بنفسج

فقدان الشهية: مسببات نفسية وبيولوجية

الأربعاء 17 فبراير

تسعى الأمهات لتقديم الغذاء الصحي والمتوازن لأطفالهن، لكنهن يشعرن أحيانًا بالإحباط نتيجة رفض الطفل تناول طعامه، على الرغم من بذلهن مجهودًا كبيرًا في إعداد وتحضير وابتكار طرق تقديم الطعام لأطفالهن. فقدان الشهية عند الأطفال يُعتبر أمرًا طبيعيًا عند معظمهم، وتزداد في المرحلة العمرية التي تقع بين عامين إلى ستة أعوام، حيث يتراجع إقبالهم على الطعام بسبب تراجع وتيرة نموهم في هذه السنوات مقارنة بعامهم الأول، لكنها تصبح مشكلة جدّية إذا استمرت لفترة طويلة، أو حدثت في المراحل العمرية التي تشهد نموًا كبيرًا، مما يؤثر على نمو الأطفال الجسدي والذهني، فما هي الأسباب المحتملة وراءها؟

أسباب فقدان الشهية متنوعة، ولعلّ بعض ممارساتنا مع الطفل قد تنعكس على شهيته دون أن ندرك، وهنا ندرج أهم أسباب فقدان الشهية عند الأطفال:

فقدان الشهية1.png

| الاعتماد على الحليب: وهي من أكثر الأسباب انتشارًا، خاصة عند الأطفال من عمر الستة أشهر إلى ثلاثة أعوام، فالحليب غني بالسعرات الحرارية التي تفقد الطفل رغبته بتناول الطعام. كما أن تناول الحليب بإفراط، والذي يحتوي على الكالسيوم يتعارض مع امتصاص الحديد مما يفاقم المشكلة، حيث لا يُنصح بتقديم الحليب أكثر من مرتين إلى ثلاث مرات يوميًا بحجم ٢٤٠مل للحصة الواحدة حسب عمر الطفل.

| فقر الدم الناتج عن نقص الحديد: وهذا يسبب فقدان الشهية عند الطفل، ويُعد هذا السبب من أكثر الأسباب شيوعًا عند الأطفال، خاصة عند بلوغهم ستة أشهر، وبداية إدخال الطعام الصلب، حيث قد تعتمد الأم على خيارات غذائية فقيرة بعنصر الحديد قبل إدخال اللحوم إلى غذائه، وهنا ننصح الأم بإضافة الخضار والحبوب ذات المحتوى العالي من هذا المعدن، مثل: التمر، والزبيب، والشمندر، والخضار الخضراء، مثل: السبانخ والبروكلي، والطماطم، والفلفل الحلو، كما ننصح أيضًا بتقديم هذه الأغذية مع الأطعمة الغنية بفيتامين سي الذي يعزز امتصاص الحديد.

| بروز الأسنان: التسنين والآلام المصاحبة له قد تفقد الطفل شهيته مؤقتًا.

 
| ارتفاع درجة الحرارة: تقل شهية الأطفال في فصل الصيف، وعند ارتفاع درجات الحرارة، وهنا ينبغي التركيز على تقديم الأغذية ذات المحتوى العالي من الفيتامينات والمعادن، ويمكن تقديم العصائر الباردة، وكوكتيل الفواكه، أو مثلجات الفواكه المعدة منزليًا، فهي خيار مثالي ومحبب للأطفال.
 
| شرب الماء بكميات كبيرة: على الرغم من أهمية الماء إلا أن بعض الأطفال يقبلون على شربها بكميات كبيرة، فتسبب لهم الشعور بالامتلاء وعدم الرغبة في تناول الطعام.

| الالتهابات البكتيرية والفيروسية: التي تكون الجهاز الهضمي والأنف والأذن، قد تسبب ضيقًا للطفل وفقدانًا الشهية.

| الديدان المعوية: إصابة الطفل بالديدان المعوية التي تسبب له ضعف في النمو وعدم الرغبة في تناول الطعام.

| تناول الحلويات والسكريات: هذا يعطي الطفل حاجته من السعرات الحراريّة خلال اليوم، فلا يشعر بالجوع، ولا يرغب بتناول الطعام، لذلك يعتمد الحل الأول لمشكلة فقدان الشهية على مراقبة ما يتم تقديمه للطفل من خيارات ذات محتوى عالي من السكريات والنشويات المكررة تلك التي تمد الطفل بالسعرات الفارغة دون أن تحوي أي عناصر غذائية مفيدة لنموهم وتطورهم الجسدي والعقلي.

| العامل النفسي: إذ قد يربط الطفل الطعام بحادثة مؤلمة، أو ممارسة السلوكيات الخاطئة للوالدين لإجبار الطفل على تناول الطعام، حيث تلعب هذه السلوكيات الخاطئة الدور الأكبر في فقد شهية الأطفال، خاصة عند بدء إدراك الطفل للبيئة والمحيط حوله، وقد تختلف حسب شخصية الطفل، وفيما يلي تفصيل أكثر لهذه المشكلة.

| العامل النفسي وتأثيره على شهية الطفل

يساهم الأهل دون قصد في تطور المشكلة عند أطفالهم، وذلك من خلال إصرارهم على إطعام الطفل، ولجوئهم إلى العصبيّة، أو التوبيخ، أو الضرب، فيتولّد شعور بالكره اتجاه الطعام عند الطفل.
 
