بنفسج

من قاموس المرأة: من فضلك لا أحب سماع هذا!

الأربعاء 23 فبراير

الكلام الجارح عمومًا مرفوضٌ بأي حال، سواء كان موجهًا للرجلٍ أو الأنثى، والصراحة مطلوبة بالتأكيد، ولكن بشرط المراعاة قدر الإمكان، وأحيانًا، يُفضّل المجاملة، فهي مخرجٌ جيّدٌ لبعض المواقف، أو ببساطة، في حال لا يهمّنا أمر الشخص الذي نحدثه. ولكن ركّزوا معي للحظة هنا، إذا خصصنا موضوع الكلام الجارح والانتقادات والمناقشات التي تُوجه فيها الكلمات اللاذعة، لشخص الأنثى بالذات، فقد تتغير بعض الأحكام، يُصبح الأمر حساسًا أكثر، موزونًا أكثر، ومضبوطًا بشكل أكثر إحكامًا.

تعاني النساء في جميع أنحاء العالم من التمييز كونهنّ نساء، التمييز على جميع الأصعدة؛ سواء الاجتماعية أو المهنيّة أو فجوة الأجور أو حتى السلّم الوظيفي، ونضيف إلى ذلك، معاناتهنّ من الحساسية الزائدة! فنحن كائنات حسّاسة، وخاصة عندما يكون الكلام موجّهًا لنا، نصغي جيدًا، ونتفحّص الكلمات، هل تؤثر على شخصيتنا أمام الجموع؟ هل فيها عيبٌ قد مسّ كبرياءنا؟ هل فُهمت شخصياتنا بشكلٍ خاطئ؟"، أو ببساطة: "لا أُحب أن يُقال لي ذلك".

توجد الكثير من العبارات والمصطلحات التي تُعتبر خطًا أحمرَ لا يجب مسّه بالنسبة للأنثى، وعبارات أخرى قد لا تعتبر بتلك الأهمية بالنسبة للعموم، ولكنها محط اهتمام الفتيات، لذا ترى أنهنّ يركّزن على ما يُقال لهنّ، الفتيات والنساء والأمهات. نبدأ مع بعض المصطلحات الاعتيادية

| "أنتِ لستِ كالفتيات الأخريات"

بغض النظر عن أننا لا نحب مقارنتنا بغيرنا، فهي طريقة غير لائقة للإطراء، بل وأحيانًا تتبين وكأنها مبتذلة جدًا، خاصةً وأننا جميعًا نُخطئ، لذا لا يوجد أحد فريد ومميز على سطح هذا الكوكب، على الأقل ليس لدرجة أن تقول لها "أنتِ لستِ كالفتيات الأخريات"! حقًا؟ يمكنك ببساطة أن تقول: "أنتِ لستِ مثل أي شخصٍ أو فتاة قابلتها سابقًا.."، حسنًا هذا يبدو قابلًا للتصديق قليلًا، أو يمكنك ذِكر الصفة المميزة بالفعل فينا: "لديكِ قلبٌ صافٍ لم أصادف مثله سابقًا".

 

| "ابتسمي!" أو "أنتِ من النوع النّكد لأنك لا تضحكين"

إذا كنت تريد مني أن أضحك، فافعل شيئًا مضحكًا. يفتعل الناس الضحكة أو الابتسامة بغرض المجاملة، ولكن لا تطلب من أنثى أن تضحك لتثبت لك أنها سعيدة.

إذا لم تعجبها نكاتك أو تصرفاتك، أحاديثك، فببساطة، لن تبتسم لك. راجع نفسك، قد لا تكون مثيرًا للاهتمام بالنسبةِ لها.

| "أنتِ ذكيّة بالفعل!" أو "لم أكن أعلم أنك بهذا الذّكاء"

ما الذي تفكر به عندما تقول هذه الجملة لأنثى؟ من أبشع الصفات التي قد يُنعَت بها أي إنسان هي الغباء، وخاصةً أن المرأة تعاني من التمييز أيضًا في هذا الموضوع، فيُقال في المجتمعات الشرقية "النساء بربع عقل!"، وربما يؤثر موضوع أناقة الأنثى واهتمامها بنفسها على طريقة تفكير الآخرين بها، فيُخيّل للجميع أنها عدم تتبرّج أو تلبس الكعب العالي، فهي فاضية المخّ، على الرغم من الفرق الواضح بين الاهتمام بالنفس ودرجة الذكاء!

