بنفسج

دون ضرب أو صراخ: طرق العقاب التربوي

الجمعة 21 يوليو

في البداية، دعونا نتفق أن الضرب والصراخ ليس عقابًا تربويًا، ولا ينصح به أي من المختصين أو التربويين؛ وإن تربية الأطفال بدون ضرب تحتاج للمزيد من الصبر والبحث و القراءة في أسس التربية للمختصين، الضرب والصراخ يجعل من طفلك إما شخصًا عدوانيًا، أو منطويًا، لذا فهو لا يساعد في حل المشكلة، بل يزيدها تعقيدًا.

"ابني عنيد لا يسمع الكلام، الرفق لا يأتي بنتيجة معه، وصرت أضربه ضربًا مبرحًا، وأصرخ عليه طول الوقت دون فائدة، ويضايق إخوته طوال الوقت يشتكون بسببه، ولا أدري كيف أعاقبه دون ضرب أو صراخ، تلفت أعصابي وهدرت طاقتي فهل من سبيل؟". شكوى شهيرة تتردد على لسان الأمهات، باحثات فيها عن مخرج وطرق لعقاب الأطفال تؤتي ثمارها بديلًا عن الضرب والصراخ. 

كما يجب أن تدركي كأم راعية ستسأل عن رعيتها، وكمربية في المقام الأول، أن العقاب ليس هدفه الأذى النفسي أو الجسدي، بل تعليم الطفل قيمة تربوية، والتأكيد على حبنا له وتقبلنا له حتى أثناء عقابه، لأن الطفل بشر، وفي مرحلة نمو وتعلم، ومن الطبيعي أن يرتكب سلوكيات خاطئة، ودورك كمربية له أن تساعديه على تقويمها وتعديلها بطرق تربوية تناسبه، وأن تنوعي  تلك الطرق المستخدمة حتى تصلي إلى الهدف، ولذلك يجب عليك أن تقرأي وتبحثي وتتعلمي أكثر عن تلك الطرق حتى تستطيعين تطبيقها، ونحن بدورنا سنساعدك في مقالنا الحالي سنقدم لك ١٢ استراتيجية تربوية لعقاب طفلك دون ضرب أو صراخ.

 نصائح تربوية: طرق تربية الأطفال بدون ضرب

طرق تربية الأطفال بدون ضرب
 
لا تعاقبي طفلك وأنت غاضبة.. اهدأي،  يمكنك الانتقال إلى مكان آخر، وتطبيق تقنية التنفس الباطني الصحيح مع العد من واحد إلى عشرة، كما يمكنك تطبيق استراتيجية التجاهل بحب، فهي فعالة في كل زمان ومكان، كما أنها مفيدة تربويًا للطفل.
 
فلا تستجيبي له طالما أنه يبكي أو يصرخ، ولا تعودي له حتى يهدأ، وحتى يتعلم أن الصراخ والبكاء ليس سلاحًا ولا حلًا فعالًا للحصول على مطالبه. ولكن في البداية، وضحي له بشكل مباشر وصريح ما ستقومين بفعله ولماذا.
 

| لا تعاقبيه وأنت غاضبة: من طرق تربية الأطفال بدون ضرب الهدوء التام أثناء الحدث،  يمكنك الانتقال إلى مكان آخر، وتطبيق تقنية التنفس الباطني الصحيح مع العد من واحد إلى عشرة، كما يمكنك تطبيق استراتيجية التجاهل بحب، فهي فعالة في كل زمان ومكان، كما أنها مفيدة تربويًا للطفل، فلا تستجيبي له طالما أنه يبكي أو يصرخ، ولا تعودي له حتى يهدأ، وحتى يتعلم أن الصراخ والبكاء ليس سلاحًا ولا حلًا فعالًا للحصول على مطالبه. ولكن في البداية، وضحي له بشكل مباشر وصريح ما ستقومين بفعله ولماذا.

