بنفسج

"رفاهية النوم": حكاية أم لطفل باحتياجات عالية

الإثنين 29 مارس

ما إن تضع الأم طفلها، حتى يسارع الجميع في تقديم النصيحة الذهبية الأشهر "نامي عندما ينام طفلك"، والتي تنجح مع معظم الأطفال، وفي كثير من الحالات، لكنها لا تنجح مع البعض أيضًا! تُرى، ما السبب؟ تقضي الأم الجديدة أيامًا تتساءل: لماذا طفلها مختلف؟ لماذا يبكي أكثر من الآخرين؟ ولماذا لا يمكنها الراحة أبدًا! وقد لا يصدّقها أحد أن طفلها لا يهدأ على الإطلاق! فتدور في دوامات من اليأس، وتبقى حبيسة سؤال بلا جواب: ما الخطأ الذي فعلته؟

عزيزتي الأم المرهقة، أنتِ لم تقترفي أي خطأ، وطفلك ليس به مشكلة، هو فقط طفل مختلف، يسمى ذلك الطفل في علم التربية «طفل ذو احتياجات عالية – High needs baby»، وهو ليس طفلًا سيئًا أو جيدًا، ولكنه فقط طفل مختلف، والتعامل معه هو عبارة عن تحدٍ كبير.

| كيف تعرفين أن طفلك "ذو احتياجات عالية"؟

|  لا يغفو: القيلولة رفاهية لا تحدث كثيرًا في منزلك، فبينما ينام الأطفال الآخرون لمدة ساعتين إلى ثلاث في المرة، تكون قيلولة هذا الطفل قصيرة جدًا، قد يستيقظ بعد 20 أو 30 دقيقة في حالة هياج وبكاء.
 
| لا ينام وحده: نادرًا ما ينام في غرفته الخاصة، وأفضل خيار للحفاظ على الهدوء في هذه الحالة هو إحضار سريره بجانب سريرك.

| يعاني من قلق الانفصال بشكل عنيف: هو غير قابل للتكيف، يطور ارتباطًا قويًا بوالديه، أي محاولات للذهاب إلى الحضانة، أو مع مقدم رعاية آخر يتعامل معها بالصراخ الذي قد يستمر حتى تعودي.

يكره ركوب السيارة: ويكره الحبس والعزلة، وقد يصبح مضطربًا ويبكي لحظة وضعه في المقعد.

| لا يستطيع التهدئة الذاتية: هذا الطفل لا يهدئ نفسه، بل يعتمد على والديه لتهدئته، وأحيانًا، يطور هؤلاء الأطفال نمطًا من الرضاعة الطبيعية من أجل الراحة وليس الجوع.

| غير مرتاح للضوضاء ولا للغرباء: الضوضاء والأماكن الغريبة المزدحمة، الوجوه الكثيرة تغضبه، وينفجر في بكاء لا نهاية له!

| ليس لديه روتين يومي: يمكن لروتين منتظم ومتسق أن يجعل الأبوة والأمومة أسهل. لكن لسوء الحظ، لا يعمل الروتين عند هذا الطفل! قد يستيقظ، ويغفو، ويأكل في أوقات مختلفة كل يوم!

 | لا يستطيع الاسترخاء: عندما يُترك الطفل وحده، يصبح هائجًا ومتوترًا، ويبكي باستمرار حتى يتم التقاطه.

| حساس للمس: يحتاج إلى لمسة مستمرة ويطلبون حملهم على مدار الساعة.

| لا يبدو سعيدًا أو راضيًا أبدًا: قد تشعرين بالإرهاق والإحباط والذنب في بعض الأحيان. فقط اعلمي أن مزاج طفلك ليس خطأك، وتأكدي من أنك وطفلك ستكونان بخير.

الطفل كثير الاحتياج هو تحدٍ كبير في حياة الوالدين، ومساعدته على تطوير شخصية ثابتة دون أن يصبح أنانيًا أحد أهم مهام الآباء، والتي تحتاج إلى صبر وتقبل وهدوء، فعندما يتمكن الطفل من التعامل مع متطلباته ومشاعره والوصول إلى الهدوء النفسي والاسترخاء والتوازن بمساعدة والديه، فإنه يتحول إلى شخص رائع لديه من الذكاء العاطفي ما يستطيع أن يسعد به نفسه والآخرين من حوله.

الطفل كثير الاحتياجات نعمة وهدية من الله، إذا تعلمت كيف يمكنك التعامل معها، ونقمة وعناء إن لم تكوني واعية ومستعدة لخوض تلك المعركة. لا يمكنك ِتغيير مزاج طفلك أو شخصيته، أفضل ما يمكنك فعله هو التزام الهدوء والصبر وانتظار تغيير احتياجات طفلك. أثناء ذلك، إليك كيفية تجنب فقدان أعصابك.

| كيفية تجنب فقدان أعصابك

| تعاملي بهدوء: ذلك الطفل يبكي طوال الوقت ولا يتدرج في بكائه، فهو يبدأ بالصراخ مباشرة، وكأن عليك الحضور فورًا وتلبية رغباته! لن تستطيعي الانتصار أمامه سوى بالهدوء فقط، وعليك الحذر دائمًا، وتأمين أماكن تواجده لأنه يندفع، ويستكشف كل ما حوله دون النظر هل هو خطر أم لا؟!

