علّمتني آيات القرآن أن مع العسر يُسرًا، وها أنا أروي حكايتي التي كبرت بين الألم والحلم. ف ماذا يعلمنا القرآن الكريم؟ أنا رِيتاج زَهران، تسعة عَشَرَ رَبيعًا. كبرت في بيت يفتقد والدي الأسير، وهذا وحده كان كفيلًا أن يزرع في قلبي فراغًا كبيرًا، لكنّي لم أسمح للغياب أن يكسِرني؛ بل جعلت منه دافعًا أعيش به وأحيا، وجدت حُزني وطمأنينتي في كتاب الله، حتى أكرمني الله بختمه، ثم صرتُ محفظةً لغيري، كنت أشعر أنني كلما ساعدت أحدًا على حفظ آية، إنما أداوي جرحًا في داخلي.
قضى والدي مجموع حكمه خمسة عشر عامًا متفرقة، وهذه المرة له أربع سنوات متواصلة دون محاكمة حتى اللحظة. ومع أن غيابه جسدي، كان حضوره روحيًا دائمًا، فقد كنتُ أطمح أن أحقق نجاحًا يفرحه كما يسعدني أنا، في فرح التوجيهي وختم القرآن، شعرت أن فرحنا واحد، وكأن السجون والجدران لم تُفصل بين قلوبنا.
مع استمرار الحرب وانقطاع الاتصالات، لم أستطع أن أبلغه مباشرة بنجاحي، فكان شعور الفرح مكتومًا بعض الشيء، حتى أوصلنا لَه خبر النّجاح لاحقًا عبر المحامي، وكانت تلك اللحظة مؤكدَة أن الحب والدعاء يتخطى الحواجز، وأن النجاح الحقيقي هو ما يلمسه القلب قبل العين.
مع استمرار الحرب وانقطاع الاتصالات، لم أستطع أن أبلغه مباشرة بنجاحي، فكان شعور الفرح مكتومًا بعض الشيء، حتى أوصلنا لَه خبر النّجاح لاحقًا عبر المحامي، وكانت تلك اللحظة مؤكدَة أن الحب والدعاء يتخطى الحواجز، وأن النجاح الحقيقي هو ما يلمسه القلب قبل العين.
كنتُ أرى جامعة بيرزيت حلمًا بعيدًا، وتخصص علم النفس أمنيةً تراودني، حتى صرت اليوم أعيش ذلك الحلم واقعًا، لم يكن الطريق سهلًا، لكنني تعلمت أن الإصرار يصنع الممكن مهما كانت الظروف.
اقرأ أيضًا: حياتي بعد حفظ القرآن
لم أدخل جامعة بيرزيت لأحصل على شهادة فقط، بل دخلتها لأترك أثرًا، أؤمن أن العلم بلا رسالة مجرد حبر على ورق، لذلك اخترت أن يكون وجودي فيها نافذة أمل، أشارك من حولي بالعلم، وأزرع فيهم شيئًا مما علّمتني إياه التجربة والقرآن، أريد أن أكون صدىً يبقى بعد أن أغادر القاعات، وأن أترك أثرًا يذكّر غيري أن الحلم لا يكتمل إلا إذا شاركنا الآخرين نوره.
واليوم، وأنا على أعتاب دخولي السنة الثانية في جامعة بيرزيت، أشعر بفخرٍ وامتنان، فقد حققت بعضًا من أحلامي: أصبحت معلمة قرآن في ملتقى الجامعة، وأنقل للآخرين ما علمني القرآن والتجربة من صبر وعزيمة.