بنفسج

الفارسة ميار العيايدة: من هاوية إلى مدربة محترفة في ركوب الخيل

الإثنين 28 اغسطس

تمتطي الفتاة ميار العيايدة جوادها، تأخذ نفسًا عميقًا، ثم تنطلق بهمة عالية وتضرب الأرض لتقفز في السماء بخيلها وتسابق متدرباتها. أصبحت ميار العيايدة (20 عامًا)، من بلدة الشيوخ في مدينة الخليل، فارسة ماهرة، تتقن ركوب الخيل، وتستمتع بالقفز على الحواجز، لتنطلق عاليًا، وتجتاز الفضاءات، وتدرب الفتيات على ذلك.

صديقة الخيل من الطفولة

 
ركوب الخيل لم يكن مجرد هواية أو رياضة مفضلة لدى ميار تقضي فيها جل وقتها، بل إنه شعور أكبر من ذلك، إذ تشعر وكأنها تغوص في داخل عالم سري، يجمع بين جمال الحيوان والتناغم مع الطبيعة، مليء بالحب والمشاعر، فياض بالقوة.  لا تعتبر ميار الخيل مجرد حيوان يؤدي مهمة معينة معها، بل هو رفيق وفي في كل رحلة، "يسمح لي بأن أكون جزءًا من تلك القوى الجارفة والجمال الهادئ في نفس الوقت".
 
 فهو صديق ساعدها على تشكيل شخصيتها، وأعطاها من الحب ما لم يستطيع أحد إعطاءه، وشكل مصدر إلهام لها. تسعى ميار دائمًا لتكوين علاقات ودودة مع كل خيل تركبه، تداعبه، وتحدثه، وتبادله الابتسامات، قبل أن تبدأ رحلتها وطريقها معه، فركوب الخيل بالنسبة إلى ميار ذكريات وقصص تسعى دائمًا لحفرها في ذاكرتها.

تقول العيايدة إنها بدأت بالتدرب على ركوب الخيل في 12 من عمرها، وبالرغم من أنها كانت في سن مبكرة، إلا أنها أتقنت ذلك بحرفية وإبداع، وأحبت تلك الهواية التي مكنتها من تقوية شخصيتها، وصقلت العديد من المهارات في حياتها، وساعدتها على التواصل مع الحيوانات والطبيعة بطريقة مختلفة، مضيفة أن ركوب الخيل يذكرها دائمًا بأن العلاقات تنمو من خلال التواصل والاحترام المتبادل، وكما أنها تتعلم كيف تقود الحصان وتوجهه، تتعلم أيضًا كيف تنمي وتبني العلاقات مع الآخرين.

ركوب الخيل لم يكن مجرد هواية أو رياضة مفضلة لدى ميار تقضي فيها جل وقتها، بل إنه شعور أكبر من ذلك، إذ تشعر وكأنها تغوص في داخل عالم سري، يجمع بين جمال الحيوان والتناغم مع الطبيعة، مليء بالحب والمشاعر، فياض بالقوة. لا تعتبر ميار الخيل مجرد حيوان يؤدي مهمة معينة معها، بل هو رفيق وفي في كل رحلة، "يسمح لي بأن أكون جزءًا من تلك القوى الجارفة والجمال الهادئ في نفس الوقت"، فهو صديق ساعدها على تشكيل شخصيتها، وعزز فيها روح التحدي والثقة، وأعطاها من الحب ما لم يستطيع أحد إعطاءه، وشكل مصدر إلهام لها.


اقرأ أيضًا: "رويال تتش آرت"..لوحات فنية صنعتها سلسبيل مشاهرة بكل حب


تسعى ميار دائمًا لتكوين علاقات ودودة مع كل خيل تركبه، تداعبه، وتحدثه، وتبادله الابتسامات، قبل أن تبدأ رحلتها وطريقها معه، فركوب الخيل بالنسبة إلى ميار ذكريات وقصص تسعى دائمًا لحفرها في ذاكرتها، وطاقة إيجابية متبادلة بينها وبين الخيل. بدأت ميار حكايتها مع حب الخيل، حينما كانت تراقب خيل أخيها الذي كبر وترعرع بينهم، ما أثار فضولها لتعلم طريقة التواصل مع الخيل، وشغفها لدخول لعالم مليء بالحب، فكانت دائمًا ما تشعر أن هناك لغة خاصة يبادلها أخوها مع الخيل، تعجبها وتشد انتباهها.

