يبدو أن غسل اليدين، قبل تناول منتج ما، ليست الخطوة الوحيدة التي علينا فعلها، إذ يجب علينا أيضًا خلق ثقافة قراءة الملصق الغذائي، قبل شراء أو تناول المنتجات الغذائية؛ كالحليب المعلب، والأجبان غير الصحية، والشبس، أو ما يُعرف شعبيًا "بالزواكي"، أو بعض الأطعمة المُعلبة الأخرى.
ولكن؛ وقبل الخوض في تفاصيل القراءة، وكيفيتها، وأهميتها، لابد من التعريج على تعريف الملصق الغذائي، وكيفية تقسيمه، وأهم الخانات الموجودة فيه، وما تشير إليه هذه الخانات، وما علاقتها بكون هذا المنتج صحيًا أم غير صحي، وهل يلبي حاجة الجسم اليومية من العناصر الغذائية أم لا، وأخيرًا هل يمكن المقارنة بين منتجين لاختيار الأفضل بينهما من حيث المكونات والسعرات؟
الملصق الغذائي " nutrition label"
يُعرف الملصق الغذائي أو "Nutrition label" على أنه النشرة المرفقة لكل منتج غذائي مُصنع، والتي تكتب عادة في خلف العبوة أو أسفلها، تُقر الشركة المصنعة من خلال هذا الملصق أن منتجها يحتوي على العناصر الغذائية المكتوبة على العبوة، كما وتحدد عدد الحصص الغذائية الموجودة فيه، وما تحتويه كل حصة من سعرات حرارية، مع توضيح مصدر هذه السعرات الحرارية، سواء كانت نشويات، وسكريات، أو دهون بأنواعها، بالإضافة لبعض الفيتامينات والمعادن، والمواد المضافة والمستخدمة، كما ويحتوي الملصق الغذائي أيضا على النسبة المئوية لحاجة الجسم اليومية من كل عنصر من العناصر الغذائية الموجودة في المنتج وهو ما يعرف بالــ Daily Value %، الذي سنتطرق إلى أهميته لاحقًا في هذا المقال.
اقرأ أيضًا: نفسيًا وبيولوجيًا.. كيف يأكل الخوف أعمارنا؟
لماذا علينا قراءة الملصق الغذائي؟
قد يكون هذا السؤال هو الأهم في هذا المقال، لأن الإجابة عليه والاقتناع بها، تعني اهتمامكم بمتابعة القراءة أو لا، كما وتعني لنا كأخصائيين تغذويين، مدى اهتمام الناس بمحاولة فهم ماذا يأكلون؟ وما وراء هذه المأكولات والمشروبات التي نتناولها من صحة أو مرض!
فكثير من الأمراض تعود في بعض أسبابها إلى نوعية الطعام والشراب الذي نأكله، وكميته أيضًا، وهنا لا نقصد أدوات القياس المعتادة، ككأس من الكوكاكولا مثلًا، أو طبق من الأرز أو كيس من "الأندومي"، وإنما نقصد ما تحمله كل هذه من سعرات غذائية، أو عدم احتواء ما نتناوله من أطعمة على جميع العناصر الغذائية اللازمة لضمان صحة أجسامنا. هذا فضلًا عن أمراض السمنة، وأسبابها المباشرة وغير المباشرة، وبعض الحالات المرضية الخاصة التي تحتاج إلى تناول حصص محددة ومدروسة من العناصر الغذائية، كمرضى السكري، أو القلب، أو الكلى، على سبيل الأمثلة لا الحصر.
كيف نقرأ الملصق الغذائي؟
يحتوي كل ملصق غذائي على عدد من العناصر والخانات ذات الدلالات المتعارف عليها عالميًا، ولا يمكن لأيّ منّا أن يقرأ ما يحتويه أي مصلق غذائي، إلا إذا كانت لديه خلفية معرفية بسيطة عن آلية كتابة المصلق، وما تشير إليه كل خانة، وفيما يلي توضيح مبسط، لآلية قراءة الملصق الغذائي يمكن تعميمها على أي ملصق غذائي آخر.