عمومًا، الذكاء درجات ويختلف بالفعل بين إنسان وآخر، ولكن كما هناك أطبّاء هناك طبيبات، ومهندسون ومهندسات، ومعلمون ومعلمات، وعالمون وعالمات، فمن أنت لتحكم على درجة ذكاء الأنثى، أو الفتاة التي تجلس أمامك؟ مهما كان الأمر، وحتى لو تبيّن لك أنها تحمل بعض الغباء، فمن الأفضل عدم وضع مقياس ذكاء لها، ستكرهك صدقني.

| "فرّغي طاقاتك بالتسوّق"

عني أنا شخصيًا، في كل مرة أذهب فيها للتسوق، أصطحب أمي معي، لأنها تتجول كثيرًا وتفحص المشتريات – وهو ما لا صبر لي على فعله - ولها القدرة على التحمل والصبر أكثر مني على التسوق! ومما يضحك أكثر، هو أنني أدرج ما أريد في مفكرة هاتفي، وأذهب كل فترة لأتبضّع ما كتبته من مكان أو اثنين، ولا أصدق اللحظة التي أدخل فيها إلى المنزل لأستحم وأنام!

صحيحٌ أن معظم الفتيات تحب التسوق، ولكن صدقني ليس بالدرجة المهوّلة التي تعتقدها! نحن نتعب أيضًا، ونملّ، ونحب أشياء أخرى غير التسوق، قد نفرّغ طاقاتنا بلوح شوكولا، بالاستماع إلى الموسيقى والرقص، ونحبّ العمل وتطوير مهاراتنا ونغذّي فكرنا بالقراءة أيضًا، لذا عزيزي، لا تربط بين التسوق والمرأة، وكأنها إنسان تافه لا تتقن سوى التسوق.

| "مكانُك المطبخ"

حساسة٣
المرأة مكانها المطبخ مصطلح منتشر كثيرًا ومستفز أكثر

أتفه مصطلح منتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي على الرغم من وجود الكثير من الرجال المشهورين بمهنتهم كطبّاخين "Shefs"، بل الكثير منهم أشهر من النساء حتى. في عصرنا هذا، أصبحت المساواة بين الأنثى والرجل قضية أعمق مما تعتقد، لذا حاول ترويض عقلك الذكوري ليتناسب مع الواقع، لا يقتصر اليوم الوقوف وإعداد الطعام على الإناث. أنا أثق بطبخ أخي أكثر من طبخي.

| "لم لا زالتِ سينغل أو عزباء؟"

حساسة٤
تتعرض الكثير من النساء للتلامز بسبب تأخر زواجهن وتبدأ الأسئلة الكثيفة فوق رؤسهن

أو لمَ لَمْ تتزوجي حتى الآن، أو لِمَ لَمْ تجدي عريسًا ماذا تنتظرين.. حقًا؟ هذا السؤال يسأله الرجال للنساء، والنساء للنساء أحيانًا أيضًا. من الحجج الأولى التي تحتّم عليك ألا تسأل هذا السؤال هو دور النّصيب في هذا الموضوع، فبعض الناس – من الجنسين – تقضي حياتها عزباء ويتوفاها الله دون زواج، وبعضها الآخر يرفض فكرة الزواج لأسبابه الخاصة، وهناك من تنتظر أن تحبّ، والأخرى تريد أن تحقق طموحها أولًا، والأخرى تنتظر أن ينتهي حبيبها من بناء منزلهما، ولكن لا أحد مُجبَر على تلقينك التفاصيل! أو حتى إعطائك الأسباب.

