بنفسج

الكافل واليتيم: نُفوس سكنها الظل وجودي آبوت

السبت 15 يناير

وسدت الدروب.. واشتدت الخطوب.. فجئت من سراب فتحت لي الأبواب.. حملت لي العطايا.. لتزهر الأحــلام.. وتضحك الأيام.. يا صاحب الظل الطويل. كما تلحن هذا المقطع، وتدندنه، وتكمل كلماته الآن، ها أنا أدندنه معك ببطء، وبلحنه، وبتقليد لصوت من غناه. جودي أبوت، يا له من اسم له رنة حين يسمعه جيل التسعينيات، بشعرها وعقصيها المميزين، وبصوتها حين تكتب رسائلها لمتبنيها المجهول "صاحب الظل الطويل"، وبرسوماتها التي كانت تخطها على جدران السكن الذي تقطن فيه برفقة أصدقائها. فتاة مرحة طموحة، ألهمت العديد من فتيات الجيل الصغار وقتها، أحببنها كما هي، بجنونها وتلقائيتها ومرحها، وإصرارها على النجاح لتصبح كاتبة، كرتون "صاحب الظل الطويل"، صحبنا في رحلة طويلة من الحكايات اليومية مع جودي وسالي وجوليا وجون سميث.

| جودي أبوت النموذج الفريد

 
فتاة يتيمة الأب والأم، لا تعرف والديها، وُجدت ملقية على باب منزل في ليلة ثلجية باردة، وانتقلت من يومها للعيش في دار الأيتام، وأطلقت عليها مديرة الدار اسم جودي أبوت. عاشت في الدار رفقة الصغار الآخرين، كانت أكبرهم، ترعاهم، وتقوم بأعمال التنظيف وغيرها.
 
تعلمت في دار الأيتام فعل كل شيء، من الخياطة وحتى تنظيف الشبابيك في عمر مبكر. ولم تخل الحلقات من مشاكستها المضحكة مع مديرة الدار الآنسة ليزا. وفي يوم ما، تنقلب حياة جودي، لتغادر دار الأيتام إلى مكان آخر لتكمل تعليمها الثانوي.

الحكاية باختصار عن فتاة يتيمة الأب والأم، لا تعرف والديها، وُجدت ملقية على باب منزل في ليلة ثلجية باردة، وانتقلت من يومها للعيش في دار الأيتام، وأطلقت عليها مديرة الدار اسم جودي أبوت. عاشت في الدار برفقة الصغار الآخرين، كانت أكبرهم، ترعاهم، وتقوم بأعمال التنظيف وغيرها. تعلمت في دار الأيتام فعل كل شيء، من الخياطة وحتى تنظيف الشبابيك في عمر مبكر. ولم تخل الحلقات من مشاكستها المضحكة مع مديرة الدار الآنسة ليزا.

وفي يوم ما، تنقلب حياة جودي، لتغادر دار الأيتام إلى مكان آخر لتكمل تعليمها الثانوي، حين دعتها المديرة إلى مكتبها لتخبرها أن أحدًا قد تبناها وقدم لها منحة دراسية لتكمل دراستها الثانوية في مدرسة "لينكولن"، التي تعد من أفضل المدارس، ويدرس فيها طلاب ينتمون لأعلى الطبقات، فتقفز جودي من فرحتها، وتلحق بالسيد الغامض الذي أعجبته قصتها القصيرة التي كتبتها، وقرر بناء عليها منحها فرصة الدراسة، تركض بكل ما أوتيت من أمل، ولكنها لم تستطع اللحاق به، ترى ظله على الحائط بقدمين طويلين، وعكاز طويل، وقبعة تغطي رأسه. 

كان شرط الرجل الغامض "جون سميث" أن تكتب له جودي رسائل تخبره عن سير الدراسة والحياة معها، وبالفعل، بدأت جودي بالكتابة له، ولكنها احتارت ماذا تناديه، فأسمته صاحب السيقان الطويلة.

| تسلسل شخصية جودي

جودي أبوت.jpg
جودي أبوت تكتب رسالة إلى صاحب الظل الطويل

خلال الحلقات المتسلسلة، والمواقف اليومية لجودي في السكن والمدرسة ثم الجامعة، رأينا تسلسل شخصيتها من الطفلة المشاكسة إلى الناضجة التي تطور نفسها بالكتابة والقراءة لتصل لهدفها، والتي تسعى لتحقيق الاستقلال المادي بعيدًا عن صاحب الظل الطويل. وبالرغم من نضوج الشخصية إلا أنها ظلت محافظة على شخصيتها المرحة خفيفة الظل. قدّم لنا كرتون جودي أبوت عدة قيم إنسانية يجب أن يتجمل بها الإنسان، أذكرها لكم في نقاط معدودة:

| صديقة وفية

جودي مع سالي.jpg
جودي أبوت مع سالي وجوليا

خلال كل حلقة أظهرت جودي حبها لأصدقائها سواء في بيتها الأول مع الصغار، ومعاملتها لهم كأخت كبرى، ومع سالي وجوليا فيما بعد، ظهرت بوقفتها الجادة بظهر أصدقائها. يذكرني مشهد لها حين تعرفت على سالي في أول يوم، قدمت لها يد المساعدة مع أنها لم تكن تعرفها بعد، سالي تقف لتلقي كلمة الترحيب بالطالبات الجدد خلف المايكرفون فتاهت الكلمات منها وأصابتها نوبة توتر، ونسيت الكلمة التي حفظتها عن ظهر قلب، ولكن، سرعان ما أنقذتها جودي، وكتبت لها كلمة جديدة في لحظتها، تكتب صفحة، فتمسكها جوليا لتقرأ منها سالي، وهكذا، حتى أنهت كلمتها، ونالت التصفيق على كلمتها الجميلة، أو بالأصل كلمة جودي.


