إنجاب البنات وتربيتهن وحسن تنشئتهن ومقاومة تشويه المجتمع لهن، من الأمور التي أعتبرها اصطفاءً وتكليفًا من الله تعالى. فلو فكرتم في الأمر لوجدتم أن تربية فتاة في هذا العالم بحيث تكون سعيدة بقدرها كأنثى، راضية بما خلقها الله عليه هيئةً وطبيعة، مدركة لما يمكنها أن تحققه إن أرادت وما هو من واجباتها إن استطاعت، لوجدتم أنها من أشقى المهام وأكثرها صعوبة خصوصًا للأمهات، ماذا نريد لبناتنا؟

نريد أولًا وأخيرًا أن يكنّ شخصيات صالحة مصلحة، ولا يمكن لهذا أن يحدث وهنّ يلقين طوال حياتهن في دوائر القيل والقال والغيرة والتنابز والغيبة والنميمة والمقارنات والاستخفاف والمادية والتشيُّؤ. أن أربي فتاة تضع نفسها في الموضع الذي كرمها الله به، تتسق مع فطرتها دون أن تدع للآخرين أن يستغلوها، تعرف واجباتها تجاه نفسها ومجتمعها والإنسانية، تقدر نفسها حق قدرها فلا تغالي في تحميل الجسد والمظهر فوق ما يحتملان.  ولا تدخل في حرب مع بنات جنسها حتى تثبت أحقيتها في أفضلية يحددها ثلة من المختلين.

وتدرك أن أنوثتها مورد من مواردها، وقدرتها على الأمومة حق ومسؤولية، وأفضليتها في التربية ليست لأنها خلقت للبيت والأطفال، بل لأنها تستطيع أن تقوم بهذه المهمة بصورة أفضل إن أرادت وأهلت نفسها. أن أربي فتيات يعرفن أن الأمومة جزء من الحياة وليست كلها، وأن الأبناء يربوننا كما نربيهم ثم يسلكون دربهم ويخوضون معاركهم الخاصة، وأننا يجب أن نكمل حياتنا أيضًا ونبدأ مشورعنا الجديد.

اقرأ أيضًا: "وأصبحت أمًا": حكايا الأمومة بعد طول انتظار

أن أربي فتيات ينظرن إلى الرجل كشريك في الحياة ككل وليس زوجًا محتملًا طوال الوقت، أن يرين في هذه الثنائية فرصة للتكامل لا سياقًا للصراع، وأن تحاربن حتى تحققن هذه المعادلة في عالم يطفح تاريخ إنسانيته بسرديات حولت النساء إلى كتلة من ردود الأفعال، وأدخلتهن في صراعات ليست لهن وفي مجالات المستفيد الوحيد منها هو الذي يجلس متفرجًا وهنّ يتنافسن على إرضائه ونيل إعجابه.

أحبّ أن أردد أنني أمّ البنات، أمّ البنات حتى الآن وربما حتى أموت. سأكون سعيدة أن أبعث أمام الله وهذا اسمي الحركي، والأهم أن أكون قد أديت الأمانة وحافظت على فطرة الله فيهن كبشر أولًا قبل أي شيء.