بنفسج

دوائر الإلهام والتأثير: ليسوا مؤثري "السوشال ميديا"

الإثنين 23 نوفمبر

في كل مجتمع هناك مؤثرون في محيطهم، ينظر لهم الناس على أنهم مثال للتميز، أو الشخصية الناجحة، وربما بعض البشر يجعلون منهم قدوة، خلال مسيرة عملهم أو مشاريعهم أو في بناء شخصياتهم، وهذا الأمر ينطبق على جميع مكوّنات المجتمع، باختلاف مهاراتهم واختصاصاتهم واهتماماتهم. ولو نظرنا لتلك الفئة من المجتمع "المؤثرين"، لوجدنا بأن جلهم لديه شغف بالعمل، وإرادة في تطوير ذواتهم، وإصرار على زيادة الوعي الفكري، وزيادة ثقافاتهم في مختلف مجالات الحياة. 

فعندما ركّزوا على الصُّعود بعقولهم نحو الأفضل، نجحوا في توسيع دائرة الأشخاص المتأثرين بشخصياتهم، والواثقين من قدراتهم، فتكون عندهم فئة تنظر لهم نظرة القدوة، والطاقة الإيجابية التي تعطيهم دفعات الأمل خلال خطوات أهدافهم. بالحقيقة هم بشر لا يختلفون عنا كثيرًا، لكنهم حدّدوا اتجاه بوصلتهم، وحملوا مسؤولية الحياة، وعرفوا قيمة عقولهم، وكيف يديرونها في ويستخدمونها في أن تكون ذوات أثر، منهم عالم طاقة نووية، ومنهم عالم النفس، ومنهم الفيلسوف.

لكن بالحقيقة من يتأمل صفحات العظماء المؤثرين، يرى أنهم دخلوا التاريخ من أوسع أبوابه، عندما شقّوا طريقهم بين الصخور، وواجهوا أعتى المصاعب، ومرُّوا بمراحل تنهك العقل قبل الجسد، وتكاد تقول جوارحهم كفى، لكنهم كابروا على جراحهم وأتراحهم من أجل البلوغ.

لكن المعضلة التي تحيط بنا اليوم، هي التملص من عبء المسؤوليات، والتفلت من أتعابها، رغم أن الأمة اليوم أحوج ما تكون إلى جيل يصَّعد بها نحو مستقبل أفضل من الذي تعيش به في الحقبة الراهنة، فقليل ما تجد من الشباب الصاعد من يحمل على أكتافه هَمّ التغيير، وبذل المجهود من أجل أن تعود أمتنا تصارع بقوتها ووعي شبابها الأمم.

قد تدعيهم الكثير من الأسباب الواهية للتّفلت من المسؤولية المحيطة بهم، منها الخوف من الفشل والمجهول، وعدم القدرة على المواجهة والتنظيم والإدارة، وضعف الشخصية وعدم الجرأة، وتربية الأهل على الكسل والخمول، والمجتمع المحيط ونظراته الإقصائية، وغيرها من الأسباب.

لكن بالحقيقة من يتأمل صفحات العظماء المؤثرين، يرى أنهم دخلوا التاريخ من أوسع أبوابه، عندما شقّوا طريقهم بين الصخور، وواجهوا أعتى المصاعب، ومرُّوا بمراحل تنهك العقل قبل الجسد، وتكاد تقول جوارحهم كفى، لكنهم كابروا على جراحهم وأتراحهم من أجل البلوغ.

فالمؤثرون، كانوا شبابًا بغالبيتهم، لم يستكينوا لعثرات الأيام وحواجز الظروف، وصنعوا ما صنعوا بعلو الهمة وتحديد الأهداف، وتصويب سهامهم نحوها والانطلاق خلفها لتلقف صيدها ونتاج التركيز فيها، وصناعة الفرص للحصول عليها لا تحينها، وانتظار حصولها لعل الزمن يصادفهم بها، والوقوف على أطلال الماضي الذي يمتع العاطفة لبعض من الوقت، دون التجهيز للمستقبل وحث الخطأ لتحقيق الأهداف حيث يقف العقل مذكرًا بها.

فهؤلاء "المؤثرون" هم من يفرغون طاقاتهم بالبحث في قضايا تهم الأمة جمعاء، وترتقي بأفكار شبابها، وإن كانت بخطى بطيئة، لكنها ثابتة تنشر الوعي والشعور بالمسؤولية لتجعل من الفرد جماعة، ومن الجماعة أمة من الشباب المؤثر إيجابًا بما يعود عليه وعلى أمته بالمنفعة والخير.

ومن هنا، يجب علينا أن ندرك أن المسؤولية تعنينا جميعًا "فالأمة تحتاج الجميع"، ولن نصل بمجتمعاتنا إلى مرحلة ننافس بها العالم، إلا إذا خرجت عقول جديدة مميزة، فكريًا وسياسيًا وثقافيًا، تكافح من أجل بناء الوعي بكلِّ شعب من شعاب بلداننا العربية، من المغرب العربي مرورًا بالشام، ووصولاً إلى جزيرة محمد، صلى الله عليه وسلم.