بنفسج

قتل المحتل طفلتي.. سلب طوق الياسمين

الأحد 04 مايو

عدد الأطفال الشهداء في غزة
عدد الأطفال الشهداء في غزة

 أتت ياسمين بعد مخاض صعب كان سيودي بحياة والدتها زينب، لكن الصغيرة أبصرت النور وأبصرت عائلتها النور فيها... كبرت الياسمين وأصبحت بعمر العامين ونصف العام، وأضفت بضحكتها، مع ابنة عمها عبير، الروح للبيت، ولكن فجأة، أضحى البيت رمادًا، وأخذ معه ياسمين وعبير حفيدات العائلة ومؤنساتها.

تستضيف منصة بنفسج الأم زينب أبو سويرح والدة الطفلة الشهيدة ياسمين التي استشهدت عن عمر يناهز عامين ونصف العام، لتروي عن لحظات الاستهداف، عن موت طفلتها وإصابتها هي بكسور كانت ستفقدها الحركة، والوداع الأخير لطفلتها التي لطالما تخيلتها عروسًا تلبسها فستانها الأبيض، ولكنها أتتها للوادع الأخير بالكفن.

يوم أن ارتدت الكفن

عدد الأطفال الشهداء في غزة

كانت تدور في البيت بفستانها الوردي، ينسدل شعرها بلونه الخروبي على أكتافها، تتراقص كالفراشات ليلة عيدهن، تغني بصوت رقيق "أنا قلب الماما روحها ... أنا وعيونها"، أنهت حفلتها الصغيرة مجبرة، واختبأت في فراشها خوفًا من صوت الطيران الحربي العنيف، وكلما دوى انفجار تحتضن والدتها وتهمس: "أنا خايفة"، أصرت أن ترتدي بلوزة شقيقها الأكبر براء لتنام فيها. 

فجأة، وفي تمام التاسعة مساءً لم يُسمع سوى صوت الحجارة وهي تتطاير، والأجساد تُدفن تحت الركام بعدما كانت في الطابق الثاني، تقول زينب: "بينما كنت أختنق من رائحة البارود والغبار، سمعت صوت شقيقتي تنادي باسم طفلتي ياسمين، فشعرت أنها في خطر، أخرجونا من تحت الركام، وعندما سألت عن أولادي أخبروني أنهم بخير، ولكني حدسي كان يقول إن ياسمين أُصيبت، وبالفعل علمت بعدها أن تعرضت لنزيف حاد في الرأس أودى بحياتها، فطلبت منهم أن تبقى معي طول الليل لأودعها ولكنهم لم يفعلوا رأفة بي".

حبيبة الخالة

عدد الأطفال الشهداء في غزة

لم يُسمح لزينب بوضع قبلة الوداع الأخيرة على جبين صغيرتها التي رأتها قطعة واحدة بملامحها كما هي، فحمدت الله على ذلك، كانت بوضع صحي سيء للغاية، كسور من الممكن أن تصيبها بالشلل، وحروق وشظايا اخترقت جسدها، ونزيف حاد.

تضيف زينب: "كان فراقها قاسيًا عليّ وعلى والدها أيضًا، فما زال لا يصدق أن طفلته المدللة التي كان كل ليلة يمشط لها شعرها فتسعد، يحملها على ظهره كلما تدللت، يغار عليها من حبها لخالتها، فيسألها: "مين رقم واحد عندك" فتجيب بصوت يهز الأرجاء: "بابا".
 
"انكسر ظهري يا إمي"

عدد الأطفال الشهداء في غزة

كانت زينب تدلل صغيرتها، تجيبها ولا ترفض لها طلبًا، تخاف من فقدانها. في ليلة استشهادها كانت تأكل بنهم على غير العادة، أخبرتها قبل استشهادها بساعة أنها خائفة، فشعرت بالعجز، لأن حرب الإبادة التي تقتل الصغير والكبير مخيفة، ولكنها طمأنتها بأن الليلة ستمر. انقلبت الحياة بثوان بعد تلك المشاعر المختلطة، تقول لبنفسج: "دُفن كل شيء تحت الركام حتى نحن، لكني استطعت أن أُخرج ملابس ياسمين، غسلتها وعطرتها حين استرددت صحتي، وما زلت محتفظة بها،كلما أصابتني نوبة اشتياق عنيفة احتضنت ملابسها، وتذكرت كل فستان وحكايته وصورته".


اقرأ أيضًاإعدام على طريق النزوح: هكذا قتل الاحتلال الطبيب مقادمة وأمه


تردف بصوت متحشرج: "عندما عدت إلى حياتي الطبيعية وبدأت أتعافى كنت أتذكرها في كل شيء أفعله، لأن كل شئ مربوط بها وبحركاتها وبمشاغباتها هي طفلة عصية على النسيان كانت تحب الفشار والكيك والكاتشب، تحب أن أطهو لها السباغتي كل شئ له ذكرى معها وبها ولها".

يفتقد ياسمين أبناء العائلة الصغار وأطفال الحي، افتقدتها جدتها وهي تراها تركض نحوها بورقة مدون بها طلبات والدتها، وافتقدت زينب الطفلة عبير ابنة عم ياسمين التي رحلت معها في ذات اليوم ليكون حزن العائلة قاسيًا وموجعًا إلى حد لا يُطاق، فمؤنسات البيت رحلن معًا في 28 أغسطس 2024.