 مثلًا "قولي له أنا أحبك كثيرًا، ولكن ما تفعله ليس أسلوبًا مناسبًا للحوار معًا، ولا يمكنك بهذه الطريقة أن تحصل على ما تريد، ولكن إن كنت مصرًا على استخدام البكاء أو تريد إفراغ مشاعرك، فلك ذلك، ويمكنك أن تأتي إليّ عندما تهدأ وتودّ الكلام والنقاش في الأمر، سأنتظرك بكل حب". فأنت هنا شاركت طفلك وجدانيًا، واحترمت مشاعره- وهما أمران مهمان للغاية- وأقررت بحقه في البكاء، وعلمته طريقة التعبير المناسبة للحوار مع الآخر، وأعطيته الخيار، وبهذا تكونين عالجت الأمر تربويًا وبكل حب وتقبل لطفلك.

| خصصي لك وقتًا مقدسًا: وفيه يمكنك ممارسة الرياضة، أو قراءة كتاب، أو الصلاة، أو الاسترخاء والاستماع لموسيقى هادئة، وسترين كم سيساعدك هذا الوقت الخاص بك على الشعور بالخصوصية والقدرة على أداء مهمات يومك بهدوء أكثر، فكثير من الأمهات تنخرط في أعمال البيت ومشاكله، وتنسى نفسها، بحجة أنه لا يوجد وقت لها، مما يزيدها ضغطًا عصبيًا ونفسيًا، فلا تنسي نفسك بين كل هذا وذاك فأنت أساس البيت.


اقرأ أيضًا: كيف تُساعد القواعد والحدود الأم والطفل معاً؟


| عليك أن تكوني حازمة: أجل لكن في نفس الوقت "رحيمة"، فحينما يرفض الطفل إطاعة أمرك يشعرك ذلك بالغضب أو الإحباط، لكن بدلًا من تنفيس غضبك فيه، فكري قليلًا واهدأي، واجلسي بمستوى طفلك واطلبي منه أن ينظر في عينيك، امسحي على شعره وأخبريه بطلبك من جديد، مثلًا قولي له "أريدك أن تلعب بهدوء، أنا أحبك وأثق أنك قادر على فعل ذلك". وحتى مع تكرار الخطأ من الطفل كرري ذات الطريقة، الحزم مع الرحمة، وصدقيني ستجدين فارقًا كبيرًا في سلوكياته.

| الوقت المستقطع: ويتم من خلال تحديد ركن أو مكان خاص لعقاب الطفل، كرسيٍ في ركن في البيت أو مكانٍ محددٍ في غرفته، واطلبي منه، عند قيامه بسلوك خاطئ، أن يجلس في "ركن العقاب"، ذاك ولا يتحرك منه بأي حال من الأحوال، ولا تستجيبي لبكائه مهما حدث، ويجب أن تنتبهي لنقطتين هامتين، وهما: أولًا اشرحي لطفلك سبب العقاب قبل تطبيقه، حتى لا يظن أنه ضحية الآخرين أو يشعر بالقهر، ويتعلم تحمل مسؤولية سلوكياته الخاطئة، وثانيًا: يجب أن تكون مدة العقاب محددة بوقت معين، وتحدد في "كرسي العقاب"، أو الوقت المستقطع، بحساب دقيقة لكل سنة من عمر الطفل، فلو كان طفلك عمره ثلاث سنوات يعاقب بتلك الطريقة بالجلوس دون حركة لمدة ثلاث دقائق وهكذا.

طرق تربية الأطفال بدون ضرب
 
| ركزي على السلوك الإيجابي: فالطفل الزنان أو الذي يلعب بصراخ وشغب هو في الحقيقة يوجه لك رسالة مفادها "اهتم بي"، فإن كنت لا تنوين توكيد ذلك السلوك السلبي، فتجاهليه، وليكن تركيزك معه حينما يلعب بهدوء مثلًا، وتجنبي المقارنة بينه وبين رفاقه أو أقرانه، فلا تقولي كن مثل أخيك والعب بهدوء.
 
 وإنما يمكنك التحدث معه بصوت مسموع ونبرة إيجابية مؤكدة تقولين فيها" أنا أفضّل اللعب بهدوء وصوت مناسب للآخرين، وبذلك لا أزعج أحدًا مني، وأنت يا ابني ماذا تفضل؟". وهكذا يتعلم الطفل منك السلوك الملائم بشكل غير مباشر، ويحاكيه حتى يجذب انتباهك.

| تكلفة الاستجابة: هذه الاستراتيجية رائعة جدًا حين نطبقها بذكاء تربوي، ففيها نعلم الطفل عواقب خطائه وكيف يتلافاها، فمثلًا، حينما يلعب الطفل بالكرة في الشارع، ويقوم بكسر زجاج سيارة أحد الجيران، ماذا تفعلين؟ الطبيعي، أن تصرخ الأم، وكالسهم المنطلق، ترشقه ببضع لكمات هنا وهناك، ولكن ماذا سيتعلم الطفل حينها؟ أجل سيكون أكثر حذرًا في المرة القادمة، ربما! لكنه سيتعلم أمرًا أهم بكل تأكيد، وهو إخفاء أخطائه عن أمه، كما سيمتلئ بمشاعر الغضب تجاهك والخوف منك مما يدفعه للكذب عليك، وبالتالي فهو يخشاك ولا يحترمك! فهل تودين أن يتعلم ذلك؟