ما لم يكن الشخص الذي يتساءل قريبًا منّا أو مُفضلًا بالفعل بالنسبةِ لنا، إذا لم يكن أصلًا في صدد حالاتنا ويومياتنا، فالسؤال عن الزواج وما يمتُّ له بصلة، أعتبره سؤالًا غرضُه الحشريّة ليس إلا، خاصّة وأنك لن تشعر أبدًا بما تشعره الفتاة التي تنتظر أن تتزوج، ولكن لم يأتِ نصيبها بَعد، بغضّ النظر عن أحلام الفتيات والتي تختلف من واحدة لأخرى.

| "أنتِ سمينة" أو "أنتِ نحيلة جدًا"

حساسة١
التنمر على الوزن مؤذي نفسيًا، فمن العبارات التي تُقال "يا بطبوطة"

حقيقةً، عانيتُ في طفولتي من هذا الأمر، على الرغم من أني لم أكن ذات وزنٍ زائد لدرجة مخيفة، ولكن لطالما نظروا إليّ بعين "البطّوطة" أو "الدبدوبة"، كنت أكره أقربائي عندما يقولون لأمي: "ما شاء الله، صحّتها منيحة" إشارة إلى أني سمينة، ومنهم من كان يقول: "ديري بالك عليها عم تسمن". ما أبشع هذا الشعور بالنسبة لطفلة، وبالنسبة لأي أنثى صدقوني، فقد كنت أتمنى أن أُصيب بمرضٍ يجعلني نحيلة.

كبرت واعتنيت بصحّتي وتابعت ممارسة الرياضة، ولكن عرفتُ أيضًا أن سواء الجسد الممتلئ أو النحيل، فذلك ليس بمشكلة كبيرة طالما لم يكن ذلك ناتجًا عن مرض. لم نختَر أجسادنا، وسترى غالبًا أن السمينة تريد أن تنحف والنحيلة تريد أن تسمن، فلا داعي لقول "أنتِ سمينة – أنتِ نحيلة"، مارسي الرّياضة، لا تأكلي كثيرًا، اذهبي إلى الطبيب، صدقني هي حاولت وما زالت تحاول.. نحن نعرف ماهية أجسادنا، وأغلبنا تتقبّلها كما هي، لذا وفّروا كلماتكم.

| "اتركوها فهرموناتها ليست على ما يرام"

جميعنا يعلم كيف تؤثر الإباضة أو الدورة الشهرية وحتى انقطاع الطمث على جسم الأنثى، وهي بالأصل كائن حسّاس، ولكن لمَ هذا التشويه الذي تتعرض له النساء فقط لأنهنّ مميزات بحدوث الطمث؟ لمَ كمية الجهل في أمرٍ علميٍّ تمامًا؟ كم هو من المهين أن تفترض أن أي وقت تمرّ فيه المرأة بشكلٍ سيء ويبدو مزاجها ليس جيدًا، هو بسبب هرموناتها؟ ألا يمرّ جميع البشر بظروفٍ سيئة؟ إليك الخبر المفاجئ: لديك أنت أيضًا أيها الرجل هرمونات تتحكم بك وأنت غير بارع للأسف في السيطرة عليها. من المهين أن نتجاهل مشاعر إنسانية لأنثى فقط بناءً على قضيّة "الهرمونات"، أو الـ PMS.

| مصطلحات شائعة في أمكنة العمل

| "أنتِ متسلّطة"

كون الحزم والقوة والتسلّط هي من سمات الذكور، والرّقة والأنوثة هي من سمات الإناث (هكذا تقول القوالب النمطية)، لذا رؤية امرأة حازمة وقوية وحاسمة في منصب قيادي، يصيب الموظفين الذكور بالهستيريا، يجعلها محترمة وقيادية بنظر الناس المتفهّمة، ومتسلّطة بنظر البعض. لا تقل لها "أنتِ متسلّطة" لمجرّد أنها قيادية قوية، فذلك قد يطعن ثقتها بأنوثتها، والبعض يأخذ لهذا المصطلح معنىً جنسيًا، وكأن هذه المرأة من النوع المهيمن على شريك الحياة، لذا ابتعد عن مصطلح "متسلّطة" أو "مهيمنة".

| "جمالك كفيلٌ بوصولك إلى هذا المستوى الوظيفي"