أولاً: الحصص الغذائية والسعرات الحرارية للحصة الواحدة: وهو ما يعرف بالــ [Serving Size and Calories]، الخانة رقم [1] في الصورة أعلاه، حيث يشير الملصق إلى عدد السعرات التي تحصل عليها من العناصر الغذائية المختلفة؛ النشويات والدهون والبروتين، عند استهلاك حصة واحدة من الوجبة أو المنتج، وهي التي تتحول إلى طاقة يستخدمها الجسم في القيام بالوظائف المختلفة، أو يخزنها في حال عدم الحاجة إليها.
ومن الأخطاء الشائعة عند قراءة أي ملصق غذائي، عدم الانتباه والالتفات إلى أن السعرات الحرارية المكتوبة مقرونة بالحصة الغذائية الواحدة، وأن كل منتج قد يحتوي على حصة غذائية واحدة أو أكثر من ذلك، وعليه؛ فإنّ عدد السعرات التي تدخل للجسم تتضاعف بحسب عدد الحصص الكلية الموجودة في المنتج أصلًا!
وفي تبسيط لهذا الكلام، لابد لنا في البداية من شرح المقصود بالحصة الغذائية، وهي كيمة قياس متعارف عليها عند الجميع، وهي مقياس تقريبي، فمثلًا للسوائل هي الكوب، للزيوت هي ملعقة الطعام، للحبوب هي كوب مقداره 250 مل، وهكذا. وعند قولنا أن هذا المنتج يحتوي على 200 سعرة للحصة الواحدة، وأن الكمية الكاملة الموجودة في العبوة هي حصتين غذائيتين، فهذا يعني أن العبوة الكاملة تحتوي على 400 سعر حراري وليس فقط 200!
ثانيا: القيمة الغذائية اليومية [DV%]، وهو ما يُعرف بال "Daily Value"، الخانة رقم [2] في الصورة أعلاه، وتمثل هذه النسبة المئوية التي تساهم بها الحصة الواحدة من المنتج في احتياجك اليومي من عنصر معين، بافتراض أنك تتبع نظامًا غذائيًا يكافئ 2000 سعرة حرارية. فإن كان مكتوبًا على ملصق عبوة الحليب 30% بجانب الكالسيوم مثلًا، فهذا يعني أن الحصة الواحدة (الكوب الواحد) يمنحك 30% من احتياجك اليومي للكالسيوم، ويمكنك الحصول على الـ 70% الباقية من مصادر أخرى.
يمكنك من خلال هذا البند تحديد ما إن كانت حصة الطعام غنية أم فقيرة بعنصر غذائي معين، كما هو موضح بالملصق، وما إن كانت تساهم بشكل كبير أو ضئيل في نظامك الغذائي اليومي لكل عنصر غذائي، فإذا كانت القيمة الغذائية اليومية %5 أو أقل من عنصر غذائي لكل حصة تعتبر منخفضة، وإذا كانت %20 أو أكثر من عنصر غذائي لكل حصة تعتبر عالية.
وعلى هذا الأساس يمكنك المقارنة والاختيار بين منتجين للحبوب الغذائية مثلاً- يوضح كلاهما أنه غني بالمعادن والفيتامينات- عن طريق التحقق من القيمة اليومية لهذه العناصر الغذائية في كل منهما.
اقرأ أيضًا: اقطعي الأبيضين: لحياة أكثر صحة لك ولعائلتك
ثالثا: الدهون، وهي الخانة رقم [3] في الصورة أعلاه، ومن الجدير بالذكر الإشارة إلى ضرورة الانتباه إلى بند "الدهون" عند قراءة أي ملصق غذائي، ويجب الحذر من المنتجات التي تتكون معظم سعراتها من مصادر الدهون، وذلك لأن الدهون أنواع متعددة، منها ما هو مفيد للجسم ومنها ما هو ضار، وفيما يلي توضيح موجز لأنواع الدهون:
- الدهون المشبعة [Saturated Fats]: وهي نوع من الدهون التي تكون صلبة في درجة حرارة الغرفة، الإكثار من هذه الدهون قد يؤدي الى مشاكل صحية، ويجب عدم تجاوز الحد الأعلى المسموح به، وهو عشرة بالمئة من كامل سعرات اليوم.
