بنفسج

أم سوسن: كيف تتحول النساء في المحن؟

الخميس 18 يونيو

لم تكن تعلم أنها ستدير مصنعًا لإنتاج المطرزات والألبسة التراثية، فهي لا تجيد التطريز أو الخياطة، لكن الظروف المباغتة والصعوبات الاجتماعية صنعت منها امرأة ريادية لتعيل أكثر من مئتي عائلة فيما بعد. سنتعرف هنا على امرأة جابهت التحديات وواجهت الظروف.

ورغم ما تعرضت له من صعوبات؛ إذ توفي عنها زوجها وبقيت وحيدة لبناتها لا معيل لهن ولا نصير إلا الله. لم تقف هذه المرأة تسأل الناس قوتها على إشارة ضوئية، ولم نجدها تجلس أمام هذا المسجد أو ذاك. لقد حفظت هذه المرأة كرامتها وكرامة بناتها وارتأت لهن لقمة عيش كريمة هانئة بكثير من الجهد وقليل من الصبر. 

زهى حمدان، "أم سوسن" وهو الاسم الذي اشتهرت به، أم لأربعة بنات. خلق وفاة زوجها حالة اقتصادية سيئة للعائلة، فأصبحت هي المعيل الوحيد لتوفير متطلبات الحياة الأساسية لبناتها الأربع. فكيف تخطت أم سوسن أزمتها وصنعت من عزمها نجاحًا؟

زهى حمدان، "أم سوسن" وهو الاسم الذي اشتهرت به، أم لأربعة بنات. خلق وفاة زوجها حالة اقتصادية سيئة للعائلة، فأصبحت هي المعيل الوحيد لتوفير متطلبات الحياة الأساسية لبناتها الأربع.
 
لجأت أم سوسن إلى مؤسسة لدعم الأيتام، لتقترح عليها الأخيرة بأن تعمل في منزلها لخياطة المطرزات الفلسطينية، فوافقت على الفور، وبدأت رحلتها في تعلم واكتساب مهنة ومهارة جديدة.

لجأت أم سوسن إلى مؤسسة لدعم الأيتام، لتقترح عليها الأخيرة بأن تعمل في منزلها لخياطة المطرزات الفلسطينية، فوافقت على الفور، وبدأت رحلتها في تعلم واكتساب مهنة ومهارة جديدة بمساعدة الباحث في التراث الفلسطيني والعامل في المؤسسة "نبيل علقم"، الذي كان يدعها ويمدها بالأفكار ويهيء لها الفرص.

لا تستمر الحياة على وتيرة واحدة، فكان العائق هذه المرة الاحتلال الإسرائيلي، بإغلاقه معرض التراث الفلسطيني الذي كانت تشرف عليه أم سوسن والتابع للمؤسسة، فالاحتلال يعلم جيدًا أن التراث أحد المقومات الحضارية للشعب الفلسطيني، وأنه أحد المقدرات التي يعتد بها ويحافظ عليها كما يحافظ على أرضه وكرامته. فهل بدأ مشوار أم سوسن من جديد في البحث عن عمل؟

عملت أم سوسن قرابة الخمس سنوات في محل تجاري لبيع الألبسة التراثية، وهذه السنوات الخمس كانت كفيلة بتعريفها عن السوق ومتطلباته، حيث إنها لم تبدأ مشوارها من جديد، بل استأنفت ما بدأته واستغلت ما حصلت عليه من تجارب ومعارف، وقامت بعدها بفتح محلها الخاص للألبسة والمطرزات الشعبية.

إن لامرأة أرملة واحدة أن تسند ما حولها من النساء وتعيلهن، فلا تمنحهن وظيفة فحسب، وإنما تقول لهن بأن الحياة لمن يجابه، لمن يؤمن بحلمه ويسعى لتحقيقه بقوة وإرادة! أم سوسن اليوم تعيل أكثر من 200 عائلة بتشغيلها ما يقارب 250 امرأة، تحمل على كاهلها إعالة أطفالها ومساعدة عائلتها لتوفير متطلبات الحياة.

ومن منطلق مسؤوليتها تجاه الحفاظ على التراث الفلسطيني، تقوم أم سوسن بالتبرع بالمطرزات والألبسة التراثية للمدارس في يوم التراث؛ لتشجيع الطالبات على التمسك به وعدم إهماله في خضم الاسواق المليئة بالألبسة العصرية.

أم سوسن هي نموذج للمرأة؛ الريادية، القوية، المنتجة، والفاعلة، التي تشكل اليوم مصدرًا للإلهام والتفاؤل لدى العديد من النساء اللواتي يواجهن ظروفًا اقتصادية ومعيشية سيئة.