️| خذي استراحة: لا تشعري بالذنب لتركه مع أفراد الأسرة الآخرين أو جليسة الأطفال. إن أخذ قسط من الراحة هو ما يمكنك لاستعادة توازنك والبقاء هادئة لوقت أطول.

| قضاء وقت أكثر خارج المنزل: ذلك الطفل يتحرك باستمرار حتى أثناء الرضاعة! عقله المتوتر وعضلاته المشدودة المستعدة للعمل تحتاج إلى الارتخاء، ولا يكون ذلك إلا بالحركة، لا يستطيع المكوث في منزل مغلق طوال اليوم، فلا بد أن يرى الطبيعة بشكل مستمر. يمكنك توفير بعض الأنشطة الحركية في المنزل لتفريغ طاقته بشكل مستمر إذا لم يتسن لك الخروج يوميًا.

| تجنبي المفاجآت: ذلك الطفل يفضل النمو في بيئة هادئة آمنة مستقرة، وتزعجه التغيرات المفاجئة بشدة، فهو يحتاج دائمًا لأن يعرف ما الذي سوف يحدث مسبقًا، أين سيذهب، ماذا سيفعل، من سيقابل، وهكذا. لذا يفضل أن تخبريه بخطة اليوم مسبقًا لتجنب المفاجآت والانفعالات الشديدة.

 
| تفهمي وتعاطفي مع احتياجاته: الغضب المتكرر وتعكر مزاجه لعدم إشباع احتياجاته النهارية يؤثر سلبًا على نومه ليلًا، فيصبح نومه متوترًا متقلبًا. يحتاج إلى الكثير من المساعدة للتحول من حالة اليقظة إلى حالة النوم، ثم للدخول إلى مرحلة النوم العميق، كما أنه يحتاج بشدة إلى التلامس الجسدي أثناء نومه.
 
لذا هو بحاجه إلى النوم بجوار أمه، أو في سرير منفصل عنها، ولكن يجاور سريرها حتى تستطيع أن تشبع حاجته في التلامس الجسدي معها في فترات مختلفة من الليل.
 
| تذكري أن كل ذلك سيمر: من المهم أن تتيقني أن هذه المرحلة مؤقتة، وأن العديد من الأطفال يحتاجون إلى القليل من الحب والاهتمام الإضافي لكي يكبرون بشكل جيد.

| علميه كيف يتواصل بهدوء: ذلك الطفل ينتظر منك دومًا الخضوع والاستسلام لمتطلباته، وإذا لم يحدث ذلك يتعكر مزاجه ويتحول إلى مرحلة الصراخ المستمر. يحتاج الوالدان التعامل معه عن طريق تنمية طرق التواصل الهادئ وليس التحكم، ومساعدته لتعلم كيف يوازن بين احتياجاته واحتياجات الآخرين، وكيف يستطيع أن يحول طريقته من الأمر والسيطرة إلى الطلب والاحتياج.

| لا تعقدي مقارنات: من المهم تجنب مقارنة طفلك بأطفال أصدقائك الأكثر هدوءًا واسترخاءً. المقارنات لا تساعد الموقف، لكنها تزيد فقط من إحباطاتك، افهمي أن طفلك فريد ولديه احتياجات فريدة.

| لا تشعري بالذنب حيال تلبية احتياجات طفلك: إذا كان طفلك يبكي طوال اليوم، كل يوم، فقد يقترح الأصدقاء والعائلة بحسن نية "تركه يبكي" أو يشجعونك على عدم تلبية كل احتياجاته. هذه الاقتراحات قد تنجح مع طفل آخر، لكنها لن تعمل مع طفلك، بل ستزيد الأمر سوءًا، يحتاج طفلك الآن إلى الطمأنينة. عندما يكبرون، ابدأي بوضع حدود وقولي لا.

بنامش.png

| قللي من التزاماتك ومهماتك المنزلية: أنتِ بالفعل تؤدين مهامًا مرهقة كثيرة، وتتطلب منك الهدود لتتعاملي أفضل مع صغيرك، فلا ترهقي نفسك أكثر بمهام يمكنك تأجيلها، وبالطبع، لا تحبطي نفسك باللوم!

وأخيرًا، قائمة مهام منطقية ستكون حلًا مناسبًا، لا يوجد تشخيص "طفل ذو احتياجات عالية "، هي ليست حالة طبية، وجميع الأطفال يتضايقون في بعض الأحيان، هي مجرد مؤشرات على أن سلوك الطفل قد يكون في الجانب الأكثر احتياجًا. عادة، تحل هذه السمات من تلقاء نفسها عندما يكبر طفلك في مرحلة الطفولة وما بعدها.

يمكن أن يكون الطفل ذا الاحتياجات العالية مرهقًا جسديًا ومرهقًا عقليًا. ومع ذلك، إذا تعلمت كيفية فهم إشارات طفلك، وأخذ فترات راحة، وحصلت على الدعم، فسيكون من الأسهل التأقلم حتى تمر هذه المرحلة. وعندما يكبر ذلك الصغير سيدهشك بذكائه الاجتماعي وحبه لكِ، قد يستغرق وقتًا أطول لينفصل عنكِ ويندمج في الحياة، وقد يشكل ذلك تحديًا مزعجًا لكِ، لكنه سيكون اهتماماته وحياته الخاصة في النهاية، وان أحسنتِ التعامل مع احتياجاته، واكتسبتِ ثقته، فقد اكتسبت صديقًا حنونًا مدى الحياة.