لكن إن أحضرت طفلك وجلستي بمستواه أيضًا، وتحدثت بصوت مناسب- حازم رحيم- وسألته: كيف يمكنك إصلاح خطئك يا ماما؟ واستعرضت معه الحلول أو أعطته الخيارات، واتفقتما مثلًا على خصم جزء بسيط من مصروفه، والمساهمة من طرفه بإصلاح الزجاج، سيشعر بالمسؤولية وقتها، مع الاعتذار للجار بطريقة ملائمة، ماذا سيحدث؟ وماذا سيتعلم طفلك؟ هل لاحظت الفرق بين الطريقتين!


اقرأ أيضًا: بالروتين والإشباع: كيف تتعاملين مع طفلك العصبي؟


| لا تكوني طرفًا في الصراع: فإن كان أطفالك يتصارعون بين بعضهم بعضًا، فليس عليك أن تصرخي فيهم جميعًا، وإنما اطلبي منهم الذهاب إلى غرفتهم والجلوس للتفكير، بهدوء معًا، في حل للمشكلة، وألا يخرجوا منها قبل القيام بذلك، ثم يعودون إليك بها.

| ذكاء الاعتذار: أحيانًا يرفض الطفل قول آسف، وتصر الأم عليه في قولها، ولكن هناك طرق كثيرة للاعتذار غير قول آسف، منها أن تطلب من طفل ذكر صفة جميلة في أخيه، مقابل لما قاله له من سوء وبديل لآسف، وإهداءه شيئًا من صنع يديه، أو شراءه من مصروفه، أو ترتيب سريره عوضًا عنه، وهكذا.

طرق تربية الأطفال بدون ضرب
 
| دفتر السلوك: خصص لطفلك دفترًا تكتب فيه أبرز السلوكيات اليومية التي قام بها خلال الأسبوع، الإيجابي منها والسلبي، وليكن له صفحة مقابلة خاصة به يكتب بها مشاعره اليومية حول سلوكياته في نهاية كل يوم- بالطبع إن كان في عمر الكتابة- ولتراجع تلك السلوكيات في نهاية الأسبوع، ومناقشته في أخطائه والثناء على سلوكياته الصحيحة وإثابته عليها، كما يمكنك وضع كوبون أو نجوم لاصقة جانب السلوك الصحيح، وجعله يختار هدية يحبها كمكافأة له على حسن صنيعه. 

| صندوق يوم الإجازة: عقاب لطيف خفيف وهو من طرق تربية الأطفال بدون ضرب، وفيه نضع ألعاب الطفل التي أتلفها أو رفض مشاركة الآخرين بها ولا نسمح له باللعب بها سوى يوم الإجازة فقط، على أن تخرج تدريجيًا إن تقبل الأمر وأحسن التصرف في نفس مواضع الخطأ، وفي كل الأحوال أؤكد على أهمية شرح العقاب للطفل وسببه بطريقة حازمة رحيمة محبة، دون رمقه بنظرات غضب أو تهديد، فطريقة العقاب وأسلوب القائم به أهم من العقاب نفسه، كما أنها تساهم في بناء أو هدم شخصية الطفل وتؤثر على مستقبله بالتأكيد.


اقرأ أيضًا: كي لا نخسر أطفالنا: لماذا يجب أن نوحد أساليب التربية؟


| المدح: يجب أن تمدح طفلك على سلوكه الصحيح عندما يقوم به حتى يتعلم أنه يمدح ويكافئ عند القيام بأمر إيجابي فيكرره، لكن لا تبالغي في مدحه حتى لا يتحول إلى طفل مدلل، وليكن هناك توزان في استخدام المدح.  

قدمنا هنا طرق تربية الأطفال بدون ضرب وأهمها الصبر وضبط النفس حين اتخاذ قرار العقاب. وفي النهاية، وقوع الأخطاء من الأطفال وارد وطبيعي، الفكرة هو كيف نعالج الخطأ لا كيف نمنعه؛ والأهم أن نعالجه مع الحفاظ على علاقتنا بأطفالنا صحية، مبنية على احترام متبادل وصداقة قوية، ودمتم سالمين.