بنفسج

فراق محتوم: الابنة حين تزف عروسًا

الأربعاء 17 مايو

كنت أرى أمي تحدق النظر في جمال أختي، و يكأن قلبها لا يقوى على القفز بين أحضانها ويخبرها "أنك كنت وما زلت طفلتي، دخلت هذا البيت كضيفة سرعان ما ذهبت، بالأمس كنت في حضني تبكين إذا ما غابت أنفاسي عنك لحظة، والآن تغادرين بذات الاحتياج". في هذه اللحظة لا تتمالك أمي دموعها وهي ترى أبي والمقربين من الرجال يمسكون بيدها لتخطوا خطواتها الأخيرة في أكناف بيتنا وتذهب إلى قدرها الحلو.

تقف عند الباب خلف النساء في ربكة المشهد المحبوك ما بين استقبال الضيوف ومتابعة ضيافة الرجال الذين يتوافدون طالبين يد ابنتها. لحظات و تندلق أفواه النور في البيت، تطل بفستانها الأبيض، كأنها كوكب دري، نور يعلو النور. وما إن تجلس حتى تمطر عليها الزغاريد التي تهز أركان البيت وتهز مقلة أمي، فتتساقط عليها دمعًا نديًا. تحاول ألا تقترب من حر مشهد ذي شجون و فرح، يعجن الحب بالدمع، ويخلط هيبة الملامح بخفقان القلب، وخلف زحمة الموقف يستتر الدمع.

كنت أرى أمي تحدق النظر في جمال أختي، و يكأن قلبها لا يقوى على القفز بين أحضانها ويخبرها "أنك كنت وما زلت طفلتي، دخلت هذا البيت كضيفة سرعان ما ذهبت، بالأمس كنت في حضني تبكين إذا ما غابت أنفاسي عنك لحظة، والآن تغادرين بذات الاحتياج". في هذه اللحظة لا تتمالك أمي دموعها وهي ترى أبي والمقربين من الرجال يمسكون بيدها لتخطوا خطواتها الأخيرة في أكناف بيتنا وتذهب إلى قدرها الحلو.

الكل يغني وهي تبكي، وما إن تحس أختي بالمشهد حتى تنساب منها دمعة عجولة وتصاب بطفولة مفاجئة، وكأنها طفلة انتزعت من حضن أمها، فارقت سريرها. لؤلؤة سقطت من جيد أمها، رمش ودع أجفانها، مضغة نهضت من رحمها، وضلع قام عن قلبها، حبل سري يأبى أن يتمزق.

ضحكة ورائحة فارقت المكان، حصة ثيابها في الغسيل قد اختفت، ومائدة بكرسي فارغ، وطقوس خاصة ذهبت لا نسمع حسيسها، سرير فارغ ومخدة لا تزال تحتفظ ببضع شعرات لها، خزانة لا تضج بثيابها، لم تعد تزاحمنا على شغل البيت أو الطبخ، سكون مؤلم في البيت، نخطئ تارة فننادي باسمها فنألم! تتعدد مشاهد الفراق ويبقى هذا المشهد أكثرها عنفوانًا و غرابة.