اقرأ المزيد: خلف الشاشات: الشخصيات الحقيقية لشخصياتكم الكرتونية المفضلة


قالت في إحدى رسائلها؛ عزيزي يا صاحب الظل الطويل، أقحمت سالي مكبرايد رأسها في غرفتي قائلة: "أشعر بالحنين إلى البيت، حتى أنني لا أستطيع احتماله، هل تشعرين بالإحساس نفسه؟ ابتسمت قليلًا، وقلت: لا. أظنني أستطيع الشفاء منه، الحنين إلى البيت هو مرض نجوت منه على الأقل، لم أسمع بأحد عانى من الحنين إلى الميتم، هل سمعت أنت؟

| مستقلة غير اتكالية

 بنت نفسها بنفسها، اجتهدت بدراستها وتفوقت حتى تصل للمراد، طورت نفسها في كتابة القصص القصيرة حتى فازت بجائزة، ونُشر اسمها في المجلة، ونالت شيكًا بخمسين دولار لقاء قصتها التي نالت إعجاب لجنة التحكيم. وتوالت إصداراتها وكتبها التي شاركت بها في المسابقات.

تقول في رسالتها لصاحب الظل الطويل؛ أليس العمل ممتعًا، أم أنك لم تعمل يومًا؟ يكون العمل ممتعًا بوجه خاص حين يكون العمل الذي تحب القيام به أكثر من أي شيء آخر في العالم، لقد كنت أكتب سريعًا بقدر ما يمكن لقلمي أن يمضي كل يوم هذا الصيف، ويكمن خلافي الوحيد مع الحياة، في أن الأيام ليست طويلة كفاية لكتابة كل الأفكار الجميلة والثمينة والممتعة التي أفكر بها.

| معطاءة محبة

ووو.jpg

 لم تتوقف جودي طوال حلقات المسلسل الكرتوني، عن حب من حولها ومنحهم الدعم الكامل، تتعامل برقة من الجميع، حتى مع والدة جوليا التي كانت تسيء لها كونها ليست من عائلة من الطبقات الراقية مثلهم، لأجل خاطر صديقتها تصمت.

عزيزي يا صاحب الظل الطويل.؛ بدأت أشعر أن العالم هو بيتي، وكأنني أنتمي حقًا إليه. لا أفترض أنك تفهم ولو قليلًا مما أحاول قوله، فلا يمكن لشخص يتمتع بمكانة هامة إدارك مشاعر "لقيط"، كانت السمة الوحيدة التي يحفرونها فيك هي الواجب. لا أظن أنّه يتوجب على الأطفال تعلم معنى هذه الكلمة، فهي مقرفة وبغيضة، إذ عليهم أن يفعلوا كل شيء بدافع الحب.

| حافظة للمعروف

جودي7.jpg

 لم تنفك جودي طوال رسائلها لصاحب الظل الطويل من التعبير عن حبها وامتنانها، وإصرارها على رد الجمّيل، تخبره دومًا بحكايتها اليوم، عن الكتب التي قرأتها، وروايتها المفضلة، والأشياء التي تعلمتها في العلوم والفلسفة، وعن مواقفها وآخر أحداثها، وفي كل رسالة كانت توقع، فتارة تكتب المخلصة لك أبدًا، وتارة محبتك التي تمضي في درب العلم، وتارة الثرثارة جودي أبوت.

تقول جودي؛ عزيزي يا صاحب الظل الطويل، لقد بعت قصتي، وستنشر مسلسلة في سبعة أجزاء، ومن ثم تنشر في كتاب، قد تظن أنني متحمسة وسعيدة، لكنني لست كذلك! أنا لا مبالية تمامًا، أنا مسرورة بالطبع لأني بدأت أسدد لك، فأنا مديونة لك بألفي دولار، وستصلك بالتقسيط، ولا تشعر بالذعر من قبولها من فضلك، لأن تسديد المال يجعلني سعيدة. أنا مدينة لك بما هو أكثر من المال، وسأواصل تسديد الباقي طوال حياتي بامتنان وبمودة.

صاحب.jpg

وأخيرًا، أشير إلى أن مسلسل جودي أبوت هو بالأصل رواية للكاتب جين ويبستر، وحولت فيما بعد إلى أفلام وعروض مسرحية، ومسلسل كرتوني، قال كاتبها على غلاف الرواية: "ثمة جاذبية استثنائية في القصص التي يتصدى الأيتام لبطولتها، لأنها بطولة حقيقية. تعتبر هذه الرواية بمثابة النّص المضاد لكل الحكايات الخرافية. إنها تفنّد، ببطءٍ ونعومة، حكاية الأميرة حبيسة البرج التي تنتظر أميرًا مخلّصًا، وإذا كان هناك منقذٌ يظهر في بداية العمل، على هيئة ظلٍ طويل ومجهول، فسنتتبع معًا مسار جودي وهي تخرج من وصايتهِ، وتتخذ قراراتها بنفسها، وتكبر كما لم يخطر ببالِ أحد".