-الدهون غير المشبعة [Unsaturated Fats]: تحتوي على روابط ثنائية، ومن ضمنها مجموعة الأوميجا، وهي دهون يجب اعتمادها في غذائنا باعتدال.
-الدهون المتحولة [Trans Fats]: التي تنتج من عملية تحويل الدهون غير المشبعة إلى مشبعة لتحويلها إلى قوام فيزيائي يفيد الصناعات، وتعتبر من أخطر أنواع الدهون. وتم حظر استخدامها في العديد من الدول لما لها من تأثير سلبي على صحة جسم الإنسان.
-الكوليسترول [Cholestrol]
يجب الانتباه للكمية المستهلكة خلال اليوم بحيث لا تتجاوز 300 ملغم، والأشخاص الذين يعانون من ارتفاع الكوليسترول يجب أن لا تتجاوز 200 ملغم يوميًا .عند شراء أي منتج يجب الانتباه لكمية الدهون، والتأكد من خلو هذا المنتج من الدهون المتحولة، وحساب الكمية المستهلكة يوميًا من الكوليسترول.
اقرأ أيضًا: "لفي كيس نايلون أو ادهني خل" عن أخطاء شائعة
رابعا: الفيتامينات والمعادن
يُكتب في نهاية الملصق الغذائي، مجموعة من الفيتامينات والمعادن، مثل فيتامين جيم وفيتامين ألف والحديد والكالسيوم. تم تعديل الملصق الغذائي ليحتوي على فيتامين دال والبوتاسيوم، وكلما ارتفعت نسبة هذه العناصر كلما كانت فائدة المنتج أكبر.
خامسا: النشويات
يوجد نوعين من السكر؛ السكر الطبيعي والسكر المضاف. السكر الطبيعي، مثل السكر في الحليب والفاكهة. أما المضاف؛ فهو الذي تتم إضافته خلال عملية التصنيع ويجب أن لا يتجاوز 50 غم لكل 2000 سعرة خلال اليوم.
يجب اختيار المنتجات المنخفضة بالسكر البسيط والمرتفعة بالألياف، الألياف تساعد على تحسين عملية الهضم، وضبط ارتفاع مستويات السكر في الدم، والشعور بالشبع لفترة أطول .أما حاجة الجسم اليومية من الألياف، فتبلغ تقريبًا 25 غم من الألياف يوميًا .
اقرأ أيضًا: زيت الأطفال للتجميل: فوائد قد تسكنها بعض الأضرار
| الصوديوم
له علاقة مباشرة بارتفاع ضغط الدم، إذ أثبتت الدراسات أن تناول الصوديوم بجرعات زائدة يعرض الجسم للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. قراءة النسبة اليومية للصوديوم على المنتجات أمر في غاية الأهمية، للتأكد من عدم تجاوز النسبة المسموحة يوميًا وهي 2,300 إلى 3000 ملغم كحد أعلى لمن يعاني من الضغط، يجب عدم تجاوز ال 2000 ملغم يوميًا .
| البروتين
البروتين هو وحدة بناء العضلات، ويساهم في الشعور بالشبع لفترة طويلة وفائدة عالية، ويساعد في الحفاظ على صحة العضلات العظام والشعر والأظافر .وتبلغ حاجة الجسم اليومية من البروتين 0.8 غم لكل كيلو غرام من وزن الجسم .
أخيرًا؛ إن قراءة الملصق الغذائي تساعد في الحصول على منتج ذي قيمة غذائية مرتفعة، وتجنب المواد الضارة التي قد تؤدي إلى مشاكل صحية. وإن اختيار منتج متوسط بالسعرات من مصدر نشويات وبروتين والقليل من الدهون، غني بالألياف والفيتامينات والمعادن، وخال من الدهون المتحولة والكوليسترول والسكر المضاف، هي الخطوة الأساسية للبدء بنظام حياة صحي.