كما أن كثرة انتقاد الطفل، والحديث عن عدم رغبته بتناول الطعام أمام الأقارب يخلق عند الطفل نوعًا من العناد، الذي يجعله يتمسك بعدم رغبته بتناول الطعام، لذلك، يجب تجاهل الطفل، وعدم إعطاء الموضوع أية أهمية أمامه، وعدم طرحه ليكون مادة للنقاش أمام أحد.

يساهم الأهل دون قصد في تطور المشكلة عند أطفالهم، وذلك من خلال إصرارهم على إطعام الطفل، ولجوئهم إلى العصبيّة، أو التوبيخ، أو الضرب، فيتولّد شعور بالكره اتجاه الطعام عند الطفل، وفي هذه الحالة يجب ترك الطفل حتى يجوع، ويطلب الطعام دون إلحاح من أحد الوالدين، ودون تقديم الطعام له، بل بوضعه ليكون في متناول يده عند رغبته.

كما أن لجوء الأهل إلى النقاش الحادّ فيما بينهم أثناء تناول الطعام قد يكون سببًا في المشكلة، إذ يجعل الطفل كارهًا لوقت الطعام، لذلك، يجب إضفاء جو من الهدوء والسكينة أثناء تناول الوجبة، وتأجيل النقاش لوقت آخر. وكثرة انتقاد الطفل، والحديث عن عدم رغبته بتناول الطعام أمام الأقارب والأصدقاء، يخلق عند الطفل نوعًا من العناد، أو ردّ الفعل الذي يجعله يتمسك بعدم رغبته بتناول الطعام، لذلك، يجب تجاهل الطفل، وعدم إعطاء الموضوع أية أهمية أمامه، وعدم طرحه ليكون مادة للنقاش أمام أحد.

يلجأ الأهل أحيانًا إلى إجبار الطفل على تناول نوع معيّن لا يحبه، وهذا ما يسبب له النفور من الطعام. لذلك، يجب تقديم الأطعمة المحببة له، والتي تحتوي على نفس العناصر الغذائية، ثم عرض الأطعمة التي يكرهها بطرق أخرى حتى يتقبلها. وعدم التنويع، وتقديم الطعام بنفس الشكل وطريقة التحضير، فالطفل يملّ من نفس الأطعمة، ولعلّها أبرز المشاكل التي تواجهها الأم عند تقديم الطعام لطفلها، لذلك، يجب البحث عن وصفات جديدة وتقديمها بطرق مبتكرة، إضافة إلى استخدام الصحون المزركشة والملوّنة، أو التي تحتوي صورًا لشخصيّاتهم المحببة.

يمكنك استشارة الطبيب إذا شعرت بأعراض فقر الدم عند طفلك لإجراء الفحوصات اللازمة للتأكد، وإعطائه مكملات الحديد عند الضرورة، كما يمكن إعطاء الطفل مكملات فيتامين A وفيتامينات B والزنك بعد استشارة الطبيب، فهذه الفيتامينات والمعادن تحسن الصحة العامة للطفل.

قد يلجأ الأهالي أحيانًا إلى اتخاذ أسلوب العقاب والحرمان من الألعاب والتلفاز، أو مما يحب في حال عدم تناول وجبته، وهذا أسلوب خاطئ، على العكس، من الأفضل ترغيبه ومكافأته في حال إنهاء وجبته، أحيانًا، وليس بشكل متكرر حتى لا يرتبط الطعام بالمقابل الماديّ.

فقدان الشهية عند الطفل، كما ذكرنا، لها أسباب عديدة فسيولوجية ونفسية، لكنها قد تكون مرحلة طبيعية يمر بها كل طفل، فرفض الطعام وسيلة للتعبير عن ضيقه من أمر يزعجه، كقدوم مولود جديد للعائلة، أو تغيير نظامه وروتين حياته الذي اعتاد عليه، كالانتقال إلى منزل جديد، أو مدرسة أخرى، ومن الطبيعي أن يستمر ذلك عدة أيام لا أكثر.

في النهاية، يمكنك استشارة الطبيب إذا شعرت بأعراض فقر الدم عند طفلك لإجراء الفحوصات اللازمة للتأكد، وإعطائه مكملات الحديد عند الضرورة، كما يمكن إعطاء الطفل مكملات فيتامين A وفيتامينات B والزنك بعد استشارة الطبيب، فهذه الفيتامينات والمعادن تحسن الصحة العامة للطفل، وتدعم نموه، وتزيد من رغبته في تناول الطعام، كما يجب أن نوفر له المحيط المناسب البعيد عن العصبيّة والصراخ، مع التشجيع والتحفيز المعنوي.