إن وجود الكتل الطلابية ومجالس الطلبة في فلسطين يعتبر سابقًا على الحركات والأحزاب والفصائل، ليس باعتبارها ذات نشاط نقابي طلابي خدماتي فحسب، وإنما حاضنة للعمل الوطني، إذ تعتبر جامعة بيرزيت على سبيل المثال، محركة الهبات وخط تماس في المواجهات، من طلابها وطالباتها الأسرى والشهداء والقادة؛ لذلك اكتسبت انتخابات مجلس الطلبة فيها اهتمامًا واسعًا في الساحة الفلسطينية، إلى حد اعتبار أن نتائج بيرزيت تعكس رغبة الشارع وتوجهاته السياسية، بل وتنعكس الأحداث السياسية والنضالية على سير الانتخابات؛ حملتها ونتائجها وتشكيلاتها في ما بعد.
انتخابات الطلاب في بيرزيت
"في شهر حزيران/يونيو 2022، حصلت الكتلة الإسلامية على 28 مقعدًا في انتخابات مجلس الطلبة، من أصل 56 مقعدًا. تسلمت وعددًا من زملائي لجان المجلس ممثلين عن الكتلة الإسلامية، تسلمتُ لجنة الصحية والبيئة، التي تهدف إلى تعزيز الوعي البيئي والصحي عند الطلبة، والنهوض بأفضل بيئة صحية في الجامعة، بالإضافة إلى متابعة الأنشطة الطبية المقدمة للطالب.
تضيف سلسبيل: "عرفنا الطلاب أيضًا بموضوع التأمين الطبي وكيفية استخدامه، وتنظيم أيام طبية مجانية تهدف للتوفير على الطلبة، والتخفيف عنهم وعقد ورشات طبية لطلاب التخصصات الصحية والطبية. كما قدمنا خصومات للطلبة لعيادات ومرامز طبية متنوعة، مراعيين بذلك أحوال الشعب المادية، ومن أهم الخطوات الخصم الذي قدمنا، وهو على عمليات تصحيح النظر والذي وصل إلى خصم بقيمة 1000 شيكل".
الفتيات في ساحة العمل النقابي
أما في موضوع الثقة بالفتاة في ساحة العمل النقابي في الجامعات، فتقول سلسبيل: "يمكنني القول إن الأمر يعتمد على الكفاءة، وليس على الجنس والقدرة على تنفيذ المهمة وحمل المسؤولية. في هذا السياق أود استذكار موقف اثناء مناظرة الكتلة الإسلامية في أحد السنوات وجه كلمه وقال: "البنت نهايتها ومكانها هي بتختاره سواء بالمطبخ أو الجامعة أو أي مكان هي بترغبة، ونحن فخورين بها وبعملها وحضورها في هذه الدورة الانتخابية المليئة بالتحديات والإنجازات".
وتضيف شذى جرابعة: "من المواقف التي كانت تلفتنا وتحرك بداخلنا نقيضين من المشاعر،كونها مضحكة ومزعجة في نفس الوقت، وهي نظرات الطلاب باستغراب وتعاملهم معنا عند تواجدنا في مقر مجلس الطلبة، حيث كانوا بغالب الوقت ينتظرون أحد الزملاء "الشباب" لتلبية احتياجاتهم، أو حتى يعتذرون منَّا على أن يعودوا في وقتٍ لاحق، لكننا كنا قد اتخذنا قرارًا بأن نكثف حضورنا وتواجدنا في مقر المجلس ومكتبه حتى وصلنا لنهاية دورة المجلس وقد اختفت هذه الظاهرة بين الطلاب، وكنا على قدر عالٍ من أن نثبت لهم قدرتنا على إنجاز وتلبية أي خدمةٍ أو مساعدةٍ يحتاجون إليها.".
شذى ماجد التي خاضت غمار العمل الطلابي في مجلس الطلبة على مدار عامين متتالين، فتسلمت في دورة عام 2018 سكرتيرة لجنة العلاقات العامة، وفي دورة عام 2019 منسقة أعمال مؤتمر مجلس الطلبة، التي قالت: "ظلت جملة قالها لي أستاذ في عمادة شؤون الطلبة عالقة في ذهني: إن أكثر اللجان إبداعاً وتميزاً في المجلس هي اللجان التي تستلمها الإناث".
بخصوص العمل النقابي للطالبات على وجه الخصوص، في السياق البيئي والثقافي والاجتماعي الفلسطيني، والوضع الأمني الذي لا يخفى على أحد، وتخوف الأهالي عمومًا على بناتهم من الملاحقة والاعتقال، سألنا عضوات مجلس الطلبة، فقالت سلسبيل: "عن عائلتي، فمن الطبيعي أن يخاف الأهل على بناتهم من مخاطر هذا العمل، وهذا يختلف من عائلة إلى اخرى، ومن طبيعة القرية أو المدينة، ولكن بفضل الله حظيت بعائلة متفهمه تدعم وتشجع وتقف في صفي دومًا".
اقرأ أيضًا: م. ريما بدير: للألف ميل مشوار بدأته من أبي
تردف: "من المهم أن يدعم الأهل أبناءهم لمثل هذه النشاطات النقابية اللامنهجية، وهي جزء لا ينفصل عن الأكاديمي في الجامعات، ويمنح الثقة التي تنعكس على شخصيتهم وحياتهم العملية؛ فالإنجاز الجامعي لا يكون بالشهادة فقط، بل بالعطاء والاحتكاك والتفاعل مع المجتمع الجامعي بأفضل صورة".