تخرج ميار مع رفيقاتها ممن أجدن ركوب الخيل وحبه بمسارات خارجية تمتد لساعات، يجبن كفريق المدن الفلسطينية وهن يمتطين الخيل، يتجولن بين الوديان والسهول والأشجار، يكتشفن الطبيعة الخلابة، وهن على ظهر الجواد، وتستمر رحلتهن من ساعات الصباح الأولى وحتى غروب الشمس. تلك الرحلة كفيلة بأن تنتقل بروح وجسد ميار إلى عالم آخر، أشبه بالخيال، عالم كان تراه في رسوم الكارتون على شاشة التلفاز، فأصبح واقعًا تحياه بروحها، وجسدها وخيلها.

تدريب الفتيات على ركوب الخيل

ميار2.jpg
ميار العيايدة تدرب طفلة على الخيل في النادي

تؤمن ميار أن وصية الرسول _صلى الله عليه وسلم_ بتعليم الأبناء ركوب الخيل، لم تأت من فراغ، بل جاءت من أهميتها وانعكاساتها الإيجابية على حياة الأشخاص، لا سيما الصغار منهم. لم تخل قصة ميار مع الخيل من العقبات، فقد واجهت الكثير من الانتقادات التي حاولت إحباطها، وكانت ترفض بشكل قاطع فكرة أن تركب الفتاة الخيل، لكنها واجهت تلك الانتقادات بعزيمة وإصرار على مواصلة هوايتها وقصتها، وخاضت تحديًا مع نفسها لتثبت للجميع قدرتها وقوتها على تحقيق أحلامها وإشباع رغباتها.

كما تؤكد  أنها كما واجهت الانتقادات، فإنها أيضًا تلقت الكثير من الدعم ممن حولها، فقد كانوا مشجعين ومحفزين لها على ركوب الخيل، من خلال شرح فوائد وجمال تلك الرياضة، ما أعطاها دفعة للإمام، وزاد حماسها للنجاح. كما استطاعت بسنوات عمرها العشرين، إجادة ركوب الخيل، ما مكنها من تدريب العديد من الفتيات على ذلك، وتحفيزهن على تخطي الخوف والرهبة، وخوض غمار مغامرة قد تصنع فارقًا في حياتهن، وتطوير قدراتهن الجسدية والعاطفية من خلال ذلك.


اقرأ أيضًا: مريم أبو رموز: طريق احتراف تعلم وتعليم لغة الإشارة


ترى عايدية أن تدريب الفتيات على ركوب الخيل، يعطيهن الفرصة لاكتشاف قوتهن وتحدّي أنفسهن وتطوير مهاراتهن بثقة، فهناك ما يقارب الـ50 فتاة تتلقى بشكل شبه يومي تدريبات مطولة معها، ما شكل ذلك نقطة تحول في حياتهن وشخصيتهن. "الخوف يمكن التغلب عليه من خلال التحدّي والتعامل مع المواقف بشجاعة"، قناعة توصلت إليها ميار بعد 8 أعوام من التعلم والتدرب على ركوب الخيل، وتحاول جاهدة نقل قناعاتها بأساليب متنوعة ومختلفة لغيرها من الفتيات.

الخيل "صديقي الصدوق"

ميار1.jpg
الفارسة ميار العيايدة مع الخيل الخاص بها

تبادل ميار الحب مع خيلها ليس بركوبة فقط، بل بالاعتناء به، فتهتم بنظافته واللعب معه وترعاه وتطعمه وتتحدث معه وكأنه جليس يسمعها ويبادلها أطراف الحديث، حتى بات وجوده في حياتها شيئًا أساسيًا، ومحبتها له فاقت الوضع الطبيعي. وكصديق صدوق تباشر يومها مع الخيل فهو وفق قولها "أقرب من الإنسان لها" هو صاحبها ومن يشعر بها في كل حين، وتحاول دائمً،ا إذا ما غضب الخيل أو تعب، أن تهدئ من روعه بلمساتها الحانية على جسده، وطبطبتها الرقيقة، تشعر به ويشعر بها.

وتطمح الشابة العشرينية أن تطور مهاراتها أكثر في ركوب الخيل، كي تمثل بلدها دوليًا وترفع رأسه وأهلها عاليًا، كما تتطلع لتوسيع مجال تدريبها لركوب الخيل، وإعطاء أكبر قد من المعلومات والتمارين لمرتادي المكان ممن أحبوا الخيل وركوبه، وللمشاركة في المسابقات الدولية.


اقرأ أيضًا: راية أبو عيشة: "روح" مركز يستنطق لغة الضاد


استطاعت ميار بشجاعتها وقوتها وعزيمتها أن تكسر قيود المجتمع، وتغير نظرة باتت باهته عن المرأة، وأن تطور ذاتها وتصقل شخصيتها بهواية محببة لها، فوصلت إلى مرحلة صارت فيها قدوة لقريناتها، وعاملًا مشجعًا لهم ولبنات مدينتها لركوب الخيل، وتخطي العقبات الاجتماعية للوصول إلى ما تطمح وتريد.