هذه المصطلحات شائعة في أمكنة العمل، جملة "لا بدّ أن أسلوبك في الإقناع مثيرٌ جدًا" تُقال للأنثى في حال كانت تتميز بمكان وظيفي جيّد، أو قد أثارت جدلًا في أسلوب العمل واستجاب لها مدير العمل، فيربط بعض الذكور درجة نجاحها بمدى جمالها، أو جمال جسدها، أي باختصار ليس هناك في قاموسهم امرأة ناجحة سوى التي تقدّم شرفها عربونًا لذلك.

| "هذا جيّد بالنسبة لامرأة"

عندما تنجز هي شيئًا، أو تُبدع في عملها، تكون ذكية عمومًا... يقال لها: "واو هذا جيّدٌ بالنسبة لامرأة"، بمعنى على الرغم من أنك أنثى، فأنت قدرتِ على ذلك! هذا تحيّزٌ سيء جدًا في البيئات المهنية، وخاصة في المهن التي يسيطر عليها الجنس الذكري أكثر من الأنثوي، فتراهم يعادون المرأة تمامًا لمجرد نجاحها في مهن هم ذكّروها. أتمنى منك أن تقرأ عن قصص نجاحات العديد من إناث اليوم.

| "عزيزتي/حبيبتي/أيتها الجميلة.."

في المجتمعات العربية على وجه الخصوص، استدعاء أي أنثى في مكان العمل بغير اسمها، قد يُضفي على العلاقة سمة غير رسمية، وهذا لا يناسبهن غالبًا. لذلك يفضل أن تناديها باسمها، أو درجتها الوظيفية.

| بعض المصطلحات التي لا يجب أن تقولها للنساء المتزوجات

 

| "ألم تحمَلي بَعد؟"

بغضّ النظر عن كون بعض الأزواج يفضّلون عَيش حياتهم بدون أطفال أبدًا، ويتفقان على ذلك، وبعضهم من يؤجل قضية الإنجاب، فأمر الحَمَل ليس من شأنَك، ولا من شأنِك عزيزتي، دعونا نبتعد عن هذه العادة القديمة، أن نُلاحق المتزوجات – وخاصّة العروس الجديدة – وبين اليوم والآخر نسأل أسئلة سخيفة: "ألستِ تخبّئين شيٍء لنا؟ لم تحملي بعد؟ ألم تذهبي إلى الدكتور؟"..لا داعي لوضع أنوفنا في غير أماكنها.

| تبدين مرهقة جدًا

نعم بوجود عائلة وزوج وأولاد أحيانًا، والمشاكل المختلفة التي قد تعاني منها المرأة بعد الزواج، قد لا ترونها في أجمل حالاتها، ولكنها تعرف ذلك، بالتأكيد لديها مرآة في المنزل وقد نظرت إلى نفسها قبل أن تخرج. جملة مثل هذه قد تجعلها تتعب أكثر، ويبدو التعب على ملامحها أكثر، لا أحد يحبّ الانتقاد عمومًا، وإذا لم يكن الشخص الذي تنتقده قريبًا منك جدًا، فستثير غضبه.

تعاني المرأة من هذا الموضوع أكثر من الرجل كون المجتمع يضع المرأة في مستوى أعلى بكثير من الرجل عندما يتعلق الأمر بالمظهر الخارجي والأناقة، فلا توجد امرأة في العالم لا تقف أمام المرآة، ربع ساعة على الأقل. لذا لا تستخدم جملة "تبدين مرهقة" أو "ملامحك لم تعد جميلة كالسابق" لأنثى، سواء متزوجة أو عزباء أو أي أنثى في هذا العالم، كلٌّ لديه مشاكله، فالمشاكل كثيرة، ولكننا قادرون على تجاوزها بكلمة لطيفة.

ختامًا وأخيرًا.. بغضّ النظر عن الحالات الخاصة التي تمتلكها كل منّا نحن الإناث، وبغض النظر عن درجة فهمك أيها الرجل لهذه المرأة أو الصديقة، أو درجة قُربك منها، إن الوعي بجميع الحالات السابقة ووضعها في الحسبان قبل المباشرة والتكلّم، سيجعلك أكثر مراعاةً لجميع تفاعلاتك الاجتماعية، وبالتالي ستشعر براحة أكبر لأنك لا تُزعج أحدًا عن غير قصد، إلا إذا كنت تقصد الإزعاج وهنا لا يمكنني إقناعك.