وتعلق شذى ماجد هنا في هذا السياق: " لا أنسى وصية والدي التي كانت منارة لي في طريقي، والتي قالها لي حين استلمت سكرتيرة لجنة العلاقات العامة في مجلس الطلبة: إن العمل الطلابي أمانة وإن لم أخلص فلا أتعب..فكنت أجاهد نفسي دائماً أن يكون كل عمل أقوم فيه مُتقناً ومميزاً يُرضي الله ويخدم مصلحة الطالب".
فعاليات المجلس
شذى جرابعة التي ترأست اللجنة الثقافية، وهي إحدى لجان المجلس التي ترأسها الكتلة لعام 2022، ومهماتها ثقاقية وطنية واجتماعية ودعوية، فتقول: "أنجزنا في هذه اللجنة خلال هذه الدورة الكثير من المعارض والدورات والمؤتمرات والأنشطة الثقافية والميدانية في ساحات الجامعة وخارجها، مواكبين أحداث المجتمع الفلسطيني ومجتمع جامعة بيرزيت. فمثلًا مع فترة أحداث القدس كان هناك ندوة بعنوان "في كل منا حارس" للتوعية بمخططات الاحتلال نحو المسجد الأقصى ودورنا اتجاهها.
تكمل: "ومؤتمر "أحرار بيرزيت" بين ملاحقة وتنسيق لدعم إخوانا المعتصمين في البرد ضد ملاحقتهم السياسية نحو أخذ التعهدات بعدم التعرض بعد يوم واحد من هذا المؤتمر. وكذلك الدورات الدينية مع الشيخ قصي العسيلي، والحديث يطول في سبيل أن تكون أنشطتنا متناسبة مع الجيل الحالي عبر عقد الكثير من المسابقات والتحديات ذات طابع ثقافي وطني، ومؤازر لمرابطي المسجد الأقصى وحارات بلدته القديمة".
اقرأ أيضًا: نداء عزيز الدويك: ابنة الخليل الوفية
وعن سؤالنا لها عن التحديات التي تواجهها الطالبات خصوصًا في العمل الطلابي، قالت شذى جرابعة: "بالنسبة للمعيقات التي تواجهنا؛ فهي النكهة التي تجمل أنشطتنا التي استطعنا جميعا أن نتجاوزها وعلى رأسها الاحتلال. ناهيك عن رفض بعض المؤسسات والشخصيات التعامل معنا لأسباب وتخوفات أمنية، بالإضافة لملاحقة الأجهزة الأمنية".
وتؤكد على ذلك زميلتها شذى حسن بقولها: "بما إننا في وطن محتل، فكانت من أكبر المعيقات التي تواجه الفتاة عند استلامها لمنصب في مجلس الطلبة تخوف الأهل ومحيطها من فكرة الاعتقال لدى الاحتلال.. وكثير ما سمعنا من المجتمع: "خلوا هذا الشغل للشباب بلاش يعتقلوكن". بالنسبة لي لم يشكل هذا الكلام أي عقبة في السير في طريقي إنما كان يخلق في داخلي تحدٍ أكبر لكي أواصل الطريق الذي أحببته وآمنت به".
لم ننس أهالي الشهداء
إيثار صبيح، سكرتيرة اللجنة الفنية ممثلة عن الكتلة الإسلامية في مجلس الطلبة لعام 2022، وكان استلامهم لهذه اللجنة سبباً في بروزها وتنوع مجالاتها، فتقول: "كانت مهمة هاي اللجنة تعميق مفهوم الفن لدى الطلبة وترسيخه بشتى مجالاته، وحصرنا من خلال ذلك على تعميق الحس الوطني من خلال الفن عبر معارض عدة، أحدها معرض وسم الشهيد، بحضور ثلة من أهالي الشهداء المحتجزة جثمانيهم، ولم ننس زملاءنا الشهداء الذين قضوا خلال هذه الفترة، وقمنا بإنشاء جدارية فنية أبرزنا فيها صورهم بطريقة فنية وعلى رأسها جدارية الجواد والظافر.
وكذلك استعرضنا "فلم القيق" بحضور الأسير المحرر محمد القيق، وتسليط الضور على قضية الأسرى المضربين عن الطعام على رأسهم خضر عدنان الذي استشهد لاحقًا، رحمه الله، والكثير من الفعاليات الأخرى.
ومن منطلق إيماننا بالشباب الجامعي المبدع عزمنا على تكثيف الأنشطة التي تطور الحس والموهبة الفنية عند الطلبة من خلال الدورات والورشات في الخط والتصوير والرسم. إضافة إلى معرض لدعم مواهب الطلبة عبر استعراض مشاريعهم. ولا ننسى حملة "مشروعك عطاء" التي شارك فيها الكثير من الطلبة بمشاريعهم، كما أعدنا تأهيل كثير من غرف النوادي في الجامعة من دهان ولوحات جمالية وكماليات.
وتختم بقولها: "إن الله لا يعطي أصعب معاركه إلا لأقوى جنوده"، هذه الجملة التي عشت في ظلالها خلال هذه الدورة، فكل صعب يهون بفضل الله ومعونته ويسهل عندما تدرك الغاية والهدف، ولم تكن الموازنة بين حفظ القرآن الكريم ودراستي الجامعية ومسؤوليتي في المجلس قريبة المنال، ولكن تكلل هذا التعب بختم القران والتفوق دراسيًا وأداء مهمتي على أكمل وجه. ولا أنسى فضل والدي عليّ خلال هذه الفترة، إذ كانوا نعم السند والداعم لي، ولولاهم لما تكللت هذه الفترة بهذا التميز".
