلم أن شهد اعتُقلت أم لا، وأنا حقيقة أخاف عليه حين يعرف الخبر، فصالح حنون جدًا يحبنا لأقصى حد، أذكره قبل زواجي كان يقبل رأسي كل يوم مع أنها ليست عادته".

صالح وشهد في الأسر

عائلة ماجد حسن.jpg

لم تخل حياة صالح ولا شهد من الاعتقالات، فقد عهدوها منذ سنوات عمرهم الأولى، فشهد المولودة في العام 2002 كانت ولادتها عسيرة، تقول شذى عن ذلك اليوم: "وقت ولادتها كان هناك اجتياح لمنطقتنا ومنع تجول، وجاء لوالدتي الإسعاف ليصحبها إلى المشفى، وبعد سنة من ولادتها اعتقل والدي لثلاث سنوات ونصف، وبعدها اعتُقلت والدتي، وتلاها اعتقال مرة أخرى لوالدي، وهذا الاعتقال أثر على شهد وصالح بالأكثر كونهما أصغرنا".

أما صالح، رئيس مجلس الطلبة في جامعة بيرزيت، يعتبره والده رفيق الطرقات الحنون، فيقول له دائمًا: "أنت كان لازم تدرس حقوق.. بتعرف تغلبني بالحكي دايما حجتك قوية".

تكمل شذى: "كان والدي كل أسبوع يزور شقيقاته في قرية عين السودان، ويرافقه صالح المشوار، ويحب أبي رفقته جدًا، وترك غياب صالح فراغًا كبيرًا في قلب والدي، وجاء اعتقال شهد ليشعره بقلة الحيلة والعجز، ولكنه دومًا صابرًا محتسبًا كما عهدناه منذ طفولتنا".

"روح الدار"

شهد حسن.jpg

فقد البيت روحه بغياب صالح وشهد، ولم تجتمع العائلة مكتملة خلال الحرب الإسرائيلية على غزة اعتقل الوالد وابنه محمد وعبد المجيد وأفرج عنهم لاحقًا، ليبقى صالح، ترافقه شهد الآن، تقول شذى لبنفسج: "غياب شهد أثر فيّ كثيرًا، نحن كنا سويًا نفعل كل شيء معًا، حتى تزوجت، فبكت شهد كثيرًا عند رحيلي عن البيت، وتظل تخبرني أنها تفتقد جلستنا الليلية اليومية، ولا تعلم أنني افتقدها أضعافًا مضاعفة".

كانت شهد كثيرة البكاء مع فراق شذى لزواجها، مع أن بيتها يبعد عن بيت العائلة خمس دقائق، لكن آخر العنقود كان في أشد لحظات حزنها بعد الغياب، تكمل شذى على لسان شهد: "بابا أعطاني محاضرة كاملة في الفراق والحياة الدنيا وعن فراق الأحبة، المشكلة مش هيك المشكلة أني فقعت عياط برضه بعد المحاضرة".

تستذكر شذى طقوسها مع شهد في العشر الأواخر من رمضان، إذ كانت تصر آخر العنقود على اصطحابها إلى الأقصى للصلاة، تقول شذى: "كنت أنا أذهب ٤ أو 5 أيام ثم تفتر عزيمتي وأتعب، ولكن هي تصر علي بأن نذهب ونكمل الأيام الباقية، فأقبل عن طيب خاطر لأجل أن لا تحزن".

حكم بالسجن الإداري

الأسيرة شهد حسن.jpg

كانت شذى تحاول أن تفرح شقيقتها دائمًا، فتفعل كل ما يلزم لأجل ابتسامة منها، يرسل لها شقيقها عبد المجيد صورة مع شهد، فتبكي شوقًا، عندما ولد آخر حفيد لنا حملته شهد وقالت: "حاسة حالي أول مرة بحب طفل هالقد".

وبينما شهد كانت منشغلة بمهامها معلمة وبأمور البيت مع الوالدة، كان حدسها يخبرها أنها ستعتقل، وتحلم في المنام باعتقالها، وتصارح شذى بخوفها، فترد عليها: "فش عليكِ اشي لا بتطلعي ولا بتنزلي ليش تخافي وليش يعتقلوكي أصلًا.. فش إشي تخافيش".


اقرأ أيضًا: الأسيرة المحررة زينة بربر: ابنة القدس المهددة بالإبعاد


ولكن خوف شهد تحقق وحدث الاعتقال، فقلنا وقتها: "هذا أمر الله ولا اعتراض.. لربما ذهبت عند صديقتها الأسيرة ربى فراس من شدة شوقها لها، إذ لم يكن يمر يومًا إلا وتعبر عن حزنها لفراق ربى".

مؤخرًا، حولت محكمة عوفر الإسرائيلية شهد حسن إلى الاعتقال الإداري، ولا تعلم العائلة عنها شيء سوى أن معنوياتها جيدة، ويمنون أنفسهم بفرج قريب لصالح وشهد آخر عنقود الدار.