لعب الأدوار.. من أظرف وأكثر المواقف الحقيقية التي حظيت بفرصة تجربتها كانت مع ابني كرم الذي أصر في إحدى المرات على تقليد أباه وهو يجر العربة، وقالها معلنًا إياها بكل ثقة "بدي أصير أب".

ولم أفهم حرفيًا قصده حتى وقف أمام دمية مع عربتها وقرر أن يشتريها ويجرها طوال الطريق، لأن أباه يجر العربة طوال الطريق عند خروجنا، هكذا كان تمثيل دور الأبوة بنظره، وبالطبع، أنا لا أهتم لرأي الناس وتعليقاتهم السخيفة وضحكاتهم المتعالية تعبيرًا عن رفضهم لأن يلعب الطفل الذكر بألعاب الإناث، مشينا كل شوارع رام الله والإرسال، وذهبنا الى مول لاكاسا وطفلي يجر عربته واثقًا. أما كلام الناس فلم يتوقف البتة، فمن بين كل ثلاث نساء كانت واحدة تصرح برفضها لما يجري، وأن هذه الألعاب للبنات وفقط، وكنت أتمتم أحيانًا للمصرات على المعارضة بجملة ظريفة قائلة: "بس هو بده يكون أب".

أنا أعلم بأن تكريس الهوية الجنسية تبدأ عند الطفل من السنوات الأولى، وأعلم تمامًا على صعيد متصل كيفية بناء الشخصية والثقة بالنفس أيضًا، وأعلم أن الدور الوظيفي للرجل لا يتأثر إذا ما قام بجر العربة التي يجلس فيها الطفل، بل هو برأيي من ضمن المهام الشاقة التي يعتبر الرجل أقدر على فعلها من النساء.

إذن ما الخطب إن قام الذكر بجر العربة، أو فرك السجاد، أو قام بإنزال الشبابيك وتنظيفها ..أنا لا أرى أن رجولته تهتز بأفعال كتلك، على العكس، هو أقدر على فعلها من النساء؛ فهي تحتاج إلى الكثير من العضلات ومرهقة جدًا.. تجاوزوا التعليقات السخيفة، وطرق توزيع الأدوار في مجتمعنا، وكونوا آباء جيدين مثل كرم.